ماريا معلوف: هذا الرجل سر تَمردي
أفراح الطيار - جدة :
تؤمن أن للرجل في حياة المرأة دوراً قائماً على المشاركة والدعم المتبادل، وليس على إلغاء المرأة ودورها في الحياة؛ من هنا يمثل لها الرجل الشريك والندّ، من حيث الإنسانية والفكر ودوره تكاملي مع ما تقوم به في حياتها العملية. تلك هي فلسفة الاعلامية ماريا معلوف التي اشتهرت بتقديم برنامج "بلا رقيب" على "نيو تي في"، وانتخبت الإعلامية الأجرأ لثلاثة اعوام على التوالي، ونالت جائزة امرأة العام 2013، في مهرجان زحلة للإبداع.
تؤكد معلوف أن الرجل الذي أسهم في بلورة شخصيتها المتمردة التي تتحدى الخطوط المجتمعية التي تؤطر المرأة في كادر محدد، كان الكاتب والمفكر الراحل نصري المعلوف الذي عمل على صقل شخصيتها دون ان يفرض هيمنته. عرفت بمعارضتها للانظمة الديكتاتورية في العالم العربي، ومدافعة شرسة عن حقوق المواطن العربي ضد حاكمه. وتعرضت لحملة مركزة من قبل نظام ولاية الفقيه في ايران والاسد في سوريا. اصدرت مجلة "مرآة الخليج" وتعدّ اول امرأة عربية تتولى رئاسة تحرير جريدة سياسية في لبنان. تؤكد أن برنامجها "بلا رقيب" هو ببساطة صوت الشعوب الى ضمائر الحكام. استضاف اكثر من 2000 شخصية عربية وغربية من رؤساء جمهوريات وحكومات ووزراء واصحاب رأي مؤثرين في مجتمعاتهم. وهنا تفاصيل حوار "الرجل" معها:
*بداية ماذا يمثل الرجل في حياة ماريا معلوف؟
في البدء لا بدّ من القول ان الكون قائم على الثنائية بين كل ما هو حيّ فيه، والجنس البشري لا يخرج عن تلك القاعدة، فحياة البشر قائمة على الثنائية بين الرجل والمرأة، ومن هنا أنطلق لأقول ان للرجل في حياة المرأة دوراً قائماً على المشاركة والدعم المتبادل، وليس على الغاء للمرأة ودورها في الحياة الاسرية بداية، وصولاً الى الحياة المجتمعية، من هنا الرجل يمثل لي الشريك والندّ من حيث الانسانية والفكر، ودوره تكاملي مع ما اقوم به في حياتي العملية، خصوصاً أنني امرأة تتمتع باستقلالية فكرية وعاملة وناشطة في المجال الانساني والمجتمعي، وألعب دوراً إعلامياً.
* من هو الرجل الذي كان له تأثير في مسيرة حياتك ؟
لعل الإجابة عن هذا السؤال تستحضر شخصية الرجل المحاور، المنفتح على الآخر، لاسيّما المرأة التي ينظر اليها شريكاً فاعلاً، غير أن الرجل الذي أسهم في تبلور شخصيتي المتمردة التي تتحدى الخطوط المجتمعية التي تؤطر المرأة في كادر محدد، كان الكاتب والمفكر الراحل نصري المعلوف، إذ أسهم في صقل شخصيتي، دون ان يفرض هيمنته، فأمسك بيدي على طريق سبر أغوار الفكر الحرّ غير المقيد والمنفتح على الآخر.
* من هو الرجل المثالي في فلسفتك ؟
تعبير الرجل المثالي "شعار" أو "كليشيه" عامة، فلا احد في هذا الكون يصل إلى المثالية في كل تصرفاته، فمابالكم بالرجل! وفي فلستفي الشخصية ان الرجل الذي يقترب من المثالية هو الذي يحمل صفات الرجولة، والذكاء والحنان، ويمتلك القدرة على استيعاب طموحات شريكته في الحياة، ويعمل على تحفيزها من اجل تحقيق أحلامها، دون يشعر بالغيرة، ويمتلك الحكمة والحلم عند الغضب.
