المحافظ الاستثمارية..أنواعها والخطوات الأهم في بنائها
في عالم الاستثمار، هناك العديد من المصطلحات الشائعة، مثل المحافظ الاستثمارية، التي على الرغم من أن بناءها قد يبدو أمراً مربكاً في البداية، إلا أنها تُعد خطوة حاسمة في سبيل تحقيق الأهداف المالية على المدى البعيد أو القريب حسب استعدادك للمخاطرة.
في السطور التالية تصحبك منصة "الرجل" للتعرف على مفهوم المحافظ الاستثمارية بمزيدٍ من التفصيل، بينما نتطرق إلى أنواعها، وحجم المخاطر، فضلاً عن خطوات احترافية بناء محفظتك الاستثمارية.
ما هي المحافظ الاستثمارية؟
المحافظ الاستثمارية هي مجموعة من الأصول المالية التي يمتلكها المستثمر، مثل السندات والأسهم والعقارات وصناديق الاستثمار المتداولة، بهدف كسب عوائد مالية مباشرة أو زيادة قيمتها بمرور الوقت، ويختلف هذا النوع عن الاستثمار المباشر الذي يتطلب تدخلاً مستمراً من صاحب الشأن أو صاحب رأس المال، ولهذا فالمحافظ الاستثمارية يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق الدخل السلبي Passive income، وهو الدخل الذي لا يتطلب مجهوداً يُذكر.
ولعل كلمة السر في نجاح المحافظ الاستثمارية هي التنويع، حيث تعتمد فكرتها بشكلٍ أساسي على توزيع الاستثمارات على الأصول المختلفة، بما يمكن تشبيهه بلغة بسيطة في تجنب وضع كل البيض في سلة واحدة، ومن ثم تقليل احتمالات الخسارة قدر المستطاع.
تساعد المحافظ الاستثمارية أصحابها كذلك على الوصول لأهدافهم المالية طويلة الأمد، سواء كانت للتقاعد أو شراء منزل جديد أو تأمين مستقبل الأبناء، إلخ، الأمر يعتمد فقط على تخصيص الأصول بالشكل المناسب.
أنواع المحافظ الاستثمارية
بشكلٍ عام، يمكننا تقسيم المحافظ الاستثمارية إلى نوعين رئيسين: نوع استراتيجي وآخر تكتيكي.
النوع الاستراتيجي يشتمل على شراء الأصول بهدف تحقيق عائد مادي كبير على المدى البعيد، أو دخل مالي مستمر، أو كليهما معاً، مع نية الاحتفاظ بهذه الأصول لمدة طويلة.
أما النوع التكتيكي فيكون عبر بيع وشراء الأصول المالية باستمرار، بما يتناسب مع السوق، والعرض والطلب لتحقيق مكاسب سريعة.
ولكن بنظرة أكثر تفحصاً سنلاحظ أننا نستطيع تقسيم استراتيجيات المحافظ الاستثمارية إلى 5 أنواع، على الأقل من حيث حجم المخاطرة، وهذا هو الأمر الأهم:
1. المحافظ الاستثمارية المهاجمة Aggressive Portfolios: كما يتضح من اسمها، تتطلب مستثمراً جريئاً، وذلك لأن الهدف منها هو تحقيق أعلى عوائد ممكنة، ولكن على حساب الجزء الأكبر من رأس المال أو رأس المال كله.
2. المحافظ الاستثمارية الدفاعية Defensive Portfolios: وهي على النقيض من النوع الأول، إذ يكون الهدف منها الحفاظ على رأس المال قدر المستطاع، وذلك بالتركيز على الأصول المالية الآمنة التي تضمن الاستقرار إلى حدٍ كبير، وهذا ليس نهجاً سيئاً، ولكن حجم عوائده ليس كبيراً كالنوع الأول.
3. المحافظ الاستثمارية المتوازنة Balanced Portfolios: استراتيجية يفضلها الكثيرون، لأنها تجمع بين الاستثمارات عالية المخاطر والاستثمارات الآمنة، وبعبارة أخرى، تسعى المحافظ الاستثمارية المتوازنة إلى تحقيق نمو معتدل مع إدارة المخاطر بشكلٍ معقول.
اقرأ أيضًا: المال والشهرة…! أغنى 6 مقدمي برامج تلفزيونية في العالم
4. محافظ المضاربة Speculative Portfolio: يشبه النوع الأول من حيث نسبة المخاطر العالية، ناهيك أن أسهم المضاربة عادة ما تُمثل عمليات تداول وليس استثماراً، ولهذا لا عجب أن الخبراء يوصون بعدم استخدام أكثر من 10% من الدخل في تمويل هذا النوع من المحافظ الاستثمارية.
5. المحافظ الهجينة Hybrid Portfolio: إذا كنا سنختصر المحافظ الاستثمارية أو نحصرها في نوعٍ من أنواعها الفرعية، فسيكون في المحافظ الهجينة، التي تعتمد على تنويع الاستثمارات قدر المستطاع، وخلطها بنسب ثابتة نسبياً لتحقيق المرونة وشيء من الأمان.
