الإدارة المالية للأعمال.. مفهومها وأهدافها واستراتيجيات تحقيقها
لا تقتصر الإدارة المالية على إدارة المصروفات الروتينية من إيجارٍ وفواتير وأقساط وما إلى ذلك، بل قد تمتد وتتشعب إلى ما هو أبعد من هذه الأمور، وتحديدًا إلى المستوى المطلوب لنجاح كلٍ من الأفراد والشركات على اختلاف الأهداف والغايات؛ فبدون إدارة مالية سيكون مصير أي مشروع، شخصي أو مؤسسي، أن يفشل فشلاً ذريعًا.
ما هي الإدارة المالية؟
سواء كنت فردًا أو رئيس شركة أو مؤسسة -صاحب عمل-، فإنك لا بد أن تكون على دراية بمفهوم الإدارة المالية؛ إذ يَمَسُ هذا المفهوم كلاً من الأفراد العاديين وأصحاب العمل على حدٍ سواء. ويُعنَى بالإدارة المالية التخطيط الاستراتيجي وإدارة الشؤون المالية للفرد أو لصاحب العمل بشكل يتماشى مع أهدافهم وغاياتهم، وذلك بناءً على عدة عوامل تُحددها نفس هذه الأهداف والغايات.
على مستوى المؤسسات والشركات، فإن الإدارة المالية تهدف في المقام الأول إلى زيادة نسبة الأرباح، وهذا يتطلب اتخاذ قرارات استثمارية سليمة ومدروسة، والاعتماد على استراتيجية مصقولة لإدارة وتحليل المخاطر الواردة من أجل التقليل من فرص حدوثها.
أما على المستوى الفردي، فالإدارة المالية تختص بأهداف من قبيل التقاعد المبكر، أو الاستثمار في العقارات، أو حتى إدارة المصروفات الشهرية، بل واليومية. فإذا كنت شخصًا يصرف ماله بحكمة ويترك في خزانته ما يعينه على تخطي الأحداث الطارئة، وتأمين مستقبلٍ قريبٍ لدرجة الغد أو بعيد لدرجة سنوات مستقبلية، فهذه تُسمى إدارة مالية.
وللإدارة المالية للأعمال أنواع 3 رئيسة تعتمد على عوامل مختلفة مثل حجم الشركة، صناعتها، وأهدافها. هذه الأنواع الثلاثة يمكننا أن نحصرها في الاستثمار، خطط الأرباح، والقرارات المالية المختلفة بشكل عام. وبالطبع تختلف هذه المسمّيات والحاجة إليها حسب الوقت الذي نتحدث عنه.
ولتوضيح مفهوم الإدارة المالية للأعمال، دعونا نضرب مثالاً عمليًا: لنفترض أن المدير التنفيذي CEO لشركة ما تعمل بمجال تصنيع الساعات، قرر أن يُقدّم ساعة جديدة بتصميم عصري ليس موجودًا بالسوق. بهذه المناسبة، اجتمع المدير التنفيذي مع فريق الإنتاج ليحددوا الميزانية التي سيحتاجونها لتصنيع هذا المنتج، وذلك يشمل أسعار المواد الخام التي سيستخدمها في المُنتج الجديد "الساعة"، تكاليف العمالة، وتكاليف التشغيل والتغليف، إلخ.
بعد تحديد الميزانية أو تكلفة تصنيع هذه الساعة الجديدة، تبدأ المرحلة الثانية التي يتوجب على الشركة فيها أن تعثر على مصدر تمويل مناسب، مثل المستثمرين، وبعد الاستقرار على مصدر التمويل، بل والحصول على الميزانية المُتطلَّبة، يأتي دور المرحلة الثالثة وفيها يتعين على المدير المالي CFO أن يستخدمها -الميزانية- بكفاءة شديدة حتى تنتهي الشركة من تصنيع المُنتج، ويشمل ذلك التفاوض مع موردي المواد الخام وغيرها من الأساليب التي تحتاج إلى خبير بحق. وإن كنت تعتقد أن دور المدير المالي ينتهي بمجرد دخول الساعة إلى الأسواق فأنت مُخطئ؛ إذ يكون من الضروري بعدها مُراقبة وجمع البيانات المالية المختلفة مثل نتائج المبيعات، بل والتأكد من توفر السيولة المالية اللازمة لدفع أجور العاملين في حالة ما إذا قررت الشركة أن تزيد من عجلة وحجم الإنتاج.
