كيف تؤثر ثقافة «العمل من أي مكان» إيجابيا على نمو اعمالك؟ (إنفوجراف)
في السنوات الأخيرة بدأت الشركات تتبع سياسة جديدة من أجل محاولة النهوض بسير العمل ونمو أرباحه عن طريق منح الموظفين المزيد من المرونة والخروج على الطابع التقليدي والصورة الذهنية للموظفين داخل الشركات وذلك من خلال ابتكار ثقافة اقتصادية جديدة اجتاحت عالم الأعمال تسمى "العمل من أي مكان" .
وبالحديث عن تلك الثقافة نجد أن الموظفين لهم مجالات واَفاق مفتوحة للعمل من أي مكان داخل أو خارج الشركة مع التحرر من الالتزام بمواعيد التواجد داخل الشركة وإلغاء مواعيد الحضور والانصراف وما يترتب عليه من خصومات وجزاءات تقلل من همم الموظفين وولائهم وإخلاصهم للعمل .
ولعل التجربة الإماراتية في تطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" بشكل كبير داخل الكثير من المجالات ونمو قطاع الأعمال بسرعة كبيرة داخل الدولة وإشادة ثلاثة أرباع الموظفين العاملين بتلك الطريقة بمزاياها من حيث المرونة والراحة وزيادة الطاقة الإنتاجية لهم جعلت الكثير من أصحاب الشركات يتجهون لتطبيق ثقافة ومفهوم "العمل من أي مكان" في محاولة لزيادة أربحاهم ودفع مؤشر الأعمال إلى الصعود نحو القمة .
والحقيقة أن ثقافة "العمل من أي مكان" لها تأثير إيجابي جداً ومبهر ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب بل في دول العالم المختلفة ففي دراسة استقصائية أجريت مؤخراً على 25،000 موظف في 12 بلداً مختلفاً أفاد 98% من الموظفين الذين شملتهم الدراسة بأن ثقافة "العمل من أي مكان" لها الكثير من التأثيرات الإيجابية على الطاقة الانتاجية للموظفين والشركات .
كما رأت الدراسة أن عام 2020 سوف يشهد تحول 70% من الشركات في مختلف قطاعات الأعمال إلى اعتناق ثقافة "العمل عن بعد" بسبب مزاياها الاقتصادية والإنتاجية على الشركات وجعل الأمور أكثر راحة بالنسبة لأصحاب الأعمال والموظفين .
وعلى الرغم من تعدد الفوائد والمزايا التي تجلبها تطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" للشركات والكيانات الاقتصادية إلا أن هناك 6 فوائد أساسية لتلك الثقافة سوف تتعرف عليها من خلال التقرير التالي .
1- الرضا الوظيفي
وهي حالة الاقتناع والراحة والشعور بالرضا التي تشعر الموظف بالراحة النفسية أثناء أداء مهامه العملية والوظيفية وهو الأمر الذي يرفع من معدل طاقته الانتاجية ويحسن من أدائه العام أثناء ساعات العمل .
ولقد كشفت دراسة استقصائية أجريت في عام 2017 أن 38٪ من العاملين في الولايات المتحدة الذين يسمح لهم بالعمل من المنزل يوم واحد على الأقل في الأسبوع يشعرون بالراحة والرضا الوظيفي بدرجة أعلى بالمقارنة بالموظفين الذين يعملون داخل مقر الشركة بشكل دائم .
ولعل الأمر الأكثر إثارة أن 48% من الموظفين عن بعد أو من أي مكان أشاروا أنهم يشعرون بالرضا والسعادة عن وظائفهم بل ومنحوها تقيم 10/10 وهو بالتأكيد تقييم مرتفع له الكثير من المميزات الإيجابية على نمو عمل الشركة فكلما شعر الموظف بالراحة والسعادة بما يقوم بها من وظائف كلما ارتفعت طاقته الانتاجية وتحسنت أرباح الشركة .
2- إجهاد أقل
يعيش الكثير من الموظفين صراعاً وكابوساً حقيقياً عند الذهاب إلى مقار أعمالهم كل يوم على مدار الأسبوع فالطرق المزدحمة ودرجات الحرارة المنخفضة أو المرتفعة تولد الكثير من الضغوط النفسية على الموظفين وهو ما يتسبب بالإجهاد البدني والفكري وبالتالي تقل الطاقة الانتاجية للموظفين وهو ما قد ينتج عنه تعطل مصالح الشركات .
والحقيقة أن انتهاج سياسة "العمل من أي مكان" من إجهاد الموظفين فقط بل تساهم بشكل مباشر في تجنيبهم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم بسبب ما يمرون به من ضغوطات كل يوم في الطريق من المنزل إلى العمل والعكس .
