كيف تسبب مؤسس "فيراري" في تأسيس "لامبورغيني" بطريقة غير مباشرة؟
في عام 1963، لم يكن المهندس الإيطالي وصانع الجرارات الشهير "فيروتشيو لامبورغيني- Ferruccio Lamborghini" راضيًا عن سيارة الفيراري خاصته "كانت من طراز Ferrari 250GT"؛ إذ كان يرى أن قابض "دبرياج" السيارة سهل الكسر، وهذا ما جعله يتوجه مباشرة لبلدة مارانيلو الواقعة شمال إيطاليا حيث يسكن صانع السيارات الرياضية الرائدة، "إنزو فيراري- Enzo Ferrari".
طرق "لامبورغيني" الباب وخاض حوارًا لم يدم طويلاً مع "فيراري" الذي كان ضيّق الخلق، ولم يكن يعرف كيف يتقبل الآراء البناءة. السيد "لامبورغيني" أخبره بالمشكلة التي تواجهه، واقترح عليه طريقة لتحسين القابض، ولكنه لم يُقابَل سوى بتعنت تمثل في جملة شهيرة ستصبح محفورة في أذهان كل المهتمين بالسيارات عمومًا والسيارات الرياضية على وجه الخصوص: "ركز في صناعة الجرارات ودعني أصنع السيارات"، ومن هنا كان الدافع الحقيقي أمام "لامبورغيني" ليصنع سيارته الفارهة.
عاد "لامبورغيني" خائب الرجاء، ولكنه كان مُشتاطًا، كيف لا وأفكاره قُوبِلَت بالرفض بأسوأ طريقة ممكنة؟ ولكنه استغل هذا الغضب وحوّله إلى دافعٍ ليصنع التاريخ؛ بالتحديد ليصنع سيارة رياضية أسرع وأفضل من سيارة "إنزو فيراري".
لامبورغيني لم تحتج سوى 4 شهور!
بدأ "لامبورغيني" العمل فورًا؛ بنى مصنعًا صغيرًا في بلدة "سانت أغاتا" التابعة لمقاطعة بولونيا، واستطاع في غضون 4 شهور فقط أن يُخرِج أول سيارة لترى النور وكان ذلك في مؤتمر السيارات السنوي في "تورين- Turin" الإيطالية عام 1964، وأما السيارة فكانت الكلاسيكية Lamborghini 350 GT.
ولمن يتساءل عن كيف استطاع "لامبورغيني" أن يصنع أولى سيارات هذه العلامة الفاخرة في 4 شهور فقط، فلهذا الأمر قصة طريفة: قبل عامين من ميلاد سيارة "Lamborghini" الأولى، استقال، أو بمعنى أصح أُقيِل 5 رجال من أهم الأسماء في عالم صناعة السيارات، وكان من ضمنهم المهندس الإيطالي ومدير التطوير العملاق "جوتو بيزاريني- Giotto Bizzarrini"، والسبب؟ زوجة إنزو فيراري، لورا فيراري، كانت تتخذ قرارات كبيرة وتتدخل فيما لا يعنيها، وهذا ما رفضه الرجال الخمسة رفضًا قاطعًا، وبدلاً من أن يُقوّم "فيراري" سلوك زوجته، طرد الطاقم الذي سرعان ما بدأ عمله الخاص في مدينة بولونيا وافتتحوا وكالة لتصميم السيارات الرياضية تُسمى "ATS".
وعندما عاد "لامبورغيني" خائب الرجاء من مقابلته السريعة مع "فيراري"، تواصل مع الرجال الخمسة الذين أهَّلتهم براعتهم لبناء أولى سيارات "Lamborghini" في المُدة القصيرة المذكورة. السيارة الأولى، الـ 350 GT، قُوبِلَت باستحسان واسع واشتراها 13 زبونًا فور إصدارها، وفي خلال عامين، صُنعت 120 سيارة من ذلك الطراز، واليوم، لا تُقدَّر هذه السيارات بثمن.
كيف تأسست Ferrari؟
قبل أن نُكمل القصة، دعونا نرجع بالزمن إلى الوراء قليلاً؛ إلى تأسيس "Ferrari" نفسها. بدأت الحكاية عندما كان "إنزو فيراري" مُتسابقًا مولعًا بالسيارات، على الرغم من أن مسيرته الاحترافية لم تكن طويلة، أو حتى ناجحة كما يرى البعض إذ فاز بـ 13 سباقًا من أصل 47، إلا أنه استطاع تأسيس شركته عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مُباشرة، وذلك بمساعدة فريق السباقات الذي شكَّله "فريق Scuderia Ferrari".
صُنِعَت أولى سيارات "Ferrari" في عام 1947 ونجحت العلامة الرائدة نجاحًا ساحقًا لدرجة أنها تمتلك الآن الرقم القياسي في عدد الفائزين ببطولات العالم لسباق الفورمولا 1.
