برودة وتنميل الأطراف.. إليك أسباب متلازمة رينود وطرق العلاج
قد تشعر ببرودة أطرافك، خاصةً خلال الشتاء، لكن أن يتغيّر لون أصابعك إلى الأبيض، ثُمّ تصير زرقاء؛ لهو أمر غير طبيعي، وقد يدل على متلازمة رينود، التي تُسبِّب ضيق الأوعية الدموية لفترة مُعيّنة وضعف تدفّق الدم إلى أطرافك، فما مخاطر تلك المتلازمة؟ وكيف يمكن علاجها؟
ما هي متلازمة رينود؟
اضطراب يُسبِّب ضيق الأوعية الدموية في الأطراف مع التعرّض لطقسٍ بارد أو التوتر؛ إذ يُصِيب الأوعية الدموية الصغيرة في أصابع اليدين والقدمين، وقد يُؤثِّر أيضًا في الأوعية الدموية في الأنف أو الشفتين أو الأذن.
وخلال نوبة متلازمة رينود تضيق الشرايين والشعيرات الدموية في أصابعك وأصابع قدميك أكثر مما ينبغي، ما يُؤدِّي إلى تحوّل لون البشرة في المنطقة المُصابة إلى لونٍ أبيض ثُمّ أزرق.
ويحدث هذا التغيير في اللون لافتقار الدم في تلك المناطق إلى الأكسجين، وقد تشعر ببرودة أو تنميل في الأطراف إثر ذلك، ثُمّ عندما تسترخي الأوعية الدموية ويتدفّق الدم مرة أخرى، تستعيد البشرة لونها المُعتاد وقد تشعر بوخزٍ حينها، وعادةً لا تستمر النوبة أكثر من 15 دقيقة.
أنواع متلازمة رينود
تنقسم متلازمة رينود إلى نوعَين:
أعراض متلازمة رينود
تحدث أعراض متلازمة رينود في نوبات، وعادةً ما تتبع مسارًا منتظمًا:
- يتغيّر لون المنطقة المُصابة، مثل الأصابع إلى لونٍ شاحب أو أبيض؛ إذ يقل تدفّق الدم، ولدى أصحاب البشرة الداكنة، قد يكون لون البشرة شاحبًا أو رماديًا.
- ومع ضعف تدفّق الدم، لا يصل الأكسجين إلى المنطقة المُصابة، فتُصبِح زرقاء اللون، كما قد تشعر ببرودة وخدر أو تنميل، وربّما الألم في تلك المنطقة.
- وعندما تتسع الأوعية الدموية مجددًا، وتعود الدورة الدموية، يتحوّل لون البشرة إلى لون أحمر، قد يصعب رؤيته عند أصحاب البشرة الداكنة، كما قد تشعر بحرارة أو وخز أو خدر في المنطقة المصابة.
- أحيانًا، قد تنتقل النوبة من إصبعٍ واحد إلى غيره، وقد تستمر دقائق إلى ساعات، كما تختلف درجة الألم من نوبةٍ لأخرى.
- قد تظهر قروح صغيرة في المناطق المصابة وتستمر بعد النوبات في بعض الحالات، ونادرًا ما تُؤدّي النوبة إلى غرغرينا (موت الأنسجة نتيجة انقطاع كامل لتدفّق الدم إليها).
اقرأ أيضًا:هل شُرب الماء يمنع الجلطات حقًا؟.. الجواب ليس كما تعتقد
أسباب متلازمة رينود
تختلف أسباب متلازمة رينود حسب نوعها:
أسباب متلازمة رينود الأولية
لم يفهم الأطباء سبب مرض رينود الأولي بشكلٍ كامل؛ إذ تستجيب أجسام بعض الناس للبرودة أو التوتر عبر تقليل تدفّق الدم إلى الجلد، ورغم أنّ هذه هي الطريقة الطبيعية التي يتحكّم الجسم من خلالها في درجة حرارته خلال الطقس البارد، لكن في ظاهرة رينود، تطول فترة ضعف تدفّق الدم، ما يُؤدِّي إلى ظهور الأعراض.
