النرجيلة أم السجائر.. أيهما أضر؟ وماذا يفعل الدخان بالجسم؟
النرجيلة أم السجائر؟ خياران أحلاهما مرُّ بل بشع إن علمتَ ضرر كلٍ منهما، فبينما يظنُّ بعض الناس أنَّ النرجيلة أخفّ ضررًا من السجائر، فإذ بها أغنى بالمواد الكيميائية الضارة، إذ بها من النيكوتين ما يُعادِل 2.5 مرة نيكوتين السجائر، كما أنَّها تحمل ذات المخاطر التي تحملها السجائر، مثل أمراض القلب والرئتين، فهل النرجيلة بديل أقل ضررًا من السجائر حقًا؟ وما تأثيرها على خصوبة الرجل؟
ما هي النرجيلة؟
أنبوب ماء يُستخدَم لتدخين التبغ المُحلّى والمُنكّه، وتُسمّى النرجيلة بمُسمّيات شتّى، مثل الأرجيلة والشيشة، وغالبًا ما يُحلَّى تبغ الشيشة بدبس السكر، أو لُبّ الفاكهة، أو العسل، مع نكهات إضافية مثل جوز الهند، أو النعناع، أو القهوة، وهذه النكهات تُحلِّي طعم ورائحة التبغ، ما يجعل النرجيلة جذّابة لبعض الشباب.
المواد الضارة في النرجيلة
يعقد بعض الناس مقارنة بين خطر النرجيلة والسجائر؛ ظانِّين أنَّ تدخين النرجيلة خال من النيكوتين والمواد الضارة الأخرى في السجائر. صحيحٌ أنّ الدُخان المُبرّد بالماء أخفّ ضررًا على أنسجة الرئة الحسّاسة، ولكن سُمّية الدخان لم تتغير، كما أنّ المواد الكيميائية المُسرطنة تظل موجودة في تبغ النرجيلة ولا تُصفَّى.
وتحتوي النرجيلة على كثيرٍ من المواد الضارة الموجودة أيضًا في السجائر، مثل:
- الأكرولين.
- الزرنيخ.
- الكادميوم.
- أول أكسيد الكربون.
- الكروم.
- الرصاص.
- القطران.
تدَّعي بعض مُنتجات التبغ للأرجيلة خلوّها من القطران، لكن هذا غير صحيح، فحسب "verywellmind"، فإنّ التبغ خال من القطران إلى أن يُحرَق أو يُسخَّن، وليس له علاقة بالمُنتَج نفسه؛ لذلك قد يعتقد بعض الناس أنَّ سُمّية قطران الشيشة أقل من سمية قطران السجائر، لكن هذا غير صحيح.
ماذا تفعل النرجيلة في الجسم؟
يستنشق الإنسان النيكوتين والمواد الكيميائية سالفة الذكر مع تدخين النرجيلة، وسواء فضّلت النرجيلة أم السجائر، فإنّ استخدام التبغ مُرتبِط بحوالي 5 ملايين حالة وفاة حول العالم كل عام.
بل إنَّ تدخين النرجيلة يعتمد على حرق الفحم، المليء بالمعادن وأول أكسيد الكربون، وعناصر مُسرطِنة، ومن غير الشائع أن تخلو النرجيلة من تبغٍ وإلّا فماذا يُدخِّن الإنسان؟
ورغم مرور الدخان عبر الماء قبل أن يصل إلى الجسم، فإنّ ذلك الماء لا يُصفِّي ولا يُنقِّي ذلك الدخان من العناصر الضارة، ولذلك فإنَّ تدخين النرجيلة يضر الجسم من عِدّة نواح منها:
1. أمراض القلب
لا تُفكِّر كثيرًا في الاختيار بين النرجيلة أم السجائر، فتدخين التبغ مُنذِر بأمراض القلب، فقد أشار "healthline" إلى احتواء النرجيلة والسجائر على المواد الكيميائية نفسها، بل احتوت النرجيلة على أول أكسيد الكربون الآتي من حرق الفحم.
تكمن خطورة أول أكسيد الكربون في ارتباطه بكرات الدم الحمراء بصورةٍ أقوى من الأكسجين بـ 230 مرة!، ما يعني حرمان خلايا الجسم من الأكسجين اللازم لها، ودوران كرات الدم الحمراء في الدم حاملة أول أكسيد الكربون بدلاً عن الأكسجين.
وقد وجد الباحثون أنَّ من يُدخِّنون النرجيلة يُعانُون ارتفاع ضغط الدم المزمن، ما يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب.
2. السرطان
يدخل جسم الإنسان أكثر من 4,800 مادة كيميائية عند تدخين التبغ سواء كان تبغ النرجيلة أم السجائر، كما أنَّ تدخين النرجيلة يُضعِف قدرة الجسم على محاربة بعض أنواع السرطان، إذ ثبت انخفاض مستويات مضادات الأكسدة وفيتامين سي لديهم، وهي مُركّبات تمنع السرطان.
كذلك ارتبط تدخين النرجيلة بالإصابة بالعديد من السرطانات، مثل سرطان الفم، وسرطان الحلق، وسرطان البنكرياس، وسرطان المثانة، وسرطان البروستاتا.
3. العدوى
قد يتشارك مجموعة من الناس تدخين نرجيلة واحدة، أي يضع كل منهم فمه مكان الآخر الذي سبقه، وهذا تُنقل العدوى بينهم وبين بعضهم البعض، ولا يلزم أن يكونوا معًا، بل تدخين نرجيلة استخدمها أحد قبلك قد يُؤدِّي إلى المشكلة نفسها. إضافةً إلى ذلك، فإنّ بعض البكتيريا والفيروسات تمكث في النرجيلة ما لم تُنظَف جيدًا.
