السر في الأمان النفسي.. لماذا تنجح غوغل وأبل وأمازون دائما؟
غوغل وأبل وأمازون، من الشركات التي تحقق نجاحات كبيرة ودائمة. بطبيعة الحال هناك الكثير من العوامل التي تساهم في نجاح هذه الشركات ولكن هناك أمر مشترك بينها أساسي وهو يصنف كواحد من أهم عوامل نجاحها ونجاح الشركات بشكل عام. الشركات التي تسعى خلف نتائج مماثلة لهذه الشركات عليها ان تملك ثقافة عمل تشبه ما تملكه وتحديداً عامل واحد ساهم في زيادة وتيرة الابتكارات التي أدت الى نجاح هذه الشركات. هذا العامل وبشكل بساطة هو الأمان النفسي، الذي يؤسس للاستقرار النفسي للموظف الذي يقدم كل ما يملكه للشركة.
ما يميز الشركات الناجحة في سيليكون فالي عن غيرها من الشركات الأخرى في أماكن أخرى من العالم هو استعداد هذه الشركات التشكيك بكل شيء والنهم الشديد للتحسن وبسرعة. ورغم أنهم لا يقومون ذلك بشكل علني ولكنهم ينفقون الكثير من المال والجهد والوقت من أجل فهم أهمية الاستقرار النفسي للموظفين.
الأمان النفسي.. للأفراد والمجموعات
الأمان النفسي هو قناعة مشتركة بأن فريق العمل يمكنه ومن دون خوف القيام بمخاطرات. كما أنه يعني أن الموظف يمكنه أن يظهر شخصيته الحقيقة من دون أي خوف من عواقب سلبية تتعلق بصورته كشخص في مكان العمل أو تأثيرها على مكانته في العمل أو مستقبله في حياته المهنية. فرق العمل «الأمنة» نفسياً هي تلك التي تتألف من أعضاء يشعرون بأن الآخرين يتقبلونهم على ما هم عليه ويحترمونهم رغم الاختلافات.
غوغل قامت بأبحاث ودراسات عديدة حول الأمان النفسي وهي في الواقع التي جذبت الانتباه لهذه النقطة. الدراسات حول الآلية التي يتناسب فيها الامان النفسي مع طبيعة الشركات، وانخراط الموظفين وتفاعلهم، وسعادة الموظفين، والسلوك التطبيقي والإبتكار التنافسي من خلال قنوات قائمة على السرعة في التطبيق والمقاربات الجديدة في مكان العمل متأخرة جداً عما يحصل على أرض الواقع.
فالحاجة لإبقاء فرق العمل سعيدة مسألة تختلف عن وربط السعادة والأمان النفسي لفرق العمل مع السرعة والدقة.. ولكن هنا تكمن الأهمية وهنا تبدأ الشركات بجني إيجابيات الامان النفسي لفرق العمل.
٥٢٪ من الموظفين حول العالم لا يشعرون بالأمان النفسي
رغم أن هناك دراسات عديدة أجريت حول الأمان النفسي للموظفين ولكن دراسة حديثة أثارت الكثير من الجدل والأخذ والرد، إذ تبين أن ٥٢٪ من الموظفين لا يشعرون بأي أمان نفسي في مكان العمل. بعض الخبراء شككوا بالأرقام، فهل ٥٢٪ نسبة دقيقة؟ وهل هذا يوحي أن ٤٨٪ يشعرون بالأمان النفسي في عملهم؟
من النقاط التي طرحت والتي شككت بصحة الأرقام واقع أن مفهوم الأمان النفسي غريب على بعض الموظفين. بالنسبة للخبراء غالبية الموظفين لا يفكرون بواقع أن عليهم الشعور بالأمان النفسي في مكان العمل، بل هم يشعرون بشكل دائم بأنه لا يحق لهم التعبير عن كل ما يريدون التعبير عنه، أو تجربة أمور.
لماذا عليك أن تهتم للأمر؟
الموظف الذي يشعر بالأمان النفسي هو موظف يقوم بالتجربة، والابتكار ويقدم إنتاجية عالية، ويحقق الاهداف. التقييم السنوي الذي تجريه المؤسسات لأداء الموظفين يرتبط وبشكل كلي بالأمان النفسي ولكن الشركات لا تضعه بالحسبان وحتى أنها لا تحاول معرفة ما إن كان الموظف يشعر به أم لا.
رصد إظهار الموظف للشجاعة والمبادرة والشغف والمثابرة والعزم والتي هي من مؤشرات الأمان النفسي صعب جداً في المؤسسات التي ما تزال تعتمد على المقاربات التقليدية لناحية الهيكيلية وأداء الأعمال ولكن في المقابل يسهل رصده في المؤسسات التي عدلت في هيكليتها وطرق مقاربتها للأعمال من أجل التأقلم مع الحاجة إلى السرعة والتخلص من البيروقراطية وضرورة الابتكار والمنافسة.
الشركات عادة لا تتصرف ولا تقوم بردات فعل ما لم يكن هناك «أرقام» واضحة أمامها.. وهي محقة تماما في ذلك. الأخلاقيات لناحية المبدأ ضرورية ولكن المبدأ لا يمكن السير به من دون ما هو ملموس ومنطقي. وعليه على الشركات أن تعرف حجم الاستقرار النفسي الذي يشعر به الموظف من خلال مقاربات وأدوات قابلة للقياس ثم البناء على ذلك. الاستقرار النفسي وحين يتم ترسيخه سيتحول إلى نجاح كبير، وأرباح أكبر.
كيف يمكن قياس الأمان النفسي؟
لا يوجد طريقة واحدة للآلية التي يمكن للشركات أن تقيس من خلالها الأمان النفسي للموظفين. معرفة ما الذي يجعل كل موظف يشعر بالأمان النفسي، خصوصاً في المؤسسات الضخمة أمر منهك وصعب ويستهلك الوقت والمال.
الأمر في الواقع يحتاج إلى قليل من التنسيق وتحمل الجميع لمسؤولياتهم، ولكن الأمر لا يتعلق بمسار من أعلى الى أسفل وأسفل إلى أعلى بل مقاربات بكل الاتجاهات تبدأ من خلال تعديلات في ثقافة الشركة، بحيث يتم التشجيع على المبادرة والابتكار وسط بيئة صحية تتقبل الآراء والنقد البناء. الأمان النفسي هو أبعد ما يكون عن عدم القلق من خسارة الوظيفة وكذلك لا يعني تجاوز ما مقبول لناحية الأخلاقيات وثقافة الشركة فقط من أجل الابتكار والإبداع وتحقيق النتائج المذهلة، هو حل وسط قائم على سعي الشركات لإيجاد أدوات تمنح الموظف الحوافز والاحترام والتقدير والحرية والثقة بالنفسه لتقدم أفضل نسخة ممكنة عن نفسه. وبهذه الطريقة الكل يخرج رابحاً .
المصدر: 1