عندما ينفطر فؤادك من شدة الحزن.. ما هي متلازمة القلب المكسور؟
ترجع "تاكوتسوبو" إلى أول حالة لـ"متلازمة القلب المكسور" في اليابان عام 1990، وهي متلازمة غير شائعة، تُصِيب 1 - 2% من البشر، ومع ذلك فهي تتشابه إلى درجة أن تكون توأمًا لمرض الشريان التاجي الشهير؛ إذ يفشل القلب في ضخّ الدم، كما يبدأ ألم الصدر في الانتشار ويضيق التنفُّس، خاصةً بعد التعرُّض لصدمةٍ نفسية مفاجئة.
ما هي متلازمة القلب المكسور؟
تُعرَف أيضًا بـ "اعتلال تاكوتسوبو القلبي"، وهي متلازمة ينقطع فيها تدفُّق الدم عن جزءٍ كبير من القلب، ما يُؤدِّي إلى خلل وظيفته فجأةً، وذلك مع التعرُّض لصدمات عاطفية مفاجئة، مثل موت أحد الأقارب، أو غيرها.
يُعدّ الخلل الطارئ على القلب مؤقتًا، ويُمكِن له أن يستعيد وظيفته في غضون أيامٍ أو أسابيع مع تلقِّي الرعاية الطبية اللازمة، لكن إن أُهمل الحصول على الرعاية الطبية، فقد تكون متلازمة القلب المكسور مُميتة للإنسان.
ماذا يعني اعتلال عضلة القلب؟
اعتلال عضلة القلب هي المشكلة الرئيسة التي تحدث في متلازمة القلب المكسور، وهو اصطلاح يُشِير إلى مجموعة أمراض عضلة القلب، التي تُضعِفها، ما يجعلها غير قادرة على ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم بكفاءة، وهو عين ما تُسبِّبه متلازمة القلب المكسور، وكذلك غيرها من أمراض القلب.
أعراض متلازمة القلب المكسور
تأتي أعراض متلازمة القلب المكسور بما يُوحِي بنوبةٍ قلبية حادة، كما تأتي هذه الأعراض في غضون دقائق أو ساعات بعد الموقف النفسي الصعب، أو الصدمة العاطفية؛ إذ تُفرَز هرمونات التوتر التي تصعق عضلة القلب مؤقتًا، ما يُؤدِّي إلى ظهور الأعراض التالية:
- ألم الصدر الشديد والمفاجئ.
- ضيق التنفُّس.
- ضعف البُطين الأيسر من القلب.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- هبوط ضغط الدم.
- الخفقان.
- الإغماء.
ما الذي يجعل متلازمة القلب المكسور متفرّدة عن باقي أمراض القلب؟
صحيحٌ أنّ أعراض متلازمة القلب المكسور تُشبِه أعراض قصور الشريان التاجي كثيرًا، لكن هذه المتلازمة تنشأ أولاً بعد صدمة نفسية شديدة، ثُمّ إنَّ 90% من المُصابين بهذه المتلازمة هُنّ سيدات بمتوسط عُمر 66 عامًا.
وما يجعل هذه المتلازمة فريدة من بين أمراض القلب:
- تظهر فجأة في أشخاصٍ أصحاء، لا يُعانُون أمراضًا مرتبطة بالقلب.
- تأتي بعد نوبات التوتر النفسي أو الجسدي الشديد.
- تُشبِه الأعراض أعراض النوبة القلبية أو بالأحرى تُماثِلها.
- في البداية يكون المريض في حالة حرجة بسبب قصور القلب، لكن مع الرعاية المناسبة، يظل على قيد الحياة غالبًا، ويختفي اعتلال عضلة القلب نهائيًا، بخلاف النوبة القلبية الحقيقية التي قد يتلف معها جزء من عضلة القلب بلا رجعة.
