محمد الحارثي رئيس تحرير «الرجل» يكتب: لماذا بايعت الأمير محمد بن سلمان؟
قال الإعلامي محمد فهد الحارثي، رئيس تحرير مجلتي الرجل وسيدي، إنه يتفق مع جميع التوجهات والأطروحات الكبيرة التى يعتمدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤكدا أن هناك أمور أخري قد يحمل فيها وجهات نظر مختلفة، ولكنها بعيدة عن الطرح الذي يقوده سمو ولي العهد.
وأضاف الحارثي- في مقال نشرته مجلة الرجل ضمن العدد التوثيقي الذي خصصتة المجلة للحديث عن ولي العهد ورؤيته- أن ساعة صناعة التاريخ قد دقت أجراسها في المملكة، وتحديد المستقبل ومساراته، وهو ما تمثل في قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز في انحيازه لتمكين جيل الشباب واتاحة الفرصة لتدشين مرحلة جديدة عنوانها الأول والأخير الشباب، وخياراها الوحيد هو النجاح.
وتابع رئيس تحرير مجلتي الرجل وسيدي، حديثة مؤكدا على أن بيعته للأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، جاءت علي بعض الأسس أبرزها أن القيادة في الدولة تمزج بين حكمة الكبار وحماس الشباب، ولغة التواصل والحوار تكون اكثر انسجاماً مع متطلبات الجيل الجديد وافكارهم وطموحاتهم، مشيرا إلي أنه بما ان ولي العهد يملك رؤية فإنه يملك خارطة النجاح، مشيرا إلي أن المرحلة الحالية في السياسة الخارجية للمملكة تتطلب الحسم وهي السياسة التى ينتهجها الأمير محمد.
وإلي نص المقال:
يجب في البداية ان أقول وبعيداً عن المجاملات انني اتفق مع الأمير محمد بن سلمان في توجهاته وطروحاته الكبيرة، وقد يكون لي وجهات نظر مختلفة في أمور أخرى. لكن الطرح الجديد الذي يقوده الأمير محمد يعطي هامشاً كبيراً لفضاء أوسع في استيعاب مساحات واسعة من الأفكار المختلفة والتباينات الهادفة.
ففي حياة الدول محطات مهمة تقف فيها امام مفترق طرق. وهي تصنع تاريخها في هذه المحطات. السعودية كان لها موعد مهم مع المستقبل وخيار يحدد المسار المقبل. كان قرار حاكم هذه البلاد وقائدها سلمان بن عبدالعزيز، بالانحياز الى المسقبل وتمكين جيل الشباب وفتح فرصه لتدشين مرحلة جديدة عنوانها الشباب وخيارها الأوحد النجاح.
وأنا كوني مواطناً يهمني ليس جيلي فقط، بل الأجيال المقبلة وملامح المستقبل. وقراري بتقديم البيعة لولي العهد الجديد الأمير محمد، له أسبابه ودوافعه. فأنا مؤمن أن السعودية الدولة دشنت دخولها الى مرحلة جديدة وأسلوب جديد وفكر عصري وذهنية مختلفة. وهذه بعض النقاط التي حفزتني لتقديم البيعة والثقة في الرهان على المستقبل:
-الأمير محمد، من جيل الشباب والسعودية دولة شابة في تركيبتها السكانية، وهذا يعني ان القيادة في الدولة تمزج بين حكمة الكبار وحماس الشباب، ولغة التواصل والحوار تكون اكثر انسجاماً مع متطلبات الجيل الجديد وافكارهم وطموحاتهم. ويلاحظ التوجه في دول العالم لتسلم الشباب المراكز القيادية قناعة أن الأجيال الجديدة في مراكز القيادة تترجم طموحات الأجيال التي تمثلها.
- من يملك رؤية فهو يملك خارطة نجاح. والأمير محمد شاب منهجي في تفكيره وعملي في تطبيقه. فهو أتى بتصور ورؤية كاملة ليس للواقع فقط بل وللمستقبل أيضاً. وابتعد عن التنظير وكان رؤية 2030 تعكس خارطة طريق لنقل الدولة من مرحلة الى مرحلة أخرى. المشروع يهدف الى نقلة نوعية وليس تحسيناً في الأرقام والمعدلات. يهدف الى نقل السعودية الى معيار مختلف، تحتكم فيه الى الابداع والابتكار والإنتاجية والاعتماد على الاقتصاد الإبداعي وليس الاقتصاد الريعي.
