احذر هوس الإبداع.. هكذا تدمر كثرة الأفكار نجاح شركتك
هناك هوس بالأفكار.. الشركات وخصوصاً في عالمنا العربي لا «تشبع» من الأفكار. هناك دائماً مطالبة بالمزيد منها، القسم هذا مطلوب منه تقديم مجموعة من الافكار حول هذه الجزئية أو تلك.. والقسم ذاك مطلوب منه أفكار تتعلق بجزئيات أخرى مختلفة، وفي نهاية اليوم يكون هناك لوائح طويلة من الأفكار التي -وبشكل عام- لا تجد طريقها الى التنفيذ. كثرة الأفكار تؤدي إلى حالة من الشلل، بحيث إما لا إمكانية لاتخاذ القرار المناسب واختيار الأنسب أو الافضل منها، أو حيث لا يتم تنفيذ أي منها لقلة الموارد أو لعدم توفر الوقت.
الرجل الثاني.. سلاح أي مدير تنفيذي لمواجهة المشاكل وتحقيق النجاح المنشود
متى تتحول الأفكار الكثيرة إلى عدو؟
تعلم آلية التنفيذ بفعالية قد يعني الفارق بين شركة تقدر قيمتها بين 100 ألف دولار وبين شركة تقدر قيمتها بـ10 ملايين.
بالنسبة للشركات الحديثة الأفكار الجديدة هي شريان حيوي ضروري من أجل وجودها واستمراريتها. الأفكار الجديدة توفر الابتكار، النمو، العائدات والأسواق الجديدة. ولكن حين تسير هذه الشركات على الطريق الصحيح أو حين نتحدث عن شركات غير حديثة فإن الأهمية كلها تتمحور حول التنفيذ وليس الأفكار.
التفكير الإبداعي مطلوب ولكن عندما «تنضج» الشركة أو حين تكون الشركة ناضجة ولها خبرتها فإن الأفكار بشكل أو بآخر يجب أن تركز على مجال محدد بأهداف محددة. مثلا مضاعفة الارباح، زيادة نسبة عدد الزوار الى المواقع وهنا يجب عدم إضاعة الوقت بأفكار لا تتمحور ولا تتعلق بهذه الأهداف. في هذه المرحلة الأفكار تصبح عدو الأهداف.
الشركات يمكنها أن تصل إلى طاقتها القصوى عندما يكون كل العاملين فيها يسعون من أجل تحقيق الهدف نفسه، وليس عندما يتم «شد» فرق العمل باتجاهات مختلفة من خلال إغراء الافكار اللامعة والجديدة والبراقة.
كيف يؤثر انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي على مهام المدير التنفيذي؟
ما الذي عليك فعله بالفائض من الأفكار؟
قد يكون هناك الكثير من الأفكار، ولكن في المقابل قد يكون هناك الكثير من المبررات الموضوعية وغير الموضوعية التي تمنعك من القيام بأي شيء حيالها، فقد لا تملك الوقت، أو قد لا تملك الموارد المالية أو البشرية من أجل تطبيقها كاملة أو حتى تطبيق الغالبية الساحقة منها. ولكن إن كان الغاية هب التفوق على المنافسين فعلى كل شركة أن تبدأ بالتفكير بشكل مختلف. هنا ربما يجب اعتماد مقاربة مختلفة تمكنك من عدم «تجاهل» كل الأفكار المطروحة.
تقييم الأفكار وفق مبدأ منهجي
الشركات تحتاج إلى مقاربة منهجية نظامية من أجل تقييم الأفكار. الأفكار المقدمة يجب أن يتم تقييمها من الأفضل إلى الأسوأ، ثم يصار تقييمها وفق أهميتها للشركة والأهداف التي تخدمها.
على الشركات أن تمنح هذه الجزئية التي تستحقها من خلال ابتكار مقاربات معينة تتناسب مع طبيعة الشركة يتم من خلالها تقييم الأفكار وعلاقتها بالأهداف، ثم وبشكل تلقائي يتم اختيار تلك التي تحتاج إليها الشركة.
استخدام قاعدة 20/ 80 عند التنفيذ
هذه القاعدة تقول إن 20% من الجهود تؤدي إلى 80% من النتائج، أي مثلاً تمارس التمارين الرياضية بشكل دوري، تمارين عالية الكثافة هي التي ستجعلك تحقق هدفك في خسارة الوزن أي أن 20% من مجمل التمارين والجهود التي تضعها فيها هي التي ستمنحك 80% من النتيجة التي تسعى اليها.
لذلك وبعد اختيار الأفكار التي تناسبك وتناسب الشركة، ولو افترضنا أنك حالياً تملك 50 فكرة محتملة قابلة للتطبيق، فإنه وفق هذه القاعدة 10 منها ستؤدي إلى 80% من النتائج التي تأمل ان تحصل عليها منها جميعها.
الأفكار الإبداعية لا قيمة لها «منفردة»
غالبية الشركات ليست مبتكرة ليس لأنها تفتقر إلى الموظفين الذين يمكنهم الخروج بأفكار مبدعة، ولكن لأن هذه الأفكار تفرض تحديات عديدة تمنع إنجازها بشكل فعال. وعليه الأفكار الإبداعية «منفردة» لا قيمة لها للأعمال، ما هو هام هو قدرة الشركة على تنفيذ الأفكار، والتي كلما كانت خارجة عن المألوف كان تطبيقها أكثر صعوبة.
الأفكار لا تطبق نفسها بنفسها، وعليه إن كانت الشركة تعتمد على العصف الذهني بشكل متكرر، وتملك لائحة طويلة جدا بالأفكار، ولم تحاول تنفيذ أي منها فهي ستبقى كذلك حبر على ورق. ولكن الأهم في هذه الجزئية هو أنه حين يكون هناك فائض من الأفكار والشركة تريد فعلياً الانطلاق والبدء بتنفيذ بعض منها ولا تعرف من أين تبدأ، فإن الافضل هو التركيز على الأفكار الأكثر بساطة بداية الأمر، لأن هذه الافكار يسهل تنفيذها، ولاحقاً يمكن ووفق النصائح أعلاه الانطلاق لتنفيذ الأفكار الأكثر تعقيداً.
التحكم بالتشتت الذي يفرضه فائض الأفكار
الفائض من الأفكار يمكنه وبكل سهولة أن يتحول على عنصر من عناصر الإلهاء. الذين يملكون القدرة على الخروج بالأفكار يستطيعون تقديم عشرات الاقتراحات للشركة خلال فترة زمنية قصيرة. ولكن التقدم والتطور داخل المؤسسة لا يمكنه أن يبنى على عشوائية الأفكار التي تأتي من هنا وهناك، التقدم يقوم على الروتين والنظام.. وكلاهما يصبحان أمام خطر محدق حين تكون الشركة غارقة في فائض من الأفكار. الأفكار الجديدة قيمة للغاية، ولكن كثرتها ستصيب الشركة بالشلل، وتمنع الشركة من تحديد أي منها تستحق الاهتمام والتركيز وتخصيص الموارد لها.
علماء النفس يؤكدون أن الإنسان وعندما يكون أمام مجموعة كبيرة من الخيارات، فإن النتيجة هي وبشكل دائم هي عدم الرضا والندم. فالشخص سيشكك بصواب القرار، وسيستمر بالتساؤل ما إن كان قد اختار الأفكار المناسبة، وسيبقى ولوقت طويل يتخيل السيناريوهات التي كانت ستحدث لو اختار فكرة مختلفة عن تلك التي اختارها.