عدنان حسن شربتلي لـ "الرجل": لم أندم على شيء
بعد أكثر من خمسة عشر عاماً على أول ظهور إعلامي له عبر مجلة "الرجل"، يعود رجل الأعمال السعودي عدنان حسن شربتلي، مرة أخرى، متحدثا عن تلك الحقبة التى مضت ليؤكد أنه لم يندم على شي خلال تلك الفترة، مشيراً إلى أنه تفرغ اليوم للأعمال الخيرية بعد أن أسس إمبراطورية تجارية تسلم أبناؤه زمام الامور فيها، ليصبح دوره موجهاً ومشرفاً لهم. نشأ في عائلة تجارية، وبدأ حياته موظفا في مكتب والده حتى أصبح اليوم أحد رموز المال والأعمال، وهو يتذكر فترة العمل مع والده، مشيراً إلى أن بعض كبار رجال الأعمال اليوم كانوا فيما مضى محاسبين أو كتبة أو موظفين بسطاء لدى والده، حتى صاروا اليوم من كبار تجار المملكة؛ فكم تغيرت أمور، وتبدلت أحوال خلال عقد ونصف العقد من الزمن! نستقبل ضيفنا القديم عدنان شربتلي، في حوار جديد مع "الرجل":
*السيد عدنان شربتلي بعد 15عاماً من أول ظهور إعلامي لك، ما الذي تغير؟
صحيح هي 15 سنة وقد لا تكون زمناً طويلاً جداً، لكنني أستطيع أن أقول إنها كانت حبلى بالأحداث والتطوات المتسارعة التي جعلتها تمرّ كلمح البصر. وأستطيع هنا أن أقسّم ما حَملته هذه السنين لي ولعائلتي إلى قسمين:
على الصعيد التجاري، تطورنا بشكل مضطرد ولله الحمد وأصبحنا ما نحن عليه اليوم. وكما تذكر عندما أجرينا اللقاء قبل أكثر من 15 سنة، كان ابني نايف قد تخرج حديثاً في الجامعة، وأنا منذ ذلك الحين بدأت بالاعتماد على أبنائي حتى سلمتهم معظم المهام، وأصبح دوري إشرافياً، وفي الوقت الحالي تفرغت للأعمال الخيرية والإنسانية، بناء على وصية الوالد الذي كان معروفاً بلقب المحسن الكبير، يرحمه الله رجل البر والخير والإحسان.
على الصعيد الشخصي: كما تلاحظ لقد تقدم بي العمر.
* لو استعرضت شريط حياتك خلال تلك الفترة، فهل ما تندم عليه؟
لا ابالغ إن قلت لك إنني لم أندم علي شيء ولله الحمد، وهذه بالفعل نعمة عظيمة من الله، أن لا يجعلك تندم على أمر، لأنه يكون قد أنعم عليك وجنبك الزلل، ولذلك من مأثور الدعاء: اللهم لا تجعلنا من النادمين.
* حسناً، لو استقبلت من أمرك ما استدبرت، هل كنت غيرت شيئاً؟
لو عاد بي الزمن قليلاً، لتفرغت أكثر لأعمال الخير ومساعدة الناس، حيث كنت بكامل صحتي وعافيتي.
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جميل الحجيلان: ودعتني باريس بالحفلات واستقبلني الخليج بالتحديات
* معروف أن مفهوم الربح والخسارة يتبدل مع مرور الزمن، ما مفهومك لهذه الثنائية اليوم؟
لا يمكن أن يتشكل لديك مفهوم واضح في هذا السياق دون تجربة، فالأعمال التجارية عموماً محفوفه بالمخاطرة وهذا الفرق بين رجل الأعمال وغيره من العاملين في الأسواق، والمجازفة والإقدام هي طبيعة رجل الأعمال، الذي يُفترض أن يكون توقعه للخسائر بمقدار الأرباح المرجوّة. وحمداً لله لديّ من اليقين بأن ما كتبه الله كائن والتجارة ربح وخسارة ولن تكون رابحاً على الدوام.
حدثنا عن تجربة خسارة تجارية.
