الأمراض المزمنة.. كيف تؤثر في صحتك ونفسيتك؟ وكيف تتعامل معها؟
تتسلّط الأمراض المزمنة على الإنسان كُلّما تقدّم به العمر، وكُلّما أهمل صحته ونظامه الغذائي في مرحلة الشباب، ارتدّت عليه هذه الأمراض مع ضعف الجسم وتراخي قواه، فالاضطرابات المزمنة تتسلّل إلى الجسم ببطءٍ شديد، لكنّها في النهاية قد تُبقِي المريض طريح الفراش، فكيف يعيش الإنسان بكفاءة مع تلك الاضطرابات المزمنة؟ وما هي التغذية المناسبة لها؟
ما هي الأمراض المزمنة؟
يُستخدَم ذلك المصطلح للإشارة إلى أي مرضٍ يستمر بمرور الوقت ولا يزول، أو يتكرّر باستمرار من وقتٍ لآخر، وهو عكس الأمراض الحادة، التي تُشِير إلى مرضٍ يحدث سريعًا، وقد يكون مشكلة خطيرة، لكنّه يتطوّر بسرعة كبيرة.
الفرق بين الأمراض الحادة والمزمنة
لتوضيح الفرق بين الأمراض الحادة والمزمنة، فإنّ النوبات القلبية مثال واضح على الأمراض الحادة؛ إذ يكون المرء على ما يُرام، ثُمّ في غضون دقائق فقط يُعانِي نوبة قلبية تُهدِّد حياته، وتتطلّب رعاية طبية طارئة.
أمّا الأمراض المزمنة فتزحف ببطء بمرور الوقت، وتتطوّر أعراضها تدريجيًا، وقد تنتهي بمضاعفات خطيرة على الأمد البعيد، وأوضح الأمثلة على ذلك مرض السكري، الذي قد ينتهي بتلف الشبكية أو الفشل الكلوي بعد سنوات، أو غيره من الاضطرابات المزمنة.
أمثلة على الأمراض المزمنة
حسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC"، تُعدّ الاضطرابات المزمنة، مثل أمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسرطان والسكري والسمنة، والتهاب المفاصل من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا.
وغالبًا ما تنشأ هذه الأمراض بسبب نمط المعيشة الخامل قليل الحركة، أو عدم الاهتمام بالتغذية السليمة التي تحمي الجسم من الأمراض.
اقرأ أيضًا:كيف يمكن اكتشاف مرض السكر دون تحليل؟
الاكتئاب المزمن
وليست الاضطرابات المزمنة جسدية فحسب، بل هناك أمراض نفسية مزمنة أيضًا، مثل اضطراب الاكتئاب المستمر "PDD"، وهو نوع من الاكتئاب المزمن يُعانِي فيه الشخص أعراضًا أقل حدة من اضطراب الاكتئاب الشديد "MDD"، لكنّه يظل مستمرًا لمدة عامين على الأقل.
ورغم أنّ اضطراب الاكتئاب المستمر أقل حدة من الاكتئاب الشديد، فإنَّه طويل الأمد، وقد يُصعِّب على المريض القيام بأنشطته اليومية، كما يُعرِّضه لخطر الانتحار.
عوامل خطر الإصابة بأمراض مزمنة
تشمل أبرز عوامل الخطر التي تزيد فرص الإصابة بأمراضٍ مزمنة:
- التدخين.
- ارتفاع ضغط الدم.
- قلة النشاط البدني.
- ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم.
- السمنة.
- المداومة على تناول طعامٍ غير صحي.
- زيادة مستويات السكر في الدم.
- شُرب الكحول.
ما هو تأثير الأمراض المزمنة عليك؟
لكل مرضٍ مزمن سمات خاصّة به، لكنّها قد تشترك في بعض الأعراض، حسب موقع "clevelandclinic"، مثل الألم والإرهاق، والتقلُّبات المزاجية، بل إنّ الألم والإرهاق قد يستمرّان على مدار اليوم، كما قد يكون للأمراض المزمنة أثر نفسي على الإنسان، مثل:
- الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية.
- الاكتئاب والقلق.
- التوتر المستمر.
كذلك قد يكون للأمراض المزمنة أثرٌ في قدرة الإنسان على القيام بعمله، خاصةً مع المعاناة من التهاب المفاصل، أو غيرها من الأمراض التي تُؤثِّر في حركة الإنسان، وما لم يكن الإنسان قادرًا على العمل، فقد يُواجِه صعوباتٍ مالية.
علاج الأمراض المزمنة
بخلاف الأمراض الحادة؛ يتطلّب علاج الاضطرابات المزمنة طرقًا علاجية مُتنوّعة، لتخفيف الأضرار الجسدية والاضطرابات النفسية، فالاكتئاب من المضاعفات الشائعة للأمراض المزمنة، ولذلك تشمل طرق العلاج:
1. تغيير نمط المعيشة
قد تُؤدِّي بعض التغييرات في نمط المعيشة في تقليل شِدّة الأعراض، كما قد تُساعِد في التعامل مع الأمراض المزمنة بصورةٍ أفضل، ومن أبرز ما يُنصَح به، حسب موقع "verywellmind":
- تدوين اليوميات: كتابة الأعراض "الجسدية والنفسية" التي تُعانِيها قد تُساعِدك في تتبُّع مرضك، كي تتمكّن من الاستعداد له بشكلٍ أفضل، كما أنّها تُساعِد في التعامل مع المشاعر السلبية التي قد تنتابك من وقتٍ لآخر.
- النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية: يعتمد نوع الطعام على طبيعة المرض المزمن الذي يُعانِيه الإنسان بالطبع، ومع ذلك ينبغي استشارة الطبيب لاختيار النظام الغذائي المناسب، والذي يُوفِّر العناصر الغذائية الضرورية للجسم.
