للمديرين التنفيذيين.. نظريات مشهورة تختصر خبرات الإدارة لاعتلاء قمة النجاح
تختصر نظريات الإدارة خبرات الأعمال، وتتعمق في تحليل التفاصيل وبناء التصورات، إذ تعد أفكارًا للمساعدة الذاتية لإدارة مشروعك، وهي الأفكار التي إن تتبعت جذورها، فستجد أنها مبنية على مفاهيم راسخة طورها رواد من أمثال بيتر دراكر، مايكل بورتر، وجون كوتر، بل ربما تعود في بعض الحالات إلى الفلاسفة القدماء مثل صن تزو، ماركوس أوريليوس، ونيكولو مكيافيلي، إذ إنها صمدت أمام اختبار الزمن، ليضيف إليها مفكرون آخرون في العصر الحديث، مثل سايمون سينك وجيم كولينز وغيرها من الأسماء التي دفعت التفكير التجاري إلى الأمام، بينما جعلوا هذه الأفكار أكثر ارتباطًا بتعقيدات عالم اليوم، ومن ثم تحديد الأفكار الأساسية لإدارة الأعمال التي يمكن تطبيقها في سيناريوهات مختلفة، قد تساعد على توجيه بُصلتك بشكل أكثر فعالية نحو النجاح، ولهذا يجب على كل مدير تنفيذي الوقوف للتعرف على هذه النظريات، التي يحظى بعضها بشهرة واسعة، للاستعانة بها عند الحاجة.
وبشكل عام عادة ما يطبق القادة مفاهيم من نظريات إدارية مختلفة تناسب ثقافة الشركة، ورغم أن بعضها يعود إلى قرون مضت، إلا أنها لا تزال توفر أطر عمل مفيدة لإدارة الأعمال، إذ تساهم في تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية، بينما تمنح المديرين استراتيجيات لتسريع عملية صُنع واتخاذ القرار، وتحقيق التكامل بين الفريق مع زيادة الموضوعية، وكلها قواعد تبني الأسس القوية لأي مشروع أو أي شركة تسعى للبقاء، وحسبما يقول "بيتر دراكر" في كتابه القيم "إدارة الذات"، فإن الشركات اليوم لا تدير الحياة المهنية للعاملين في مجال المعرفة، وبدلاً من ذلك، يجب أن تكون المدير التنفيذي لنفسك، وهذا يعني أن الأمر متروك لك لحجز مكانك في العالم ومعرفة متى يجب عليك تغيير المسار، ولكل هذه الأسباب فإنك كمدير تنفيذي في حاجة لمعرفة أهم وأشهر النظريات حول كيفية إدارة الشركة، وهي النظريات الخالدة التي شكلت التفكير التجاري حتى يومنا هذا، ولذلك نختصر بعضها في السطور التالية.
نظرية الإدارة العلمية
كان "فريدريك تايلور" أحد أوائل منظري الإدارة، عندما درس أداء العمل بشكل علمي، ليؤكد على حقيقة أن إجبار الناس على العمل الجاد لم يكن أفضل طريقة لتحسين النتائج، وبدلاً من ذلك أوصى بتبسيط المهام من أجل زيادة الإنتاجية، مع ضرورة استخدام المنهج العلمي لأدائها، بدلاً من اعتماد القائد على حكمه أو التقدير الشخصي لأعضاء الفريق، مقترحًا تعيين هؤلاء في الوظائف التي تناسب قدراتهم، وتدريبهم بشكل كامل والإشراف عليهم لضمان أدائهم، وهو أسلوب مختلف عن الطريقة التي كانت تتم بها إدارة الأعمال قبل ذلك، حيث كان المدير يتمتع بالحد الأدنى من الاتصال مع موظفيه، ولم تكن هناك طريقة لتوحيد قواعد العمل. ووفقًا لـ"تايلور"، فقد كان المال هو الحافز الرئيس للعمل، ولهذا السبب قام بتطوير مفهوم "أجر يوم عادل مقابل يوم عمل عادل"، ومنذ ذلك الحين، تم تطبيق النظرية في جميع أنحاء العالم، فتطورت إدارة الأعمال.
