بعيدًا عن ثروة الأب.. كيف شق أبناء "ستيف جوبز" طريقهم نحو النجاح؟
ترك "ستيف جوبز"، مؤسس شركة "أبل" وأحد أعظم العقول في عالم التكنولوجيا، بصمة لا تُمحى في مجال الابتكار، لكن إرث "جوبز" لم يتوقف عند حدود التكنولوجيا، فقد امتد ليشمل جوانب أخرى من حياته الشخصية، التي لم تخلُ من التحديات، مثل رفضه الاعتراف بابنته "ليزا" في البداية.
فيما ترك خلفه أربعة أبناء، هم: "ليزا" من علاقته السابقة مع "كريسان برينان"، وكل من "ريد" و "إيرين" و"إيف" من زوجته "لورين باول"، التي اتخذت قراراً حاسماً بعد وفاته بإدارة ثروته بشكل يخدم المجتمع، مبتعدةً عن منحها لأبنائها، الذين لن يصبحوا يوماً مليارديرات بفضل ثروة والدهم.
والحقيقة أن قرارها لم يؤثر على مسيرة هؤلاء الأبناء، إذ استطاعوا بأنفسهم تحقيق إنجازات فردية لافتة في مجالات متنوعة بعيداً عن التكنولوجيا، حيث عمل كل منهم على بناء مسيرة مهنية خاصة به، مستفيدين من مواهبهم الخاصة، وإرث والدهم الفكري بطرق فريدة ومميزة.
في السطور التالية تسلط منصة "الرجل" الضوء على مسيرة أبناء "جوبز"، وكيف تمكنوا من تحقيق نجاحاتهم الفردية، ما يبرز الدور الذي يمكن أن تلعبه الخلفية العائلية في تشكيل مسارات مهنية متنوعة ومؤثرة.
"لورين باول جوبز": استثمارات بقيمة 10.8 مليار دولار في الإعلام والفنون
ورثت "لورين" الجزء الأكبر من ثروة زوجها الراحل "ستيف جوبز"، بما في ذلك حصصه في "أبل" و"ديزني"، ما جعلها إحدى أغنى النساء في العالم. بصافي ثروة 10.8 مليار دولار، وفقًا لمؤشر "بلومبرج" للمليارديرات في أغسطس 2024.
تعرفت "لورين" على "ستيف" في عام 1989 خلال محاضرة بجامعة "ستانفورد"، وسرعان ما تطورت علاقتهما إلى زواج في أقل من عامين، وأثمرت الزيجة عن ثلاثة أبناء: "ريد" و"إيرين" و"إيف".
رغم الثروة الهائلة التي ورثتها من زوجها الراحل، لم تكتف "لورين" بمجرد الحفاظ على هذه الثروة، بل استخدمتها في توجيه الاستثمارات نحو الإعلام والفنون، وفي مقدمتها استحواذها على حصة الأغلبية في مجلة "ذا أتلانتيك" عام 2017 مقابل أكثر من 100 مليون دولار.
كما امتدت استثماراتها لتشمل الرياضة والفنون والأعمال الخيرية، حيث تمتلك حصصاً في فرق رياضية مرموقة مثل NBA Wizards وNHL Capitals، بينما تركز على إدارة ثروتها بذكاء واستدامة، بما في ذلك شراء عقارات فاخرة مثل عقار بقيمة 94 مليون دولار في "ماليبو".
وقد أوضحت "لورين" في عدة لقاءات أنها لا تنوي توريث ثروتها لأبنائها، وذكرت بأن زوجها الراحل، لم يكن يهتم بجمع الثروات، ولذلك تركز "لورين" على استخدام ثروتها لدعم الأفراد والمجتمعات بطرق مستدامة، ما يعكس التزامها القوي بالعمل الخيري والتأثير الإيجابي في المجتمع.
"ليزا جوبز".. قلم أدبي يروي رحلة شخصية
بعد تخرجها في جامعة "هارفارد" استفادت "ليزا"، الأبنة الكبرى للراحل "ستيف جوبز"، من إرثها العائلي بشكل لافت، وبدأت مسيرتها المهنية والشخصية بنجاح ككاتبة مبدعة، حيث انتقلت إلى "مانهاتن"، وبدأت في إرساء جذورها ككاتبة في عدد من المجلات المرموقة مثل "فوغ"، ما عزز مكانتها في عالم الإعلام.
لكن نجاح "ليزا" لم يقتصر على المجال المهني فقط، بل في حياتها الشخصية أيضاً، إذ ارتبطت بزوجها "بيل"، المصمم البارز، لتؤسس عائلة صغيرة، ما يعكس اهتمامها بتوازن حياتها بين العمل والأسرة. وبفضل خلفيتها التعليمية وإرثها العائلي، تتجه "ليزا" حالياً لدعم مشاريع أدبية وإعلامية، لتعكس مسيرتها مثالاً ملهماً في إدارة الثروة بذكاء.
Join me and Phillip Lopate tonight at the National Arts Club for a discussion about Small Fry, on the eve of the paperback release. It’s free!
— Lisa Brennan-Jobs (@LisaBrennanJobs) June 10, 2019
من أبرز أعمال "ليز جوبز"، كتاب "Small Fry"، الذي صدر في 4 سبتمبر 2018، وتناول مسيرتها الذاتية من خلال التركيز على علاقتها المعقدة مع والدها الراحل، كما سلط الكتاب الضوء على تفاصيل نشأتها وتحدياتها الشخصية.
