باولو كويلو يكتب لـ«الرجل»: مزيد من قصص السفر
خلال رحلتي التي استمرت 90 يومًا للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لأول رحلة حج لي إلى مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا، سمعت العديد من القصص المثيرة للاهتمام من أناس قابلتهم.
أيوا (روسيا)
عند الوقوف أمام المرآة، نلاحظ التفاصيل الصغيرة: التغيرات في البشرة، والشعر الذي يحتاج إلى تمشيط، وفرشاة الأسنان التي تتحرك على الجانبين.
ومع ذلك، نادرًا ما ننظر إلى أعيننا. هل سبق لك أن وقفت أمام المرآة ولم تلحظ التفاصيل المذكورة أعلاه وركزت على عينيك؟
بالتأكيد لن ترى كم أنت جميل. أو كم أنت قبيح. ستروي الصورة قصصًا لا تعرفها عن الشخص الموجود على الجانب الآخر.
والأكثر إثارة للفضول هو أنه بعد مرور بعض الوقت ينتهي بك الأمر إلى اكتشاف أن الشخص في المرآة يحمل لغزًا ومصيرًا يسعى إلى تحقيقه.
لا، لن أحرمك من تجربة المرآة. افعلها بنفسك واكتشف.
يوري (أوكرانيا)
وقف الكثير من الناس أمام الباب، راغبين في اختيار من يمكنه الدخول.
سأل المتشدد: "لماذا الخطاة؟"
وصرخ الأخلاقي: "العاهرة تريد أن تنضم إلى المأدبة"!
وصرخ حافظ القيم الاجتماعية بصوت عالٍ: "كيف يمكن العفو عن الزانية إذا أخطأت؟"
ومزق التائب ثيابه ثم قال: "لماذا يُشفى الأعمى الذي لا يفكر إلا بمرضه، من دون أن يرضى"؟
وصرخ السياسي: "لماذا نعطي ما لقيصر لقيصر، لماذا لا تثور الجماهير ضد الظالمين؟".
واعترض الزاهد: "تركت امرأة تصب زيتًا غالي الثمن على شعرك! لماذا لا تبيعه وتشتري طعامًا؟"
وفي النهاية، فتح يسوع الباب مبتسمًا، وسمح للجميع أن يدخل، بغض النظر عن كل ذلك الضجيج الهستيري.
إستير (ألمانيا)
تظهر لحظة فرح. ها هي، في انتظار من يشعر بها.
لكننا لا نفعل شيئًا. تظن لحظة الفرح أنها لم تُلاحظ، فتمر أمام أعيننا وتنتظر ابتسامتنا.
ومرة أخرى، لا نظهر أي رد فعل.
تسأل لحظة الفرح: "ماذا يحدث هنا؟".
نرد عليها: "لا نعرف، ربما بسبب خوفنا من ألا تعودي مرة أخرى. نحن في سلام، ونفضل أن نبقى كذلك".
وتصر اللحظة: "وإن لم أعد، ماذا ستخسرون؟".
"طمأنينتنا".
ترحل لحظة الفرح خافضة رأسها. ونستمر نحن بسلام روحنا، سلام بعد ظهيرة الأحد الذي يقدم لنا خدمة ما، لا يستطيع أحد تحديد ماهيتها، أو الغرض منها.
روث (سويسرا)
أحيانًا يظهر البحث الروحاني في طريقنا متنكرًا في هيئة ألم. هناك لحظة نوجه فيها أعيننا إلى السماء ونسأل: "أرجوك، يا الله، لا تدع هذا يحدث".
صلاتنا ليست دائما مستجابة. لكن الغريب أننا لا نشعر بالخداع. يبدو الأمر كما لو كنا في تلك اللحظة نعيد اكتشاف مخططاته من خلال الإيمان والرجاء، بعد إعادة إحيائهما.
ثم يغزونا الفهم. وهذا يكفي لمصالحتنا مع رحلتنا الروحانية.
أحيانًا يكون النزول إلى الجحيم هو الذي يحملنا إلى الجنة.