أنواع المهارات الإدارية وأهميتها في بيئات العمل المختلفة
قُدّر عدد الشركات في 2023 بأكثر من 359 مليون شركة حول العالم، وهي زيادةٌ كبيرة إذا ما قورنت بعدد الشركات في 2020، الذي كان يُقدر بنحو 328 مليوناً، فيما يُتوقع أن يستمر هذا الرقم في النمو بالسنوات القليلة القادمة.
انتهى الإحصاء، ولنبدأ في التخيل، تخيل أعداد المديرين داخل كل شركة، وتخيل عدد موظفيهم وعملائهم الذين يتعاملون معهم بشكلٍ دوريّ، ناهيك بتأثير ذلك على الشركات والمجتمع، ثم أسأل نفسك: ألن يكون العالم مكاناً أفضل إذا تحلى المديرون بالمهارات المناسبة؟!
ولكن تُرى ما تلك المهارات؟ هذا ما سنتعرف عليه في السطور التالية.
أنواع المهارات الإدارية
يُصنّف عالم النفس الاجتماعي الأمريكي "روبرت كاتز" المهارات الإدارية إلى ثلاثة أنواع أساسية، هي:
1. المهارات الفنية Technical Skills
وهي المهارات العملية والمعرفية التي يستخدمها المديرون لتحقيق أهدافهم، ولا تقتصر على كيفية تشغيل الآلات والبرامج وأدوات الإنتاج فحسب، بل تشمل المهارات التصميمية والتسويقية التي تجلب العملاء وتزيد المبيعات.
2. المهارات التصورية Conceptual Skills
وتشمل القدرة على التفكير المجرد وصياغة الأفكار، فالمدير الذي يمتلك هذه المهارة يستطيع رؤية الصور الكاملة للمفاهيم وتحليل المشكلات، وإيجاد الحلول بطرقٍ إبداعية، ما يساعد على التنبؤ بالعقبات التي قد تواجه إدارته أو الشركة بأكملها.
3. المهارات الإنسانية أو الشخصية Human or Interpersonal Skills
هي جزءٌ من المهارات الناعمة بكل تأكيد، وهي التي تُمكن الشخص -المدير في حالتنا- من التفاعل والتواصل مع الآخرين بشكلٍ فعال، ومن ثم الاستفادة من الإمكانات البشرية بأفضل شكل ممكن، وتحفيز الموظفين لتحقيق أفضل النتائج.
أهم المهارات الإدارية
1. التواصل الفعال
مهاراتك الفنية والعملية لن تُترجم إلى فائدة حقيقة ما دمت تفتقر إلى مهارات التواصل الفعال، وبصفتك مديراً، عليك أن تشارك احتياج العمل وتوقعاتك مع فريقك، كذلك عليك أن تُزودهم بخطوات مُفصلة، وتشرح لهم بشكلٍ عملي لا لبس فيه آليات تنفيذ المشاريع، ناهيك بأنك يجب أن تكون صادقاً في تواصلك، وتراعي الشفافية قدر المستطاع.
2. التفكير الاستراتيجي
يستطيع المدير الاستراتيجي أن يوائم بين الأهداف اليومية ورؤية المنظمة، فضلاً عن تحديد الأولويات على أُسس زمنيةٍ ثابتة (شهرية أو سنوية مثلًا)، وتصحيح المسار حسب الحاجة، والتركيز على الصورة الكبيرة والأهداف طويلة الأمد بشكل دائم.
اقرأ أيضًا: "الإدارة الكلية".. كيف يثق المدير بفريقه ليحقق النجاح؟
3. التنظيم وإدارة الوقت
نادراً ما يستطيع المديرون تولي مهمة واحدة والتركيز عليها من الألف إلى الياء، وهذه مشكلة حقيقة، فواحدة من أهم المهارات الإدارية هي القدرة على تنظيم الأولويات، وتحديدها بالشكل الذي يؤدي إلى نجاح المنظومة، وهذا لا ينفي أهمية تعدد المهام في بعض الحالات، إلا أن هناك حالات أخرى كثيرة يكون فيها صاحب البالين كاذباً كما يقولون.
