إدارة الموارد البشرية.. ما أهميتها وأهم استراتيجياتها لرفع أداء الشركات؟
إدارة الموارد البشرية من أهم الأقسام التي يُعتَمَد عليها بشكل كبير في أي مؤسسة أو منشأة، كونها تسهم بشكل كبير في نجاح واستدامة الشركات في ظل ما يشهده العصر الحالي من تطورات بشتى المجالات.
والحقيقة أن المؤسسات صارت تدرك أن الأصول البشرية هي المحرك الرئيس للتطوير والنمو الاقتصادي، ومن هنا تبرز أهمية إدارة الموارد البشرية لدورها الفعّال في تحقيق التوازن بين احتياجات الموظفين وأهداف الشركة.
وتنطوي مهام إدارة الموارد البشرية على توظيف الكفاءات المناسبة، وتطوير مهارات الموظفين، وتقييم أدائهم، وإدارة العلاقات العمالية، وتصميم نظم المكافآت والتحفيز.
كما تتمثل أهمية إدارة الموارد البشرية في عدة محاور من أبرزها أنها تعزز الابتكار والإبداع داخل الشركة من خلال توجيه الاهتمام نحو تطوير المهارات وتحفيز روح الفريق، إلى جانب إسهامها في تعزيز مستوى التفاعل الإيجابي بين الإدارة والموظفين لجعل بيئة العمل صحية ومثمرة، ودورها أيضًا المرتبط بتحديد استراتيجيات التطوير المؤسسي وتعزيز التنوع والمساواة في فرص العمل.
ما هي إدارة الموارد البشرية؟
إدارة الموارد البشرية أو كما تُعرف في الإنجليزية بـ "Human Resources" هي واحدة من أهم الإدارات في أي منشأة. ويمكن تعريفها بأنها الإدارة المسؤولة عن عمليات إدارة موظفي المنشأة، اختيار الموظفين الجدد، إعداد برامج تدريب الموظفين ووضع السياسات التي تحكم العلاقة بين العاملين والإدارة.
وكان الظهور الأول لتلك الإدارة مع بدايات القرن الماضي، وبعدها بدأ يزداد نطاق انتشارها بدءًا من ستينيات القرن الماضي، وقد كان يطلق هذا المصطلح على جميع العاملين في المنشأة بشكل عام.
ولعل الهدف الأبرز التي تعمل من أجله إدارة الموارد البشرية هو التأكد من التعامل مع الموظفين على أنهم أصول للمؤسسة أو للجهة التي يعملون فيها، لدرجة أن مسؤولي هذا القسم يُطلق عليهم في أوقات كثيرة "إدارة رأس المال البشري (HCM)"، وهو ذلك المصطلح الذي اعتمد على نطاق واسع خلال الآونة الأخيرة في كثير من المنشآت والمؤسسات الكبيرة.
موقع الموارد البشرية في تسلسل الإدارة في المؤسسات
لا شك أن الموارد البشرية تتقاطع في كثير من المحاور بحكم العمل وآلية تنفيذه مع باقي إدارات المؤسسة، بما في ذلك الإدارة العليا، وهو شيء طبيعي ومنطقي من منطلق الدور الشامل الذي تقوم به الموارد البشرية في مختلف الأنشطة والعمليات التي تحدث طوال الوقت في الشركة.
ويرتبط الدور الذي يقوم به مسؤول الموارد البشرية بمديري الإدارات، فمثلاً، قد يحتاج مدير إدارة المحاسبة بعض المعلومات الإحصائية من قسم الموارد البشرية، ولهذا لا بد أن تكون المعلومات جاهزة ومتاحة لدى هذا القسم، وهو ما ينطبق على باقي الإدارات، إذ لا بد من وجود تكامل وتفاعل بين كل الإدارات.
عملية الاختيار والفحص
دائمًا ما توكل للعاملين في إدارة الموارد البشرية مهمة فحص واختيار المتقدمين لشغل الوظائف في الشركات، وعادة ما يلجأ مدير أي إدارة بالمؤسسة أو المنشأة إلى هذا القسم كي يساعده على استقدام الكفاءات أو الخبرات التي تتطلبها الوظيفة الشاغرة في أي إدارة من الإدارات.
