"يسبب مضاعفات ولو بعد سنوات".. أعراض مرض الزهري وكيفية علاجه
مرض الزهري أحد الأمراض المنقولة جنسيًا، والذي كان من أخطر الأمراض قبل توفّر المضادات الحيوية، التي تستطيع التغلب على البكتيريا المُسبِّبة له.
لكن كيف سيحصل المريض على العلاج دون أن يعلم أعراض مرض الزهري؟ ذلك المرض مُتعدِّد المراحل، شديد الخطورة لدرجة أنّه قد يُتلِف أعضاء الجسم بعد مرور سنوات من الإصابة به، بينما يظنّ المرء أنّه قد شُفِي منه.
وذلك لأنّ المرض مراحل، ففي البداية أعراض خفيفة، ثُمّ مرحلة كمون ليس بها أي أعراض، فيتوهّم المرء أنّه شُفي، ثُمّ مرحلة أخيرة يفتك فيها المرض بالجسم، مُدمّرًا الجهاز العصبي، أو الشريان الأورطي، وربّما يُسبِّب قصور القلب أو سكتة دماغية، فما أبرز أعراض ذلك المرض وكيف يمكن تشخيصه وعلاجه؟
ما هو مرض الزهري؟
أحد الأمراض المنقولة جنسيًا، إذ يُسبِّبه نوع مُعيّن من البكتيريا، التي يمكن التعامل معها بمضادات حيوية مناسبة، لكن قد يؤدي إهمال مرض الزهري وعدم علاجه إلى مضاعفات خطيرة، مثل العمى وتلف الدماغ والجهاز العصبي، وغيرها.
أسباب مرض الزهري
تتسبَّب البكتيريا اللولبية الشاحبة "Treponema Pallidum" في مرض الزهري، وهي بكتيريا تنتقل بالاتصال الجنسي وتظلّ في الجسم لو لم يحصل المريض على علاج.
وهذه البكتيريا قادرة على مناورة الجهاز المناعي وغزو الجسم بالكامل لو بقيت فيه فترة طويلة.
وهي تنتقل بالاتصال الجنسي، لأنّها تنتشر بصورةٍ رئيسة من اتصال الجلد مع جلدٍ مُصاب بقرحة الزهري أو الطفح الجلدي المتعلّق بمرض الزهري، كما قد ينتقل من الأم إلى جنينها لو كانت حاملًا.
مراحل مرض الزهري
يمرُّ مرض الزهري بأربع مراحل، ولكل مرحلة أعراضها المختلفة عن غيرها، ويكون المريض مُعدِيًا جدًا خلال المرحلة الأولى والثانية، ويمكنه بسهولة نقل العدوى إلى غيره عبر الاتصال الجنسي، وتشمل مراحل مرض الزهري:
1. الزهري الأولي
تحدث هذه المرحلة في غضون 2 - 12 أسبوعًا من الاتصال بشخصٍ مُصاب بمرض الزهري.
تتكوّن قرح ناعمة وصلبة على الأعضاء التناسلية أو الفم، وهذه القرح صغيرة وغير مؤلمة عادةً، وتختفي القرحة تلقائيًا في غضون أسابيع أو أشهر.
لا يعني اختفاء القرحة الشفاء من مرض الزهري طالما لم تتلقّ علاجًا له، بل قد ينتقل إلى المرحلة التالية.
اقرأ أيضًا:مرض كرون.. أنواعه وأعراضه والفرق بينه وبين القولون العصبي
2. المرحلة الثانية
تبدأ في غضون 1 - 6 أشهر منذ اختفاء القرح على الأعضاء التناسلية.
يظهر طفح جلدي خشن وعر، قد يُغطِّي الجسم كاملًا، بما في ذلك راحة اليدَين وباطن القدمَين، ولا يُسبِّب الطفح الجلدي حكّة عادةً.
قد يُعانِي المريض أعراضًا أخرى، مثل الصداع وفقدان الوزن، والحمى والإرهاق، وقرح شبيهة بالثآليل، وتورّم الغدد الليمفاوية وتساقط الشعر.
لا يعني اختفاء الطفح الجلدي الشفاء من مرض الزهري، خاصةً لو لم تتلقّ علاجًا له، فمن دون العلاج، سينتقل الزهري إلى المرحلة التالية.
3. الزهري الكامن
لا تُوجَد علامات خارجية أو أعراض لمرض الزهري كالمراحل السابقة، وإن عانى بعض المرضى بعض الأعراض من وقت لآخر.
قد يؤدي مرض الزهري في تلك المرحلة إلى تلف القلب والعظام والأعصاب وأعضاء الجسم، وقد تستمر هذه المرحلة حتى 20 عامًا.
