تعرف على تأثير التقنيات الناشئة على الاقتصاد الإبداعي
التكنولوجيا الحديثة أعادت وتعيد تشكيل أساليب حياتنا، وتأثيرها وبشكل بديهي يطال الإقتصاد الإبداعي كالفن، الصحافة، الموسيقى وغيرها. وفي الوقت الذي تبرز فيه تقنيات الذكاء الإصطناعي، والواقع المعزز، والواقع الإفتراضي والبلوك تشين ككقوة لها تأثيرها فإن السؤال الذي يطرح نفسها هنا هو ما إن كان هناك إمكانية لإستخدامها من أجل الحصول على فوائد أكبر. معهد ماكنزي و المنتدى الإقتصادي العالمي قاما بدراسة مشتركة حاولا من خلالها دراسة تأثير هذه التقنيات على الإقتصاد الإبداعي.
وبما أن مستوى «نضج» هذه التقنيات يختلف كثيراً بين دولة وأخرى وشركة واخرى، فان من الصعوبة بمكان تحديد كيف ستؤثر على الإقتصاد الإبداعي، وبالتالي فان الدراسة ركزت على الفرص والمخاوف التي تتعلق بكل تقنية.
الرجل الثاني.. سلاح أي مدير تنفيذي لمواجهة المشاكل وتحقيق النجاح المنشود
الذكاء الإصطناعي غير سلسلة القيمة للمضمون الإبداعي
التطورات التي شهدها إستخدام الذكاء الإصطناعي يمكن لمس أثاره في الإقتصاد الإبداعي بشكل واضح. عدد كبير بات يستغل التطور في خوارزميات تعلم الآلات من أجل تحليل عدد كبير من البيانات لتعلم تصرفات معينة وبالتالي السماح للكمبيوترات بالتعرف على الأنماط وتعلم «تصرفات» جديدة من دون برمجتها.
الذكاء الإصطناعي ساعد على ملاءمة المضمون بشكل أفضل مع الجمهور. والخوارزميات التي تستند على شبكات محايدة تتعلم تصنيف تفضيلات كل مستخدم، من الافلام التي يشاهدها على قناة ما ، الى الموسيقى التي يستمع اليها على تطبيق محدد، والبضائع التي يقوم بشرائها اون لاين. وبالتالي يمكن منح المستخدم توصيات مفصلة تماماً على مقاسه.
الذكاء الإصطناعي يساعد أيضاً في عملية الإنتاج خصوصاً في المهام التي يصعب على البشر القيام بها. في مجال الإعلانات، يتم إستخدمه من تأطير محادثات مواقع التواصل من أجل فهم مشاعر الزبائن تجاه منتج ما تنتجه الشركة ومن أجل تتبع الإعلانات الاحتيالية. خدمات مثل «أمبر» و«جوك ديك» تقوم بتأليف الموسيقى بمساعدة الذكاء الإصطناعي وبالتالي تسمح للذين يقومون بخلق المضمون من إستخدام الموسيقى في الفيديوهات والبودكاست بتكلفة منخفضة.
الإعلام يستخدم الذكاء الإصطناعي أيضاً، وكالة الأسوشيتد برس تستخدم الذكاء الإصطناعي من أجل توفير الوقت على العاملين لديها، وفي الواقع تمكنت الوكالة من خلال الذكاء الإصطناعي من توفير ٢٠٪ من الوقت على المراسلين وفي الوقت عينه زيادة الانتاجية ١٠ أضعاف. الواشنطن بوست قامت بتطوير أداتها الخاصة، هيلوغراف، من أجل تغطية الاحداث الرياضية والسياسية. في عامها الاول قامت هذه الاداة بانتاج ٧٠ مقالاً شهرياً.
الذكاء الإصطناعي بدأ أيضاً بخلق المضمون الأصلي والمميز. التنفيذ بدأ في مختلف الصناعات الابداعية، في الموسيقى، الذكاء الإصطناعي تمكن من إصدار أصوات موسيقية لم يسمعها البشر من قبل. كما تم تعليم الذكاء الإصطناعي رسم لوحات للحيوانات والأشكال وحتى انه قام برسم لوحة نقلاً عن صورة فوتوغرافية. في عالم الموضة الذكاء الإصطناعي قام برسم التصاميم وفي السينما قام بكتابة النصوص مع تعليمات للممثلين لفيلم خيال علمي.