ولا يقتصر دور الإدارة البشرية على انتقاء الموظفين المناسبين، بل يمتد دورها إلى فحص واستبعاد المرشحين غير المؤهلين، أو المرشحين الذين لم يستوفوا الشروط، أو لم يظهروا المهارات المطلوبة.
وكذلك من ضمن المهام التي تقع على كاهل الإدارة البشرية هو فحص المرشحين والتعرف على وضعية حالتهم الصحية، وإن استدعى الأمر، إخضاعهم للاختبارات المرتبطة بتعاطي المخدرات. ومن ثم المساهمة في اتخاذ القرار سواء بتعيين الموظف بدوام كامل، أو جزئي، أو عقد مستقل.
التوجيه والتدريب
يكون لمسؤولي إدارة الموارد البشرية دور أيضًا مع باقي الإدارات فيما يتعلق بتوجيه الموظفين وتدريبهم، بإرشادهم لسياسات الشركة واستكمال الأوراق اللازمة لشغل الوظيفة، والعمل أيضًا على استقطاب موظفين جدد للالتحاق بالشركة، مع توفير دورات تدريبية للموظفين الجدد.
تحديد حزم المكافآت
تطلب إدارة الشركات الصغيرة في بعض الأحيان من قسم الموارد البشرية المساعدة فيما يتعلق بتحديد المرتبات للموظفين في مختلف الوظائف التي يشغلونها، وذلك لرغبة الإدارة العليا مثلاً في التعرف على متوسط الرواتب التي يمكن تقديمها للموظفين بنفس الوظائف في مختلف الشركات.
وكذلك قد يكون لإدارة الموارد البشرية دور مع مديرى الإدارات في تحديد الامتيازات التي يمكن أن يتحصل عليها الموظفون، بما في ذلك التأمين، والعطلات المدفوعة، ونظم الإجازات، وخطط التقاعد.
التعامل مع مخالفات السياسات واللوائح
من المهام التي يُكلف بها أيضًا قسم الموارد البشرية كل ما يتعلق بالشكاوي والمشكلات والأمور الحساسة، إذ يقوم بدور الوساطة في تحري وحل الشكاوى التي قد تحدث، والتحقيق في حال حدوث مشكلة، والاسهام في تسوية الأزمات وإنهائها دون مشاكل، والعمل أيضًا لتقادي حدوث دعاوى قضائية.
أهمية إدارة الموارد البشرية
1- اختيار الكفاءات من الموظفين
من أولى المهام التي تعني بها إدارة الموارد البشرية هي اختيار الموظفين ذوي الكفاءة الذين يمكن الاستفادة من خبراتهم في الوظائف التي يتقدمون لها، وهي مهمة أساسية بالنسبة للموارد البشرية، وعادة ما تسندها لهم الإدارات العليا في الشركات كونهم الأكثر احتكاكًا بسوق التوظيف.
والحقيقة أن الإدارة تسهم في عملية صُنع القرار المؤسسي، وذلك عبر تقييم أداء الموظفين الحاليين، انتقاء الموظفين الجدد، والتحضير للمستقبل وفقًا لمتطلبات العمل ومقتضياته الحالية والقادمة.
ومن الجدير ذكره بهذا الخصوص أن مسؤولي الموارد البشرية يحرصون على تحليل الفوائد وتقليل التكاليف بإدارة التوظيف، والتفاوض مع الموظفين المحتملين والحاليين، مع اكتشافهم مزايا الموظفين التي تحتاج إليها الشركة إذا اتخذت قرارها بتوظيف أعداد إضافية أو الاحتفاظ بالحاليين.
2- تطوير الموظفين
من المهام الأخرى التي تنوط بها إدارة الموارد البشرية في أي منشأة هي تولي مسؤولية البرامج التدريبية التي تعني بتطوير مهارات الموظفين وتحسين قدراتهم كل حسب مجال تخصصه.
كما تهتم الموارد البشرية بإقامة علاقات جيدة مع قطاعات الأعمال الأخرى عبر تنظيم اجتماعات العمل، الندوات والاجتماعات الرسمية بالنيابة عن الشركة، إلى جانب دورها المؤثر في تجهيز خطط الأعمال والتسويق للمنشأة، ومن ثم تجنب الكثير من المشكلات في أثناء إدارة المؤسسة لأنشطتها العادية.