ما الفرق بين الإدارة المالية للأفراد والأعمال؟
إن كان هناك قاسمًا مشتركًا بين الإدارة المالية للأفراد والإدارة المالية للأعمال، فسيكون أن كليهما يتطلب إدارة النفقات بحكمة والاستثمار في موارد مُستدامة تُدِر دخلاً مُعتبرًا مع مرور الوقت. ولكن، يجب أن نعلم أن الفروقات شاسعة، وإليكم -في نقاط- أبرزها بين هذا وذاك:
1. الهدف من الإدارة المالية
بالنسبة للأعمال: عادةً ما يكون الهدف من الإدارة المالية هو تحقيق المزيد من الأرباح وزيادة حجم النشاط التجاري، فضلاً عن زيادة قيمة حقوق المساهمين والمستثمرين Shareholders value. وإذا أردنا أن نحصر الأهمية في جُملة، فستكون: ضمان بقاء المؤسسات ونموها.
بالنسبة للأفراد: فالإدارة المالية تمتد إلى ما هو أبعد من الرغبة في شراء سيارة مثلاً، ولكنها في نفس الوقت لا ترقى -في أغلب الأحيان- إلى مستوى الإدارة المالية للمؤسسات والشركات -من حيث تعقيداتها- التي تمتلك أهدافًا كبيرة تليق بمقامها وحجمها، حيث تُركز الإدارة المالية للأفراد على أهداف شخصية في النهاية.
2. من حيث الاستراتيجية
بالنسبة للأعمال: فاستراتيجيات الإدارة المالية تكون معقدة؛ حيث تشمل دراسة مصادر التمويل، وضع رأس المال وقيمة الأسهم، وإدارة وتحليل المخاطر، والفارق الجوهري الذي يميزها عن استراتيجيات الإدارة المالية للأفراد أن حجم المخاطرة فيها يكون كبيرًا.
بالنسبة للأفراد: فتتشابه استراتيجيات إدارتهم المالية مع بعض استراتيجيات الإدارة المالية للأعمال، ولكن على نطاقات أصغر بكثير، إذ يميل الأفراد إلى الاستقرار وتجنب المخاطرة التي قد تؤثر بشكل شخصي عليهم وعلى جودة حياتهم، وهذا ينقلنا إلى النقطة الثالثة.
3. السلبيات الواضحة
بالنسبة للأعمال: في حالة فشل الإدارة المالية، فإن صاحب العمل قد يلجأ إلى الرافعات المالية وغيرها من الحلول والأساليب الأخرى التي تُجنّبه الخسارة الفورية لثروته الشخصية، ما يعني أن أصحاب الأعمال يُخاطرون بأصولهم في المقام الأول، وليس بأموالهم الشخصية بمفهومها المادي، وهذا يعني أن جودة حياتهم قد لا تتأثر بالضرورة.
بالنسبة للأفراد: هنا الوضع مختلفٌ تمامًا؛ فالأفراد العاديون الذين لا زالوا يتحسسون طريقهم نحو الإدارة المالية، لا يمتلكون أصولاً يستندون عليها، وبالتالي فإن إدارتهم المالية يجب أن تكون أكثر حكمة لأنهم في نهاية المطاف يخاطرون بثروتهم الشخصية، أو بالأحرى بجودة حياتهم، على عكس أصحاب الأعمال.
4. من حيث النطاق والتعقيد
بالنسبة للأعمال: تُغطي الإدارة المالية شؤون الشركات والمؤسسات المُعقَدة والكثيرة مثل المبيعات والاستثمارات والتمويل وتكاليف التشغيل إلخ.
بالنسبة للأفراد: فالإدارة المالية هُنا محصورة على المستوى الشخصي للأفراد، أي شؤونهم المالية من دخلٍ شهري ومصروفٍ يومي، والماليات محدودة النطاق بشكل عام.
5. الأدوات المطلوبة لنجاح الإدارة المالية
بالنسبة للأعمال: لا بد أن تستعين الشركات والمؤسسات بالأدوات والتقنيات المُعقَدة للحصول على أفضل نتائج، لا سيما بالنظر إلى حجم السوق ومتطلباته، ولا شك أنه كلما كانت هذه الأدوات والتقنيات أكثر تطورًا، زادت فُرَص نجاح الإدارة المالية "للبيزنس".
