لا ترفض قبل أن تسمعنا.. «التلعيب» حقاً مفيد لشركتك
لنتخيل الموقف التالي.. سأقوم غداً بالتوجه الى مديري حاملة معي فكرة ليست بجديدة على الإطلاق إذ انها لطالما تم تطبيقها في الجيوش ولكن مؤخراً «عامة الشعب» بدأ بإعتمادها. سأبلغ مديري بأنه علينا أن نبدأ بتطبيق مبادئ تشبه مبادئ ألعاب الفيديو في الشركة من أجل جذب المواهب الجديدة ومن اجل تحسين الإنتاجية وزيادة نسبة التعلم. على الأرجح سيقوم بطردي من مكتبه فوراً وربما قد أصبح على اللائحة السوداء للموظفين الذي يخرجون بأفكار جنونية لا علاقة لها بالواقع.
مديري ليس الوحيد الذي يظن كذلك، فالغالبية الساحقة من المديرين حول العالم ما زالوا يرفضون مبدأ التلعيب لان هناك سوء فهم كبير حول هذه المقاربة. فيكفي ان يسمع أي مدير كلمة ألعاب حتى يرفض الفكرة تماماً.
وقبل أن تقوم أنت أيضاً بإغلاق النافذة هذه وإعتبار الفكرة جنونية إستمع إلينا أولاً ثم قرر.
فلنوضح أولاً ماهية التلعيب قبل أن نفقد إهتمامك بشكل كلي.
من ناحية المبدأ، التلعيب يستخدم نظرية، وتقنيات وتصميم الألعاب من اجل جعل الموظفين أو البشر بشكل عام يصبحون أكثر تحفزاً من اجل تحقيق الأهداف.
هو مسار دمج ميكانيكا الألعاب مع شيء موجود على أرض الواقع والغاية منه التحفيز، الانخراط والاخلاص. أي انه وضع عناصر الالعاب ضمن بيئات لا علاقة لها بالألعاب لجعلها ممتعة اكثر. وهي تستخدم المنافسة، النقاط، والانجازات وقواعد اللعب، والمرتبة والتعبير عن الذات من اجل التشجيع على الأفعال من خلال التقييمات الإيجابية.
التلعيب يستخدم منذ سنوات في النظام التعليمي وأنت على الارجح تعرفه وبشكل كبير من خلال تطبيقات أو المواقع أو حتى الالعاب الخاصة بأطفالك والتي تعلمهم الحروف والارقام من خلال الألعاب.
التلعيب في العمل
هو تطبيق لعناصر اللعبة وآليات عملها في مجالات كالتسويق والتوظيف والإعلام وغيرها. هي تسعى للإستفادة من الرغبات التي يملكها كل البشر وهي التعلم والتفوق والمنافسة والشعور بانهم انجزوا شيئاً ما وطبعاً التعبير عن الذات.
عناصر التعليب تسمى كما قلنا ميكانيكا الالعاب وعندما يتم تطبيقها بشكل صحيح فهي تحفز العامل وتجعله اكثر انخراطاً في محيطه.
هناك تقنيات تستخدم من اجل الحث على تحقيق الهدف الذي يسعى اليه الشخص.
-التقييم السريع.
-الشفافية.
الأهداف.
الشارات.
الإرتقاء بالمستوى.
الانخراط.
المنافسة.
التعاون.
النقاط.
وتجدر الإشارة هنا الى أن التلعيب ليس خلق ألعاب من اجل تطبيقات الاعمال بل هو تعزيز تأثير تجربة موجودة أصلاً في مكان العمل من خلال وضع تقنيات تحفيز التي تجعل اللعبة أكثر مرحاً وتمكن العاملين من الانخراط فيها.
التلعيب في مجال مجال الاعمال والتسويق
التلعيب كنظام هو لإشراك الجمهور في عملية من اجل تغيير سلوكيات معينة أو إعادة توجيه إهتماماته أو تعليمه مهارات جديدة قائمة على التقدم التدريجي كالجوائز التي تحفزه للمضي قدماً. وهذا يؤدي الى تقوية العلاقة بين العميل والشركة. المبادئ هذه ساهمت في زيادة الأرباح وهذا ما جعل التلعيب يكسب شعبية كبيرة . التلعيب ومنذ سنوات جزء من إستراتيجيات عدد كبير من الشركات التجارية الكبرى ومن اجل تعزيز ولاء العملاء ومن اجل جذب زبائن جدد كما انه يستخدم في تقينات تطوير العمليات التجارية. شركة بنش بال التي تأسست بدعم من أدوبي في العام ٢٠٠٧ كانت من أوائل الشركات التي طبقت مبدأ التلعيب وجعلته خدمة تقدم لعملاء الشركة ولاحقاً إنتشر هذا المبدأ وباتت الشركات تعمل وفقه.