هل أنت مستعد لمخاطر المحافظ الاستثمارية؟
عند بناء محفظتك الاستثمارية عليك أن تستعد للسيناريو الأسوأ "الخسارة"، بقدر استعدادك لتحقيق العوائد، مع تحديد مدى استعدادك لتحمل المخاطر، إذ سيعكس ذلك موقعك من تحقيق عوائد عالية، هذه الفكرة أساسية لأنها تؤثر على توزيع الأصول والاستراتيجية العامة لمحفظتك، وإليك بعض العوامل التي يجب أن تحتكم إليها قبل أن تخطو أي خطوة في عالم الاستثمار بشكلٍ عام:
1. النطاق الزمني:
إذا كان هدفك من الاستثمار طويل المدى، مثل التقاعد بعد 20 أو 30 عاماً، حينها ستستطيع أن تتحمل المزيد من المخاطر لأنك ستملك وقتاً كافياً للتعافي، والعكس بالعكس لأن الأهداف المالية القصيرة، مثل شراء منزل خلال بضع سنوات، تستوجب اتباع نهجٍ أكثر تحفظاً لتجنب الخسائر.
2. الوضع المالي:
قبل أن تأخذ المخاطرة عليك أن تسأل نفسك: هل دخلك ثابت وتمتلك من الأصول ما يكفي للمخاطرة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فخذ خطوة الاستثمار قياساً على حجم غطائك النقدي.
3. المرونة النفسية:
أحد أهم العوامل التي يجب مراعاتها أيضاً، والمقصود بالمرونة النفسية هنا شيئان: القدرة على تحمل الخسائر على المستوى النفسي، والتكيف مع تقلبات السوق بشكل منطقي، بحيث لا يتسبب صعوده أو هبوطه في دفعك لاتخاذ قرارات خاطئة.
4. الخبرة:
هي العامل الرابع والأخير، فبامتلاك الخبرة يمكن للمستثمر أن يخاطر دون قلق من تقلبات السوق، أما المستثمرون الجدد، فعادةً ما يميلون للانتهاجات الحذرة، مع التركيز على الاستثمارات الآمنة حتى يبنوا الثقة والخبرة اللازمين للمخاطرة.
اقرأ أيضًا: إدارة ميزانية الأسرة.. استراتيجيات بسيطة لتحقيق النجاح المالي بذكاء
كيف تبني محفظتك الاستثمارية؟
الحديث عن بناء المحفظة الاستثمارية ليس بالأمر الهيّن، ويتطلب النظر في الكثير من الاعتبارات، غير أننا نستطيع تلخيصه في نقاط ثلاث رئيسة، وهي:
1. اختر أصولك الاستثمارية بحكمة:
وهذا يعتمد على عاملين رئيسين: أولهما طبيعة حياتك، فإذا كنت في مقتبل الشباب وليس لديك أي التزامات فيفضل أن توزّع استثماراتك وتأخذ المخاطرة عن معرفة، على عكس شخص يعول أسرته ويتعين عليه دفع مصاريف ابنه الدراسية الباهظة، أما العامل الثاني، وبمناسبة المخاطرة، فهو تقييم مدى استعدادك لتحمل الخسائر عن طريق مراعاة العوامل التي تحدثنا عنها في السطور السابقة.
2. حدد استراتيجيتك الاستثمارية:
أو بمعنى آخر، حدد فئات الأصول التي ستستثمر فيها، سواء كانت أسهمًا فردية أو سندات أو صناديق الاستثمار المشترك أو صناديق المؤشرات المتداولة، إلخ، وتذكر أن تراقب السوق وتُعدل على محفظتك الاستثمارية بما يتناسب مع التغييرات، وهذا يأخذنا للخطوة الثالثة.
3. أعد تقييم محفظتك باستمرار:
لأن السوق، فضلاً عن موقفك المالي ومدى رغبتك واستعدادك لتحمل المخاطرة، يتغيران مع مرور الوقت، ومن ثم عليك دائماً أن تنظر في استثماراتك التي أصابت وحققت الهدف المرجو منها، والأخرى التي لم تحقق النتائج المتوقعة، وبناءً على ذلك تُغير من توزيع الأصول، مع ضرورة بيع الأصول الفائضة عن طريق تحديد الاستثمارات التي تمثل نسبة أكبر من محفظتك مقارنةً بالتوزيع المطلوب، والعكس، ولا تنسَ الاعتبارات الضريبية.
وأخيراً، تذكر أن بناء المحفظة الاستثمارية عملية يجب أن تتخللها دراسة جيدة، تشمل ضرورة التنوع مع تحديد الأولويات، وبشكلٍ عام، تذكر أن المحافظ الاستثمارية هي واحدة من أساسيات عالم المال، وبفهمها جيداً، لن تحقق العوائد التي تنشدها فحسب، بل ستصل إلى أبعد درجات الاستقرار والاستقلال الماليين على المديين البعيد والقريب.