كل الحوادث سببها الطيار؟
كابتن فراس مال الله
تحدثنا في العدد السابق عن تأثير الإرهاق في الطيار، وكيف أنه عامل أساسي في الحوادث؛ لكن هل كل الحوادث سببها الإرهاق؟ طبعاً لا. يوجد أسباب عدّة، و سوف نرى كيف يمكن أن يكون الطيار والمراقب الجويّ أحد أسباب الحوادث الأساسية التي غالباً ما يكون سببها الخروج عن الإجراءات الطبيعية، فعلى سبيل المثال النزول التدريجي للطائرة باتجاه المدرّج للهبوط ليس عشوائياً، إنما له حساب معيّن، و بسرعات محددة، و لتبسيط الأمر ومعرفة الوقت المطلوب لبدء الهبوط التدريجي، يتمّ ضرب الارتفاع بثلاثة، والناتج يكون المسافة بالميل الجويّ المطلوبة لبدء عملية الهبوط، مثالاً على ذلك، إذا كانت الطائرة على ارتفاع ٣٣،٠٠٠ قدم، فستحتاج إلى أن تبدأ بالهبوط التدريجي على بعد ٩٩ ميلاً جوياً من المطار، ويستمرّ هذا الحساب حتى الهبوط، وأي تغيير في ذلك، يعدّ خروجاً عن الإجراءات الطبيعية، ويجب أن يكون بمبرر قويّ، لذلك في المرحلة الأخيرة من الهبوط التدريجي عند الاقتراب من المدرّج اذا كان الارتفاع المطلوب ٣٠٠٠ قدم على بعد ١٠ أميال جوية وطبيعي أن ارتفاع ٥٠٠٠ قدم سيكون عالياً، ويحتاج إلى تغييرات كبيرة في السرعة وتحديد زاوية الهبوط، و إذا كان على ارتفاع أقلّ من ٣٠٠٠ قدم، فسيكون قريباً من الأرض ويشكل خطورة، ويكون هبوطاً غير آمن، وينتج احتمال ملامسة للجبال أو مبانٍ مجاورة، وستكون سرعته أقل من المطلوب بزاوية مختلفه، في كلتا الحالتين ستعدّ مرحلة الهبوط "مرحلة غير مستقرة".
ويوجد أنواع كثيرة تسبّب وقوع الطائرة في مرحلة عدم الاستقرار، غير الخطأ في الارتفاع. لكن لتصل الفكرة بسهولة كان تركيزنا على الارتفاع.
الخروج عن الإجراءات الطبيعية دائماً ما ينتهي إلى "مرحلة غير مستقرة"، وتكون لأسباب كثيرة، منها الطيار أو المراقب الجوي أو كلاهما، و إليكم بعض الأسباب:
- حساب خطأ من الطيار للمسافة المطلوبة للهبوط التدريجي.
- استعجال المراقب الجوي بفرض طريق مختصر للطائرة، بسبب ازدحام الأجواء، أو بطلب من الطيار.
- قبول الطيار للطريق المختصر من المراقب الجوي - خطأ مشترك.
- تغيير المدرّج على المراحل الأخيرة من الهبوط، إما من المراقب أو بطلب من الطيار.
- عدم الأخذ باتجاه الرياح وسرعتها، ما قد يقلل المسافة المطلوبة للهبوط أو يزيدها.
- عدم تقدير المراقب للسرعات المطلوبة، لتمكن الطائرة من متابعة هبوطها التدريجي بالحساب نفسه، وفرض سرعات أعلى أو أقل.
- عدم اتباع الطيار لإجراءات الشركة و المطار.
الأسباب كثيرة، لكن النهاية واحدة، وهي "مرحلة غير مستقرة"، قد تؤدي إلى حادث مروّع، وضياع أرواح، المشكلة أن هذا الحديث معروف ويطبق في أغلب الرحلات، لكن في بعض الأحيان يقع الإنسان إما في ثقة زائدة عن الحد، و إما في عدم ثقة بنفسه، ويكون ذلك على حساب السلامة. سنتحدث في العدد القادم - إن شاء الله - عن أهمية الثقة عند الطيار والموازنة بينها وبين التهور، وعلاقته بحوادث الطائرات. أتمنى لكم سفراً سعيداً وآمناً.
كابتن فراس مال الله