بالنسبة للأفراد: يكفي أن يستعين الفرد بتطبيق على جواله حتى يُنظَم ويراقب له نفقاته، بدايةً من النفقات اليومية ومرورًا بالشهرية وليس انتهاءً حتى بالسنوية.
6. المسؤول عن الإدارة المالية
بالنسبة للأعمال: لا يُعقَل أن يولّي صاحب "بيزنس" أو شركة ما أمور مؤسسته المالية إلى هاوٍ، بل يجب عليه أن يعتمد على شخصٍ متخصص يُعرَف بمدير المالية Chief Financial Officer (CFO)، فالأمور تكون مُعقَدة على مستوى الأعمال كما أشرنا.
بالنسبة للأفراد: فلا تستلزم الإدارة المالية مُتخصصًا ماليًا أو اقتصاديًا مُحنَّكًا حتى يُدير أمواله، ولكن يجدر القول إن بعض الأمور تتطلب خبرة وإلّا سيُعَد الإقدام عليها خطوة غير محسوبة، مثل الاستثمار في البورصة على سبيل المثال.
مبادئ الإدارة المالية للأعمال
مثله مثل أي مفهومٍ آخر ذي أهمية، يعتمد مفهوم الإدارة المالية للأعمال على أُسس ومبادئ واضحة يرتكز عليها، وهذه المبادئ هي:
1. وضع أهدافٍ ذكية: تتربع الأهداف الذكية والواضحة على عرش مبادئ الإدارة المالية للأعمال، فبدونها يصبح من الصعوبة بمكان أن يصل "البيزنس" إلى أي شيء. وبالمناسبة، لكي توصَف الأهداف بالذكية، فيجب أن تكون تعتمد على مقياس الـ SMART، أي مُحددة Specific، وقابلة للقياس Measurable، وقابلة للتحقيق Attainable، وذات صلةٍ بما نريد أن نصل إليه Relevant، وأخيرًا مُقيدة بوقت مُحدد Timely.
2. الإدارة الحكيمة لرأس المال: ويتحقق ذلك بوضع هيكلٍ ثابت يتم اعتماده كمرجع أساسي للإنفاق، فضلاً عن القاعدة الثابتة والمعروفة، وهي: أنفِق أقل مما تربح. أيضًا تشمل الإدارة الحكيمة لرأس المال الفاعلية في استخدامه؛ بمعنى اختيار المجالات الاستثمارية الصحيحة للإنفاق، وشراء أدوات تكنولوجية يُمكن الاعتماد عليها في إنجاز الأعمال.
3. الشفافية ثم الشفافية: ويُقصَد بها توثيق المعلومات المالية بطريقة نزيهة والسماح للموظفين المعنيين بالاطلاع عليها، وذلك لكسب ثقتهم وجعلهم يبذلون قُصارى جهدهم في العمل على زيادة الأرباح.
4. المتابعة الدورية للأهداف ومساءلة المتخاذلين: قُلنا إن أهداف الإدارة المالية يجب أن تكون واضحةً وقابلة للقياس ومقيدة بوقت مُعين إلخ، وأعتقد أن السبب قد تَكشَّف الآن؛ إذ تُساعد هذه العوامل أصحاب "البيزنس" على متابعة تقدمهم بشكلٍ دوري، ودونها -المتابعة-، انسَ أمر التقدم الملحوظ. ونفس الشيء ينطبق على مساءلة المتخاذلين في الإدارة المالية بالطبع.
5. الابتكار والتحول الرقمي: باعتماد "البيزنس" على الحلول التقنية المبتكرة، مثل نظام إدارة علاقات العملاء CRM، ستتم إدارة المُدخرات بشكل أفضل وكفاءة أعلى، كما ستتوفر حلول دقيقة لمتابعة الميزانية وسُبُل الإنفاق.
6. الحفاظ على المستثمرين: تعتمد جميع الشركات والمؤسسات تقريبًا على أموال المستثمرين، وهذا يعني أن الحفاظ عليهم، عن طريق إشراكهم في كل شيء تقريبًا، هو مبدأ من مبادئ الإدارة المالية السديدة وواجبٌ لا مفر منه، وذلك لضمان نجاح طويل الأمد ولضمان استمرارية "البيزنس" نفسه من الأساس.