3- توفير بيئة عمل إيجابية
إلى جانب الدور الذي تقوم به الموارد البشرية على صعيد توفير الدعم الذي يحتاج إليه الموظفون الجدد والحاليون، فهي تكون منوطة أيضًا بإدارة كثير من أنشطتهم، تحديد مواعيدهم، تخطيط عمليات توظيفهم، تنظيم مقابلاتهم وتسيير شؤون العاملين الحاليين، وحل أي مشكلات قد تكون عقبة أمامهم.
والفكرة من كل ذلك هو العمل على توفير بيئة إيجابية لكل العاملين في مقر الشركة أو المنشأة تفاديًا للخروج عن التركيز أو الانشغال بمشتتات قد تؤثر على جودة أو مستوى العمل المطلوب إنجازه.
وإلى جانب ذلك فان الموارد البشرية تسهم بشكل كبير أيضًا في فض أي نزاعات وحل أي خلافات قد تنشب بين الموظفين ومديري العمل، إذ تهتم بسماع شكاوى الموظفين أولاً، ثم المبادرة بتقديم حلول لمشاكلهم، مع اتخاذ ما يلزم من إجراءات في الوقت المناسب لكي لا تخرج الأمور عن السيطرة.
4- تقييم مستوى الموظفين
مهمة أخرى تقع على عاتق إدارة الموارد البشرية وهي تقييم مستوى الموظفين، على تعزيز الإنتاجية والحد من الخسائر المرتبطة بتراجع أداء الموظفين المتهاونين في الأعمال المنوط بهم إنجازها.
وهو ما تسعى دومًا الإدارة للتحقق منه عبر ضبط نوعية وعدد الموظفين، متابعة أدائهم وقياس مستوى تطورهم، والأهداف التي ينجحوا في الوصول إليها ضمن مخطط الأعمال التي توكل إليهم بشركاتهم.
ويكون للموارد البشرية دور آخر في تلك الجزئية، إذ تتدخل للمساهمة أحيانًا في معالجة أوجه القصور التي تكون لدى بعض الموظفين في بعض المهارات، وتقدم لهم الدعم الذي يحتاجون إليه لتعزيز إنتاجيتهم.
وما يمكن قوله في هذا السياق هو أن إدارة الموارد البشرية تسعى بقوة لتعزيز أداء الموظفين، وحل أي مشكلات أو نزاعات، وهو ما تحققه باتباع استراتيجيات معينة تعزز بها الإنتاجية، وتطور بها العلاقات العامة بين جميع أفراد المؤسسة أو الشركة لأفضل تكامل بين الإدارات المختلفة والموظفين.
أبرز مهام قسم الموارد البشرية
مهام قسم الموارد البشرية في أي شركة أو منشأة عديدة ومتنوعة، ويمكن تقسيمها داخليًا لمجموعة مهام فرعية، ويتولى كل موظف في إدارة الموارد البشرية مسؤولية بعض من تلك المهام.
ويمكن أن تقسّم تلك المهام على موظفي الموارد البشرية كل حسب تخصصه، لكن في العموم تقوم بعض الشركات بتقسيم المسؤوليات إلى مراحل من بينها مرحلة ما قبل تعيين الموظفين، مرحلة ما بعد التعيين، ومرحلة المتابعة وقياس النتائج.
وتتمثل أبرز مهام موظف الموارد البشرية في النقاط التالية:
- المساهمة في قرارات تعيين الموظفين الجدد، والحفاظ على الموظفين الحاليين.
- المساهمة في تحديد الأجور والرواتب بما يتوافق مع متوسط المرتبات المعمول بها في مجال تخصصه.
- المباشرة في التخطيط لتلبية احتياجات المنشأة من الموظفين بمختلف التخصصات على حسب الحاجة.
- المداومة على متابعة إدارة المواهب وتحفيز روح الابتكار لدى الموظفين لضمان تحسين جودة العمل ورفع مستوى الأداء بشكل كبير.
