قبل وقفه عن العمل.. كيف تتعامل مع الموظف السيكوباتي؟
لا يملّ "السيكوباتي" من التلاعب بالآخرين، فهذا ما يفعله على الدوام، كما لا يُرهِقه التسلّط إن تمكّن من ذلك، ومع هذا فإنّه قد يبدو من الخارج ودودًا، إذ يتمتّع "السيكوباتي" أيضًا بمهارات تمثيلٍ عالية، وكلّ ذلك له أثره على فريق العمل، بما قد يُقلِّل من كفاءاتهم، فكيف ترصد السيكوباتي وتتفادى حيله؟
ما هي السيكوباتية؟
تُعد "السيكوباتية" اضطرابًا عصبيًّا نفسيًّا، يظهر الشخص الذي يعاني منه قدرًا قليلاً جدًّا من التعاطف أو الندم، ما يؤدي في الغالب إلى سلوك غير اجتماعي وأحيانًا إجرامي.
بدأ استخدام هذا المصطلح من قبل الأطباء في أوروبا والولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين، وأصبح استخدامه سائدًا بحلول عام 1941، ليتحول إلى وصف يُطلَق على الشخص القاسي، الذي يفتقر إلى الأخلاق، ويتلاعب بالآخرين.
لماذا ينبغي أن تعرف الموظف السيكوباتي باكرًا؟
ليس كل السيكوباتيين سيئين جدًّا، لكن معظمهم يميلون إلى إساءة معاملة من حولهم، ما يجعل زملاء العمل يحاولون تجنّب العمل معهم قدر وسعهم، ما قد يُؤثِّر على سير العمل بلا شك.
وحسب عالِم النفس "روبرت هير"، يستوفي واحد من كل 100 فرد من عامة السكان معايير الاعتلال النفسي "السيكوباتية"، وهناك أدلة متزايدة على أنّ نسبة الأشخاص ذوي السمات السيكوباتية تكون أعلى في عالم الأعمال، بما قد يصل إلى واحد من كل 10 من كبار المديرين التنفيذيين.
وتميل الشركات إلى جلب الأشخاص ذوي النشاط المتقد والأذكياء، الذين لديهم "كاريزما" عالية، ويمتلكون قدرة مميزة على إقناع الآخرين والتأثير عليهم، وحسب عالِم النفس "بول بابياك"، يمكن للسيكوباتيين أن يظهروا بهذه الصفات!
وغالبًا ما يقع خلط بين هذه الصفات وصفات القيادة، لكن بمرور الوقت، يتلاعب هؤلاء "السيكوباتيين" بمن حوله بلا رحمة، ويكذبون ويتنمّرون في سبيل تحقيق مصالحهم، وغالبًا ما يكون مسارهم المهنيّ ناجحًا جدًّا، لكنّهم يخلقون فوضى ويؤذون كثيرًا من الناس في طريقهم.
ومع ذلك فليس كلّ ناجحٍ ذكي، قادر على إقناع الآخرين هو سيكوباتي بالضرورة، فهذا ليس منطقيًا بالطبع؛ إذ للسيكوباتيين سمات تميّزهم عن غيرهم.
ما أبرز سمات الموظّف السيكوباتي؟
تشمل أبرز سمات السيكوباتيين في بيئات العمل:
1. التلاعب بمشاعر الآخرين:
التلاعب بالعواطف هو أمضى سلاح عند السيكوباتيين، ورغم أنّه يتمتّع بثقة في نفسه، ومنفتح ومرن ذهنيًّا، ونادرًا ما يشعر بالأسف على نفسه، لكنّه متلاعِب بارع للغاية في إثارة شفقة من حوله تجاهه.
وغالبًا ما يميل الموظفون ذوو الأداء الضعيف ولديهم ميول سيكوباتية إلى طلب الدعم والتفهّم مِمّن حولهم، لتحويل التركيز بعيدًا عن سلوكهم وأدائهم في العمل.
اقرأ أيضًا:"الموظف النرجسي".. كيف تتعامل معه دون إخلال بسير العمل؟
2. حبّ التسلّط:
قد يظهر ذلك في تحريك الناس من حوله باستمرار -ربما بلا داع على الإطلاق- وإعادة ترتيب غير ضروري لأماكن العمل، والفرض المفاجئ لساعات العمل غير الاجتماعية، ومراقبة فترات الراحة في المرحاض، أو تقديم الوعود مقابل الوشاية ببعض الزملاء، فهذه مجرد أمثلة على ما يُفضِّل السيكوباتيون فعله في بيئة العمل.
3. القدرة على إبهار الآخرين:
السيكوباتيون هم أساتذة في صُنع انطباعات أولى رائعة عنهم، فهم يدركون قِيمة إبهار من حولهم، خاصةً مع البدء في علاقة جديدة أو الذهاب إلى مكان العمل في المرات الأولى، ثُمّ يبدأ ذلك السحر الذي سحروا به من حولهم في التلاشي تدريجيًّا بمرور الوقت.