من النادر أن ينقل المريض مرض الزهري إلى غيره خلال تلك المرحلة، وقد يتقدّم الزهري إلى المرحلة الأخيرة إذا لم يحصل المريض على علاج.
4. الزهري المتأخر (الثالثي)
قد لا ينتقل كثير من المرضى إلى تلك المرحلة؛ إمّا لأنّ العدوى اختفت من عندهم، أو أنّ الأعراض خفيفة للغاية لدرجة أنّه قد لا يلاحظها المريض.
وما يقرب من 20% من مرضى الزهري يبلغون تلك المرحلة، والتي قد تُسبِّب مشكلات صحية خطيرة، مثل تلف الدماغ، ومرض القلب، والتشنجات، ومشكلات البصر، مثل العمى.
أعراض الزهري عند الرجال
تختلف أعراض مرض الزهري للرجال، حسب المرحلة التي بلغها المرض، فليست أعراض المرحلة الأولى كالثانية، ولا كالأخيرة، ومِنْ ثَمّ تضمُّ أعراض مرض الزهري:
أعراض الزهري الأولي
تظهر قرحة صغيرة في موضع دخول بكتيريا الزهري في الجسم، ومِنْ ثَمّ فإنّ موضع هذه القرحة يكون الأعضاء التناسلية غالبًا.
وتظهر هذه القرحة في غضون 2 - 3 أسابيع من الاتصال الجنسي مع المُصاب بمرض الزهري، لكنها قد تظهر أيضًا في أي وقتٍ حتى 3 أشهر لاحقة للاتصال الجنسي.
وهذه القرحة صغيرة غير مؤلمة، وقد ينضح منها سوائل صافية، وهذه السوائل مُعدية جدًا وتعجّ بالجراثيم.
تستمر القرحة لمدة تصل إلى 6 أسابيع، ثُمّ تلتئم، لكن هذا لا يعني أنّ المرض قد زال.
لا تقتصر أعراض الزهري الأولي على القرحة فقط، بل قد يشهد المريض تورّم الغدد الليمفاوية في المنطقة الأربية، أو قد يشعر بكتل صغيرة في ثنية الفخذ.
كذلك قد تكون الأعراض مختلفة بعض الشيء عند بعض المرضى، كأن تكون على أي من الأنماط الآتية:
- المعاناة من أكثر من قرحة واحدة.
- أن تكون القرحة مؤلمة.
- خروج صديد من القرحة.
- وجود القرحة على الفم.
- عدم وجود أي أعراضٍ أو أن تكون الأعراض خفيفة جدًا.
اقرأ أيضًا:كل ما تريد معرفته عن مرض الصدفية: أعراضه وأسبابه وطرق العلاج
أعراض الزهري الثانوي
إذا لم تُعالَج القرحة الأولية أو لم يلاحظها المريض، فقد تنتشر العدوى إلى أجزاء أخرى من الجسم، فبعد أسابيع قليلة من شفاء القرحة قد تظهر أعراض الزهري الثانوي، التي تشمل:
- الطفح الجلدي: أجد الأعراض الشائعة لمرض الزهري الثانوي، ويتكوّن من بقع داكنة على البشرة، كما قد يحدث في مناطق عديدة من الجسم أو قليلة، كما قد يصيب باطن القدم وراحة اليد، ولا يُسبِّب ذلك الطفح الجلدي حكّة أو ألمًا عادةً.
- ورم لقمي سطحي: آفة جلدية شبيهة بالثآليل تظهر في المنطقة التناسلية للرجل.
- تورّم الغدد الليمفاوية: قد يكون ذلك في المنطقة الأربية أو الرقبة أو الإبط، فهي قد لا تقتصر على مكان واحد فقط.
- أعراض أخرى: مثل التعب وارتفاع درجة الحرارة، والصداع واحتقان الحلق، وآلام المفاصل وتساقط الشعر.
أعراض الزهري الكامن
قد لا تُعانِي أي أعراضٍ لعِدّة سنوات بعد اختفاء أعراض الزهري الثانوي، وقد تظنّ أنّ المرض قد زال إلى الأبد، لكنّه فقط يمرّ بمرحلة الكمون.
وفي خلال العام الأول من الزهري الكامن قد تظلّ مُعديًا لغيرك، لكن بعد تلك المدة لا يكون المريض مُعديًا لغيره، ومع ذلك فهو ما زال مُعرّضًا للإصابة بعدوى الزهري من غيره.
وما لم يحصل المريض على علاج الزهري، فإنّ العدوى قد تُتلِف مختلف أعضاء الجسم وذلك في المرحلة الأخيرة من مرض الزهري.