نظرية إدارة النظم
تقدم هذه النظرية نهجًا بديلاً لتخطيط وإدارة المنظمات، إذ ترى أن الأعمال مثل جسم الإنسان، تضم مكونات متعددة، تعمل بانسجام وبشكل متناغم حتى يتمكن النظام الأكبر من العمل على النحو الأمثل، ووفقًا لذلك، يعتمد نجاح المنظمة على عدة عناصر أساسية، وهي: التآزر والاعتماد المتبادل والعلاقات المتبادلة بين الأنظمة الفرعية المختلفة، ما يعني أهمية الموظفين كأحد أهم مكونات الشركة، فيما تعد العناصر الأخرى كالأقسام ومجموعات العمل ووحدات الأعمال حاسمة في تحقيق النجاح، ومن الناحية العملية يُطلب من المديرين تقييم الأنماط والأحداث في شركاتهم لتحديد أفضل نهج إداري، وبهذه الطريقة يكونوا قادرين على التعاون في برامج مختلفة حتى يتمكنوا من العمل ككل وليس كوحدات معزولة، بمعنى إدراك جميع العاملين بالشركة لحقيقة إنهم بحاجة إلى التعاون والعمل معًا لضمان تحقيق الأهداف المشتركة، ومن ثم الوصول إلى النجاح المنشود.
اقرأ أيضًا: "2024 عام التفوق".. رؤى استراتيجية لقادة الأعمال في عصر التحول الرقمي
نظرية إدارة الطوارئ
المفهوم الرئيس وراء هذه النظرية -التي طورها "فريد فيدلر"- يمكن اختصاره في أنه لا يوجد نهج إداري واحد يصلح لكل منظمة، فهناك العديد من العوامل الخارجية والداخلية التي ستؤثر في النهاية على نهج الإدارة المختار، تتحدد في ثلاثة متغيرات من المحتمل أن تؤثر على هيكل المنظمة، وهي: حجم المنظمة، التكنولوجيا المستخدمة، وأسلوب القيادة.
واقترح "فيدلر" أن سمات القائد ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمدى فعاليته في قيادة فريقه، ووفقًا لذلك فإن هناك مجموعة من السمات القيادية المناسبة لكل نوع من المواقف، وهذا يعني أن القائد يجب أن يكون مرنًا بما يكفي للتكيف مع البيئة المتغيرة، ويمكن تلخيص هذه النظرية على النحو التالي:
- لا يوجد أسلوب محدد لإدارة المنظمة.
- يجب أن يكون القائد سريعًا في تحديد أسلوب الإدارة المناسب لموقف معين.
- المكون الأساسي هنا هو مقياس زملاء العمل الأقل تفضيلاً، ويتم استخدامه لتقييم توجيه المدير.
نظرية X وY
قدم عالم النفس الاجتماعي "دوجلاس ماكجريجور" هذه النظرية في كتابه "الجانب الإنساني للمؤسسة"، إذ خلص إلى أن هناك أسلوبين مختلفين للإدارة يسترشدان بتصوراتهما لدوافع أعضاء الفريق.
المديرون الذين يفترضون أن الموظفين لا مبالين أو لا يحبون عملهم يستخدمون النظرية X وهي نظرية سلطوية، فيما يتم استخدام النظرية Y بواسطة المديرون الذين يعتقدون أن الموظفين مسؤولون وملتزمون ولديهم دوافع ذاتية، وهذا هو أسلوب الإدارة التشاركية الذي يؤدي إلى بيئة عمل أكثر تعاونية، وخلص إلى أن المنظمات الكبيرة قد تعتمد على النظرية X للحفاظ على تركيز الجميع على تحقيق الأهداف التنظيمية، أما الشركات الصغيرة، حيث يكون الموظفون جزءًا من عملية صُنع القرار وحيث يتم تشجيع الإبداع، فتميل إلى استخدام النظرية Y، وقد جاءت هذه النظرية لتتخذ موقفًا متوازنًا بين وجهتي نظر أحدهما تفترض أن الناس كسالى بطبيعتهم لا يستطيعون العمل في غياب الحوافز، بينما تعتقد الأخرى أنهم مجتهدون ومبدعون ويمكنهم تحقيق علاقة تعاونية قائمة على الثقة.