- المباشرة في وضع الاستراتيجيات المنوطة بتعزيز أداء الموظفين وتطوير مستواهم وإدارتها على أفضل ما يكون.
- تحليل ووصف الوظائف طبقًا للمعايير المحددة من جانب المنشأة لضمان استقطاب أفضل الموظفين.
- المباشرة في وضع نظام خاصة بمكافأة الموظفين ومنح المميزين منهم بعض المزايا على حسب أدائهم ومدى التزامهم بتحقيق الأهداف المطلوبة منهم.
- المواظبة على وضع اللوائح والقوانين التي تضمن تنظيم العمل داخل المنشأة، والحرص على تنظيم العلاقة بين الموظفين من ناحية وبين الموظفين والإدارة العليا من ناحية أخرى.
- الحرص على وضع برامج تدريبية للموظفين بشكل دوري لرفع مستواهم وتطوير أدائهم.
- الاهتمام بوضع مخططات ذات درجة عالية من الفعالية للمساهمة في تحسين بيئة العمل وزيادة الإنتاجية.
أبرز استراتيجيات إدارة الموارد البشرية
نستعرض فيما يلي أبرز الاستراتيجيات الحديثة في إدارة الموارد البشرية:
1- استراتيجيات التدريب والتطوير
هي أولى الاستراتيجيات التي تبني على أساسها الشركات خطط التوظيف، وهي مجموعة ممارسات تعني بإنشاء برامج تدريبية الهدف منها تنمية مهارات الموظفين.
ولا شك أن قسم الموارد البشرية يلعب دورًا محوريًا في مثل هذه البرامج التدريبية التي يجب أن تكون فعّالة ومنظمة لضمان تطوير الموظفين العاملين في الشركة على الصعيد المهني، ومن ثم الاستفادة منه كأداء ضمن فريق العمل على أفضل ما يكون، وبالتالي زيادة الإنتاجية بشكل عام.
وتسعى الشركات لتقديم أفضل البرامج التدريبية ضمن هذه الاستراتيجية لضمان توافق الجهد المبذول مع كافة العمليات التي تتم داخلها لتحقيق أقصى استفادة. ويمكن للشركات أن تطبق تلك الاستراتيجية على موظفيها، سواء الحاليين أو المستقبليين، وفق السياسة العامة التي تتبعها بهذا الصدد.
2- استراتيجيات التوظيف
هي استراتيجية تعني بالتأكد من شغل الموظفين المناسبين للوظائف التي تناسب إمكانياتهم ومهاراتهم، وتلك هي الاستراتيجية التي يجب أن يجيدها موظفو الموارد البشرية، بل إنها جزء أصيل من طبيعة عملهم، وهو ما يمكن أن ينسقوه بالتعاون مع مديري الأقسام ليحصلوا من الجميع على أقصى استفادة ممكنة.
وتبرز موهبة موظفي قسم الموارد البشرية في تلك الجزئية في مدى قدرتهم على اختيار أكفأ المرشحين، ومنحهم الصلاحيات التي تخرج منهم طاقاتهم الإبداعية بما يتوافق مع إطار العمل العام للشركة.
وهو جزء من طريقة التفكير الاستراتيجي التي يجب أن يتحلى بها موظفو الموارد البشرية، للمساهمة بفعالية في تعزيز أداء الشركة وتحسين أدائها عبر استقدام أفضل الموظفين والمحافظة عليهم، مع الاستمرار في تدريبهم وتطوير مستواهم للارتقاء بأداء الشركة خلال فترة زمنية قصيرة.
3- استراتيجيات الاستعانة بمصادر خارجية
هي جزء آخر من الاستراتيجيات التي يكلف بها قسم الموارد البشرية لتنسيقها حين تقرر الشركة الاستعانة بشركات أو جهات خارجية، لتتولى نيابة عنها القيام ببعض النشاطات الداخلية والتي يتم معها نقل بعض موظفيها وأحيانًا تنقل أصول من شركة لأخرى.
وتعد فكرة الاستعانة بخدمات "طرف ثالث" في الشركات فكرة قديمة بعض الشيء، وفائدتها توفير الجهد والوقت والمال على الشركات في إنجاز بعض الأمور التي غالبًا ما تكون خارج مجال تخصصها.