كما أن هناك مهارة إدارية مُهمة جداً ومرتبطة بالتنظيم وإدارة الوقت، وهي التفويض، والمقصود بها باختصار أن يُمرر المدير المهام التي يمكن لموظفيه أو فريقه إنجازها، دون الضغط عليهم، حتى يتفرغ هو للمهام الكبيرة.
4. مهارة حل المشكلات
تشمل القدرة على وضع التدابير الوقائية، ومعرفة كيفية تحديد الأسباب الجذرية للمشكلات والتوصل إلى حلٍ فعال، وغيرهم من مهارات حل المشكلات الأخرى التي تتطلب ذهناً حاضراً وطول نفس.
5. القدرة على اتخاذ القرارات
هل تستطيع أن تأخذ قراراً سريعاً، حاسماً، والأهم من ذلك أن يكون إيجابياً؟ إذا كان الجواب بنعم فأنت تمتلك أحد أهم المهارات الإدارية، ولكن، من المهم أن تعلم أن القدرة على اتخاذ القرارات لا تعني مجرد القدرة على انتقاء خيارٍ دون الآخر، فجميعنا نستطيع أن نفعل ذلك، ولكن المقصود هو بناء إطار معرفي ومرجعي يمكن الاعتماد عليه في إيجاد حسم المواقف الحرجة.
6. الذكاء العاطفي
مهارة محورية يجب أن يمتلكها المدير، والموظف، والكبير، والصغير، وأي كائنٍ اجتماعي يختلط بغيره، وفي بيئات العمل تحديداً يجب أن يعرف المدير الذكي كيف يشعر بموظفيه ويفهم ما يريدونه دون أن ينبسوا ببنت شفة، وهذا سر تماسك الكثير من المؤسسات واستمراريتها بغض النظر عن ظروف العمل.
المهارات الإدارية في بيئة العمل
تسألنا في المقدمة: ألن يكون العالم مكاناً أفضل إذا تحلى المديرون بالمهارات الإدارية المناسبة، ونعتقد أن الإجابة تكمن في النقاط القليلة التالية:
إنشاء بيئة عمل صحية
إنَّ تحلي المديرين بالصفات المذكورة أعلاه، وغيرها من الصفات الإدارية الأخرى، سيجعل بيئات العمل صحية عاجلًا آم آجلاً، ما سيجعل الموظفين ينتمون إلى شركاتهم ومؤسساتهم، ومن ثم تحسين الأعمال والاقتصاد، بل حتى العالم أجمع؛ قد يكون الأمر مبالغاً به قليلاً، ولكن فكر ملياً.
تعزيز النمو والتطور
يستطيع المدير أن يُعزز من ثقافة النمو والتطور داخل المؤسسة، كما يستطيع القضاء عليها بالكامل، الأمر الذي قد يُخرج أشخاصاً فاعلة في المجتمع أو أشخاصًا غير منتجين تماماً لا يشغلهم سوى الاستمرار في العيش.
الحفاظ على الموظفين
من المعروف أن رأس مال الشركات الحقيقي هو قوتها العاملة؛ الموظفون، ومن المعروف أيضاً أن المديرين الذين يتلقون تدريبات في الإدارة، غالباً ما يحافظون على موظفيهم بدرجةٍ أكبر، ولهذا فوائد عديدة، منها تقليل النفقات اللازمة للتعيينات الجديدة، وبحسب مؤسسة "ILM UK"، الهادفة إلى مساعدة الأشخاص الأكثر فقراً حول العالم، فإن أكثر من 53% من الموظفين يغادرون أعمالها بسبب اليأس من الإدارة، فيما يعتقد 24% من الموظفين أن مديريهم لم يكونوا مستعدين لحل مشكلاتهم أو حتى التعامل معها، كما أعرب 23% من المشاركين بالاستطلاع عن عدم رضاهم عن مديريهم.
