باولو كويلو يكتب: إيثاكا.. طريق العودة الطويلة
تعدّ "الأوديسة"، التي كتبها هومير، من عظائم الأدب الكلاسيكي في كل العصور، تحدثت عن عودة البطل أوليسيس إلى جزيرة إيثاكا، حيث تنتظره زوجته بينيلوبي، منذ أكثر من عقد. ورغم أن الرجال أكدوا لها دوماً أنهم رأوا زوجها ميتاً في المعركة، خلال حرب طروادة، فإنها لم تفقد الأمل. واجه أوليسيس كل أشكال التحديات، وانتهى به المطاف بالعودة إلى الوطن.
بعد قرون، استهدف شاعر يوناني آخر، هو كونستانتينوس كافافيس، هذه العودة إلى الوطن بطريقة مختلفة، نتج عنها إحدى أجمل الاستعارات في رحلة السعي وراء أحلامنا. بينما تركزت الدراما في الأوديسة على صعوبات وصوله ومعاناة الزوجة الحبيبة؛ يتساءل شعر كافافيس عن العكس تمامًا مما شهده أوليسيس: أن يستمتع بطريقه ويعيش كل ما يحتاج إليه للمضيّ.
قرأت أولاً هذه القصيدة في طريق سانت جيمس، في لحظة كنت أتوق فيها للوصول إلى كومبوستيلا، لأنهي ما بدا لي حينها رحلة حج سخيفة.
عندما تغادر إلى إيثاكا، عسى أن يكون طريقك طويلاً، مملوءاً بالمغامرات، وغنياً بالاكتشافات.
لا تخف من العمالقة آكلي لحوم البشر، أو العمالقة المتوحشين بعين واحدة، أو بوسيدون الجبار؛ لن يقطعوا طريقك إذا كانت أفكارك عالية، إذا لم تترك عواطفك وجسمك أو روحك.
لن يعترض العمالقة آكلو لحوم البشر، أو العمالقة المتوحشون بعين واحدة، أو بوسيدون الجبار – طريقك، إن لم تكن تحمله معك في روحك، وإن لم تضع روحك أمامك.
عسى أن يكون طريقك طويلاً، بكثير من صباحات الصيف، وعسى أن تجلب لك رؤية أول الموانئ، فرحة لم يسبق لك أن شعرت بها. حاول أن تزورالإمبراطوريات الفينيقية، واحفظ الأفضل فيها؛ اذهب إلى مدن مصر، للتعلم من شعب لديه الكثير ليعلمه.
أبقِ إيثاكا نصب عينيك، فالوصول إلى هناك هو مصيرك. لكن لا تستعجل، من الأفضل أن تستمر الرحلة لسنوات عدّة، وأن لا يرسو قاربك في ميناء الجزيرة، إلا عندما تكون غنياً حقاً، مما تعلمته طوال الطريق.
لا تتوقع أن توفر لك إيثاكا ثروة إضافية، فقد أعطتك بالفعل رحلة رائعة؛ فبدون إيثاكا، لم تكن لتغادر قطّ.
لقد أعطتك كل شيء. وليس هناك من يعطى أكثر.
في النهاية، إذا وجدت إيثاكا فقيرة، فلا تظن أنك قد خدعت، لأنك سوف تصبح رجلاً حكيماً عاش الحياة كاملة.
هذا هو معنى إيثاكا.