ورغم جهل سبب ذلك حتى الآن، لكن هناك بعض العوامل التي قد تُسهِم في متلازمة رينود الأولية:
- العوامل الوراثية: يُقدّر ما يقرب من 50% من المُصابِين بحالة رينود وجود أحد أفراد أسرتهم يُعانِي نفس الاضطراب أيضًا، ما قد يدل على أنّ للعوامل الوراثية دورًا في حدوثها.
- ضعف الدورة الدموية: قد تزداد فرص الإصابة بمتلازمة رينود مع زيادة انقباض الأوعية الدموية عن المُعتاد، ما يُؤدِّي إلى قصور تدفّق الدم.
- سوء تواصل الجهاز العصبي: يتحكّم جهازك العصبي في استجابة الجسم التلقائية لتنظيم درجة حرارتك، لكن قد لا يستجيب في حالة متلازمة رينود كما ينبغي لتغيّرات درجة الحرارة والتوتر، ما يُؤدّي إلى طول فترة ضيق الأوعية الدموية، واستمرار أعراض المتلازمة.
- سُمك الدم: يتكوّن الدم من خلايا مُختلفة تُؤثِّر في لزوجته، وقد تُؤدِّي تشوهات أو اضطرابات الدم إلى جعلك مُعرّضًا للإصابة بمتلازمة رينود الأولية.
أسباب متلازمة رينود الثانوية
أمّا متلازمة رينود الثانوية، فقد تكون مرتبطة ببعض الأمراض أو الأدوية أو عادات المعيشة التي تُؤثِّر في الأوعية الدموية أو النسيج الضام، وذلك مثل:
- التدخين.
- تناول الأدوية التي تُضيّق الأوعية الدموية، مثل حاصرات بيتا كدواء بروبرانولول.
- التهاب المفاصل.
- تصلّب الشرايين.
- الأمراض المناعية، مثل مرض الذئبة الحمراء، أو التهاب المفاصل الروماتويدي، أو متلازمة شوغرن.
- أدوية الصداع النصفي التي تحتوي على إرجوتامين.
- الكافيين.
- قضمة الصقيع، وهو تشنّج الأوعية الدموية المؤلم بسبب استخدام أدوات اهتزازية أو الضرب المتكرر براحة اليد، ويمكن أن يشمل ذلك العزف على البيانو.
عوامل خطر الإصابة بمتلازمة رينود
قد تزيد بعض العوامل خطر الإصابة بمتلازمة رينود، مثل:
- الجنس: تُعدّ السيدات أكثر عُرضةً للإصابة بمتلازمة رينود أكثر من الرجال، وحسب دراسةٍ عام 2020، فإنّها تُصِيب 2 - 20% من النساء، بينما تُصِيب 1 - 12% من الرجال.
- السن: المراهقون والشباب أكثر عُرضةً لمتلازمة رينود مقارنةً بمن هم أكبر سنًا، فغالبًا ما يظهر في من هم دون ثلاثين عامًا من العُمر.
- كثرة التعرّض لطقسٍ بارد: الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون في بيئات باردة أكثر عُرضةً لظاهرة رينود.
مضاعفات متلازمة رينود
عادةً ما تكون أعراض متلازمة رينود طفيفة ولا تُهدِّد حياة أغلب المُصابِين بها، خاصةً متلازمة رينود الأولية، أمّا الثانوية فقد تُسبِّب أعراضًا شديدة، لكن نادرًا ما تُشكِّل تهديدًا على حياة المريض. ومن أهم المضاعفات التي قد تنجم عن المتلازمة:
1. تثليج الأطراف (الشرث)
قد تتورّم الأصابع، ويصبح الجلد أحمرًا أو أرجوانيًا، كما قد يُعانِي المريض حكّة، وقد يشعر بحرارة وألم عند لمس المنطقة المصابة.
وعادةً ما يزول ذلك في غضون 1 - 2 أسابيع، لكنها قد تعود مُجددًا، ويمكن أن يساعد الحفاظ على أطرافك دافئة في منع حدوث ذلك.
اقرأ أيضًا:فوائد التبرع بالدم .. هل حقًا يخلص الجسم من السموم؟
2. القرحة والغرغرينا
قد تظهر تقرحات الجلد، وربّما يُصتحدث الغرغرينا مع الانقطاع التام عن تدفّق الدم، وهذا نادر، ويحدث بشكل أساسي في بعض أمراض المناعة الذاتية، مثل تصلُّب الجلد.