* هل تؤمنين بمقولة خلف كل رجل عظيم امرأة ؟
بالطبع؛ وإن كان في إجابتي انحياز للمرأة التي أناصرها في كل مطالبها، وأعمل على ذلك من خلال دوري الإعلامي، وهذا الدفاع والمناصرة دفعاني إلى المشاركة في فيلم عادل سرحان "بيترويت" الذي عالج قضية المرأة المعنّفة؛ فالمرأة تقوم بتضيحات كبيرة من اجل دعم شريكها في الحياة، وفي كثير من الاحيان على حساب حياتها وأحلامها وطموحاتها.
* وهل برأيك خلف كل امرأة عظيمة رجل ؟
هنا المعادلة تختلف، حيث يقلّ وجود رجل يقدم على تقديم تضحيات في سبيل شريكته، إلّا الرجل الذي يتمتع بثقة عالية بنفسه، ويرى أي نجاح تحققه، نجاحاً له، ويملك القدرة على اجراء المصالحة مع نفسه.
* حدّثينا عن مسيرتك العلمية ؟
أنهيت دراستي الثانوية في ثانوية راهبات العائلة المقدسة، والتحقت بالجامعة اللبنانية كلية العلوم الاجتماعية، وأنجزت رسالة الماجستير بعنوان: "التاريخ السياسي لآل الهراوي"، تقديراً لرئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي، وحزت ديبلوماً في الدراسات العليا بعنوان "إلغاء الطائفية السياسية بين المؤيدين والمعارضين"، وعززت فكرة الاطروحة بمقالات وأبحاث ومحاضرات في لبنان والدول العربية. وأنا عاكفة الآن على تحضير رسالة الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي.
ولي مؤلفات "امرأة تبحث عن وطن"، و"التاريخ السياسي لآل الهراوي"، و"إلغاء الطائفية السياسية"، و"التزوير الصهيوني للمسيحية"، وكتاب "المرأة التونسية زمن التحديات".
* ومسيرتك المهنية ؟
أنا صحفية ومذيعة وناشرة وكاتبة لبنانية، قدمت برنامج "بلا رقيب" في "نيو تي في"، وعرفت بمعارضتي للانظمة الديكتاتورية في العالم العربي، ومدافعة شرسة عن حقوق المواطن العربي ضد حاكمه، وتعرضت لحملة مركزة من نظام ولاية الفقيه في إيران والأسد في سوريا. وأصدرت مجلة "مرآة الخليج". وأنا اول امرأة تتولى رئاسة تحرير جريدة سياسية في لبنان، واخترقت مجال الطباعة والنشر، من خلال شركة "ماريا المعلوف للصحافة والطباعة والنشر" التي تصدر عنها "الرواد" جريدة لبنانية، سياسية، يومية، ويعود تاريخ صدورها الى عام 1932، وتصدر أسبوعياً مؤقتاً منذ عام 2011 ، وتميّزت بإجرائها اول حديث صحافي مع حبيب الشرتوني الذي اغتال الرئيس بشير الجميل والمتواري عن الانظار، كما تصدر منذ عام 2007 إلكترونياً، فضلاً عن توزيعها الخبر العاجل الذي يواكب آخر التطورات في الساحتين اللبنانية والعربية.
وأطلقت اول قناة تلفزيونية على اليوتيوب تحمل اسم "الرواد تي في".