في المقابل الواقع الإفتراضي والمعزز ما زالا يحتاجان الوقت كي يصبحا اكثر رواجاً ولكن الخبراء يؤكدون ان العمل مع هذين الواقعين خلال السنوات القادمة سيبدلان كل القناعات الراسخة منذ عقود والتي تتعلق بالصناعات الإبداعية. الواقع الافتراضي والمعزز سيصبحان «المغلف» الذي يحتوي في داخله على كل المضمون.
البلوك تشين في المقابل سيبدل معدل السيطرة التي يملكها المبدعون على أعمالهم. التقنية هذه يمكنها ان تسمح للفنان برمجة حقوقه الفكرية، العائدات والارباح من خلال عقود ذكية فيها الكثير من الشفافية. ومع إزالة «الوسطاء» بين الفنان والجمهور، البلوك تشين سيحل المشكلة الاساسية التي تتعلق بالمال، وبالتالي سيتقاضى الفنان ما يستحقه تماماً بالإستناد على معدل «الإستهلاك» بالضبط ما سيزيل كل التعقيدات في عملية الدفع.
الإقتصاد الإبداعي وإقتصاد المنصات يتقاربان
في الوقت الذي تؤثر فيه التقنيات الجديدة بشكل مختلف على آلية إنتاج وإستهلاك المضمون الا انه يتم استخدامها في بيئة ديناميكية. الناشرون استخدموا التكنولوجيا من اجل العثور على جمهور اكبر لمضمونهم ولكنهم يملكون سيطرة محدودة على الالية التي يتم من خلالها إكتشاف هذا المضمون. المنصات التكنولوجية هي المصدر الاساسي للناشرين الالكترونين، خصوصاً وأن فيسبوك وغوغل مسؤولان عن ٧٠٪ من عدد الزيارات لاي مضمون كان. هذه العلاقة تؤثر على العناصر التحريرية ( أي نوع من المضمون يتم رؤيته ولماذا)، وعلى العناصر المالية (من أين تأتي الارباح؟)
لناحية المضمون التكنولوجيا مسؤولة بشكل متعمد أو غير متعمد، على نوعية المضمون الذي ينتشر. الشركات توفر المحفزات المالية والنصائح من اجل خلق مضمون يتناسب مع طبيعة المنصات الإلكترونية. قد لا يكون المضمون هذا الافضل ولكنه مصمم كي ينتشر وبسرعة.
بعض خوارزميات الذكاء الإصطناعي تضمن بأن بعض الصيغ تعطى أولوية عند قيام الزبون بعملية بحث أو تظهرها في النيوز فيد على حسابه. فيسبوك وغوغل مثلاً، طورا تقنية تقلل من وقت التحميل للمضمون، ولكن التقنية هذه يجب ان تتناسب مع معايرها. وبالتالي فان المنصات هذه تمارس تقييم المضمون بالإستناد على معاييرها الخاصة للمضمون والتصميم.
الفوائد المادية لهذه العلاقة لا يستفيد منها بشكل مباشر اصحاب المضمون او الناشرين. ٥ شركات تستحوذ على ٨٠٪ من عائدات الاعلانات عبر الهواتف الهواتف، و٩٠٪ من النمو في الارباح يذهب حصرياً لغوغل وفيسبوك.
غوغل يحصل على ٣٥٪، فيسبوك ٢٣٪، علي بابا ١١،٦٪، بيدو ٤،٨٪، تن سنت ٣،٥٪ وشركات اخرى حول العالم ٢١،٦٪.
من غير المعلومات ما إن كانت هذه العلاقة بين الناشرين والمنصات ستستمر، ولكن هناك بوادر تدل على تغييرات من نوع ما تحدث خصوصاً في مجال المضمون السيء أو الذي يلحق الضرر. الذكاء الإصطناعي يفتقد الإرادة الواعية وبالتالي لا يمكنه تفسير النتيجة فهو يعتمد وبشكل كبير على البيانات التي يستلمها وعلى الخوارزميات المستخدمات. الأمر هذا قد يبدو سخيفاً ولا أهمية له حين يتعلق الأمر بالموسيقى أو الفن. ولكن حين تقرر الآلات أي مواد تظهر امام العامة وبالتالي تملك كل هذه القوة على تشكيل الرأي العام فإن المخاطر أكبر.
كيف يؤثر انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي على مهام المدير التنفيذي؟
المصدر: ١