خسرتُ أكثر من 65 مليون ريال في سوق الأسهم في أيام معدودة من استثماري في السوق، وربما كانت هذه بداية القدرة على تحديد فرص الاستثمار المناسبة لتحقيق الربح، فدخلت في شراء العقارات وشراء وبيع الأراضي التي حققت لي نجاحات كثيرة، وكذلك من متعهد للمواد الغذائية، والاستثمار في بورصة الأوراق المالية، واغتنام الفرص بالدخول إلى الإنترنت لمعرفة أسعار العملات والأوراق المالية، ومتابعة التقارير الواردة من مؤسساتي يومياً حتى وإن كنت على سفر.
* ما أول مشروع أدخلك عالم الثراء؟
أول مناقصة استبشرت فيها الخير كله، كانت تتعلق بشرف خدمة بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وهي نظافة الحرم المكي وصيانته، ويعلم الله أنني لم أكن أنظر إلى قيمة العقد، بقدر ما كنت أنظر إلى شرف خدمة بيت الله الحرام، وأتذكر أن قيمة العقد كانت مليونين وتسعمئة ألف ريال.
لكنه مشروع ضخم؛ جاءك على طبق من ذهب؟
كانت مؤسستي هي أقل العطاءات المتقدمة لأداء هذه الخدمة، وبموجب النظام رست عليها العطاءات، لكن بعض المنافسين ادعوا أن مؤسستي جديدة في هذا المجال، لذا برّروا فارق السعر الكبير بين عطائي وعطائهم بـ "الخبرة"، وعندما علمت بذلك، لجأت إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إلى المغفور له بإذن الله الملك فيصل رحمه الله، وعرضت عليه الأمر بكامله، وكنت منفعلاً وخائفاً من أن ترسو المناقصة على إحدى الشركات المنافسة، في الوقت الذي كنت فيه حريصاً كل الحرص على أن يكتب الله لي شرف خدمة بيته الحرام. هدّأ الملك فيصل من روعي، وبدّد مخاوفي.
ماذا قلت للأمير فيصل في حينها؟
قلت له بالحرف الواحد كما أذكر، إنهم «سيعطونها للمؤسسة المنافسة الأخرى تحت عذر عدم امتلاكي ومؤسستي الخبرة في هذا المجال، وهل الكناسة والنظافة لبيت الله الحرام تحتاج إلى خبرة يا مولاي».. فضحك الملك ووعدني خيراً وطمأنني بأنه ما دامت مؤسستي صاحبة أقل العطاءات، وأستحقها بموجب نظام الدولة، فسآخذ حقي كاملاً، وسيكون لي شرف الخدمة بإذن الله. وكان هذا اليوم من أسعد أيام حياتي، لأنني لم أكن انظر إلى الربح بقدر ما كنت فرحاً مستبشراً بخدمة بيت الله الحرام، وكانت هذه البداية هي بداية الخير كله".
أمير جازان محمد بن ناصر آل سعود لـ«الرجل»: سنحاسب المتقاعسين بشدة
اليوم مع تقدمك في السن كيف تدير أعمالك؟
أنا لا اؤمن بالمركزية في العمل، وحب الاطلاع على الكثير من التفاصيل، وهو ما تعلمته من الوالد يرحمه الله، بسبب تنوع استثماراتي، حيث أؤمن بضرورة التنوع؛ لذا أقوم بالاستثمار في مجالات عدّة، وأعتمد في إدارة هذه المجموعة على مجهودي الشخصي، في وقت سابق، والآن جهود أبنائي، وبذلك نكون فريق عمل قادراً بإذن الله على الإحاطة بكل هذه الأعمال ومتابعتها، وإدارتها بأسلوب ناجح، فضلاً عن نخبة من أبناء الوطن الذين يديرون معنا العمل بكل احترافيه.
بماذا تلخص الخبرة التي اكتسبتها في سنيّ عمرك؟
(علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمئن قلبي) وعليه فإنني أومن يقيناً بأنه لو اجتمع من في الأرض لمنع هذا الرزق عني، فلن يتمكنوا، وأن ما لم يكتبه الله من رزق، فإنني لن استطيع الحصول عليه، ولو ساندني من في الأرض جميعا.
* كيف تقضي يومك؟
بين العمل والاولاد والسفر والاجتماعات، وحضور المناسبات الاجتماعية. وأقضي وقتاً كبيراً في مكتبي، وكذالك الجلوس إلى الأبناء والاصدقاء.
* ما أحب البلدان إليك؟
أحب البلاد إلى قلبي، بعد وطني، لندن حيث أقضي فيها إجازتي السنوية.