أعراض الزهري المتأخر (الثالثي)
قد يظهر الزهري المتأخر بعد سنوات من بدء معاناتك من عدوى الزهري، أو ظهور أعراض الزهري الأولي، بل قد تظهر بعض أعراض تلك المرحلة حتى بعد مرور 50 عامًا!
وأغلب أعراض تلك المرحلة خطيرة، بل مُهدِّدة لحياة المريض. نعم قد لا ينقل عدوى لغيره في تلك المرحلة، لكن مضاعفاتها قد تفتك بأي عضوٍ من أعضاء الجسم ومن أبرزها:
- مضاعفات القلب والأوعية الدموية: أشهرها إصابة الشريان الأورطي، فقد يُؤدِّي مرض الزهري إلى التهاب ذلك الشريان، بما يُؤدِّي إلى ضعفه وتمدّده، ومع ضعف جدرانه، فإنّ الشريان قد ينفجر؛ مُسبِّبًا نزيفًا هائلًا، ومِنْ ثَمّ الوفاة. ولو لم ينفجر الجزء المُتمدّد من الشريان الأورطي، فقد يُسبِّب مشكلات لصمام الأورطي، ما يُؤدِّي إلى لغط القلب، وعدم قدرة القلب على ضخّ الدم كما ينبغي، ما يُنذِر بقصور القلب.
- الصمغات: هي نموّات أو أورام ناجِمة عن الالتهابات، وهي ليست سرطانية، لكنّها مزمنة وقد تُصِيب أي جزءٍ من الجسم، فقد تنمو على المفاصل أو تحت الجلد، أو حتى على الأعضاء الداخلية، مثل الكبد. والغالب جدًا أن تظهر على الساق أسفل الركبة، وقد تكون واحدة أو مُتعدِّدة، وقد تُسبِّب ألم العظام بالليل، وارتفاع درجة الحرارة، وفقر الدم.
كذلك قد يُؤدِّي مرض الزهري إلى مضاعفات خطيرة على الجهاز العصبي في هذه المرحلة، وهو ما يُعرَف بـ "الزهري العصبي".
أعراض الزهري العصبي
قد يُصِيب مرض الزهري الجهاز العصبي في أي من مراحل المرض، لكن غالبًا ما يكون من مضاعفات المرحلة المتأخرة، خاصةً مع إهمال العلاج.
والزهري العصبي هو فقدان تدريجي وبطيء للوظائف العقلية مع تغيّر المزاج والشخصية، وفي المتوسّط يقع ذلك في غضون 1 - 10 سنوات منذ بداية العدوى.
وقد كان الزهري العصبي أكثر شيوعًا قبل وجود المضادات الحيوية، فنحو 2 - 4 من كل 10 مصابين بمرض الزهري كانوا يُعانُون الزهري العصبي، والذي قد صار شائعًا الآن لدى من يُعانُون أيضًا فيروس العوز المناعي البشري (الإيدز).
وللزهري العصبي أربعة أنواعٍ رئيسة:
- الزهري العصبي عديم الأعراض: قبل توفّر المضادات الحيوية الفعّالة، كان بعض المرضى يُعانُون الزهري العصبي دون أن تصحبه أي أعراض.
- الزهري السحائي الوعائي: التهاب يُصِيب الأغشية السحائية التي تغطّي الدماغ والحبل الشوكي، وكذلك يصيب الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ، وفي المتوسط قد يحدث ذلك بعد 7 سنوات من الإصابة بمرض الزهري، وقد يُسبِّب الصداع والدوخة، وربّما يُؤدّي إلى سكتة دماغية، كما قد يحدث فقدان تام للبصر والصمم أحيانًا، وربّما يُعانِي بعض المرضى التهاب السحايا الحاد.
- الشلل العام للمجنون: يُؤدِّي إلى الخرف المزمن، وغالبًا ما يموت المريض في غضون 2 - 3 سنوات، كما يُسبِّب ذلك تغيّرًا في الشخصية، وضعف الذاكرة والارتباك، وهذه الأعراض تتزايد بمرور الوقت، وقد يُعانِي الاكتئاب أحيانًا أو الهلاوس.
- التابس الظهري: تتلف بعض الأعصاب في الحبل الشوكي، ما يؤدي إلى فقدان التوازن ومشكلات المشي، كما يفقد المريض الإحساس بالألم أو درجة الحرارة في القدمين، ومِنْ ثَمّ فقد يُعانِي قرح القدم العميقة.
مرض الزهري الخلقي
هو عدوى الزهري التي تُصِيب الطفل، وقد انتقلت إليه من أمّه المُصابة بالزهري، وتنقسم أعراضه أيضًا إلى مراحل مبكرة ومتأخرة.
