"مصفوفة القرار".. طريقك السهل للقرارات الصعبة!
قد تواجِه صعوبات في اتخاذ قراراتك، سواء كان ذلك في التوظيف أو إدارة المشروع أو البحث عن استراتيجية مختلفة لتطوير أعمالك، وقد يزداد الأمر صعوبة، خاصةً إذا علمت أنّ نحو 50% من قرارات المنظمات تبوء بالفشل، ومن ثم يصبح من الضروري إيجاد حلول وأدوات تساعدك على الوصول إلى أهدافك بشكل مدروس، ومن بينها "مصفوفة القرار"، فكيف تفيدك هذه المصفوفة في اتخاذ قرارات دقيقة واضحة مبنيّة على الأرقام؟
ما هي مصفوفة القرار؟
مصفوفات القرار هي جداول منظمة، مُصمّمة لمساعدتك على اتخاذ قرارات أفضل، بتقييم العوامل الأكثر أهمية، وتسجيل كل خيار في الجدول، وبينما تتغيّر عناصر المصفوفة اعتمادًا على نوع القرار الذي تحتاج إلى اتخاذه، عادةً ما تكون الخيارات على محور X عبر الجزء العلوي، والمعايير على طول محور Y، على اليمين.
ويرافق المعايير وزن يعطي مستوى من الأهمية لكل منها، ثُمّ تُسجّل الخيارات على مقياس مُحدّد، ربّما من 1 - 5، وللكشف عن أفضل قرار لك، اضرب الدرجة في الوزن لكل معيار، وابحث عن مجموع كل عمود، كما سيتضح.
مثال على مصفوفة القرار
قد تبدو مصفوفة قرار التوظيف على النحو التالي:
وبعد حساب حاصل ضرب كل درجة في الوزن المرافق لها لكل مرشح، ظهر أنّ المُرشّح الأول يمتلك أعلى درجة إجمالًا، فالنتيجة بعد حساب مجموع كل إجمالي له:
0.4 (المؤهلات العلمية) + 0.3 (خبرة العمل) + 1.25 (المهارات الناعمة) + 1 (مهارات تقنية) + 0.5 (المُرتّب المتوقّع) = 3.7
وتُحدِّد النتيجة ذات القيمة الأعلى المُرشّح الفائز، أو الأعلى قيمة، وذلك يجعلك أكثر حسمًا مع تحيّز أقل في اختيار أنسب موظّف.
فيم تفيدك مصفوفة القرار؟
يمكن تطبيق مصفوفة القرار في جميع المجالات، سواء كُنت تحاول إطلاق منتَج جديد، أو ضبط سير عمل إدارة المشروع، أو تحليل الفرص، فهي مناسبة لأي مشكلة صعبة لها أركان متعددة متغيرة.
اقرأ أيضًا:"التفكير قبل اتخاذ القرار".. تعلم دروس النجاح من الملياردير وارين بافيت
كيف تستخدم مصفوفة القرار في إدارة أعمالك؟
قد يكون مفاجئًا أن تعلم أنّ 58% من الشركات يعتمد ما لا يقل عن نصف قرارات العمل فيها على الحدس بدلًا من البيانات، ومع ذلك تتخذ الشركات ذات الأداء الأفضل 60% من قراراتها بناءً على البيانات، بينما تعتمد الشركات ذات الأداء الضعيف على الحدس في 70% من اختياراتها.
وإذا كُنت تهدف إلى نتائج أكثر تنظيمًا وموثوقية، فإنّ مصفوفة القرار هي وسيلة رائعة للحاق بركب أصحاب الأداء العالي، ويمكنك إنشاء نموذج مصفوفة القرار على النحو التالي:
1. العصف الذهني للمعايير
إذا كانت هناك مجموعة واضحة من ال، معايير، فبإمكانك المقارنة بين الخيارات المُتنوّعة، وتبدأ العملية من خلال سرد العوامل الحاسمة المرتبطة بقرارك، مع أخذ أهدافك في الحسبان، وكذلك الأشخاص الذين يؤثر فيهم القرار، وأي قيود، مثل الميزانية أو الوقت.
فهذه المعايير هي حجر الزاوية في مصفوفة قرارك، وهي الركيزة التي سيُبنَى عليها الأساس للتقييمات اللاحقة، ولأي مشروع، اسأل نفسك: كم من الوقت سيستغرق؟ كم سيكّلف؟ ما هي الفوائد؟
2. مناقشة وصقل المعايير
بعد ذلك، شارك القائمة مع فريقك وأي شخص آخر يُشارِك في اتخاذ القرار، واطلب وجهات نظرهم لضبط قائمة المعايير الخاصة بك، فهذا يُقلِّل من التحيّزات، ويُطوِّر إطار صُنع قرار أكثر مرونة، كما أنّ ذلك يساعد على اكتشاف العوامل والمعايير التي قد تفوتك بفضل وجهات نظر الآخرين المتنوعة.
3. تخصيص وزن كل معيار
ينبغي أن تُحدِّد مدى أهمية كل معيار وتحديد وزنه، فتقدير ذلك يُؤثِّر بدرجةٍ كبيرة في النتيجة النهائية، كما أنّه من الضروري أن يكون جميع أصحاب المصلحة متوافقين مع ما هو أكثر أهمية في المعايير.
ففي قرار التوظيف مثلًا، قد تسأل: هل أبحث عن أفضل أداء أم أن أجد موظفًا صغيرًا يتوقّع راتبًا أقل؟ هل يشغل الموظف الدور بشكل عاجل أم أنتظر ملاءمته لدوره بمثالية؟ فمثل هذا التفكير يؤدي إلى إعطاء وزن أدق لكل معيار، ومِنْ ثَمّ اتخاذ قرار أفضل.