ولتسليط الضوء أكثر على خطورة تصاعد ضغط العمل على صحة الموظفين نجد مثلاً أن خمس عدد السكان داخل إمارة دبي الإماراتية الرائدة في عالم الأعمال عالمياً يعانون من ارتفاع ضغط الدم بينما يشكو أكثر من 50% من الموظفين الذي لا تنتهج شركاتهم ثقافة "العمل من أي مكان" داخل المملكة المتحدة من السمنة وارتفاع ضغط الدم .
وفي المقابل لا يشكو سوى 12% فقط من العاملين عن بعد أو من أي مكان من بعض الأمراض المتعلقة بالسمنة وارتفاع ضغط الدم .
3- قلة الأعذار المرضية !
تفقد الشركات والمؤسسات في قطاعات العمل المختلفة الكثير من الدقائق والساعات الهامة بسبب الظروف الطارئة لمرض الموظفين وتعرضهم لحالات صحية سيئة بشكل مفاجئ فيكفي معرفة أن الاقتصاد البريطاني يفقد سنوياً ما يعادل 77,5 مليار جنيه استرليني بسبب تغيب العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة لحوالي 30 يوماً في العام لأعذار وظروف صحية وطبية .
وبالتأكيد مع التمتع بصحة جيدة نفسياً وجسدياً بسبب تطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" فإن نسبة غياب الموظفين بسبب ظروف صحية أو مرضية تقل بنسبة كبيرة جداً بالمقارنة مع الموظفين من النمط التقليدي وهو ما يؤثر بشكل إيجابي على سير الأعمال .
4- طاقة إنتاجية أعلى
في تقرير مستقل تم نشره عام 2017 أعددته مؤسسة ميندميتر البحثية عن الطاقة الإنتاجية للموظفين العاملين تحت ثقافة "العمل من أي مكان" أظهرت التائج بأن 56% من الموظفين الذين شملتهم الدراسة وجدوا أنهم أصبحوا يتمتعون بتركيز أعلى وأقوى من السابق بينما قال 53% منهم بأن طاقاتهم الانتاجية تحسنت بشكل كبير وملحوظ عن السابق وتحديداً بعد أن تحرروا من الشكل النمطي للموظفين .
وفي عام 2015 وأثناء دراسة قامت بها أكاديمية من جامعة ستانفورد على الطاقة الانتاجية لموظفي إحدى وكالات السفر في شنغهاي بعد إتاحة فرصة العمل من المنزل وجد القائمين على الدراسة بأن طاقات الموظفين قفزت إلى نحو 13% وذلك بسبب توفير بيئة عمل هادئة وأيضاً بسبب توفير الوقت الذي يستنزفه كل موظف في التنقل داخل أقسام الشركة لإنهاء الأعمال .
5- توفير المال
توفير مساحات تجارية كبيرة داخل المباني أو حتى عدم الحاجة إلى تأجير مباني لتكون مقر للشركات بالإضافة إلى عدم الحاجة للكثير من المكاتب وملحقاتها من الأدوات المكتبية بمثابة ميزة كبيرة للشركات بشكل عام خاصة الناشئة والصغير منها فتوفير تلك المساحات يعني تجنب خزينة الشركات الكثير من الأموال .
ويشير استطلاع بحثي قامت به مؤسسة ميندميتر عام 2017 وجدت أن 51% من الشركات اعتنقت ثقافة "العمل من أي مكان" بسبب خفض ميزانية توفير مكاتب ثابتة للموظفين بينما طبق 37% من أصحاب الأعمال تلك الثقافة رغبة في توفير أموال استئجار المساحات التجارية مرتفعة الثمن .
ماذا تعرف عن «القيادة التكيفية».. وكيف تجعلها أسلوبك الجديد في النجاح ؟
6- تسريح أقل للموظفين
تشير البحوث الصادرة عن إدارة الابتكار والمهارات في الحكومة البريطانية إلى أن ثقافة " العمل من أي مكان" ساهمت بشدة على احتفاظ الموظفين بأعمالهم ووظائفهم دون الخوف من فقدانهم لها بسبب عدم تسببهم بأي عبء مادي لأصحاب الأعمال .
بينما وجدت جامعة ستانفورد أن نسبة تخلي وكالة السفر الصينية عن موظفيها العاملين تحت شعار "العمل من أي مكان " قد انخفضت بنسبة 50% بالمقارنة مع نفس موظفي الشركة العملين في مكاتبها المختلفة .