اقرأ أيضًا: ما هي النظرية الكلاسيكية في الإدارة ؟
الفرق بين المهارات القيادية والإدارية
هناك فارقان أساسيان هنا:
1. الرؤية والتنفيذ
كقائد، أنت مُطالب بوضع الخطة طويلة الأمد أو هدف الشركة الكُلي أو النهائي المُسمى بالرؤية، ولذلك يجب أن تمتلك القدرة على التخيل الواسع وتوقع المستقبل بشكلٍ مدروس، أما المدير، فيركز على تنفيذ هذه الرؤية ووضع الخطة اللازمة للوصول إليها من الألف إلى الياء وبالخطوات، بعكس القادة الذين يرون الصورة كاملة.
2. الناس والنتائج
غالباً ما يُركز القادة على الناس، يُشجعونهم، يُلهمونهم، ويشحذون مهاراتهم عن طريق استثمار أوقاتهم في قدرات موظفيهم، لأنهم يعرفون أن نجاحهم سيعود بالنفع على المؤسسة بأكملها، أما المديرون، فيهتمون أكثر بالنتائج وما إذا كانت الخطة تسير بالشكل الذي يريدونه أم لا.
كيف تصبح مديراً ناجحاً؟
اعرف فريقك
حتى تتمكن من بناء الثقة والتواصل الفعال، عليك أن تعرف فريقك وتزيل الحواجز التي لا داعي لوجودها، وهذا لا يعني أن تكون صديق الموظفين المقرب، ولكن كن قريباً منهم قدر المستطاع.
حدد أسلوب إدارتك
يمكن أن يؤثر أسلوب الإدارة على جميع أركان المؤسسة، بدايةً من الاحتفاظ بالموظفين وحتى تحقيق الربحية، وعليه يجب أن تأخذ كل الوقت الذي تحتاجه لتحديد أسلوبك وتحديد ما إذا كان فعالاً على فريقك والعمل بشكلٍ عام أم لا، فالمديرون المهرة عادةً ما يمتلكون أسلوب إدارة أساسيًّا، ومع ذلك تجدهم يتكيفون مع المواقف بشكل ممتاز وبمرونةٍ عالية.
تابع مع فريقك أولاً بأول
في إحدى الدراسات قال 70% من الموظفين إنهم يرغبون مزيدٍ من التواصل اليومي أو الأسبوعي مع مديريهم، ومرةً أخرى، هذا لا يعني أن تعقد اجتماعات مُضيعة للوقت أو لا فائدة منها، عوضاً عن ذلك، اعقد اجتماعات قصيرة، ولكن مفيدة، وتطرق إلى الموضوع مباشرةً بعد أن ترحب بالفرق.
أظهِر ولا تُخبر
بدلاً من إخبار فريقك وموظفيك بالطريقة التي يجب أن يعملوا بها، حاول أن تظهر شغفك بما تخبرهم بفعله حتى يؤدوه على أكمل وجه، كذلك عندما تُثني على أحدهم، أثنِ عليه بشغف ومحبة ولا تجعل كلامك جامداً.
ضع أهدافاً ذكية وتوقعات منطقية
أخيراً وليس آخراً، عليك كمديرٍ أن تضع أهدافاً ذكية عن طريق استخدام "نموذج الأهداف الذكية- SMART Goal Module" الذي تحدثنا عنه سابقاً، كذلك عند وضع التوقعات أو "مؤشرات الأداء الرئيسية- KPIs"، لا بد أن تجعلها واقعيةً قدر المستطاع.
وعموماً تكمن كيفية إدارة المشاريع بنجاح في دمج المهارات الإدارية، أو المهارات الناعمة عموماً Soft Skills، بالمهارات الفنية أو المهارات الصلبة، والتعامل مع مختلف المواقف والتحديات بمرونةٍ كبيرة.