7. الإيفاء بالوعود: سواء في حالة المستثمرين أو الموظفين؛ إذ بإعطائهم وعودًا وخلفها، قد تفقد قوةً عاملة محورية يعتمد عليها "البيزنس" بشكلٍ كبير، وهذه مخالفة فجة لمبادئ الإدارة المالية الرشيدة.
8. إدارة المخاطر المالية: يُقصَد بهذا المصطلح، والذي سنستخدمه بضع مرات في هذا المقال بالمناسبة؛ عملية تحديد وتقييم والحد من جميع المخاطر التي قد يواجهها الفرد أو صاحب العمل نتيجةً لنقص السيولة المالية، ويُمكننا أن نُقسّم المخاطر إلى المالية إلى 4 أقسام:
- "مخاطر السوق- Market Risks": يُقصَد بها الخسارة التي قد تواجهها الشركة نتيجة تحديات ما موجودة في سوق صناعتها.
- "مخاطر الائتمان- Credit Risks": وتحدث نتيجة عجز شركاء العمل أو العملاء عن سداد التزاماتهم المالية من فواتير وما إلى ذلك.
- "مخاطر نقص السيولة المالية- Liquidity Risks": على عكس مخاطر الائتمان، يحدث هذا النوع عندما تعجز الشركة أو المؤسسة نفسها من سداد الالتزامات المالية قصيرة الأجل نتيجة لعدم توفر السيولة المالية، ويتطلب هذا النوع بالتحديد متابعة مستمرة والتأكد من وجودة وفرة مالية على الدوام.
- "المخاطر التشغيلية- Operational Risks": وتشير إلى المخاطر المالية التي قد تحدث عند ارتفاع تكاليف التشغيل الداخلية من أنظمة، بل وقد وحتى من العمالة.
9. السيولة المالية: على ذكر السيولة المالية، فهي أحد أهم مبادئ الإدارة المالية التي يجب أن تكون متوفرة في أغلب الأوقات، ويُستَخدم هذا المفهوم للإشارة إلى وجود فائض مالي، إضافة إلى إمكانية تحويل الأصول بشكل سهل وفوري إلى نقود ملموسة.
10. التواصل المستمر: بتواصل صاحب العمل مع عملائه أو مستثمريه بشكل دوري، ستُبنى علاقة وطيدة بينهم، ما قد يعني جذب المزيد من العملاء والشركاء المستثمرين.
أهمية الإدارة المالية
1. جذب المستثمرين: لا ينفك المستثمرون عن استهداف المؤسسات والشركات التي تُولي للإدارة المالية اهتمامًا كبيرًا، وهذا ببساطة لأنهم يعلمون أن أموالهم لن تضيع سُدى، وأن استثمارهم في "بيزنس" يُقدّر الإدارة المالية هو استثمارٌ مضمون لا ريب. وبعد أن ذكرنا أهمية المستثمرين ودورهم في نجاح الأعمال، لا بد أنك الآن على دراية بمدى هذه الأهمية.
2. زيادة الربح: من المنطقيّ أن جذب المستثمرين يعني زيادة فُرص الربح -عِلمًا بأن هذا ليس ارتباطًا شرطيًا-، وكلاهما لا يُمكن أن يتحقق دون إدارة مالية حكيمة وموزونة، والنقطة القادمة تُعزز من هذا التصور.
3. الإدارة الحكيمة لرأس المال: إذا راجعت المبدأ الثاني من مبادئ الإدارة المالية أعلاه، فستلاحظ أننا اعتمدناه مرة أخرى هنا، فلماذا يا تُرى؟ يرجع السبب في ذلك إلى أن الأمر أشبه بالدائرة المُفرغة؛ فبدون مبدأ الإدارة الحكيمة لرأس المال، لن يتحقق مفهوم الإدارة المالية، ودون الإدارة المالية، لن يُدار رأس المال بطريقة حكيمة، أي أنك تستطيع اعتبارهما وجهان لعُملة واحدة.
