سر النجاح في عالم المبيعات الرقمية.. اللمسة البشرية
نشر مدير تنفيذي لإحدى الشركات الصناعية الضخمة مؤخراً سؤاله هذا « القوة العاملة في مجال المبيعات وجهاً لوجه في الشركة يظنون بأن كل شيء يجب أن يبقى على حاله، فهم لسنوات أداروا وبنجاح علاقات المبيعات الإستشارية إستناداً الى هذا المبدأ وهم يظنون بأنهم عليهم الإستمرار بهذه الطريقة. في المقابل، قسم المبيعات الرقمية يظن بأن كل شيء يجب أن يتحول الى رقمي لان النمو يتمركز هناك. فمن على حق»؟ سؤال منطقي في عالم ينقسم بين الواقع والإفتراضي.الإجابة وفق شركة الإستشارات الإدارية العالمية ماكنزي هي أن كلاهما على حق.
الحقائق الموجودة على أرض الواقع تصعب مهمة القادة في مجال المبيعات فهم ما يحتاجون اليه بالضبط خصوصاً حين يكون هناك تناقضات في وجهات النظر حيث طرف يريد دفع الشركة بإتجاه البشر والاخر بإتجاه رقمي.
مما لا شك فيه أن ما هو رقمي هو المجال الذي على الشركات الإستثمار فيه ولكن هناك حدود لهذا الإستثمار. في إستطلاع حديث للرأي أجرته ماكينزي تبين بأن هناك واقع دقيق يجب مراعاته وهو ان الزبون يريد ما هو رقمي مع ما هو بشري.
ورغم صعوبة دمج الأمرين في عملية المبيعات ولكن بعض الشركات تمكنت من تحقيق ذلك والنتيجة كانت إيرادات هي ٥ أضعاف، وأرباح هي ٨ أضعاف من الشركات التي لا تدمج بين الامرين.
والسؤال المطروح هنا، إن كان الدمج يؤدي الى كل هذه النتائج الإيجابية فلماذا لا يتم تطبيقه من جميع الشركات؟ الإجابة بسيطة وهي انه لا يوجد معادلة واحدة تنطبق على الجميع، فكل شركة عليها ان تفصل مقاربة على مقاسها بحيث تتناسب مع نوعية منتجاتها وخدماتها ومع طبيعة زبائنها. ولكن هذا لا يعني ان المقاربة يجب أن تكون عشوائية قائمة على التجربة والخطأ.. لان المقاربة هذه تعني الخسائر الكبيرة ولكن ما يجب القيام به هو إعتماد طريقة منهجية يتم من خلالها إيجاد التوازن البشري - الرقمي الأمثل.
الامر لا يتعلق بمن بل بمتى
كما سبق وذكرنا الغالبية تريد من الشركات ان تدمج بين ما هو رقمي وبشري. وهذا التفصيل يرتبط وبشكل أساسي بمراحل رحلة الشراء. عندما يقوم الزبون بعملية بحث عن منتج جديد أو خدمة جديدة، ٢ /٣ من الذين يفضلون ما هو رقمي يريدون تفاعلاً بشرياً. وعندما يصبح الزبون في مرحلة التقييم والاخذ بالحسبان ما إن كان بالفعل يريد الشراء عادة يتم اللجوء الى تطبيقات المقارنة أو أي أداة رقمية تساعدهم على الحصول على ما يحتاجون لمعرفته.. ولكن هذه المرحلة يجب أن تكون مدعومة بقوة بشرية تملك مهارات البيع.
بعد الشراء وخصوصاً في مجالات الخدمات التي تحتاج الى إعادة تجديد، أو إقناع الزبون بشراء منتج أو خدمة إضافة عادة تكون اعلى ثمناً من تلك إشتراها، أو إقناع الزبون بشراء منتجات لها علاقة بما قام بشرائه، فإن ٨٥٪ تفضل أن يتم ذلك من خلال ما هو رقمي وليس ما هو بشري. ولكن الشركات ما تزال تعتمد على المندوبين وعلى الذين يعملون في قسم المبيعات من اجل المحافظة على الزبائن وإخلاصهم للماركة وحتى إكتشاف زبائن جدد.. والشركات محقة تماماً في توجهها هذا لان هذه المرحلة تحتاج الى العنصر البشري.
العنصر الاساسي هنا الذي يجب التعامل معه هو ان السياق له أهميته الكبرى اكثر من نوعية الزبون ونوعية المنتج. الشركات التي تعتمد على كل ما هو رقمي في عملية البيع منذ البداية الى النهاية يمكنها ان تضاعف مبيعاتها بإضافة العنصر البشري الى بداية مرحلة البيع. اما الشركات التي ما تزال تعتمد وبشكل كبير على العنصر البشري يمكنها الإستماع الى الزبون الذي يقول لها وبشكل واضح انه لا يريد هذه التجربة حيث تقوم الشركة «بملاحقة» الزبون بعد عملية البيع.
لماذا لا تطبع دولتك المزيد من الأموال لدحر الفقر وصناعة الأغنياء؟
ما الذي يريده الزبون؟
الزبون يريد تجربة رقمية رائعة وتجربة إنسانية رائعة أيضاً. عند طرح سؤال «ما الذي يزعجكم بشكل كبير»، فإن الإجابة كانت « الكثير من التواصل».
الخدعة هي بفهم متى وأين يريد الزبون التجربة البشرية، فقد تكون التجربة التي يريدها هي من اجل المتابعة مع الشركة من خلال محادثة الفيديو، أو الرد وبسرعة على إستفسارات الزبائن .
الشركات أيضاً عليها الإستثمار في المجال الرقمي من خلال التركيز على امرين. الامر الاولهو معرفة أين تكون التكنولوجيا هامة للزبون والتي هي عادة في المجالات التي تسرع عملية الشراء وإعادة الشراء، خدمات الزبائن الفعالة أونلاين، وتوفير الاسعار. في المقابل المجال الرقمي يمكنه أن يمكن البشر من القيام بعمل أفضل من خلال التفاعل مع الزبائن حين يكون هناك الحاجة للمسة البشرية.
وبما أن الغالبية ما تزال تريد اللمسة البشرية فإن على الشركات ان توفرها خلال عملية المبيعات، من خلال توفير طرق مختلفة تتضمن موارد بشرية ورقمية متوفرة في كل خطوة من خطوات عملية الشراء ولكن بدرجات متفاوتة. التحدي هو ضمان عملية إنتقال سلسلة بين مرحلة واخرى بحيث لا يشعر الزبون بانه يكرر نفسه أو يشعر بالإحباط من التأخير.
العناصر الأساسية في «الخلطة السرية» التي تدمج بين ما هو بشري ورقمي هي، السرعة، الشفافية، والخبرات.
السرعة: أي عملية تتجاوز الـ ٢٤ ساعة يعني انها تأخرت. الخبرات يجب أن تكون متوفرة طوال الوقت فهناك حاجة للتواجد البشري للإجابة عن أسئلة الزبائن وجهاً لوجه بالإضافة الى الادوات الرقمية الضرورية للتواصل مع الزبائن.
الشفافية: الزبون يريد الشفافية. يريد ان يعرف من خلال إلقاء نظرة واحدة الفارق بين ما يملكه اليوم وبين ما قد يملكه غداً كما انهم يريدون ان يعرفوا التكلفة كاملة.
اللمسة الرقمية لدعم الخبراء: الدعم التقني يجب أن يكون حاضراً من اجل جعل اصحاب الخبرات يملكون كل ما يحتاجون اليه من اجل جذب الزبون والمحافظة عليه وحثه على الشراء مرة تلو الاخرى.
المصدر: ١