* اشتهرتِ بتقديم برنامج "بلا رقيب" على "نيو تي في"؛ حدّثينا عن فكرته، ولماذا توقف؟
"بلا رقيب" برنامج هو ببساطة صوت الشعوب الى ضمائر الحكام، وهذا الشعار رفعته منذ انطلاقة البرنامج، إيماناً مني بأن على الحكام الاستماع الى شعوبهم وصراخهم في مواجهة الظلم من التركيبات الحاكمة. واستضفتُ اكثر من ألفي شخصية عربية وغربية من رؤساء جمهوريات وحكومات ووزراء وأصحاب رأي مؤثرين في مجتمعاتهم. وتوقف عن العرض على القنوات الفضائية، لينتقل إلى قناة "الرواد تي في"، بعد أن بلغ سقفاً من الحرية لم تعد القنوات التلفزيونية قادرة على تحمّله.
* من ابرز الشخصيات التي حاورتِها؟
انا آخر إعلامية حاورت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وحاورت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرابيت، والفيلسوف الاميركي فرانسيس فوكو ياما، والمستشار زبينغيو برجنسكي، ورئيس البوسنة حارث سيلاديتش، والأمير خالد الفيصل ومستشار ملك المغرب أندريه أزولاي.
* انتخبت الإعلامية الأجرأ لثلاثة اعوام على التوالي، كيف تصفين الجرأة وما مقاييسها؟
الجرأة أن تمتلكي الحقيقة وتقوليها في مكانها، دون تضخيم او تزلف، أو مواربة، وأن تكوني محصّنة بما يدعم موقفك؛ فالجرأة هي الشجاعة دون تهوّر، والتزام حقوق المظلومين في مواجهة اصحاب السلطة، وهي المواجهة دون تردّد.
* ما سرّ نجاحك في اعمالك؟
حسن الادارة والتصميم على تحقيق النجاح، والوضوح والصدق في انجاز العمل، وعدم الاعتراف بعبارة "مستحيل"، فهذه العبارة لا وجود لها في قاموس حياتي، ومواجهة الصعاب بثقة عالية.
* كيف تقضين يومك ؟
استهلّ يومي بتجهيز ابني ليذهب الى المدرسة، ومن ثمّ اقرأ الصحف، بعدها أتواصل بفريق العمل وأناقش القضايا التي يجب متابعتها. ثمّ أنصرف الى عقد لقاءات واجتماعات عملية، وأبقى في متابعة مستمرة لآخر التطورات السياسية والاقتصادية وأعطي توجيهاتي للنشر. وأنا لا اعترف أن لمهنة الصحافة دواماً، وهذا الأمر تأقلم معه فريق عملي، حيث يمكن ان ننشر أي خبر نحصل عليه ونتأكد من صحته في اي وقت من اليوم.
* كيف توازنين بين أسرتك وعملك ؟
اتعامل مع هذا الامر، مثل الصائغ الذي يعتمد ميزاناً دقيقاً، ولا أقوم بشيء على حساب شيء، وإن كن ميّالة في الآونة الأخيرة الى تخصيص وقت اكبر لناصر.
*هل ترين أن المراة العربية حصلت على حقوقها أمام الرجل، أم أن الطريق ما يزال طويلاً؟
المرأة العربية حققت الكثير من الانجازات على صعيد تحصيل حقوقها، الا ان الطريق مازال طويلاً لتحقيق المعادلة الذهبية، وتحقيق التوازن المنشود.
* ما آخر منصب تعملين فيه الآن؟
رئاسة تحرير مجلة "مرآة الخليج"، وجريدة "الرواد"،
* تقيمين حفلاً سنوياً لتكريم الرواد، حدّثينا عن فكرته ؟
فكرته قائمة على تكريم شخصيات عربية رائدة في مجالات عملها، وهي لا تقتصر على فئة محددة، فكل رائد، هو هدفنا ليحصل على تكريم، وتسليط الضوء على ريادته، وتعميم تجربته، كي يستفيد منها الشباب العربي.
* هل ترين أن المرأة العربية نجحت في البرامج الحوارية؟
بالتأكيد نجحت، وفي كثير من الأحيان حققت ما عجز الرجل عن تحقيقه.