نظرية التنظيم الإداري
قام "هنري فايول" بتطوير هذه النظرية بينما كان يفحص إحدى المنظمات من منظور المديرين والمواقف التي قد يواجهونها، إذ اعتقد أن القادة لديهم خمس وظائف رئيسة هي التنبؤ، التخطيط، التنسيق، القيادة، والسيطرة، وقد طور مبادئ تحدد كيف ينبغي للقادة أن ينظموا فرقهم ويتفاعلون معها، فيما اقترح ألا تكون المبادئ جامدة، إذ ينبغي ترك الأمر للمدير لتحديد كيفية استخدامه للإدارة بكفاءة وفعالية، كما حدد هذه المبادئ ووضع لكل منها إطارًا محددًا لما تعنيه، وتشمل: المبادرة، الإنصاف، السلسلة العددية، مكافأة الموظفين، وحدة الهدف، الانضباط، تقسيم العمل، السلطة والمسؤولية، وحدة القيادة، خضوع المصلحة الفردية للمصالح العامة، المركزية، النظام، استقرار الوظيفة، وروح العمل الجماعي. ولعل جميع هذه المبادئ تعد نقاط ارتكاز قوية، تضمن لكل شركة أو منظمة الاستمرار في تحقيق أهدافها كما هو متوقع، إذا استطاع كل مدير وقائد تطبيقها بمهنية واستخدامها بمهارة.
اقرأ أيضًا: هل تعرف نظرية "الموظفين الكسالى"؟ إليك طريقة "بيل غيتس" لإنجاز المهام الصعبة
نظرية الإدارة البيروقراطية
تركز نظرية الإدارة البيروقراطية، التي طورها "ماكس فيبر"، على هيكلة المنظمات في تسلسل هرمي، بحيث تكون هناك قواعد واضحة للحوكمة، بما يضمن التحكم الكامل في مختلف العمليات داخل هذه الشركات، وتتضمن النظرية مبادئ لإنشاء هذا النظام، إذ من الضروري هنا إيجاد تسلسل قيادي، وتقسيم واضح للعمل، وفصل الأصول الشخصية والتنظيمية للمالك، مع وجود قواعد وأنظمة صارمة ومتسقة، وحفظ جيد للسجلات مع التوثيق الدقيق، واختيار وترقية الموظفين بناءً على مهامهم، حيث يرتبط الأداء هنا بالمؤهلات، وقد لعبت هذه النظرية دورًا رئيسًا ومهمًا في وضع المعايير والإجراءات التي تمثل جوهر معظم المنظمات في حاضر الأعمال، وربما يستمر تأثيرها الواضح ليمتد للمستقبل، إذ تقدم خارطة طريق متكاملة لكيفية بناء وإدارة الشركات، بينما توفر أسسًا نظرية وعملية محكمة للوصول إلى ما ترى أنه الشكل الأمثل لهذه الإدارة ومكوناتها.
نظرية العلاقات الإنسانية
تم تطوير هذه النظرية من قبل "إلتون مايو"، الذي أجرى تجارب تهدف إلى تحسين الإنتاجية، والتي أرست بدورها الأساس لحركة العلاقات الإنسانية، حيث كان تركيزه على تغيير ظروف العمل مثل الإضاءة وأوقات الراحة وطول يوم العمل، وقد قوبل كل تغيير اختبره بتحسن في الأداء. وفي النهاية خلص إلى أن التحسينات لم تكن بسبب التغييرات، بل نتيجة اهتمام الباحثين بالموظفين وجعلهم يشعرون بالتقدير، فقد أدت هذه التجارب إلى ظهور نظرية مفادها أن الموظفين يحفزهم الاهتمام الشخصي وكونهم جزءًا من مجموعة أكبر من المال أو حتى ظروف العمل، ومن ثم أكدت على أهمية العلاقات الاجتماعية والتحفيز ورضا الموظفين في مكان العمل.
والحقيقة أن عديدًا من النظريات والتصورات التي عرضنا بعضها أكدت بشكل أو بآخر هذا المعنى، فيما تستمر نظريات الإدارة المختلفة في إثراء حقول الأعمال بالمزيد من التصورات، التي أسهمت تلك النظريات الأولى في تحقيقها.