- السعودية دولة قيادية في المنطقة، وذات تاثير مهم في الساحة الدولية. وربما في مراحل سابقة كانت تميل الى السياسية التوافقية وحتى أحياناً على حساب مصالحها، وتعطي وتتجاوز في أمور كثيرة. وقد فهم ذلك البعض أنها سياسة ضعف ومهادنة، في حين ان المرحلة الحالية تتطلب الحسم والمبادرة بصنع القرار، وتبنّي الخيارات الملحّة من اجل مصلحة البلد والمنطقة. وبالفعل هناك سياسية جديدة في السعودية؛ الثوابت نفسها لكن الأسلوب يختلف.
وهذه السياسة الواضحة حمت المنطقة من السقوط في الهاوية خاصة أن دول الجوار في المنطقة وجدت فرصة للثغرات وأصبحت تهدد الامن الإقليمي العربي. وكان للسعودية هذه المرة صوت عال وفعل أعلى، لتعيد الامور الى نصابها وتكسر مخططات الاستحواذ التي كانت معالمها واضحة. وبالفعل كان سلمان الحزم ومحمد العزم. وسيذكر التاريخ يوماً من الايام كيف كان للقيادة السعودية الفضل بعد الله في حماية الامن الإقليمي العربي.
- حينما تتضخم أهمية المناصب ويشعر أصحابها بأنهم فوق القانون فهذا خطر يهدد النسيج الاجتماعي والاستقرار الداخلي، لذلك اصبح المعيار هو الكفاءة والأداء فأي وزير او مسؤول أيا كان موقعه ادرك أن المنصب لم يعد تشريفا بل تكليف، وأن معايير التقييم قوية وحاسمة، ولذلك اصبح تغيير وزير أو مسؤول أمراً طبيعياً، حتى لو كان عمره في المنصب قليلاً. وقد طبق الأمير محمد ذلك وبكل شفافية. لا مجال للمجاملات او التأجيل؛ من ينجح يستمر ومن يفشل يغادر. وهذا ترسيخ لثقافة مهمة، وهي واحدة من اهم أسباب الإدارة الناجحة في الدول المتقدمة.
-المسؤولية تتطلب طاقة وقدرة وجلداً في المتابعة، ودائما الانتاجية تصنع النجاح ليس للأشخاص فحسب، بل حتى للشعوب. فالمحيطون بالامير محمد يشكون من ساعات العمل الطويلة التي قد تستمر إلى الفجر، وتبدأ في الصباح الباكر. وهذا الايقاع من العمل الذي يعززه الإحساس بالمسؤولية وحماس الشباب رفع من إيقاع العمل الحكومي. وهناك مؤشرات الأداء لكل مسؤول ويتابعها بنفسه، وهي الأسباب التي رفعت من إنتاجية المسؤول واهتمامه وتطويره لأسلوب ودينامية العمل.
- صاحب قرارات صعبة، فالقيادة تتطلب اتخاذ قرارات صعبة واحياناً غير جماهيرية. والسياسي في أي دولة عادة يتحاشى اتخاذ القرارات الصعبة وينحو للتسويات وأنصاف الحلول، إما حرصاً على شعبيته، اوخوفا من تبعيات هذا القرار، في حين أن قراراً مثل طرح أسهم أرامكو - يعدّ في رأي كُثُر ثورة على عرف سائد - ولكن الأمير محمد اتخذ القرار وتحمل المسؤولية، وشرح للناس إيجابيات هذا القرار. وهذا دلالة ثقة وضمير عال في تحمل المسؤولية. وليس سراً أنه حينما طرح هذه الفكرة جوبه بمعارضة من تيارات كثيرة، لأن أرامكو لديها خصوصية عند السعوديين، وأصبحت مثل "التابو" الذي لايقترب منه أحد. لكن وضوح الفكرة ومبرراتها جعلت كثيراً ممن اختلف مع الفكرة في البداية من اكثر المتحمسين لها.
