بعد الإقلاع عنه.. كيف تتوقّف عن التفكير في التدخين؟
لعلك قد نجحت في الإقلاع عن التدخين منذ فترةٍ ليست بالطويلة، ولكن رغبتك في التدخين لا تزال تفاجئك وتضغط عليك من وقتٍ لآخر، ولا يزال عقلك منهمكًا في التفكير بشأن تدخين "ولو سيجارة واحدة"، ولعل نفسك تحاول تبرير ذلك بالقول "إن سيجارة واحدة لن تضر، وربما تكفي لإسكات تلك الرغبة العارمة"، ولكن هل ستتوقف عند هذا الحد أم أنّها فقط البداية للانتكاس؟
التفكير في التدخين.. كيف تتوقف عنه؟
بدايةً لا بد من تقييم أفكارك حول التدخين، ورصد طريقة التفكير السلبية للتعامل معها، كما لا ينبغي تبرير التدخين، وقد تساعدك بعض الأفكار على تحقيق ذلك، ومنها:
1. قيِّم أفكارك حول التدخين
ينبغي معرفة أنماط التفكير المتمحورة حول التدخين، والتي قد تشمل:
- تصوُّر التدخين: بأن يتخيّله المرء باستمرار، فقد تؤدي مثل هذه الأفكار إلى الرغبة الشديدة في التدخين مجدداً، خاصةً إذا كُنت معتاداً على التدخين عندما تتوتّر مثلاً.
- عقلنة التدخين أو تبريره: قد تفكر أيضاً في تبريرات تتيح لك التدخين، مثل أن تقنع نفسك بأنّك ستمارس الرياضة أكثر، أو تتناول طعاماً صحياً لتعويض الضرر الناجِم عن التدخين.
- التفكير السلبي: يتضمّن شكوكاً في قدرتك على الإقلاع عن التدخين بنجاح، ومِنْ ثَمّ فقد تميل إلى الاستسلام والعودة إلى التدخين مرة أخرى.
لذا ينبغي قضاء بعض الوقت في ملاحظة كيف تساهم هذه الأفكار في إشعال رغبتك في التدخين، فعندما تكون أكثر وعياً بهذه الأنماط الفكرية، ستكون قادراً على استخدام استراتيجيات ذهنية متنوعة لمكافحتها، لكن بعد رصدها أولاً.
2. اليقظة والقبول
هل لاحظت من قبل أنّك عندما تحاول التوقف عن التفكير في فكرةٍ معينة، فإن هذا يجعلك تفكر في نفس الأمر أكثر؟ فإذا طلبت من نفسك عدم التفكير في التدخين، فمن المحتمل أن تغمر الأفكار عقلك وتحثك على التدخين مرة أخرى.
وثمّة تقنية علاجٍ نفسي هي التوقف عن التفكير، تُستخدَم أحياناً لتعطيل أنماط التفكير السلبية، وهي مفيدة في بعض الحالات، ولكن غالباً ما تكون غير فعالة، بل قد تُفاقِم الأفكار أو القلق.
لذلك بدلاً من محاولة إيقاف أو قمع الأفكار، جرِّب اليقظة والقبول، فعندما تجد نفسك تفكر في التدخين، راقِب أفكارك واعترف بها دون أن تحكم عليها، فإدراك الأفكار دون التصرّف بناءً عليها، قد يساعد على جعل رغبتك في التدخين أقل قوة وإزعاجًا لك، وهذا ما تعنيه اليقظة "مراقبة الأفكار عن كثب"، والقبول "قبول تلك الأفكار أو عدم إجراء أحكامٍ عليها".
3. لا تخضع لعواطفك
لا تسمح لنفسك أبداً بالتفكير بأنّك بحاجةٍ إلى التدخين، فهذه طريقة عاطفية في تفسير رغبتك، لكن غيِّر تفسيرك إلى شيءٍ آخر خالٍ من المشاعر أو قليلها، مثل: "أشعر ببعض التوتر، الذي كُنت سأفسره في الماضي على أنّه رغبة في تدخين سيجارة".
مثال آخر؛ عندما تفكر في "أرغب في التدخين"، بدِّل تلك الفكرة بأخرى نحو "أشعر برغبة شديدة في التدخين، لكن هذا الشعور يمكن تحمله، وأعلم أنّه سيمر في النهاية"، كذلك فإنّ تحليل الشعور والنظر إليه بعقلانية، يجعلك تدرك أنّك لا تتألم بالفعل بسبب الرغبة في التدخين.
اقرأ أيضًا:قبل أن تُقلِع عن التدخين.. ماذا تعرف عن أعراض انسحاب النيكوتين؟
4. لا تُبرِّر التدخين
عندما تواجه رغبتك الشديدة في التدخين، قد يكون من السهل اختلاق أي عذر لتبرير التدخين مجدداً، لكن لا تسمح لنفسك أبداً بالتفكير بتلك الطريقة: "لن تضر سيجارة واحدة"!
