رفض العمل مع "كالفن كلاين" ولم يستسلم للفشل المتكرر.. قصة "براند" Tommy Hilfiger
بألوانه المستوحاة من ألوان العلم الأمريكي، يُعد "براند" Tommy Hilfiger من أهم وأشهر العلامات التجارية المتخصصة في بيع الملابس الجاهزة. منذ أن ظهر على الساحة في الثمانينيات وإلى يومنا هذا، ولمدة تقترب من 40 عامًا -وستزيد-، ظل "البراند" الراقي شامخًا بنجاحاته، حتى أنه باع في 2022 فقط بأكثر من 9.1 مليار دولار، فما قصة "تومي هيلفيغر- Tommy Hilifiger"؟ وكيف أصبح ما هو عليه؟
من هو تومي هيلفيغر؟
وُلد "تومي هيلفيغر" في 24 مارس 1951، بمدينة إلميرا في نيويورك. كان الطفل الثاني من بين إخوته الثمانية، أمه "فيرجينيا" عملت ممرضة، بينما اشتغل والده في صناعة الساعات في متجر مجوهرات محلي.
حياة "تومي" المُبكرة لم تكن سهلة للغاية، أقله بالنسبة له، فعندما كان بالمدرسة الثانوية لم يستطع أن يحقق ذاته على مستوى الرياضة لأن جسده كان هزيلاً لدرجة أنه اضطُرَّ لوضع 15 رطلاً من الأوزان في جيوبه لينضم لفريق كرة القدم، وفي نفس الوقت لم يستطع أن يكون طالبًا متفوقًا لمعاناته عُسر القراءة "الديسلاكسيا".
ومع ذلك، امتلك "هيلفيغر" موهبةً في مجال ريادة الأعمال، ولحُسن حظه أنها ظهرت منذ سنٍ صغيرة، فعندما كان مراهقًا ذهب إلى مدينة نيويورك واستطاع أن يشتري بـ 150 دولارًا فقط 20 زوجًا من بناطيل الجينز، ثم عاد بها إلى مدينة إلميرا وباعها من سيارته المتواضعة "Volkswagen Beatle" ليلاقي الأمر نجاحًا كبيرًا.
وعندما بلغ من العمر 18 ربيعًا، افتتح متجرًا أسماه "متجر الشعب" The People’s Place، إذ كان يبيع مستلزمات جماعة "الهيبيز" (حركة ثقافية اجتماعية ظهرت في الستينيات والسبعينيات واشتُهرت بأزيائها الخاصة)، فهو كان مُغرمًا بكلٍ من ثقافة البوب وفناني الروك الذين تأثر بهم.
ولادة "براند" Tommy Hilfiger
افتتاح "متجر الشعب" جعل "تومي" يتأكد من شغفه؛ عرفَ أنه مولعٌ بالتصميم، ولذلك في عام 1979، انتقل إلى مدينة نيويورك باحثًا عن عملٍ كمصمم أزياء بدوام كامل، ولأنه كان موهوبًا ومجتهدًا والحظ يخدم هذا النوع من الأشخاص، قابل "هيلفيغر" رجل أعمال هندي يدعى "موهان مرجاني- Mohan Murjani" يبحث عن مصمم أزياء ليساعده على إطلاق خطٍ جديد من الملابس الرجالية، ومن هنا كانت البداية.
بتمويلٍ من "مرجاني"، قدم "تومي هيلفيغر" تشكيلته الأولى من "البراند" الذي سيحمله اسمه لاحقًا "Tommy Hilfiger" في عام 1985، وكان مجموعة من القمصان العصرية وبناطيل "التشينو" chinos المريحة، وغيرها من الكلاسيكيات التي وضع عليها لمسته الفنية وتفاصيله الخاصة، التي ما زالت مستمرة إلى اليوم.
في مقابلة أجراها "تومي هيلفيغر" مع موقع "WWD" في 2020، قال: "ينصب تركيزنا الأساسي على أهمية العلامة التجارية وجعلها عصرية إلى الأبد والحفاظ على الزخم والروح الإيجابية حولها، وفي نفس الوقت، وضع المستهلك في المقام الأول دائمًا". وكان "تومي" منذ البداية مؤمنًا بأهمية الاستعانة بالمشاهير، مثل Usher وBritney Speats وAalliyah، لتمثيل علامته التجارية.
