باولو كويلو يكتب : بوذية زن والسعي وراء السعادة
النظام الطبيعي
سأل رجل غنيّ جداً، معلم زن عن النص الذي يذكره، كم كان سعيداً مع عائلته.
اخذ المعلم ورقة وكتب بخط جميل "سيموت الأب، سيموت الابن، سيموت الحفيد".
قال الرجل الغني بغضب "ماذا؟ لقد طلبت شيئاً يلهمني، تعليماً تنظر إليه الأجيال التي تليني باحترام، فتعطيني كلاماً يبعث على الاكتئاب؟".
فرد المعلم "لقد طلبت مني شيئاً يذكرك دائماً بسعادتك بالعيش مع عائلتك؛ إذا مات ابنك قبلك، فسوف ينهار الجميع من الألم، وإذا مات حفيدك، فستكون تجربة لا تطاق. ومع ذلك، إذا تُوفّيت عائلتك وفقاً للترتيب الذي وضعته على الورقة، فهذه طبيعة الحياة. ورغم أن كل شخص يمر بلحظات من الألم، فإن الأجيال سوف تستمر وسيبقى إرثك مدة طويلة".
كل شخص وقدره متلازمان
جاء ساموراي يعرفه الجميع، لنبله وصدقه، لزيارة راهب زين، ساعياً للنصيحة؛ ومع ذلك، ما أن دخل المعبد الذي كان يصلي فيه المعلم، حتى شعر ببساطة الشخص، وخلص إلى أنه رغم قتاله من أجل العدالة والسلام، طوال حياته، فلم يقترب من حالة الرقي والهيبة للرجل أمامه.
سأل فور انتهاء الراهب من الصلاة: "لماذا أشعر بالدونية؟ لقد واجهت الموت بالفعل مرات عدة، ودافعت عن الأضعف، وأنا أعلم أنه ليس لديّ أي شيء لأخجل منه. ومع ذلك، حين رأيتك تتأمل، شعرت أن لا أهمية لحياتي على الإطلاق". فردّ: "انتظر؛ وبمجرد أن أقابل كل من بحث عني اليوم، سأقدم لك الإجابة".
طوال اليوم، جلس الساموراي في حديقة المعبد، ينظر إلى الذين يدخلون ويخرجون بحثاً عن النصيحة. كما رأى الراهب يقابل الجميع بالصبر نفسه، والابتسامة المشرقة على وجهه نفسها. ومع ذلك، كانت حالته العقلية تزداد سوءاً، حيث إنه وُلد للعمل، وليس للانتظار.
في المساء، عندما ذهب الجميع، أصرّ على طلب الجواب "هل تستطيع أن تعلمني الآن؟".دعاه المعلم، وأجرى معه حواراً في غرفته؛ كان القمر مكتملاً متوهجاً في السماء، وألهمت الأجواء الهدوء العميق والسكينة: "هل ترى هذا القمر؟ كم هو جميل؟ سيعبر مساره بالكامل، وستشرق الشمس غداً مرة أخرى. ومع ذلك، فإن ضوء الشمس أقوى ويكشف تفاصيل المشهد أمامنا.. الأشجار والجبال والسحب. لقد فكرت في ذلك لمدة عامين، ولم أسمع قط، القمر يفكر لماذا لا أشرق مثل الشمس؟ هل أنا أدنى من الشمس؟".
أجاب الساموراي "بالطبع لا، القمر والشمس مختلفان ولكل واحد جماله الخاص. لا يمكننا مقارنتهما"."ها أنت تعرف الجواب؛ نحن شخصان مختلفان، كل واحد يقاتل بطريقته الخاصة، من أجل ما يؤمن به، ونبذل كل ما بوسعنا لجعل هذا العالم مكاناً أفضل، أما ما تبقّى، فهو مجرد مظاهر فقط.".