*يفترض الناس أن ثرياً مثلك يمتلك طائرة خاصة، فهل تملكها؟
لا أملك طائرة خاصة، رغم مقدرتي، فلسفتي أن الموت مع الجماعة رحمة. وأعتقد أن الطائرة الخاصة مفيدة لرجل يتنقل بشكل أسبوعي داخل البلاد وخارجها، ولكن أعتقد أن أسطول الخطوط السعودية لو طُوّر فسوف يؤدي الغرض.
*ما سبب غيابك الدائم عن قائمة الأثرياء؟
لست مقتنعاً بتلك القوائم التي تصدر بشكل سنوي، وتعلمنا من الوالد، يرحمه الله، عدم التباهي بنعم الله علينا، ونسعى لقضاء حوائج الناس.
* حدثنا عن أبنائك، وكيف تتعامل معهم؟
لدي سبعة من الأبناء وبنتان، جميعهم متسلحون بتعليم عال، لأن العلم من أهم أسس التجارة الناجحة، وتعاملي معهم كأصدقاء نتحاور ونتشارك في مستقبلهم.
*ما طموحك الذي لم تحققه؟
طموحاتي ولله الحمد تحققت؛ بقي أن أرضي الله عزّ وجلّ، وأخلص العمل له والسعي في عمل الخير وتحقيق وصية والديّ في الاستمرار في مساعدة المحتاجين والسعي في البذل والعطاء والإحسان وغرس ذالك في أبنائي.
نمير قيردار رئيس "انفستكورب".. رحلة تحول المهاجر العراقي الى مليونير
من هنا كانت البداية
عشت في كنف والدي، رحمه الله، ودخلت عالم التجارة بصحبته، حيث عدت من مصر أحمل شهادة التوجيه، وبدأت في العمل في مكتب الوالد مدير إدارة الأملاك داخل المملكة وخارجها، حيث طورت العمل وفق منهج محاسبي، ورفعت دخل الأملاك من 480 ألفاً إلى 29 مليون ريال سنوياً، واستمررت في هذا العمل تسع سنوات.
عشت طفولتي وحياتي في أسرة ميسورة الحال للغاية، إلا أنني منذ البداية كنت أعتمد على نفسي في كل شيء. ورغم أنني عملت مديراً لدائرة أملاك والدي، فإنني كنت موظفاً بمرتب في الدائرة. وبعد تسع سنوات قررت الاستقلال بعملي أواخر السبعينات. لم نكن محتاجين، والحمد لله، لكنني كنت أحب الاعتماد على نفسي.
منح المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، والدي، عام 1934، لقب "معالي" فضلاً عن منحه لقب وزير دولة فخري. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تمنح فيها مثل هذه المرتبة في المملكة. وفي حقبة ما بعد النفط، كان والدي مؤسساً لكثير من المؤسسات الرائدة.
قلت لوالدي، يرحمه الله، إما أن أعمل معك وأخسرك أباً وأكسبك عملاً أو أكسبك أباً وأخسرك عملاً، فقررت أن أكسبك أباً وأخسرك عملاً، وأعمل وأستقل بذاتي، فكانت البداية الحقيقية للنجاح، مكتباً صغيراً في عمارة الوالد بجدة، وفترة أواخر السبعينات، هي نقطة البداية، لأنها تشكل المحور الرئيس في حياتي كلها، حيث شهدت مرحلة صعودي وانطلاقي إلى عالم الأعمال لأصبح واحداً من كبار موردي الأغذية إلى وزارتي التعليم والدفاع، كذلك الحرس الوطني. ومرت عليّ أيام طويلة لم يعرف النوم طريقه إلى جفوني، لأنني كنت مسؤولاً مع مجموعة صغيرة من المنسوبين عن تقديم وجبة غداء إلى نحو 230 ألف طالب، وكانت تلك الوجبات بمواصفات معينة وبسعرات حرارية معينة، يضعها أطباء واختصاصيو تغذية، وتحت إشراف كبرى الشركات الأوروبية، ومنها سرفير الفرنسية، وكانت الوجبات تأتي في أول الأمر من بيروت، ثم في طائرات خاصة من فرنسا، إلى أن استقر الأمر وأصبحت جميعها سعودية. وتكلفت مؤسستي بعد ذلك، بعطاء ضباط وجنود الجيش، كذلك الحرس الوطني بالمنطقة الشرقية، والخرج، والرياض، وفي أنحاء مترامية من أطراف السعودية.