هل تعلم؟ قبل أن يقابل "تومي هيلفينغر" رجل الأعمال الهندي، كان على وشك أن يعمل لدى مصمم الأزياء الآخر الشهير "كالفن كلاين- Kalvin Klein"، ولكن "موهان مرجاني" قال له: "لماذا تفعل ذلك؟ لماذا لا نبدأ براند تومي هيلفيغر معًا"؟ ومن هنا كانت البداية؛ وافق "تومي" وقال له: حسنًا، ولكن ينبغي أن نُسمي "البراند" Tommy Hill بدلاً من Tommy Hilfinger ليسهل على الناس نطقه، فرد عليه موهان: "الناس يستطيعون أن ينطقوا براند Yves Saint Laurent، فلمَ لن يستطيعوا أن ينطقوا Tommy Hilfiger"؟
اقرأ أيضًا:تقاضى 12 دولارًا ورُفض من كل الوظائف.. كيف أسس "جاك ما" إمبراطورية "علي بابا"؟
نجاح Tommy Hilfiger
في عام 1986، افتتح "تومي" متاجر "البراند" الأولى، وقال لأحد الصحفيين: "أعتقد أنني سأكون المصمم الأمريكي العظيم القادم، مثل رالف لورين أو كالفين كلاين".
نجاح "البراند" كان سريعًا، ولعل السبب الذي أدى إلى ذلك النجاح السريع كان إعلانًا وُضِعَ بمنتصف ميدان التايمز أعلى من شأن "تومي" ورفع التوقعات حوله إلى الحد الذي دفعه ليقول -ما معناه-: يجب أن أكون على قدر التوقعات.
في حقبة التسعينيات، كان "تومي هيلفيغر" من أوائل المُصممين الذين دمجوا الشهرة بالموضة، وأنشأ حملات إعلانية لا تُنسى مُستعينًا بأشهر الفنانين مثل الذين ذكرناهم بالأعلى، وغيرهم، ولكن طريق النجاح لم يكن مفروشًا بالورود، إذ أثارت أساليب "هيلفيغر" الترويجية في البداية، التي اتسمت بالترويج الجريء للذات، غضب الكثيرين، بما فيهم "كالفين كلاين" الذي اشتُهِر "البراند" خاصته بأكثر من ذلك بكثير!
ولكن، وعلى الرُغم من رد الفعل العنيف الذي قوبل به "Tommy Hilfiger"، أثبتت أساليب "تومي" فعاليتها لاحقًا، وبدأ "Tommy Hilfiger" يحقق نجاحًا وشعبيةً ملحوظة، لا سيما بعدما بدأت ثقافة الهيب هوب وموسيقى الراب بالانتشار، وكان لتيشيرت "البراند" الذي ارتداه "سنوب دوج" في إحدى حلقات برنامج "SNL" عام 1994 دورٌ كبير في شهرة هذه العلامة التجارية ونقطة تحول إيجابية في أرقام المبيعات.
في ذلك العام، 1994، كان "تومي هيلفيغر" على رأس قائمة المرشحين للفوز بجائزة أفضل مصمم أزياء للملابس الرجالية، ولكن "مجلس مصممي الأزياء الأمريكية- CFDA" تجاهلوه وقرروا عدم منح الجائزة له، ولكنهم سرعان ما أدركوا خطأهم ومنحوه الجائزة في العام اللاحق.
أوقات عصيبة
مع بداية الألفية الجديدة واجه "هيلفنغر" الكثير من التحديات التي بدأت بالانفصال عن زوجته التي تزوجها لعشرين عامًا تقريبًا وأنجب منها 4 أطفال، كما واجه العديد من التحديات المالية وتراجعت شعبية علامته التجارية حتى بين فناني الهيب هوب.
مبيعات "Tommy Hilfinger" انخفضت بشكلٍ فج، تقريبًا بنسبة تصل إلى 75%، والسبب في ذلك -على الأرجح- أن الجمهور لم يعد يرى فيها شيئًا مميزًا. يقول "تومي": "لقد وصل الأمر إلى الدرجة التي جعلت حتى الأطفال يعزفون عن ارتدائها".
استفاقة Tommy Hilfinger المستمرة إلى اليوم
لم يستسلم "تومي" للظروف، وفي ديسمبر 2008 تزوج مرة ثانية مصممة الأزياء الأمريكية "دي أوكليبو- Dee Ocleppo" وأنجب منها طفله "سيباستيان" في أغسطس 2009، وفي مايو من العام اللاحق، كان Tommy Hilfinger "البراند" قد بدأ يستفيق، لا سيما بعدما اشترته مجموعة "PVH" مقابل 3 مليارات دولار مع استمرار مؤسس العلامة التجارية بتأدية دور المصمم الرئيس.
اليوم، يبيع "Tommy Hilfinger" الملابس الرجالة والنسائية، إضافة إلى الملابس الرياضية، والساعات، والمجوهرات، والحقائب، وغيرها من المنتجات الأخرى الأنيقة، ويوجد في أكثر من 100 دولة حول العالم، في 5 قارات، وبأكثر من 1800 متجر للبيع بالتجزئة.
وأكسبت إنجازات "هيلفيغر" صاحبها الكثير من الجوائز المتنوعة، التي أبرزها "جائزة جيفري بيين للإنجاز مدى الحياة" Geoffrey Beene Lifetime Achievement في 2012، وجائزة "مصمم العام للملابس الرجالية" Menswear Designer of the Year التي تمنحها الـ CFDA في 1995، وجائزة "مصمم العام" Designer of the Year من GQ، وغيرها الكثير.