وتشمل أنواع العدوى التي قد تنتشر عبر تدخين النرجيلة:
- نزلات البرد والأنفلونزا.
- فيروس الهربس البسيط.
- التهاب الكبد الوبائي أ.
- السل.
4. مخاطر أخرى
تحمل النرجيلة كذلك مخاطر أخرى على الجسم، مثل:
- مرض اللثة.
- تغيُّر لون الأسنان.
- فقدان الشم والتذوق.
- تورُّم الحنجرة أو تلفها.
- ارتفاع مستويات السكر في الدم.
- ولادة أطفال قليلي الوزن مقارنةً بأقرانهم، وذلك للأم الحامل التي تُدخِّن النرجيلة.
تأثيرات التدخين على الرئتين
عند مقارنة ضرر النرجيلة مقابل السجائر على الرئتين، فلن يكون الفارق كبيرًا، إذ يرتبط تدخين النرجيلة بزيادة خطر الإصابة بأمراض الرئة كما التدخين، وذلك حسب جمعية الرئة الأمريكية "American Lung Association".
بل إنَّ تدخين النرجيلة قصير الأمد مُرتبط بتدهور وظائف الرئة، فقد يجد المُدخِّن أنفاسه تتسارع مع أداء مهام جسدية طفيفة، كما يزداد ذلك التدهور بمرور الوقت طالما لم ينقطع الإنسان عن تدخين النرجيلة، وهذا قد يُفضِي في النهاية إلى مرض الانسداد الرئوي المزمن.
وقد وجد الباحثون أنّ الذين يُدخِّنون النرجيلة فقط يُعانُون كثرة السعال وكثرة المخاط المُتراكم في الجهاز التنفسي.
اقرأ أيضًا:نسبة النيكوتين في السجائر.. قائمة أقل أنواع السجائر ضرراً
هل النرجيلة تؤثر على الرجل؟
نعم، تُؤثِّر النرجيلة على الرجل، فإلى جانب الأضرار السابقة للنرجيلة على الجسم، فإنّها قد تُؤثِّر أيضًا في خصوبة الرجل، فحسب دراسةٍ في مجلة "andrologia" لأمراض الذكورة، فإنَّ تدخين النرجيلة يتسبَّب في:
- ضعف حركة الحيوانات المنوية، بما يُضعِف قدرتها على السباحة إلى البويضة.
- زيادة تشوُّه الحيوانات المنوية، إذ تتواجد في الجسم لكن بأشكالٍ غير طبيعية.
وحسب دراسةٍ أخرى عام 2023 نُشِرت في "Substance Abuse: Research and Treatment"، فإنَّ تدخين النرجيلة زاد مُعدّل تكسُّر المادة الوراثية للحيوانات المنوية، وكلُّ هذه التأثيرات مُضعِفة لخصوبة الرجل بلا شك.
أيهما أكثر ضررًا على الصحة النرجيلة أم السجائر؟
كلاهما مُضر للصحة، لكن إذا كُنت ترغب في معرفة أيهما أشدّ ضررًا؛ النرجيلة أم السجائر، فإنَّ كليهما يحتوي على النيكوتين، لكن النرجيلة يُحرَق معها فحم، فيُؤدِّي ذلك إلى حمل أول أكسيد الكربون إلى الجسم، إضافةً إلى العوادم التي هي ضارة مثلما يضرُّ دخان السجائر.
وحسب المعهد الوطني لتعاطي المخدرات "National Institute on Drug Abuse"، فإنَّ تدخين النرجيلة يمد الجسم بنيكوتين أكثر من السجائر بمُعدّل 2.5 مرة، وهو ما قد يُصِيب بعض الناس بالإدمان تجاه النيكوتين.
أيهما أغنى بالسموم النرجيلة أم السجائر؟ في الواقع تحتوي النرجيلة على مواد سامة أكثر من السجائر، مثل المعادن الثقيلة والقطران، كما أنَّ من يُدخِّن النرجيلة يستنشق أول أكسيد الكربون بكمية أكبر 9 أضعاف مِمّن يُدخِّن السجائر؛ لذلك سواء رغبت في النرجيلة أم السجائر، فالضرر واقع لا محالة.
نصائح للوقاية من أضرار التدخين
بدايةً ينبغي التوقُّف عن التدخين سواء كان للنرجيلة أم السجائر في أقرب وقت، لكن بعد التعوُّد على التدخين، وإدمان الجسم للنيكوتين، فإنّ ذلك سيكون عسيرًا بعض الشيء، وفيما يلي أهم النصائح التي تحتاج إليها للتوقف عن التدخين:
- تجربة العلاج ببدائل النيكوتين والسجائر الإلكترونية.
- تجنُّب ما يُشجِّعك على التدخين، مثل المواقف التي تُسبِّب التوتر، أو الرغبة المُلحة في التدخين مع فنجان القهوة، وحاوِل أن تشغل نفسك بعيدًا عن التدخين بفعل أي شيء.
- تأجيل التدخين ولو 10 دقائق إن واتتك رغبة فيه، سواء كان تدخين النرجيلة أم السجائر.
- ذكِّر نفسك بمضار التدخين والفوائد التي ستعود عليك وعلى من حولك إن أقلعت عنه.