وتظهر الأعراض المبكرة قبل بلوغ الطفل عامين من العُمر، وتشمل:
- الطفح الجلدي مع تقشّر الجلد في باطن القدم وراحة اليد، وحول الفم وفتحة الشرج.
- تضخّم الكبد أو الطحال.
- نتائج غير طبيعية لتصوير العظام بالأشعة السينية.
- فقر الدم.
- تضخّم الغدد الليمفاوية.
- اليرقان (اصفرار لون الجلد وبياض العين).
ومع بلوغ الطفل عامين من العمر، قد يُعانِي تشوهات جسدية ومضاعفات خطيرة إذا لم يُعالَج، وذلك مثل:
- أسنان هتشنسون.
- انهيار عظم الأنف أو ما يُعرَف بـ "الأنف السرجي".
- بروز عظم الفك السفلي.
- بروز الجبهة.
- انحناء عظام الساق.
- تورّم الركبة.
- التهاب القرنية الخلالي.
- الجلوكوما.
- الصمم.
- تأخر النمو.
تشخيص مرض الزهري
يمكن تشخيص مرض الزهري من أعراضه، فهي فريدة ومختلفة عن أعراض أي مرضٍ آخر، ومع ذلك فهناك بعض الاختبارات التي تساعد أيضًا في تشخيص مرض الزهري، مثل:
- اختبارات الدم: ترصد العدوى الموجود الآن أو التي أُصِيب بها المريض من قبل، وذلك برصد الأجسام المضادة للبكتيريا المُسبِّبة للزهري في الدم.
- سوائل الجسم: قد يحصل الطبيب على عيِّنة من سوائل القرح في المنطقة التناسلية خلال المرحلة الأولى أو الثانية من المرض.
- السائل النخاعي: قد يحصل الطبيب على عيّنة منه لتشخيص الزهري العصبي.
- اختبارات الأمراض المنقولة جنسيًا: قد يُوصِي الطبيب بإجراء اختبارات لفيروس العوز المناعي البشري والسيلان وغيرها من الأمراض المنقولة جنسيًا أيضًا.
ما الفرق بين مرض الزهري والسيلان؟
يُعدّ مرض الزهري والسيلان من الأمراض المنقولة عبر الاتصال الجنسي، لكن مرض الزهري ينتقل باتصال الجلد بجلد مُصاب بقرحة الزهري، أمّا مرض السيلان فينتقل عبر السوائل المُصابة بعدوى السيلان، مثل السائل المنوي.
وكل من الزهري أو السيلان يمكن علاجهما بالمضادات الحيوية، لكن قد يختلف نوع المضاد الحيوي المُستخدَم في علاج الزهري عن المُستخدَم في علاج مرض السيلان.
كذلك تختلف أعراض مرض الزهري عن السيلان، فمرض الزهري مراحل مُتعدِّدة، وقد يُسبِّب في البداية قرحة في المنطقة التناسلية.
أمّا مرض السيلان، فيُسبِّب إفرازات غير مُعتادة من العضو الذكري، بالإضافة إلى الألم أثناء التبول وغيرها من أعراض أخرى.
علاج مرض الزهري للرجال
يمكن علاج مرض الزهري باستخدام مضادات حيوية، فهي الأقدر على التعامل مع البكتيريا المُسبِّبة للمرض.
وتُستخدَم حقن البنسلين بالحقن الموضعي في علاج مرض الزهري؛ إذ هي قادرة على قتل البكتيريا.
ويمكن الاكتفاء بجرعة واحدة في المرحلة الأولى أو الثانية من مرض الزهري، لكن قد تتطلّب المراحل المتأخرة 3 حقن، مع الفصل بين كل منها بأسبوعٍ أو بضع أسابيع.
أمّا الزهري العصبي، فقد يتطلّب حقنًا أكثر بصورةٍ يومية لمدة أسبوعين.
ويمكن استخدام مضادات حيوية أخرى، مثل أزيثروميسين، في حالة الحساسية تجاه البنسلين.
اقرأ أيضًا:هل مرض السيلان خطير للرجال؟ وكيف تكتشفه؟
طرق الوقاية من مرض الزهري
يمكن الوقاية من مرض الزهري باتّباع النصائح الآتية:
- تجنّب العلاقات الجنسية.
- استخدام الواقي الذكري.
- استكمال العلاج بعد التشخيص بمرض الزهري لتجنّب نقله إلى الآخرين.
- إجراء اختبارات دورية لو كُنت مُعرّضًا للأمراض المنقولة جنسيًا.
- تجنّب مشاركة الإبر مع الآخرين، حال استخدامها في تعاطي المواد المخدرة.