- وبعد الشرح المفصل لمزايا تطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" أو عن بعد حان الوقت لكي نسلط الضوء أيضاً على الجوانب السلبية لتطبيق تلك الثقافة العملية وكيفية التغلب عليها لضمان الحصول على أفضل النتائج من ثقافة "العمل من أي مكان" أو عن بعد وتجنب عيوبها وسلبياتها والتي من أبرزها :-
1- الإفراط في العمل
يعتقد أصحاب الأعمال المناهضين لفكرة تطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" أو عن بعد أن تطبيق هذا المفهوم يجعل الموظفين أكثر كسلاً فالجلوس في المنزل سوف يفقدهم تركيزهم بسبب تواجد الكثير من وسائل الإلهاء ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً فالموظف الذي يعمل عن بعد وتحديداً من المنزل لا يعرف متى يتوقف بسبب مرونة المواعيد وعدم وجود ضوابط زمنية تحدد فترة بداية ونهاية العمل وهو ما يتسبب بالإرهاق البدني والذهني للموظف بدلاً من يجلب له الراحة .
لذلك كصاحب عمل عليك أن تتأكد أولاً من توجيه نصائح للموظفين للعمل من المنزل مثل تخصيص غرفة أو مكان داخل المنزل يحاكي شكل المكتب بالإضافة إلى تحديدهم لأوقات بداية ونهاية العمل تماماً تتوافق تماماً مع عدد ساعات العمل في المكتب .
2- عدم الالتزام
مثلما يحسن تطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" أو عن بعد الطاقة الانتاجية للموظف قد لا تتناسب أيضاً تلك الثقافة مع بعض الأنماط الشخصية للموظفين الذين لا يستطيعون الالتزام أو الانضباط داخل المنزل بسبب الضجيج من العائلة أو حتى الحيوانات الأليفة داخل المنزل وأصوات الأجهزة المنزلية وتلك العوامل تؤثر بنسبة 40% على انضباط وإنتاجية الموظفين .
لذلك على الموظف أن يضمن هدوء منزله وأن يخصص مكان للعمل بعيداً عن الضوضاء أي كان مصدرها وإن كان تحقيق تلك الشروط صعبة على الموظفين اختيار الأيام الهادئة فقط التي لا يعاني فيها المنزل من الضوضاء للعمل خلالها .
3- انقطاع الاتصال
على الرغم من التطور الكبير في اتصالات شبكة الانترنت وانتشار الاعتماد على الهواتف الذكية ووسائل الاتصال الحديثة الأخرى تبقى انقطاع خدمات الانترنت على المنازل أو ضعف شبكة الهواتف في المنطقة التي يقع فيها منزل الموظف الذي يعمل عن بعد مشكلة كبيرة وقد تؤدي إلى مواقف محرجة مع العملاء أو تأخير القيام بالأعمال والمهام الوظيفية ولكن عائق مشاكل الاتصالات تتوقف على جودتها.
فعلى سبيل المثال تعد شبكات الانترنت والاتصالات في دولة الإمارات العربية المتحدة من ضمن الأفضل في العالم ويستخدم حوالي 90% من السكان شبكة الانترنت دون مشاكل تقنية تذكر.
- وهناك أمثلة مشرقة وناجحة عالمية عديدة لتطبيق ثقافة "العمل من أي مكان" وكيفية إدارة فرق ضخمة من الموظفين عن بعد فشركة مثل شركة التكنولوجيا الأمريكية زابير تمتلك فريقاً عملاقاً من الموظفين يقدر بنحو أكثر من 100 موظف موزعين في 13 بلداً مختلفاً وجميعهم ليس لديهم مقرات أو مكاتب ثابتة.
ويعدد "ويد فوستر" المؤسس المشارك للشركة الأمريكية أهم أسباب النجاح في مجال العمل بعد تطبيق استراتيجية وثقافة "العمل من أي مكان" ومن أهم تلك الأسباب هي توافر الأدوات اللازمة لضمان سير العمل بشكل مثالي وسلس وشعور الموظفين بالراحة في الأماكن التي يعملون بها وتمتعهم بالمهارات اللازمة للعمل على البرامج والأدوات الخاصة بمجال العمل.
بينما يرى "مايك نوب" زميل المؤسس المشارك بأن قلة عوامل الإلهاء والضوضاء وقوة وسائل الاتصالات بين الإدارة وفرق الموظفين المختلفة من بين أبرز الأسباب التي أدت إلى نجاح استراتيجية وثقافة "العمل من أي مكان " أو عن بعد بالنسبة للشركة .
وبالتأكيد عقد الاجتماعات بين أفراد الفريق تتم بكفاءة عالية عبر شبكة الانترنت عن طريق استخدام تقنيات الفيديو يسمح ببقاء الإدارة والموظفين في حالة دائمة من الاتصال من أجل تطوير العمل ومتابعة ما تم إنجازه.
- وفي النهاية يجب القول بأن انتهاج أو اعتناق ثقافة "العمل من أي مكان" أو عن بعد لا تصلح لجميع قطاعات العمل بينما تحتاج الشركات التي يمكن أن تطبق تلك الثقافة إلى دراستها من كافة الجوانب بشكل متأني وتطبيقها بشكل منظم وبالتدريج لضمان الحصول على أفضل منافع تلك الثقافة لتنامي المكاسب والأرباح.