4. الخروج من المآزق المالية الفُجائية: لا أحد يعلم من أين ستأتيه المصائب، وجميعنا -بلا استثناء- مُعرَّضون لانتكاسات قد تتسبب في ضياع كل شيء بنيناه، ومع ذلك، بالتسلح بالإدارة المالية السديدة يُمكننا أن نواجه هكذا مآزق ونحن مطمئنون، فحتى وإن كنا سنتكبد بعض الخسائر، يكفي أننا -على الأقل- سنحافظ على ما بنيناه.
5. زيادة قيمة "البيزنس" واستقراره الاقتصادي: تعني زيادة الربح الكثير من الأشياء، من أهمها زيادة قيمة "البيزنس" بشكل عام والمحافظة على استقراره الاقتصادي حتى في الظروف العصيبة، وهذا لأن الإدارة المالية تشتمل على مفاهيم مهمة لتحقيق هذه الغاية مثل احتواء التكلفة Cost Containment، والتنوع في الاستثمار، وما إلى ذلك من دواعي الاستقرار الاقتصادي.
6. تحسين الكفاءة التشغيلية: إذا كنت تتساءل عن العلاقة بين الإدارة المالية والكفاءة التشغيلية، فدعني أخبرك أن هناك علاقة شبه شرطية بينهما؛ حيث تُحسّن الإدارة الجيدة للأموال من زيادة الإنتاجية عن طريق توفير بيئة عمل مريحة مثلاً، وهذه النوعية من بيئات العمل لا يُمكن أن تحدث في حالات العوز إلى المال.
7. تفادي المشكلات القانونية: حيث تؤدي الإدارة المالية الجيدة للشركات والمؤسسات إلى سداد الالتزامات المالية، من ضرائب ومصروفات تشغيلية Operating Expenses وإلخ، وبالتالي تجنب الوقوع في فخ أي مشكلة قانونية قد تواجههم.
8. وضع استراتيجيات مُحكَمة: توفّر الإدارة المالية السليمة لأصحاب الأعمال رفاهية وضع استراتيجيات مُحكَمة لتحقيق الأهداف قصيرة الأمد، كما تُساعدهم في تنفيذ الخطط وتعطيهم مؤشرات أداء دقيقة.
وبشكل عام، كانت، ولا تزال، الإدارة المالية للأعمال أحد أهم الأشياء التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار، فتأثيرها على مستقبل "البيزنس" هائل -بالمعنى الإيجابي-، وما يُمكن أن تُحدثه من نقلات نوعية يُجبر جميع أصحاب الأعمال على دراسة مبادئها وتطبيقها في شركاتهم أو مؤسساتهم. وبعد أن تناولنا مبادئ وأهمية هذا المفهوم، دعونا نتعرف على أبرز أهدافه بالنسبة للأعمال.
أبرز أهداف الإدارة المالية للأعمال
للإدارة المالية أهدافٌ كثيرة -تتقاطع مع الأهمية والمبادئ أيضًا-، ولعل أحد أهم هذه الأهداف، إن لم يكن أهمها، هو ضمان بقاء ونمو المؤسسات والشركات. فبدون إدارة مالية، قد تضطر الشركات والمؤسسات إلى إعلان إفلاسها كما نرى ما بين الفينة والأخرى.
وعمومًا، تُوجد عوامل كثيرة تؤثر على بقاء ونمو المؤسسات والشركات مثل الظروف الاقتصادية العاصفة التي يتحتم عندها انخفاض المبيعات وزيادة تكاليف كل شيء تقريبًا، والمنافسة الضارية التي قد تتسبب في انخفاض الأرباح، ولو أن المنافسة تكون في صالح المستهلكين، وثالثًا التغيرات التكنولوجية التي تؤدي إلى مواكبة مستمرة قد تُهلك من لم يستعد لها. وللتغلب على ما سبق، تبرز الإدارة المالية بأهدافها الواضحة، والتي من ضمنها:
1. تنظيم السيولة النقديّة والتأكّد من توافرها حال الحاجة إليها
وذلك عن طريقة المتابعة الدورية لرأس المال، من خلال إعداد ميزانية للدخل والمصروفات، وإدارة المخازن، وتحليل البيانات المالية عمومًا بُطرق فعّالة يُفضَل أن يتم الاعتماد فيها بشكل كلي على التكنولوجيا لدقتها وكفاءتها "راجع المبدأ الخامس من مبادئ الإدارة المالية".