4- استراتيجيات التعاون
وهي الاستراتيجيات التي تتم وفق عدة خطوات مسلسلة لضمان أفضل أداء، وتنطوي تلك الخطوات على تحليل احتياجات الفريق ومتطلباته لخدمة أهداف الشركة، تحديد الأهداف العامة المطلوب بلوغها، تحديد شكل التعاون بين أعضاء الفريق، تحديد المسؤوليات، تنمية المهارات، تشجيع التواصل، خلق بيئة تشاركية فعالة، تعزيز الثقة بين الفريق، تقييم الأداء بصورة منتظمة ومستمرة وقياس النتائج والمتابعة في التعليم والتطوير لضمان التحسين المستمر للأداء عمومًا.
5- استراتيجية السلامة العامة
تعد من أبرز الاستراتيجيات الحديثة التي يتبناها قسم الموارد البشرية، وتعني بالتطوير الاستراتيجي للشركة أو المنشأة، لأن الهدف الأول منها هو الحفاظ على سلامة الموظفين وتأمينهم في أماكن عملهم، والتأكد من عدم تعرضهم لإصابات خلال أوقات العمل.
وتأتي تلك الاستراتيجية كأولوية بالنسبة للإدارة العليا للشركة، ولقسم الموارد البشرية كون حياة الموظفين هي أهم وأغلى شيء، وبالتالي يتم بذل الجهد لتقليل الضرر وهو ما يحد بالتبعية من نفقات التأمين العلاجي الخاصة بالموظفين، ومن ثم خفض التكاليف والمصروفات على الشركة.
6- إدارة علاقات الموظفين
هي آخر استراتيجية وتتم بدمجها في العملية التي يتم على أساسها اختيار الموظفين المناسبين للشركة، وهو ما يحسن من آلية عملية التوظيف ويسهل في نفس الوقت من عملية المفاضلة بين المرشحين.
وتساعد استراتيجية دمج العلاقات على تطوير السياسات المرتبطة بالترقية داخل الشركة، بفضل تجهيز وتدريب موظفين داخل الشركة أو نجاحهم في استيفاء شروط معينة ليتحصلوا على مناصب معينة، وهو ما يساعد بالتبعية في الحفاظ عليهم مع تطويرهم وتدريبهم لبلوغ مستويات أعلى.
ما هي استراتيجية الموارد البشرية الحديثة؟
استراتيجية الموارد البشرية الحديثة هي في الأساس خطة كاملة وشاملة تعني بإدارة المورد البشري، بمختلف أنواعه وأقسامه، والفكرة في تلك الاستراتيجية هي أنها لا بد أن تركز على المستقبل، وأن تكون متوافقة مع التوجهات القادمة بما يتماشى مع خطط العمل المقررة من الشركة لتعزيز الأداء.
والمميز أيضًا في تلك الاستراتيجية أنها ذات طبيعة استباقية، وترتبط عادة بالأهداف المحورية التي تسعى الشركات إلى تحقيقها في المنظور القريب. كما أنها ترتبط بالمجال التقني والتطور المستمر الذي يشهده العالم على شتى المستويات، ويمكن القول إنه بمثابة تغيير لطبيعة الوظائف التي يقوم بها مختصو الموارد البشرية داخل الشركات لضمان استقطاب المواهب والمحافظة عليها.
وباختصار يمكن القول إن الاستراتيجيات التي تلجأ إليها إدارة الموارد البشرية في أي شركة أو منشأة تنطوي على عدة جوانب من أبرزها التخطيط، التطوير، التدريب، التقييم، إعداد الرواتب، واستقطاب أفضل المواهب على صعيد الموظفين وتعيينهم في وظائف تبرز قدراتهم والمحافظة عليهم.
الفرق بين الموارد البشرية وشؤون الموظفين
آخر جزئية يمكننا أن نتطرق إليها في هذا المقال هو إظهار الفرق بين الموارد البشرية وشؤون الموظفين، ذلك الأمر الذي يتسبب في حدوث لبس لدى كثيرين لعدم تمكنهم من معرفة الفارق بينهما بوضوح.