4. الكذب المستمر:
إذا كانت علاقتك مع بعض الموظفين في شركتك، قد كثر فيها سوء الفهم أو الافتراضات الخاطئة، فقد تكون تتعامل مع سيكوباتيين بالفعل، إذ يميلون إلى تحريف الحقائق مع الظهور بمظهر مقنِع ومنطقي، وعدم الشعور بالذنب أو القلق من اختلاق الأكاذيب.
لكن من الصعب اكتشاف الأكاذيب، لأنّها غالبًا ما تنطوي على حقائق كافية لدفع تهمة الكذب، لكن إذا فحصت تلك الكذبة عن كثب ستتضح بالتأكيد.
5. مهارات تمثيلية عالية:
السيكوباتي خاوي المشاعر، فمشاعره ليست طبيعية مثلنا، فقد لا يشعر بالخوف أو الندم أو الاشمئزاز أو العار، أو غيرها من المشاعر الطبيعية عند الناس.
ومع ذلك فهو مُمثّل بارع، قد يتصرّف بخوف، أو يُظهِر الندم أو الاندهاش من أجل التلاعب بالآخرين، إذا كان ذلك سيساعده على تحقيق مآربه، فإذا كان أحد موظفيك يُظهِر مشاعر شديدة ثُمّ يعود إلى طبيعته سريعًا كما لو أنّه لم يحدث أي شيء على الإطلاق، فربّما يكون سيكوباتيًا.
6. المجازفة:
إنّ الأشياء التي من شأنها أن تُخِيف الشخص العادي لا تُخِيف السيكوباتي على الإطلاق، فإنّ رباطة جأشه هي جزء من جاذبيته التي يسحر بها غيره، والتي تُفسِّر سبب نجاحه في كثيرٍ من الأحيان في المهن شديدة التقلب، مثل الإعلام والمالية والسياسة، وما إلى ذلك.
لكن الافتقار إلى الشعور بالخوف والنظرة المشوّهة للمخاطر قد تؤدي إلى ارتكاب مخاطر غير ضرورية، ومن الأشياء التي ينبغي مراقبتها بشأن ذلك الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر، أو التحالفات غير الصائبة، أو السلوك غير اللائق وغيره من الأمور.
كيف تتعامل مع الموظف السيكوباتي وتتفادى تلاعبه؟
فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك في التعامل مع الموظف السيكوباتي، والحيلولة دون كذبه عليك أو تلاعبه بزملاء العمل:
1. حافظ على هدوئك:
ينشد السيكوباتيون التحكّم في مشاعر الآخرين، فهذا ما يقومون به طوال الوقت، فإن قال شيئًا يزعِجك حقًا، فحاول أن تحافظ على هدوئك، فإذا قال مثلًا بأنّ زملاء العمل يقولون أشياء سيئة عنك أو ما شابه، فحاول أن تظهر غير متأثر بكلامه قدر الإمكان.
2. كُن حازمًا:
إذا أدرك السيكوباتي أنه يمكنه تخويفك، فقد وجد طريقه لاستغلال ذلك في التلاعب بك، لذا لا تدعه يصل إلى هذه النقطة، بألّا تُظهِر تأثّرًا بما يقول كما سبق ذكره، واتخاذ قرارات واضحة في العمل مع تجاهل ما يخوّفك به.
3. لا تُصدِّق أكاذيبه:
قد يلعب السيكوباتي دور الضحية، ثُمّ قد تبدأ في الشعور بالأسف تجاهه، والحقيقة أنّه قد يستغلّ حسن نيتك في التلاعب مجددًا، سواء كان من خلال إلقاء اللوم على زملاء العمل الآخرين أو بأي طريقة أخرى، لذا ركِّز على الحقائق ولا تنخدع بما يُظهِره لك السيكوباتي.
4. سلِّط الأضواء عليه:
إذا كان يحاول السيكوباتي التلاعب بمشاعرك، أدِر دفّة الحوار تجاهه، فعندما يشير إلى عيوبك أو عيوب زميل العمل أعِد توجيه المحادثة، فمثلًا إذا ذكر أنّك تبدو منزعجًا، فتجاوز ذلك والفت انتباهه إلى سلوكه هو بمثالٍ محدد.
على سبيل المثال، يمكن أن تقول له: "كيف كان اجتماع اليوم؟ أتساءل عمّا إذا كنت منزعجًا بشأن أمرٍ ما".
5. تجنّب التواصل وجهًا لوجه:
وجدت دراسةٌ نُشرت عام 2016 في مجلة "Personality and Individual Differences"، أنّ السيكوباتيين يتفوقون في التفاوض عندما يتواصلون وجهًا لوجه، لذا فإنّ المحادثات عبر الإنترنت قد تجعل من الصعب عليهم أن يتلاعبوا بالآخرين، لذا حاول أن تجعل جميع اتصالاتك معه عبر البريد الإلكتروني إن أمكن.
6. وقفه عن العمل:
إذا استمرّ السيكوباتي على سلوكه وتلاعبه بزملائه في العمل، وأثّر سلبًا على بيئة العمل وإنتاجية الفريق، وحاولت أن تتلاشى ضرره بكل الطرق، فلم ينجح معه شيء، فربّما يكون وقفه عن العمل هو الخيار المنطقي المتبقّي.