2. مواكبة التغيّرات الاقتصادية المحلية والعالمية
بالاتكاء على عدة ممارسات أبرزها التحليل والتخطيط المالي المدروسين، فضلاً عن إدارة المخاطر، وغيرهم، يُمكن أن تقاوم الشركات والمؤسسات التغيرات الاقتصادية العاصفة، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، بل حتى تتنبأ بها قبل أن تحدث، ومن ثم تُغير الكثير من الأمور مثل أسعار المنتجات وأسواقها المُستهدَفة وما إلى هذه الخطوات التي تتطلب حريةً مالية لا تتحقق سوى بالإدارة المالية المدروسة للأعمال.
3. الوفاء بالالتزامات المالية
دون تخطيط مالي جيد وإدارة حكيمة للسيولة النقدية، لن تستطيع المؤسسات والشركات أن تفي بالتزاماتها المالية، ولا ننسى أن التخطيط المالي والإدارة الحكيمة للسيولة النقدية هما صورتان من صور الإدارة المالية بشكل عام.
4. المحافظة على احتياطي نقدي مناسب لمواجهة أي أحداث غير متوقّعة
تُساعد الإدارة المالية الشركات على تحديد حجم الاحتياطي النقدي المناسب لها، إضافة إلى أنه يساعدهم في وضع خطة طوارئ مالية للتعامل مع الأحداث غير المتوقعة، وهذا يعني أنَّ شركة تمتلك احتياطيًّا نقديًّا يبلغ 50 مليون دولار مثلاً، ستستطيع أن تستمر في عملها إن حدثت مشكلات فُجائية -مثل انخفاض الطلب على منتجاتها- دون الحاجة إلى طلب تمويل إضافي.
5. زيادة ربحيّة الأعمال
زيادة الإيرادات، خفض تكاليف التشغيل أو التفاوض على أسعار أفضل مع المورّدين، إدارة الأصول بشكلٍ أفضل.. كُل هذه الأمور التي توفّرها الإدارة المالية تعني زيادة أرباح وربحية "البيزنس" جملة وتفصيلاً.
6. دراسة السوق ووضع المؤسسة مقارنة بالمنافسين
إنَّ انعزال المؤسسات والشركات عن السوق يعني هلاكها بكل تأكيد. لا بد وأن يستعين أصحاب "البيزنس" بخبراء في الإدارة المالية لا لفوائد الإدارة المالية المذكورة أعلاه فحسب، وإنما لجمع البيانات المالية للشركات المنافسة، ومن ثم تحليلها وإعداد تقارير عنها فيما يُعَد شكلاً من أشكال دراسة السوق ودراسة وضع المؤسسة نفسها مقارنة بالمنافسين. حينها فقط تكون المؤسسة أو الشركة على الطريق الصحيح.
7. قياس مدى نجاح المؤسسة ومقارنة أدائها الحالي بالسابق
وأخيرًا وليس آخرًا، بالإدارة المالية السليمة، ستستطيع الشركات أن تُحدد أهدافها المالية الحالية بدقها، فضلاً عن قياس أداءها وموقفها الحاليين بما كانت عليه سابقًا وبالتالي تستطيع التحسين من نفسها والسير في السار الصحيح. دون هذا الأمر لن يكون هناك تقدمًا؛ لأن ما لا يُقَاس، لا يتطور.
استراتيجيات الإدارة المالية للأعمال
تُوصَف استراتيجية الإدارة المالية بأنها عملية التخطيط، المراقبة، والتخصيص لموارد الشركة المالية بشكل يضمن تحقيق أهداف الشركة عمومًا، وأهدافها المالية على وجه الخصوص. وتعتمد استراتيجيات الإدارة المالية على خطط طويلة الأمد لتحقيق الأهداف، والتي بدورها تعتمد على السوق المستهدف والمنافسين والإيرادات.
من أمثلة استراتيجيات الإدارة المالية؛ استراتيجية خفض التكاليف وذلك بتحسين الكفاءة التشغيلية وخفض النفقات غير الضرورية، واستراتيجية توسيع الأعمال التي تُستَهدَف فيها أسواق جديدة وعملاء جُدد، وأخيرًا وليس آخرًا استراتيجية زيادة الإيرادات التي تتحقق بزيادة المبيعات أو رفع الأسعار.