ولإظهار الفارق في كل شيء، لا بد من توضيح مفهوم إدارة شؤون الموظفين وإدارة الموارد البشرية، إذ إن هناك تداخلاً في بعض التخصصات بين كلا الإدارتين، ولهذا نوضح أبرز الفروق بينهما فيما يلي:
- مصطلح إدارة شؤون الموظفين هو مسمى تقليدي ونمطي، وعادة ما يتم إطلاقه على الإدارة التي تكون منوطة بالإشراف على مختلف الأنشطة المتعلقة بالقوى العاملة، مثل تحديد المهام والمسؤوليات وإكمال عمليات التوظيف وتنسيق تحديد المرتبات وغيرها من الأمور والمسائل الإدارية.
- ويمكن القول أيضًا إن شؤون الموظفين هي بالأساس وظيفة إدارية يتمثل هدفها الرئيس في التأكد من أن جميع الموظفين يشغلون الوظائف التي تناسبهم وينجزون ما يُطلب منهم وفقًا لما تقتضيه متطلبات الوظيفة، وعادة ما تتبيع إدارة شؤون الموظفين السياسات التي تقرها الشركة للتعامل مع الموظفين.
- أما الموارد البشرية فهي إدارة منفصلة أو قسم إداري يعني بمد يد العون للموظفين، وتمكينهم من اكتساب مهارات جديدة وتطوير ما لديهم من قدرات، وتعزيز إمكاناتهم ليسيروا في الطريق الصحيح لتعزيز أداء وإنتاجية الشركة، وهو ما تباشره الموارد البشرية وفق منهجية وخطط معد لها بشكل جيد.
- مع أن المهمة الأساسية التي تقع على كاهل إدارة الموارد البشرية هي التأكد من منح المهام المناسبة للموظفين المناسبين، بحيث يكون لديهم القدرة على إنجازها على أفضل ما يكون، لكنها تكون منوطة بمهام أخرى مثل مراقبة الأداء، التقييم، التدريب، التطوير وتوفير بيئة عمل صحية للموظفين.
ولهذا يمكن التعامل مع إدارة الموارد البشرية على أنها إدارة ذات نطاق عمل أوسع وأكبر من نطاق عمل إدارة شؤون الموظفين، ونبرز فيما يلي أهم الفوارق والاختلافات الحاصلة بين الإدارتين وهي كما يلي:
1ـ يتسم نهج العمل الذي تتبعه إدارة شؤون الموظفين بكونه نهجًا تقليديًا في المقام الأول، في حين أن الموارد البشرية أسلوب حديث يتطور يومًا تلو الآخر.
2ـ شؤون الموظفين تركز في تعاملها مع الموظفين على أنهم أدوات مهمتها إنجاز المهام الموكلة إليها، أما الموارد البشرية فتتعامل مع الموظفين باعتبارهم أصول ثابتة لدى الشركة من المهم تطويرها وتنمية مهاراتها والحفاظ عليها.
3ـ شؤون الموظفين تعمل وفق أولويات أبرزها إتقان إدارة العلاقات بين الموظفين داخل الشركة، أما الموارد البشرية فتركز أكثر على تطوير مهارات الموظفين وتدريبهم للارتقاء بقدراتهم وتوجيهها في الأماكن التي تناسبهم.
4ـ شؤون الموظفين تهتم بشكل رئيس بفكرة تقسيم العمل بوضوح، أما الموارد البشرية فتفضل العمل على أساس تكوين فرق أو مجموعات بحيث يكون لديها القدرة على إنجاز أي مهام طارئة.
5ـ شؤون الموظفين تهتم في تعاملاتها بعمليات فرض الانضباط على الموظفين وتوجيههم لإنجاز ما لديهم من مهام، أما الموارد البشرية فتهتم أكثر بتعزيز مهارات الموظفين وإعطائهم الفرصة للإبداع والابتكار.
ويمكن القول في الأخير إن فهم أهمية إدارة الموارد البشرية وتنفيذها بفعالية يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة والتطور المستدام للشركات، حيث تعد الاستثمارات في الموارد البشرية استثمارًا حيويًّا لضمان تحقيق الأهداف والنمو المستدام على المدى الطويل.