اقرأ أيضًا:ما هي متلازمة انحشار الكتف وما أهم أعراضها؟
أسباب متلازمة القلب المكسور
لم يتوصَّل الباحثون إلى السبب الدقيق وراء متلازمة القلب المكسور، ومع ذلك فأغلب الظن أنّ المواقف النفسية الشديدة، مثل الطلاق أو حادث السيارة، أو فقدان وظيفة ما، قد يُسبِّب هذه المتلازمة.
وإذ بالجسم يتفاعل مع هذا الموقف الطارئ، بنشر هرمونات التوتر في الدم، مثل الأدرينالين والنور أدرينالين، والتي يظنُّ الباحثون أنَّها تُعرقِل عمل القلب مؤقتًا في هذه اللحظات الصعبة.
وتتسبَّب متلازمة القلب المكسور في:
- عدم انتظام ضربات القلب.
- تضخُّم جزءٍ من عضلة القلب مؤقتًا "الجزء السفلي من البطين الأيسر".
- زيادة قوة الانقباضات في مناطق القلب الأخرى.
وهذا كُله يُفضِي إلى فشل عضلة القلب المُؤقَّت؛ إذ تضيق الأوعية الدموية الدقيقة المُغذِّية لعضلة القلب، وقد ظنَّ بعض الباحثين أنَّ تشنّج الشريان التاجي هو السبب بدلاً من ضيق الأوعية الدموية الدقيقة.
ومن أمثلة الضغوط النفسية أو العاطفية المفاجئة التي قد تُسبِّب ذلك:
- الحزن فور وفاة أحد أفراد الأسرة، أو خسارة أشياء ذات قيمة كبيرة كالمنزل أو المال أو الحيوان الأليف.
- الأخبار السيئة أو الجيدة.
- الخوف الشديد.
- الغضب العارم.
كذلك قد تنشأ متلازمة القلب المكسور من التوتر الجسدي، مثل:
- الآلام المبرحة.
- بعض المشكلات الصحية، مثل نوبات الربو، صعوبة التنفُّس، نوبات الصرع، السكتة الدماغية، هبوط سكر الدم، أو النزيف الشديد.
لكن هذه المتلازمة أكثر شيوعًا مع التعرُّض للضغوط النفسية أكثر من الجسدية، وإن كان لا ينبغي إغفال ذكر الضغوط الجسدية أيضًا.
مضاعفات متلازمة القلب المكسور
نادرًا ما يُعانِي أحد مضاعفات إثر متلازمة القلب المكسور، ومع ذلك فهي قد تتضمَّن ما يلي:
- وذمة رئوية "امتلاء الرئة بالماء".
- تمزُّق البطين الأيسر من القلب.
- قصور القلب.
- انسداد تدفُّق الدم من البطين الأيسر "الذي يمد كامل أنسجة الجسم بالدم".
- جلطة دموية في جدار البُطين الأيسر "على الأرجح بسبب ركود الدم في البطين الأيسر".
- صدمة قلبية المنشأ.
- إحصار القلب.
- الوفاة.
اقرأ أيضًا:قلق قادة الأعمال ليس قدرًا: تخلص من "متلازمة المحتال" واحتفل بانتصاراتك
تشخيص متلازمة القلب المكسور
يُجرِي الطبيب فحصًا جسديًا ويُراجِع التاريخ المرضي، ثُمَّ قد يطلب بعض الاختبارات لتشخيص متلازمة القلب المكسور، مثل:
- اختبارات الدم لقياس مستويات الإنزيمات المُنبعثة من عضلة القلب في الدم.
- رسم القلب.
- تصوير الأوعية التاجية.
- تخطيط صدى القلب.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية.
- صُورة البُطينات "تُحقَن صبغة داخل عضلة القلب، ثُمَّ يُصوَّر بالأشعة السينية لتحديد حجم بُطينات القلب ومدى قيامها بوظيفتها في ضخّ الدم خارج القلب".