لتقريب الصورة.. تطبيق «دودج بال» كان تطبيقاً يقوم على فكرة بسيطة. تزور مكان فتسجل دخولك اليه فيظهر على خريطة خاصة بالتطبيق تمكنك من رؤية معارفك المتواجدين هناك والذين سجلوا دخولهم. الفكرة هنا هي انك في حال دخلت الى التطبيق ولم تجد أي شخص قد شارك موقعه فانت لن تقوم بذلك أيضاً ولكن مبدأ المشاركة هو الذي جعله يشتهر. لاحقاً غوغل اشترت التطبيق وطورت تطبيقاً جديداً يقوم على الفكرة نفسها هو فور سكوير ولكنها أضافت إليه فلسفة التلعيب وذلك لحث المستخدمين على تسجيل الدخول من خلال نظام النقاط وفي النهاية حصول من يملك اعلى النقاط على جائزة وحتى انه قد يصبح «عمدة» المكان.
مديري العزيز إن طلبت إجازة الصحة العقلية هل ستوافق على طلبي؟
التلعيب و العملاء
الأمر بسيط، كل شخص تنافسي، سواء اعترف بذلك ام لا يعترف وبطبيعة الحال لا احد يحب الخسارة. حين يكون الإطار التنافسي «خفيف» فإن الشخص يسير فيه حتى النهاية ولكن حين يكون «ثقيلاً» وبتقليديته فإن الانتاجية ستتراجع والتنافس سيتلاشى. ابرز مثال على ذلك سامسونغ والتي أنشأت سامسونغ نايشن وهي منصة تكافئ المستخدمين من خلال الشارات في كل مرة يتجاوزون فيها مراحل مختلفة ويحققون الانجازات المطلوبة منهم. الشارات تمنح للمستخدمين الذي يقومون بخلق المحتوى، مشاهدة الفيديوهات، ويقومون بتقييم المنتجات الخاصة بها.
التلعيب وزيادة الانتاجية
مبدأ التلعيب لطالما طبق في عدد كبير من الشركات قديماً ولكنها فقط لم تكن تطلق عليه اسم التلعيب. المنافسات الرياضية أو اي منافسات كانت تقيمها الشركات من اجل موظفيها كانت الغاية منها رفع المعنويات وجعل الموظفين يبتعدون عن ضغوطات العمل وبالتالي زيادة الانتاجية. المبدأ نفسه يمكن تطبيقه في مكان العمل من خلال بناء الاطار العام للعمل على مبدأ يشبه التلعيب. اي منح الموظف النقاط والشارات والمكافآت في كل مرة يتجاوز فهيا مرحلة معينة أي يحقق الهدف.
التلعيب في عملية التوظيف
التلعيب في عملية التوظيف يساعد على إختبار المهارات المعينة التي يملكها المرشح، يوفر الوقت، ويحول عملية التوظيف لك وللمرشح من موقف حافل بالتوتر الى اخر اقل توتراً كما انه يجعلك تسير جنباً الى جنب مع المنافسين. المقابلة التقليدية قد تمنحك لمحة عن الإبداع الذي يملكه المرشح ولكن التلعيب يمكنه ان يعطيك أمثلة حية. مثلاً تبحث عن شخص يملك مهارة في ادارة الوقت، حينها يمكنك ان تخرج بلعبة تختبر الشخص في هذا المجال، اي الطلب منه حل مشكلة ما بينما يدور من حوله جميع انواع الملهيات.
او يمكنك إستخدام تطبيقات ألعاب متوفرة تختبر الذاكرة، ان كنت تحتاج الى موظف يملك القدرة على التذكر او تطبيقات تعرض مشاكل معقدة تحتاج الى حل في إطار الألغاز. الأفكار هنا لا تعد ولا تحصى وكلها تعود بالفائدة على الشركة.