هل هناك طريقة مثالية لتحضير نفسك وشركتك لتقاعد موظف له قيمته؟
يروي لنا الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات حكايته مع تقاعد موظف له ثقله ووزنه وقيمته في الشركة. كبير المهندسين الذي يدير القسم منذ أكثر من ٢٠ عاماً والذي طوال سنوات عمله كان يقدم عملاً يقارب المثالية يقترب من سن التقاعد. الرئيس التنفيذي يدرك بأنه بين يوم وآخر سيقرر بأنه حان وقت الرحيل، والخوف كله يتمحور حول «رحيل» كل المعلومات والخبرة التي يملكها معه. خلال الفترة الأخيرة حاول المدير أن يجعل كبير المهندسين يقوم بتوثيق ما يعرفه من أجل تمرير المعلومات لمن سيحل مكانه ولكنه كان يجد مقاومة من قبله.
وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، فكيف يمكنه جعل كبير المهندسين ينخرط في هذه الخطة من دون أن يشعر وكأن الشركة تريد التخلص منه؟ فهو لغاية الآن لم يقرر التقاعد ولم يبلغ الشركة ذلك ولكن الكل يعرف أن الامر مسألة وقت لا أكثر.
المشكلة التي يواجهها المدير هذا تواجه الغالبية الساحقة من الشركات التي تجد نفسها تعاني من فراغ كبير بعد تقاعد أي موظف له قيمته، بغض النظر عما إن كان هذا الموظف يدير قسماً ما أو يعمل في وظيفة «عادية». الخبرة والمعرفة التي يملكها موظف عمل حتى سن التقاعد لا يجب أن ترحل معه مهما كان الظروف.
ولكن في المقابل هناك الجزئية الحساسة جداً من الموضوع والتي تتعلق بواقع أنه وبشكل دائم هناك مقاومة حين يطلب من الشخص هذا أو ذاك تمرير المعلومات التي يملكها، خصوصاً وإن كان الموظف لم يبلغ الشركة أنه يريد التقاعد أو لأنه وبكل بساطة لا يريد تمرير تلك المعلومات.
فلنحلل الموقف أعلاه ونكتشف الخطأ الذي إرتكبه الرئيس التنفيذي والذي جعله يلمس مقاومة من كبير المهندسين في شركته كي نتعلم نحن بدورنا طريقة تحضير الشركة لتقاعد موظف يعرف كل صغيرة وكبيرة وكل الخفايا المرتبطة بالعمل.
المدير التنفيذي في الموقف أعلاه طلب من كبير المهندسين تمرير معلومات. وهذا هو أساس المشكلة.
الإجابة على السؤال الذي كان يؤرقه لا يرتبط بتغيير الإستراتيجية التي إعتمدها بل بالمقاربة وآلية تقديم الطلب. فعوض الطلب منه توثيق خبرته ومعرفته، على المدير التنفيذي ان يقوم بخلق الفرص التي تجعله يشارك خبرته مع الاخرين.
السر كله يكمن في المقاربة «اللطيفة» المراعية وغير المباشرة والتي يمكن تحقيقها من خلال الإستراتيجيات التالية.
جعله يشرف على المرشحين المحتملين: الإنسان بطبيعته يميل الى مشاركة ما يملكه من معلومات حين يكون في موقع «الإشراف» على الآخرين. أي بتعبير آخر حين تجعله في موقف يختبر فيه بأنه يملك «سلطة» من نوع ما على القادمين الجدد أو المرشحين فهو سيكون أكثر ميلاً لتعليم هؤلاء. هو سيكون المشرف عليهم وبالتالي ما تم فعله هنا هو تحميله مسؤولية «تثقيف» هؤلاء.
جعله ينخرط في عمليات مختلفة: من المقاربات الناجحة جعله ينخرط على أكثر من مستوى ومجال في الشركة في عمليات ومشاريع مختلفة. السبب الذي يجب تقديمه له هو أنه أكبر سناً واكثر دراية من غيره، هذا السبب يظهر له بأن الشركة تحترم رأيه وخبراته ولذلك تم تكليفه بالإشراف أو بالانخراط في عدد مختلف ومتنوع من المشاريع أو من المهام. هنا أنت توفر له فرصة لأن يكون صوته مسموعاً، وهذا ما سيسعده ويجعله ينخرط وبكل حماسة في المشاريع. وهذا ما تريده أنت بالضبط، ان يكون صوته مسموعاً لان الشركة تحتاج أن تستمع الفرق الاخرى لما سيقوله.
مشاريع تتطلب جهود مشتركة: بعض المشاريع والمهام تتطلب تعاوناً بين مختلف الأقسام في الشركة وبين مختلف المجموعات. هذه النوعية من المشاريع عادة منهكة وتتطلب قدرات خرافية في التنظيم وطبعاً الخبرة. الغاية من جعله ينخرط في هكذا مشاريع هو جعل الاخرين يمضون أكبر وقت برفقته.
اطلب مساعدته في تحضير مواد تدريبية: ليس بالضرورة أن تكون حجة وهمية، بل يمكن تحويل هذا الامر الى مشروعك الخاص الجديد. الشركات بشكل عام تتجاهل هذه الجزئية وتعتمد على موارد خارجية من أجل تعليم الموظفين الجدد أو تدريب الموظفين في الشركة رغم أنها في مجالات معينة تملك كل ما تحتاج اليه داخل الشركة. هنا يمكن الطلب منه مساعدة الشركة في التحضير لهذه الخطوة، من خلال تزويدكم بفيديوهات ومقالات وأي نوع آخر من المواد التي يمكن إستخدامها كمادة تعليمية. ما تقوم به هنا هو إرضاء غروره وجعله يشعر بأن كل ما يعرفه له قيمته لدرجة أن الشركة تريد تحويل المعلومات الخاصة به الى مادة تعليمية.
وفر له خيارات لمرحلة بعد التقاعد: النقطة هذه حساسة خصوصاً في حال لم يكن قد أعلن بشكل صريح أنه ينوي التقاعد ولكن في حال كان قد أعلن ذلك فالأمر بسيط جداً لانه يمكن عرض الفكرة بشكل مباشر. الفكرة هنا هي توفير فرص العمل بدوام جزئي أو بساعات عمل مرنة للغاية يكون دوره فيها الإشراف والتعليم بين حين واخر أو تزويد الشركة برأيه أو بتقييمه لمهام معينة. أي أنه وبعد التقاعد سيكون له مكانه المحفوظ الذي يمكنه من العودة بين حين واخر وإبداء الرأي أو تقديم النصائح حول مشروع ما أو مهمة ما. بهذه الطريقة الشركة تستفيد ولوقت طويل جداً من خبراته حتى بعد التقاعد.
المصدر: ١