اقرأ أيضًا:10 خطوات علمية لاتخاذ القرار الصحيح
4. تحديد الخيارات والبدائل
حاول أن تلاحظ جميع مسارات العمل التي يمكن تصورّها لمعالجة مشكلتك، فلا تُركِّز فقط على الحلول الفورية، بل حدِّد أي عقبات محتملة قد تواجهك، فإنّ إنشاء قائمة شاملة من البدائل يُوفِّر صورة أكبر، ويجعلك جاهزًا للتغلب على التحدّيات غير المتوقّعة.
قد يكون ذلك مُحدّد مسبقًا كما في حالة قائمة المرشحين لوظيفة ما، لكن إذا كُنت تفكّر مثلًا في خفض تكاليف مشروع جديد، فإنّ وجود أفكارٍ بديلة قد يساعد في الوصول إلى نتيجةٍ أفضل.
5. رسم المصفوفة
بمجرد أن تُحدِّد المعايير والخيارات، صمِّم مصفوفتك، وقد يساعدك في ذلك بعض البرامج، مثل "Excel"، أو إنشاء جدول بسيط على الورق.
6. تقييم الخيارات مقارنةً بالمعايير
عمومًا، ستقوم بعمل مقياس تصنيف رقمي، مثل 1 - 5 أو 1- 10، لتحديد مدى توافق كل خيار مع معاييرك، وكُلّما زاد الرقم، كان ذلك أفضل.
7. احسب النتيجة الإجمالية
اضرب التصنيف لكل خيار بالوزن المُخصّص له في مصفوفتك؛ إذ يحدِّد أعلى درجة إجمالية المسار الأكثر ملاءمة للعمل بناءً على معاييرك وأهميتها، حسب ما حدّدته لها سابقًا.
اقرأ أيضًا:"لا تدع ترددك يهزمك".. كيف تتجاوز المخاوف وتتخذ قرارات مستنيرة؟
8. اتخاذ القرار النهائي
هذه هي ثمرة مصفوفة القرار؛ إذ تتخذ الخيار الذي يمتلك أعلى درجة بعد أن قُمت بذلك بطريقةٍ منهجية، وبعد أن قيّمت العوامل الحاسمة في اتخاذ قرارك، فالقرار النهائي الآن قائم على أساس متين مدعوم بالأرقام.
وإذا وجدت أنّ الخيار الأعلى تسجيلًا ليس ما توقّعته، أو ما يشعر به فريقك أنّه أفضل مسار للعمل، فأعِد تقييم الوزن لكل معيار وحاول مرة أخرى، لكن إذا وافق الجميع على الأوزان مسبقًا لكل معيار قبل أن تبدأ في تسجيل النتيجة النهائية، فربما كان لديك توقعات غير واقعية للنتيجة.
كيف تجعل مصفوفة قراراتك دقيقة؟
أظهر بحث في "أكاديمية الإدارة التنفيذية The Academy of Management Executive" أنَّ 50% من القرارات في المنظّمات تفشل!
نعم، قد يكون غير واقعي أن تعثر على الخيار المثالي في كل مرة، لكن عملية صُنع القرار الصحيح ستُحسِّن فرص الارتقاء فوق تلك الإحصائية، لذلك يجب أن تتجنّب الأخطاء في تحليل مصفوفة القرار الخاصة بك، وما ينبغي وضعه في الحسبان بشأن ذلك:
- التحيّزات: فمصفوفة القرار ستكون جيدة بقدر دقة البيانات التي تزوّدها بها، لذا احذر من التحيّز في معاييرك، بل ينبغي أن تكون المعايير واضحة ودقيقة بعيدًا عن التحيّزات.
- نموذج تقييم المعايير: ينبغي استخدام نموذج موحّد لتقييم كل خيار مقابل المعايير التي اخترتها، فهذا يضمن أن يستخدم الجميع المعيار نفسه، كما يجعل صنع القرار أكثر شفافية وسهل الفهم.
- مساهمة أصحاب المصلحة: لا تتخذ قراراتك مع نفسك، بل ينبغي جمع المعلومات من جميع الأطراف ذات الصلة بالعمل، بما في ذلك أعضاء الفريق وأصحاب المصلحة، فقد تجلب رؤاهم وجهات نظر مختلفة ربّما لم تفكر فيها، ما يجعلك تتخذ قرارات أفضل.
أمثلة عملية على مصفوفات القرار
سواء كُنت صاحب عمل أو تدير مشروعًا، أو حتى تتخذ اختيارات شخصية، فإنّ مصفوفة القرار ستُسهِّل عليك اتخاذ القرارات الصعبة، ومن الأمثلة عليها:
- قرارات العمل: حدِّد معاييرك أولًا، مثل طلب السوق، والمنافسة، والتكلفة، وقيّم كل استراتيجية مقابل هذه المعايير، مع تطبيق عوامل الترجيح (الوزن)، ثُمّ ستحصل على نتيجة إجمالية لكل استراتيجية بناءً على المعايير.
- الاختيارات الفردية: لنفترض أنّك ستشتري سيارة جديدة، أدرِج الأشياء التي يجب أن تمتلكها وتراها رائعة، مثل عدد الكيلومترات، وميزات الأمان، والجماليات، والسعر، ثُمّ عيّن الدرجات بناءً على كيفية استيفاء كل طراز سيارة لهذه المعايير، ولا تنس وزن الدرجات بناءً على ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك، ثُمّ الجمع للحصول على أعلى درجة، التي ستُحدِّد أنسب سيارة لك.