- النوم: النوم جيدًا كل ليلة ضروري للتغلُّب على الألم والاكتئاب، وقد يكون النوم صعبًا على المُصابِين بأمراضٍ مزمنة؛ إثر قلقهم وتوترهم، لكن ينبغي مع ذلك محاولة النوم، وذلك من خلال تجنُّب الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، والكافيين، وعدم الأكل مباشرةً قبل النوم، أو ما يُعرَف بالنوم النظيف.
اقرأ أيضًا:مرض «هاشيموتو».. تعرف على أسبابه وفرص الشفاء الممكنة
2. مضادات الاكتئاب أو أدوية القلق
غالبًا ما يُعانِي المُصابون بأمراضٍ مزمنة الاكتئاب السريري أو القلق، بسبب الأعراض التي تُصاحِب المرض المزمن، وفي تلك الحالة قد يحتاج بعض المرضى إلى مضادات الاكتئاب أو أدوية القلق، مثل البرازولام، وكلونازيبام، وذلك حسب توجيهات الطبيب.
3. علاج المرض المزمن
يختلف علاج الاضطرابات المزمنة، حسب نوعها، وذلك عائد إلى توجيهات الطبيب، وفيما يلي أمثلة على ذلك:
- علاج مرض السكري: يُمكِن علاجه في المراحل الباكرة بضبط النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية، فإن لم تنجح في التحكم في مستويات السكر في الدم، فتُوصَف الأدوية، مثل ميتفورمين أو الأنسولين.
- علاج ارتفاع ضغط الدم: يتضمّن تناول أدوية ضغط الدم، مثل حاصرات بيتا "بروبرانولول مثلاً"، أو مدرات البول، مثل هيدروكلوروثيازيد، أو أدوية أخرى، مثل فيراباميل، وذلك حسب توجيهات الطبيب.
- علاج السرطان: يختلف علاج السرطان حسب المرحلة التي وصل إليها بين استئصالٍ جراحي، أو علاج كيميائي أو علاج إشعاعي، وأحيانًا المزج بين بعض هذه الطرق العلاجية معًا.
التغذية السليمة للمصابين بالأمراض المزمنة
يحتاج مرضى الأمراض المزمنة إلى بعض التقييدات الغذائية لعيش حياةٍ صحية، وذلك يختلف حسب المرض المزمن من بين تلك التقييدات:
- تقليل تناول الأملاح.
- شُرب المزيد من الماء وتجنُّب المشروبات السكرية.
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الخضراوات والحبوب الكاملة.
- تفضيل البروتين الخالي من الدهون، مثل الدواجن والأسماك على اللحوم الحمراء.
- تناول 5 أو 6 وجبات أصغر على مدار اليوم بدلاً من 3 وجبات كبيرة.
- تقليل تناول البوتاسيوم في حالة مرض الكلى المزمن، ومن مصادره البرتقال والبطاطا والطماطم.
- تقليل تناول الفوسفور "منتجات الألبان واللحوم المُصنَّعة" في حالة مرض الكلى المزمن، وكذا السوائل.
كيفية العيش بكفاءة مع الأمراض المزمنة
نظرًا للتأثيرات الجسدية والنفسية للأمراض المزمنة، فقد تكون هناك حاجة إلى الدعم النفسي لمرضى الأمراض المزمنة، إلى جانب التعامل مع المشكلات الجسدية، وتشمل أبرز طرق التعايُش من الاضطرابات المزمنة:
1. التحكم في التوتر
قد يُؤدِّي التوتر المستمر إلى صعوبة تعامل المريض مع المرض المزمن الذي يُعانِيه، لذلك يجب تخفيف التوتر قدر المستطاع بممارسة التمرين البدني الآمن لمرضى الأمراض المزمنة، مثل المشي الخفيف، والسباحة، وركوب الدراجة، وحمل الأوزان، مع البدء تدريجيًا.
كذلك قد يُساعِد التنفس العميق أو ممارسة هواية تحبها كالقراءة أو التنزه أو غير ذلك على تخفيف التوتر رغم المرض المزمن.
اقرأ أيضًا:هل يتحول مرض كرون لسرطان وما أعراضه وطريقة علاجه؟
2. طلب المشورة الطبية
إذا لم تتمكّن من التعامل مع التوتر أو الاكتئاب أو القلق مع المرض المزمن، فرُبّما تُساعِدك استشارة الطبيب في التعامل مع هذه المشكلات، لعيش حياة أفضل.
3. الدعم
تُساعِد مجموعات الدعم على تعزيز الحالة النفسية للمرضى، إذ يتحدّث مع الآخرين الذين يشعرون بما يشعر به، وتُعدّ مجموعات الدعم مكانًا رائعًا لمشاركة الأفكار والتنفيس عن الإحباطات، فمجرد أن يعلم الإنسان أنه ليس وحده يجعله يتصرّف بإيجابية.
التعامل مع الآثار الجانبية لعلاجات الأمراض المزمنة
لا يخلو دواء من أثر جانبي ولو طفيفًا، وفيما يلي أهم النصائح للتعامل مع تلك الآثار الجانبية:
- تجنُّب قيادة السيارة مع تغيُّم الرؤية.
- الرياضة وكثرة شُرب الماء حال المعاناة من الإمساك.
- شُرب الماء والسوائل وتناول الأطعمة الغنية بالماء، مثل الفواكه، للتغلب على الجفاف.
- استشارة الطبيب لتقليل جرعة الدواء أو تغيير موعده إن كان يُسبِّب دوارًا.
- تناول أدوية الغثيان حال المعاناة منه.