لأنّ الاعتقاد بأنّه يمكن الإقلاع عن التدخين بعد تدخين سيجارة واحدة ما هو إلّا وسيلة لتبرير الاستسلام للرغبة الشديدة، وبدلاً من ذلك خوِّف نفسك بالتفكير بأنّك قد تصبح مدخناً مرة أخرى مع تلك السيجارة، ويضيع جهدك في الإقلاع عن التدخين.
5. كُن ممتنًا بما حـقّقـته
الامتنان وسيلة لتغيير تفكيرك، حتى تُقدِّر الأشياء الرائعة التي تمرّ بها، بينما أنت متوقف عن التدخين، فكُلّما لاحظت شيئاً إيجابياً، اكتبه عندك، وستشعر بالامتنان لما فعلته من إقلاعٍ عن التدخين.
وتُشِير كثير من الدلائل إلى أنّه عندما نركز على الامتنان، فمن المُرجّح أن ننخرط في سلوكيات تعزز صحتنا، بما في ذلك التمسك بالإقلاع عن التدخين إلى الأبد.
لذا ذكِّر نفسك بمدى شعورك بالرضا بمرور الوقت الذي تتوقّف فيه عن التدخين، ولا تمل من فعل ذلك، فأنت أفضل من يُحفِّز نفسك على الاستمرار.
6. التعامل مع المُحفِّزات
لا بُدّ من التعرّف إلى الأشخاص والأشياء والمواقف التي تجعلك تفكِّر في التدخين من جديد، فقد يكون التدخين مرتبطاً بالنسبة لك بقضاء الوقت في أماكن مُعيّنة أو أشخاصٍ مُعيّنين، ولو لم تتعامل مع ذلك كما ينبغي، لربّما فشلت خطتك وانهار جهدك في الإقلاع عن التدخين.
نعم، ليس من السهل التعامل مع الرغبة الشديدة في التدخين، بل قد تستمر لفترة طويلة بعد الإقلاع عن التدخين، لذلك من الضروري التعامل مع المحفّزات التي تشعل تلك الرغبة مجدداً، والتي قد تشمل:
- قضاء الوقت في الأماكن التي كنت تُدخّن فيها.
- الشعور بالاكتئاب.
- رؤية أشخاصٍ آخرين يدخنون.
- الشعور بالحزن أو الملل .
فأول ما تفعله لتجنّب تلك المحفزات هو أن تتجنّب الذهاب إلى الأماكن التي كنت تدخِّن بها مسبقاً مثلاً، أو أن تُقلِّل مخالطة الأشخاص الذين يُشجّعونك على التدخين.
وتذكّر أنّه كلّما طالت فترة تجنّبك للتدخين، فإنّ تفكيرك بشأنه يضمحل كثيراً، وقد وجدت إحدى الدراسات أنّ الرغبة الشديدة في التدخين تتراجع كثيراً بمجرد أن تتجاوز عاماً واحداً من الإقلاع عن التدخين.
7. أعِد صياغة طريقة تفكيرك في التدخين
عندما يتعلّق الأمر بالتفكير في الإقلاع عن التدخين، لا تفكر في ذلك على أنّه تخلٍ عن شيءٍ تحبه، بل ركِّز على فوائد الإقلاع عن التدخين، ومدى شعورك بالتحسّن.
ذكِّر نفسك باستمرار بتلك الفوائد، فكِّر في مقدار المال الذي ستُوفِّره عند التوقف عن شراء السجائر، وتذكّر كيف كنت مدمناً على "النيكوتين"، ولم يكُن ذلك ساراً أبداً، بل كرِّر تذكير نفسك بالأشياء السلبية التي ألهمتك للإقلاع عن التدخين، ربّما لعلمك بأنّه قد يصيبك بالسرطان أو أياً كان ما ألهمك.
والأهم من ذلك، لا تسمح لنفسك بالاعتقاد بأنّ التدخين قد أضرّك بالفعل وأنّه لا مجال للعودة، فهذا ليس تفكيراً سليماً، فالضرر يمكن إصلاحه، كُلّما أسرعت في الإقلاع عن التدخين.
اقرأ أيضًا:وداعًا للنيكوتين، مرحبًا بالصحة.. كيف تُقلّل من مخاطر زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين؟
8. طلب الدعم من الأصدقاء
قد تفيدك الاستعانة بأحبائك لمساعدتك على التوقف عن التفكير في التدخين، فعندما تزداد رغبتك في التدخين، تواصل مع أصدقائك، فمنهم من سيكون قادراً على مساعدتك بالتأكيد.
9. حفِّز نفسك
ذكِّر نفسك دائماً بالبقاء منقطعًا عن التدخين، ولا تتوقف أو تتهاون في فعل ذلك، وزاحم الأفكار السلبية والرغبة المستمرة بالتدخين على الدوام، بأن تُكرِّر مثلاً:
- أختار صحتي على التدخين.
- أنا أقوى من رغبتي الشديدة في التدخين.
- أستحق أن أعيش حياة صحية خالية من السجائر.
- أنا فخور بما حققته.
- يمكنني التغلب على الصعوبات التي أواجهها، فلن تدوم.
اختر أكثر جملة لها صدى كبير معك، وربّما لا تكون أي من الجمل السابقة، لكنّك تدرك على كل حالٍ ما يناسبك لحياةٍ صحية خالية من التدخين.