تشخيص متلازمة رينود
يتضمّن تشخيص متلازمة رينود:
1. الفحص الجسدي
يفحص الطبيب أصابع اليدين والقدمين كما ينظر إلى البشرة وبطانة الأظافر بنفس الوقت، وقد يضغط على تلك المنطقة لقياس زمن إعادة امتلاء الشعيرات الدموية بالدم بعد إزالة الضغط عنها، ما يدل على صحة الأوعية الدموية، لكن هذا الفحص وحده غير كافٍ للتشخيص.
2. التاريخ المرضي
قد يسأل الطبيب المريض عن عوامل الخطر التي تُسهِم في متلازمة رينود، مثل ما إذا لاحظ أيّ تغيّرات عليه استجابة للتوتر أو درجات الحرارة الباردة، أو ما إذا بدأ ملاحظة تغيّر ألوان أصابعه عند العمل بالخارج في الشتاء.
كذلك قد يسأل الطبيب المريض عن طبيعة عمله، وما إذا تعرّض أحد أفراد أسرته لمثل هذا الاضطراب من قبل.
3. اختبارات تشخيصية
ثمّة العديد من الاختبارات التي يُقدِّمها طبيبك للتشخيص النهائي والتأكّد من وجود متلازمة رينود، وتشمل حسب "healthline":
- اختبار تحفيز البرد: ويتضمّن استخدام جهازٍ صغير لقياس درجة حرارة إصبعك عند تعرّضه للبرد وبعد إزالته من درجة الحرارة الباردة.
- الفحص المجهري للشعيرات الدموية: إذ يضع الطبيب قطرة زيت على أظافرك عبر المجهر لرصد أي تشوهات أو أمور غير طبيعية في الشعيرات الدموية المسؤولة عن ظاهرة رينود.
- اختبار الجسم المُضاد للنواة: يُستخدَم لكشف بعض بروتينات أمراض المناعة الذاتية في الدم، لتشخيص تلك الأمراض التي قد تكون سبب متلازمة رينود.
- اختبار سرعة ترسب الدم: يدلّ على مستويات الالتهاب الموجودة في الجسم.
- اختبار بروتين سي التفاعلي: يقيس استجابة الكبد للالتهابات في الجسم.
اقرأ أيضًا:سرطان الدم .. عندما تصبح عناصر المقاومة هي بيت الداء!
كيفية علاج متلازمة رينود
لا يُوجَد علاج جذري لمتلازمة رينود الأولية أو الثانوية، لكن ثمّة طرق علاجية مُتنوّعة تُسهِم في تخفيف الأعراض وتقليل عدد نوبات متلازمة رينود، وتشمل:
1. تغيير نمط المعيشة
تغيير نمط المعيشة ركن رئيس في علاج ظاهرة رينود؛ إذ إنّ تجنّب المواد التي تُسبِّب انقباض أو ضيق الأوعية الدموية هو الخيار الأول للعلاج، مثل الكافيين (القهوة) والنيكوتين (التدخين).
كذلك قد يُساعِدا القاء دافئًا وممارسة التمارين الرياضية في منع أو تقليل شِدّة النوبات، كما أنّ التمارين الرياضية تُعزِّز الدورة الدموية عمومًا.
ومن الضروري تدفئة نفسك حال المعاناة من نوبات ضيق الأوعية الدموية، وذلك من خلال:
- تغطية اليدين أو القدمين بقفازات أو جوارب.
- الابتعاد عن البيئة الباردة وإعادة تدفئة الجسم.
- إمرار يديك أو قدميك تحت ماءٍ فاتر (ليس ساخنًا).
- تدليك أطراف جسمك.
كذلك ينبغي البقاء هادئًا وعدم، فهذا قد يساعد في تقليل شِدّة النوبات، كما ينبغي تجنّب المواقف أو الأشياء التي تُسبِّب لك التوتر.
وهذه التغييرات في نمط معيشتك قد تساعد وحدها في تخفيف أعراض متلازمة رينود الثانوية، لكن قد يحتاج بعض الناس إلى طرق علاجية أخرى.