- الذين يملكون صورة واضحة لما هم عليهم وما يصبون اليه، تصبح صورتهم أمام الاخرين واضحة وقريبة. فمن يستمع الى الأمير محمد في احاديثه الإعلامية او في جلساته غيرالمعلنه مع المثقفين والإعلاميين، يلمس وضوح الصورة. يتكلم بشفافية وثقة. منظم في تفكيره بشكل دقيق ومنهجي. فهو رجل صاحب مشروع، ويملك خاصية مهمة كاريزما الحضورو القدرة على الاستماع بنفس طويل وتحفير الآخر على طرح ماعنده من افكار. والذين يحرصون على تلمّس آراء الآخرين وأفكارهم، بعيدون عن النرجسية والفوقية وعقدة الأنا.
- دولة مثل السعودية لديها مؤسسة الحكم عريقة تمتد الى اكثر من ثلاثة قرون، ولديها تقاليد وأعراف راسخة، كان من المهم أن تعزز الثقة بالاستمرارية، والانتقال الى الجيل الثالث هو رسالة طمأنينة للداخل والخارج ورسوخ للاستمرارية والثبات. وكان تلاحم البيت السعودي والموافقة الكاسحة من قبل هيئة البيعة (31 صوتاً من 34) صورة اذهلت المراقبين في الخارج وعززت الأمان والطمأنينة للشعب السعودي، وأثبتت أن الأسرة الحاكمة قوية في ترابطها. فقد يحصل هناك تباين في الآراء او خلاف في نقاط معينة، لكن عند الخيارات المصيرية كالاستقرار وأمن البلاد وصيانة المكتسبات، فهي صوت واحد وعلى قلب واحد. وما يميز العائلة الحاكمة تقديم مصلحة البلاد على مصلحة الافراد، وربما هذا من اسرار نجاحها وما يعطي لها ميزة الاستمرارية والتجدد.
- الصورة النمطية لأي دولة تنعكس من نواح عدة، ومن بينها القياديون الذين يمثلونها في الخارج. واستطاع الأمير محمد تقديم صورة إيجابية في زياراته الخارجية لشاب سعودي في موقع قيادي، يمتلك الكفاءة والكاريزما، والقدرة على التواصل مع الآخرين. وانعكس ذلك في التغطيات الإعلامية الايجابية لوسائل الاعلام الأجنبية عن السعودية وعن شخص الأمير نفسه. ومثال ذلك زيارته للولايات المتحدة في يونيو 2016، التي اجتمع فيها الى السياسيين ورجال الاعمال ومديري الصناديق الاستثمارية، وذهب الى وادي السيليكون والتقى رؤساء شركات التقنيات والبرمجة. وطلب من مرافقيه من المسوولين والاعلاميين تجديد الصورة النمطية لبلدهم عند الاخرين، والذهاب الى مراكز الأبحاث والدرسات والمؤسسات الإعلامية، والتخاطب معهم بلغتهم وبأسلوبهم، وكان لهذا الأسلوب تأثير مهم في التواصل مع الشرائح المختلفة في مؤسسات المجتمع المدني.
التحديات التي تمر بها المنطقة كبيرة والاحداث متسارعة، والأمير محمد بن سلمان رجل المرحلة، وهو في العامين الماضيين اثبت داخلياً وخارجياً أنه مشروع قائد سياسي يتخذ القرارات الصعبة ويتبنّى مشاريع تنموية شاملة وأدار ملفات رئيسة للدولة بنجاح. هو الذي كان خلف هندسة التحالفات وبناء الشراكات الدولية، ويترجم رؤية ملك البلاد بشكل عملي وبزخم عال وسريع.
والسعودية دولة محورية واستقرارها الداخلي وتماسكها له أهميه ليست محلية فقط، بل دولية أيضاً، ونحن السعوديين، نسعى إلى أن يكون لنا مكان في المستقبل، ولا نرهن انفسنا للماضي. ومن هنا أبايع الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد على كتاب الله وسنة رسوله وعلى السمع والطاعة في المنشط والمكره وفي العسر واليسر.