يُستخدَم تصوير الأوعية التاجية في استبعاد النوبة القلبية "تنشأ بسبب انسداد تام لأحد الشرايين التاجية وهو ما لا يحدث في متلازمة القلب المكسور"، أمَّا الاختبارات التصويرية فقد تُساعِد في تحديد الأماكن التالفة من القلب.
علاج متلازمة القلب المكسور
رغم عدم وجود علاجٍ جذري لمتلازمة القلب المكسور، لكنّ معظم المرضى يمتثلون إلى العافية بعد تلقِّي بعض الأدوية، مثل:
- الأسبرين؛ لتحسين تدفُّق الدم ومنع تكوين الجلطات.
- مُثبِّطات الإنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين، مثل كابتوبريل، أو حاصرات مُستقبِلات الأنجيوتنسين، مثل لوسارتان، والتي تخفض ضغط الدم، وتحارب الالتهابات، وتمنع تدهور عضلة القلب.
- حاصرات بيتا، مثل بروبرانولول لإبطاء مُعدَّل ضربات القلب.
- مُدرّات البول؛ لمنع تراكم السوائل في الجسم ومنع الوذمة الرئوية.
كذلك قد تُوصَف بعض الأدوية المضادة للقلق؛ لتخفيف التوتر والوقاية من النوبات المستقبلية، خاصةً خلال تعافي القلب، كما يُفضَّل أيضًا الحصول على علاج نفسي للتعامل مع المشكلات النفسية التي سبَّبت متلازمة القلب المكسور.
طرق الوقاية من متلازمة القلب المكسور
لا تُوجَد طريقة معروفة أو أدوية بعينها للوقاية من متلازمة القلب المكسور، لكن إن تعلّمت السيطرة على توترك النفسي ومشاعرك، فقد يتراجع التوتر المُسبِّب لهذه المتلازمة، ومن تقنيات الاسترخاء التي قد تُساعِدك على ذلك:
- ممارسة التنفس العميق والطويل.
- أخذ حمام دافئ.
- التأمل.
- إضاءة الشموع المعطرة.
- الحصول على قسط وافرٍ من النوم.
- قضاء بعض الوقت مع من تحب.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- استشارة طبيب نفسي.
- الانخراط في أنظمة غذائية صحية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط أو حمية داش.
الفرق بين متلازمة القلب المكسور والنوبة القلبية
يُمكِن التمييز بين متلازمة القلب المكسور والنوبة القلبية من خلال:
- غياب الأدلة الكافية على مرض القلب: تأتي المتلازمة فجأة غالبًا في غياب أي مرضٍ للقلب "وقد تأتي في وجود مرض"، لكن خلال فحص المصابين لا تبدو عليهم أي من الأعراض النموذجية للنوبة القلبية "انسداد الشريان التاجي في الاختبار التصويري، أو تغيُّر رسم القلب المُميِّز للنوبة القلبية أو غيرها".
- التعافي: يستغرق التعافي من النوبة القلبية فترة طويلة، بل قد يظل المرء مُعانِيًا مرض القلب طويلاً، بينما ما يقرب من 96% من المُصابِين باعتلال تاكوتسوبو القلبي يتعافون تمامًا مع تلقّي العلاج.
- تجدُّد الإصابة: عادةً يُعانِي مرضى النوبة القلبية مرضًا حقيقيًا في القلب، ما يزيد خطر تكرّر نوباتهم القلبية، بينما تبلغ نسبة تجدُّد الإصابة في متلازمة القلب المكسور 2 - 4% فقط.
- زمن الاستمرار: متلازمة القلب المكسور مُؤقَّتة وتزول تلقائيًا، وإن عانى بعض الناس مضاعفات طويلة الأمد، أمَّا النوبة القلبية فهي ناجمة عن مرضٍ دائمٍ في القلب غالبًا وعدم علاجه قد يُمِيت الإنسان لاحقًا.