2. الأدوية
تُستخدَم بعض الأدوية للتغلب على مرض أو ظاهرة رينود، وتُساعِد هذه الأدوية على توسيع الأوعية الدموية، ومِنْ ثَمّ تخفيف الأعراض، مثل:
- حاصرات قنوات الكالسيوم: هي الخيار الأول في الأدوية، مثل أملوديبين ونيفيديبين، وهي أدوية تُستخدَم أيضًا لعلاج ضغط الدم المرتفع.
- مُثبِّطات فوسفوديستراز: تُعالِج المشكلات الأخرى الناجمة عن ضعف الدورة الدموية، مثل ضعف الانتصاب، مثل دواء سيلدينافيل.
- النترات الموضعية: مثل النيتروجلسرين، وتُوسِّع الأوعية الدموية، وتُمتصّ عبر الجلد.
- الأسبرين منخفض الجرعة: قد يُوصَى بالحصول على 81 مغم من الأسبرين يوميًا، فقد يساعد على تحسين تدفّق الدم.
- أدوية ضغط الدم الأخرى: فهي قد تساعد على توسيع الأوعية الدموية وتحسين تدفّق الدم، مثل لوسارتان وبرازوسين.
ويجب استشارة الطبيب لتحديد نوع الدواء المناسب، خاصةً أنّ الأدوية قد يكون لها بعض الآثار الجانبية التي ينبغي اتخاذ الاحتياطات اللازمة تجاهها.
3. الحقن
قد يُوصِي الطبيب بالحقن في الحالات الشديدة من متلازمة رينود، وإن كانت أعراضها الجانبية أكثر، لكنّها تساعد في تقليل شِدّة وتواتر النوبات، ومن أمثلة تلك الأدوية:
- ايبوبروستينول.
- ايلوبروست.
- تريبوستينيل.
فهذه الأدوية تُوسِّع الأوعية الدموية وتمنع جلطات الدم، ما يضمن تدفّق الدم بصورةٍ أفضل إلى الأماكن المُصابة.
4. الجراحة
قد تتطلّب الحالات الشديدة من متلازمة رينود تدخلًا جراحيًا، خاصةً إذا أثّرت بدرجةٍ كبيرةٍ في حياة المريض، وهنا قد يُوصِي الطبيب بعملية قطع الوُدّي؛ إذ يُؤدِّي ذلك إلى وقف الإشارات العصبية من الأعصاب التي تُسبِّب انقباض الأوعية الدموية وضيقها، وقد تكون هناك حاجة إلى تكرار العملية بعد بضع سنوات.
كذلك قد تكون الجراحة خيارًا علاجيًا لإزالة النسيج الميت أو المُصاب بالعدوى مع النوبات الشديدة من متلازمة رينود.
نصائح للوقاية من متلازمة رينود
قد تكون الوقاية التامّة من متلازمة رينود أمرًا صعبًا، لكن البرودة مثلًا مِمّا يُحفِّز تلك المتلازمة، لذا فأول ما ينبغي الاهتمام به تجنّب البرودة، وذلك من خلال:
- ارتداء ملابس دافئة للحفاظ على سمك دافئًا بالكامل.
- ارتداء القفازات عند التعامل مع العناصر المُجمّدة.
- استخدام القفازات المُسخّنة أو مُدفئات اليدين.
- ارتداء سترات عند زيارة الأماكن المُكيّفة.
كذلك فإنّ التوتر من العوامل المُحفّزة لتلك المتلازمة، ومِنْ ثَمّ ينبغي تخفيفه أو التعامل معه، وذلك من خلال التنفّس العميق، أو ممارسة الرياضة، أو استشارة طبيبٍ نفسي.
أيضًا ينبغي تجنّب الأدوية التي قد تُحفِّز نوبات متلازمة رينود، مثل:
- مزيلات الاحتقان التي تُستخدَم عادةً لتخفيف أعراض نزلات البرد.
- حاصرات بيتا، المُستخدَمة في علاج ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
- أدوية الصداع النصفي التي تحتوي على إرجوتامين.
- المُنشِّطات التي تحتوي على ميثيل فينيديت، المُستخدَمة في علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.