فيما تميز أسلوب الكتاب بالسرد العاطفي الصريح، وقدم نظرة نادرة إلى حياة "جوبز" الشخصية من منظور ابنته، مُظهراً تأثير العلاقة الأسرية على حياتها، وكيف شكلت تجاربها مسيرتها المهنية والشخصية.
اقرأ أيضًا: قصص حب حقيقية من وحي المشاهير: كيف تتحدى الرومانسية الاختلافات الثقافية
"ريد جوبز": قائد الرعاية الصحية
تزوج "ستيف جوبز" و"لورين باول" في مارس من عام 1991، ورحبا بطفلهما الأول "ريد"، في 22 سبتمبر من العام نفسه، وواصل "ريد" دراسته إلى أن تخرج من جامعة "ستانفورد" في عام 2014، بدرجة امتياز في التاريخ والأمن الدولي، وحصل على درجة الماجستير في التاريخ من الجامعة نفسها في العام التالي.
وقد شغل "ريد" منذ سبتمبر 2015، منصب المدير التنفيذي لشركة Emerson Collective، التي أسستها والدته في عام 2004، وتعمل المنظمة على معالجة عديد من القضايا المعقدة في مجالات التعليم والتنقل الاقتصادي والهجرة والبيئة، وتستثمر في رواد الأعمال والمبتكرين لتحقيق تأثير إيجابي.
وتحت قيادة "ريد"، تركز Emerson بشكل خاص على قطاع الرعاية الصحية، وتستثمر بشكل كبير في تطوير حلول طبية مبتكرة، فيما يدعم "ريد جوبز" الأبحاث ويطور علاجات جديدة، بالإضافة إلى تطوير اختبارات مبكرة للكشف عن سرطان الدم في مراحله المبكرة، في إطار جهوده الرامية لتحسين خيارات العلاج لمرضى السرطان.
واستمراراً لقيادته في القطاع الطبي، أطلق "ريد" في أغسطس 2023 صندوق "يوسمايت" للاستثمار في أدوية السرطان المتقدمة، مستلهماً من رحلة والده مع المرض.
ويهدف الصندوق إلى دعم الابتكارات والتقنيات التي يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً في رعاية مرضى السرطان، ويخطط لجمع 200 مليون دولار، وقد حصل بالفعل على دعم من شخصيات بارزة مثل "لورين باول جوبز" و"تيم كوك".
"إيرين جوبز": حياة متواضعة وإدارة ثروات بذكاء
تُدير "إيرين جوبز"، ثروتها بذكاء تحت مظلة الخصوصية، متفردة بمهاراتها في الهندسة المعمارية والتصميم التي ورثتها من والدها.
وعلى الرغم من أن "إيرين" تفضل الحفاظ على حياتها بعيداً عن الأضواء، فإن إدارتها الحكيمة لثروتها تثير اهتمام الجميع، فبعد وفاة والدها، حافظت "إيرين" على أسلوب حياة متواضع، ما أضفى بعدًا من الغموض والجاذبية على حياتها الشخصية.
وفي عيد ميلادها، شاركت "إيف" صورة قديمة تجمعها بشقيقتها عبر إنستجرام، حيث وصفت شقيقتها "إيف" بـ"صديقتها الأبدية"، وعبّرت عن مدى حبها وامتنانها لوجودها في حياتها.
"إيف جوبز": نموذج يحتذى به للنجاح الذاتي
ابنة "ستيف جوبز" الصغرى "إيف"، تُبرز أن الحياة كابنة لأحد أعظم قادة التكنولوجيا في العالم، قد تكون مختلفة تماماً عن التصورات التقليدية، فبالرغم من كونها ابنة مؤسس شركة أبل الراحل، فإنها اختارت أن تسلك طريقاً مميزاً في عالم الأزياء والفروسية، بعيداً عن ثروة والدها، التي آلت بمعظمها لزوجته "لورين"، فقد قررت "إيف" أن تبني مسيرتها المهنية بنفسها، متجاهلة الميراث المالي.
"إيف" درست في جامعة "ستانفورد"، وتخرجت بتخصص في العلوم والتكنولوجيا والمجتمع، لتبدأ مشوارها في عالم الأزياء من خلال عرض Coperni في باريس عام 2021.
وعقب ذلك، شاهدنا العديد من التعاونات المميزة مع عدد من أبرز وكالات الموضة والأزياء منها DNA Model Management، كما ظهرت في مجلات مرموقة مثل Vogue وLouis Vuitton، ما عزز مكانتها في عالم الموضة.
اقرأ أيضًا: فخامة تتجاوز الخيال.. جولة في أغلى ممتلكات مشاهير العالم
ولم تكتف "إيف" بالموضة، إذ قررت صقل مهارتها في رياضة الفروسية، وفازت بلقب "فارسة الشهر" في قفز الحواجز عام 2017، كما شاركت في مسابقات دولية، ما يبرز تعدد اهتماماتها.
وحالياً تعيش صغرى أبناء "جوبز" بين نيويورك ومزرعة فاخرة في فلوريدا، وتحتفظ بوجود بارز على وسائل التواصل الاجتماعي، بفضل أسلوب حياتها المميز، فيما تستثمر طاقتها ومهاراتها في بناء مسيرتها الخاصة بجدارة، ما يجعلها مثالاً ملهماً لتحقيق النجاح الذاتي.