اقرأ أيضًا: بآلة صُنع الوافل و35 دولارًا ثمن الشعار.. كيف بدأت "Nike"؟
ما بعد سيارة لامبورغيني الأولى
نقفز مرة أخرى للمستقبل؛ إلى ما بعد سيارة "Lamborghini 350 GT"، حيث صُممت سيارة جديدة هي "Lamborghini Miura" والتي قدَّمت تصميمًا ثوريًا مستوحى من سيارات سباقات الفورمولا 1، إذ كان المُحرك ينتصف السيارة وهذا ما لم يكن معتادًا البتة. المهم أن "Miura" لاقت قبولاً واسعة هي الأخرى وأصبح لـ"فيراري" منافس حقيقي أخيرًا في السوق.
بدأ إنتاج "Lamborghini Miura" عام 1967، وصُنِعَت حوالي 764 سيارة حتى توقف الإنتاج في عام 1973 عندما شهدنا طرازيّ "Jarama" و"Urraco".
لسوء الحظ أنه في ذلك الوقت ضربت أزمة النفط العالم، وأدخلته في أزمة اقتصادية جعلت سوق السيارات الرياضية يتضاءل بنسبة 80% في خلال عام واحد فقط. اضطُرَّ "فيروتشيو لامبروغيني" إلى التنحي عن منصبه وبيع الشركة التي كانت قد أنتجت السيارة الأيقونية الخالدة "Lamborghini Countach" توًا.
ما بعد حقبة فيروتشيو لامبورغيني
"الكونتاش" كانت سيارة من عالم آخر، لم يرَ أحد شيئًا مثلها من قبل، يكفي أن الباب كان يفتح لأعلى ما جعل الجميع ينبهر ولسان حالهم يقول "واو"، وهذا ما تعنيه كلمة "Countach" بالإيطالية بالمناسبة.
رُغم كل النجاحات والابتكارات الثورية التي أبدعتها شركة "Lamborghini"، فإنها أفلست وتغير مالكوها مرتين إلى أن اشتراها الأخوان السويسريان "ميمران" في عام 1980 وحققا نجاحات كبيرة واستطاعا أن يُعيدا إحياء الشركة بعدما جنيا كثيرًا من الأموال وفي النهاية، باعا "Lamborghini" للشركة الأمريكية الشهيرة "Chrysler".
في عام 1990 وُلِدَت السيارة التي حلَّت محل "الكونتاش"؛ الـ Lamborghini Diablo من تصميم الأسطورة مارسيلو جانديني Marcello Gandini، والتي كانت أسرع سيارة في العالم وقتها. كان تصميم السيارة مُشابهًا للكونتاش، ولكن بإمكانيات أفضل بالطبع. خلال العشر سنوات اللاحقة، أُنتج حوالي 3000 سيارة ومالكو الشركة تغيروا 3 مرات! الأولى لصالح شركة إندونيسية ثم لأخرى ماليزية، وأخيرًا لصالح الشركة العريقة Audi "المملوكة لشركة Volkswagen" مقابل 110 ملايين دولار.
Lamborghini تحت إدارة Audi
أطلقت "Audi" برنامجًا لإعادة تصميم سيارات "Lamborghini" وإعطاءها طابعًا عصريًا، وعليه تم تحديث طرازيّ الـ Diablo 2000 والـ Diablo 2001 ليصبحا أفضل جودة من الطرازات السابقة.
في عام 2001 صُممت أول سيارة "Lamborghini" تحت إشرافٍ كامل من "Audi"، وكانت الـ Lamborghini Murcielago التي صُنِعَ منها أكثر من 4000 نسخة، أي أكثر من عدد سيارات Diablo بـ 25%.
وفي 2003، صُممت "Lamborghini Gallardo" التي امتازت بالبساطة، على الأقل مقارنة بـ "Murcielago". باب السيارة كان يُفتَح بشكلٍ طبيعي "ليس للأعلى"، وسعرها كان أرخص من المعتاد، ومع ذلك كانت سيارة رائعة وحققت نجاحات ممتازة بين المنافسين، وعلى مدار عُمر السيارة الذي امتد لعشر سنوات، أُنتج نحو 14 ألف نسخة منها "رقم مهول". وبعشرات التصاميم المختلفة، ويُنسَب لتلك السيارة فضل كبير في مكانة الشركة الحالية.
بالنظر لتاريخ الشركة الطويل وقصتها المثيرة التي جعلت "فيروتشيو لامبورغيني" يبني إمبراطوريته بسبب جملة واحدة قالها "إنزو فيراري"، وبالنظر أيضًا إلى التخبطات التي مرت بها الشركة وتقلباتها المختلفة بين أكثر من مالك إلى أن استقرت تحت إدارة "Audi" منذ عام 1998، سنتوصل لنتيجة مفادها أن الشركة تستحق التواجد في المكانة الحالية وتستحق أن تكون رمزًا أيقونيًّا لسيارات السباقات.