"Rolex".. القصة الكاملة للساعات الأفخم في العالم
إذا ذُكِرَت الساعات ذُكِرَت "Rolex" التي كانت وما زالت إحدى أفخم العلامات التجارية وأكثرها قيمةً على الإطلاق. تم تدشين هذا "البراند" مع مطلع القرن المُنصرم. ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا الحالي، والشركة مُحافظةٌ على مكانتها المرموقة، بل ترتقي أكثر وأكثر. في عام 2022 وحده، باعت العلامة الرائدة في صناعة الساعات أكثر من مليون نُسخة، وحققت أرباحًا تجاوزت الـ 13 مليار دولار، فكيف تأسست؟ ومن مؤسسها؟.. لنُلقِ نظرة على ذلك معًا.
ما قبل Rolex
تأسست شركة "Rolex" في عام 1905 على يد صانع الساعات الألماني البالغ من العمر 24 عامًا -وقتها- "هانس ويلزدورف"، وذلك بالتعاون مع صهره "ألفريد ديفز" -اليد العليا كانت لـ"وزدورف"-. مقر العلامة التجارية الفخمة لم يكن في سويسرا كما هو الحال اليوم، وإنما في العاصمة الإنجليزية لندن، حتى أن اسم الشركة لم يكن "Rolex" في ذلك الوقت، وإنما "Wisdorf and Davis (W&D)" تيمنًا بمؤسسيها.
في البداية، لم تكن الشركة هي من تُصنّع الساعات لنفسها، بل كانت تستورد "الميكانيزمات" من شركة "Aegler" المشهود لها بالجودة، وتضع الساعات في حافظات فخمة من شركات مثل "Dennison"، أي إن شركة "W&D" لم تكن تُصنّع شيئًا تقريبًا، وبمناسبة ذلك الاسم القديم، فهو لا يزال محفورًا على حافظات بعض الساعات الأولية التي أُنتِجَت في ذلك الوقت.
من W&D إلى Rolex
في عام 1908، غيّر "ويلزدورف" اسم الشركة من "W&D" إلى "Rolex" التي نعرفها إلى اليوم، كما افتتح أول مقرٍ للشركة في سويسرا، وتحديدًا في بلدة "لا شو دو فون" La Chaux-de-Fonds، ويُقال إن سبب تغيير الاسم كان يرجع لرغبة "هانس" بجعله اسمًا عالميًّا يسهل على الجميع نطقه بغض النظر عن اللغة التي يتكلمون بها.
يقول "هانس": "لقد حاولت أن أجمع الأبجدية بشتى الطرق مما أتاح لي الحصول على مئات الأسماء، ولكنني لم أقتنع بأي منها، وذات صباح وأنا في عربة الخيل، همس صوتٌ بكلمة Rolex في أذني".
في عام 1910، كانت ساعات "Rolex" الأولى من نوعها في العالم "كساعة يد" التي تحصل على الاعتماد السويسري لدقة الكرونومتر من قِبَل المركز الرسمي لتصنيف الساعات في مدينة بيين Bienne السويسرية. وفي عام 1914، كافأ مرصد كيو البريطاني Kew Magnetic Observatory ساعات "Rolex" بمنحها وسام الامتياز، وهي الجائزة التي لم تكن تُمنَح في ذلك الوقت إلّا للكرونومترات البحرية فقط لدقتها الشديدة، ولكن ساعات "Rolex" كسرت القواعد في وقتٍ لم تكن الساعات المعصمية فيه تُعرَف بالدقة وتمكنت من إبهار الجميع، ومنذ ذلك الحين اقترن اسم العلامة التجارية بالدقة.
الدقة لم تكن كافية بالنسبة لويلزدور
على الرُّغم من دقة ساعات "Rolex"، فإن "هانس ويلزدورف" لم يكن راضيًا، وذلك لأن هدفه الذي وضعه منذ اليوم الأول لتأسيس الشركة كان: إنتاج ساعات تُرافق مُرتديها خلال مغامراته الحياتية، وبغض النظر عن البيئة المتواجد فيها.
تبدأ الحرب العالمية الأولى وتعصف الظروف العصيبة بإنجلترا، وبالعالم كله تقريبًا، فتفرض الدولة ضرائب مُجحفة على السلع الكمالية، ما يضطر "ويلزدورف" إلى مغادرة البلاد في عام 1919؛ الرسوم المفروضة على الذهب والفضة بالتحديد كانت مُرتفعة جدًا، وهذان المعدنان كانا يدخلان في صناعة ساعات "Rolex" الفخمة بشكلٍ أساسي.
حدد "ويلزدورف" العاصمة السويسرية جنيف لتكون وجهته الأساسية، وذلك حتى يتمكن من العمل مع الموردين بأريحية أكبر، تم تغيير العلامة التجارية لتكون Montres Rolex, SA ثم Rolex, SA، ومنذ ذلك الحين وجنيف هي منبع الساعات الفخمة، والساعات السويسرية عمومًا أصبحت أشهر من النار على العلم.
اقرأ أيضًا: كيف تسبب مؤسس "فيراري" في تأسيس "لامبورغيني" بطريقة غير مباشرة؟
Rolex تُعيد تعريف صناعة الساعات
أصبحت شركة "Rolex" تُصنّع ساعاتها بنفسها، وفي عام 1926، طرحت الشركة طرازًا سيغير وجه صناعة الساعات إلى الأبد، أطلقت الشركة عليه اسم "المحار" Oyster، وهو طراز الساعات الأول في التاريخ الذي يكون مقاومًا للماء.
كان "ويلزدورف" واثقًا للغاية من مقاومة الساعة للماء لدرجة أنه أقنع السباحة الإنجليزية الشهيرة "Mercedes Gleitze" بارتدائها حول رقبتها في أثناء محاولتها لعبور بحر المانش في عام 1927، وعلى الرغم من أن محاولة السبّاحة الشهيرة قد باءت بالفشل ولم تتمكن من الوصول إلى فرنسا، فإن الساعة قد نجحت في الحفاظ على دقة التوقيت والمقاومة التامة للماء مانعةً أي قطرة من التوغل.
السر وراء التاج
ظهر اسم "Rolex" للمرة الأولى في عام 1908 بعد أن كانت الشركة تُعرَف بـ "Wilsdorf & Davis". وقبل أن يحصل "براند" الساعات الفخم على الختم المميز له، أو التاج الشهير بمعنى أصح، كانت الساعات الأولى تُختَم بحروف "Rolex" أو "W&D".
ظهر شعار التاج الفاخر المميز لساعات "Rolex" للمرة الأولى عندما تغير اسم الشركة إلى Rolex, SA في عام 1925، وتم تسجيله في 1931، ولكن اعتماده على الساعات لم يكن حتى الخمسينيات تقريبًا.
أما عن سبب اختيار التاج وهذا التصميم تحديدًا، فلا يُوجد سببٌ معلن، ولكن هذا لا يعني غياب النظريات، التي تأتي على رأسها نظرية "الفخامة والهيبة" المنطقية. هناك تخمين آخر مفاده أن "ويلزدورف" اختار هذا التصميم تحديدًا وقرر أن يكون التاج بخمسةِ رؤوس ليُحاكي أصابع اليد الواحدة، وأتى هذا الافتراض بعد إعلان صدر عن مجلة "Rolex" عام 1978 تضمن صورةً ليدٍ ترتدي الساعة وتُشير بأصابعها إلى السماء.
الشاهد أن هناك الكثير من الافتراضات والتخمينات الأخرى، ولكن بغض النظر عن صحتها، فلا شك أن هذا الشعار يُعطي حامله شعورًا بالهيبة والفخامة.
الجدير بالذكر أن الشعار المنقوش داخل الساعة -وشعار الشركة عمومًا- قد تغير على مدار السنين، إذ كان في البداية عبارة عن التاج الفخم فوق كلمة "Rolex" باللون الأخضر، ويمكنك أن تُلاحظ ذلك في طراز الـ "Rolex Air-King" مثلاً، بعد ذلك تغير لون التاج قليلاً إلى درجة أفتح ونفس الشيء بالنسبة للنقش المكتوب، وذلك منذ عام 1965 وحتى 2002. أما من 2002 إلى يومنا هذا، فالتاج ذهبيّ غامق والنقش المكتوب أخضر واضح، مع الوضع في الاعتبار أن كثيرًا من الإصدارات تأتي بنقشٍ أبيض أو ذهبي، وليس أخضر.
إرث هانس ويلزدورف الخالد
على مدار الخمسين سنة اللاحقة، توالت إصدارات "Rolex" واحدةً تلو الأخرى لتبهر العالم ولتعيد تعريف صناعة الساعات مرةً أخرى. ففي الأربعينيات مثلاً، رأينا طراز "Rolex Datejust"، وفي العقد الذي يليه، وتحديدًا في عام 1953، شهدنا إصدار الـ "Submariner"، تمر سنتان ونشهد أول طراز من سلسلة "Rolex GMT-Master" الغنية عن التعريف، وقبل نهاية العقد يُكشَف النقاب عن طراز الـ "Day-Date" والـ "Rolex Milgauss".
لم تكن إمبراطورية "Rolex" هي شركة الساعات الوحيدة التي أسسها هانس ويلزدورف، إذ أسس شركة سويسرية أقل فخامةً وسعرًا تُسمى "Tudor" في عام 1946. استمر "هانس" في تطوير الشركتين وإنتاج ساعات رائدة عالية الجودة إلى أن توفي في عام 1960 لتكون كل الساعات التي أخرجها للنور حاملةً لبصمته التي لن تُنسى ما حيينا.
استمرت "Rolex" في النمو بعد وفاة مؤسسها، وهذه إحدى أهم سمات الشركات الناجحة، وفي الستينيات شهدنا إطلاق إصدار طراز "Rolex Sea-Dweller Deepsea"، ومن قبلها ساعة "Rolex Cosmograph Daytona" الأيقونية في عام 1963.
ومع مطلع السبعينات، تم إصدار الطراز الشهير "Rolex Explorer II" وأتبعه الـ "GMT-Master II" في بداية الثمانينيات.
تمر السنوات وتستمر "Rolex" بإطلاق أشهر وأفخم الساعات على الإطلاق؛ في 1992 نرى "Yacht-Master" والـ "Pearlmaster"، وفي 2007 يتم إطلاق الـ "Yacht-Master II"، بعد ذلك بعام تدخل الـ "DeepSea" على الخط، ومن بعدها الـ "Datejust II" في 2009، وفي 2012 نرى طراز الـ "Sky-Dweller"، لتكون هذه الساعات الحديثة من "Rolex" خير شاهدٍ ودليل على الفخامة والأصالة المُستمرة منذ بدايات القرن العشرين.