لماذا ننعس رغم احتساء القهوة؟ وكيف نتجنَّب ذلك؟
في كثير من الأحيان نلجأ إلى احتساء القهوة من أجل تحقيق اليقظة، والتغلب على الرغبة في النوم، خاصة إذا كانت ظروف العمل تقتضي البقاء في أقصى درجات التركيز لأطول فترة ممكنة، لكن على الرغم من ذلك فإن القهوة قد لا تحقق الهدف المطلوب.
اعتياد الكافيين سبب لانعدام أثر القهوة وغلبة النعاس عليك؛ نتيجة المداومة على شربها فترةً من الزمن، لكن ليس هذا هو السبب الوحيد، فقد تتلخَّص المشكلة كلها في كونك لم تنم جيدًا فحسب، ومِنْ ثَمّ فلن تساعدك حتى "سوبر قهوة" في دفع رغبة الجسم المُلحّة في النوم، وإذ بالنعاس يغشاك مجددًا؛ لذا لنُلقِ نظرة سريعة على أسباب هذا النعاس، وسبل الاستفادة الصحيحة من القهوة.
أسباب النعاس رغم احتساء القهوة
ربَّما يهاجمك النعاس رغم احتساء القهوة؛ لأسباب أخرى غير القهوة نفسها، كالحرمان من النوم، أو لبعض تأثيرات القهوة على الجسم، وفيما يلي تفصيل ذلك:
1- حرمانٌ من النوم
عدم الحصول على قسطٍ وافرٍ من النوم كل يوم، لن تُغيِّره القهوة، فقد تُنشِّطك سريعًا، لكنّها ليست بديلاً عن النوم بكل تأكيد.
تُؤدِّي قلة النوم إلى بطء الاستجابة للمواقف المختلفة التي تمر بها، كما تُؤثِّر سلبًا على تفكيرك، بل إنّ زيادة شرب القهوة للتغلب على هذا التأثير، قد يأتي بنتائج مغايرة لما تظنّ؛ إذ إنَّ الإكثار من شرب القهوة يمنع النوم، ومِنْ ثَمّ فقد تُعانِي نعاسًا شديدًا في اليوم التالي، حتى لو شربتَ قهوة.
وبينما يتوجَّه معظم الناس إلى شرب القهوة؛ لدفع أثر قلة النوم، فذلك يخلق حلقة مفرغة من قلة النوم المستمر، ومِنْ ثَمَّ غياب التأثير المطلوب للقهوة، بل وأحيانًا الشعور بمزيدٍ من التعب على المدى الطويل.
2- اعتياد الكافيين/ سحب الكافيين
قد تحصل على قسطٍ كافٍ من النوم، لكن ربَّما فقدت القهوة تأثيرها عليك، ولم تعُد بذات تأثيرها السابق، ففي بداية شرب القهوة، يتحسَّن المزاج، والأداء الجسدي، لكن مع الاستمرار في شرب القهوة بلا انقطاع، يبدأ اعتياد الجسم للكافيين الموجود بها.
لذا في محاولة للحصول على نفس التأثير السابق للقهوة، تزيد من مقدار ما تشربه منها، وذلك قد يكون ذا أثرٍ سلبيٍ على نومك.
كذلك، فإنّ استهلاك الكافيين بانتظام لأكثر من 3 أيام، كافٍ لإطلاق شرارة أعراض انسحاب الكافيين، عندما تتوقف عن شرب القهوة، بما في ذلك الشعور بالتعب.
يُعدّ النعاس واحدًا من أعراض انسحاب الكافيين، الذي قد يبدأ في الظهور بعد مرور 12 - 24 ساعة منذ آخر رشفةٍ للقهوة؛ لذا ينبغي التدرُّج في التوقف عن شرب القهوة، خاصةً بعد اعتيادها فترةً من الوقت.
3- الجفاف
القهوة مُدرَّة للبول، ومِنْ ثَمّ يفقد الجسم سوائل، مُتعرِّضًا للجفاف إثر شرب القهوة، وكثرة الذهاب إلى المرحاض خلال الليل، قد تجعلك مُتعبًا في اليوم التالي، كما أنّ الجفاف الطفيف من أسباب الإرهاق والتعب.
اقرأ أيضًا: حبوب الكافيين.. هل هي آمنة وما الفرق بينها وبين القهوة؟
4- القهوة المُحلاَّة
حال شرب القهوة المُحلاَّة بالكريمة المخفوقة، العسل، أو السكر، فقد يدخل إلى الجسم قدر زائد من السكر، يستفزَّه لإنتاج مزيدٍ من الأنسولين لمجابهة غزو السكر للدم.
هذا الأنسولين يُقلِّل كثيرًا من مستويات السكر في الدم، ومعلومٌ أنّ السكر "الغلوكوز" مصدر الطاقة الرئيس، ومِنْ ثَمّ يبدأ الشعور بالتعب والنعاس رغم شربك للقهوة الآن، كما قد يصحب ذلك الهبوط في سكر الدم أعراض أخرى، مثل:
- الإحساس بالجوع.
- العصبية.
- التعرُّق.
- الدوخة.
5- حجب مستقبِلات الأدينوسين
ما لم تكن تعلم قبل ذلك، فإنّ الأدينوسين مُركَّب كيميائي يُعزِّز الشعور بالنعاس، كما يتحكَّم في دورة النوم واليقظة، هذه واحدة.
الثانية أنّ الكافيين يُعادُ انتشاره داخل الجسم، ويصل إلى أجزاءٍ عديدة منه، بما في ذلك الدماغ؛ إذ يتحدّ مع مُستقبِلات الأدينوسين.
عندما يتحد الكافيين مع مُستقبِلات الأدينوسين، فإنّ الدماغ لا يتخلَّص من الأدينوسين الخاص به، كما يستمر إنتاج الأدينوسين بشكل طبيعي أيضًا.
لذا فعند زوال تأثير الكافيين، يتفاجأ الجسم بتراكم الأدينوسين ذاته، الذي يتّحد مع مستقبلات الدماغ بدلًا من الكافيين، مُعزِّزًا الشعور بالنعاس.
6- أيض الكافيين
لا تتعامل أجسامنا جميعًا مع الكافيين بنفس الكيفية، فإذا كان أيض الجسم "التمثيل الغذائي" للكافيين بطيئًا لديك، فقد لا تشعر بالنشاط سريعًا، كما يحدث مع غيرك عند شرب القهوة.
وعلى الجانب الآخر، فإنّ سرعة أيض الكافيين، قد لا تدفعك للنشاط كما ينبغي؛ إذ ينحسر الكافيين عن الجسم سريعًا، ومِنْ ثَمّ يجتاحك شعورٌ بالنعاس.
تُؤثِّر عوامل عدّة في سرعة أيض الكافيين، بخلاف الطبيعة الجسدية لكل إنسان، فالتدخين مثلًا يُسرِّع أيض الكافيين، وأمراض الكبد تجعل أيض الكافيين أبطأ عن المُعتاد.
7- الفِطر
القهوة ليست السبب دائمًا وراء النعاس، فقد ينتابك نعاسٌ بعد شربها؛ نتيجة تلوُّثها بعفنٍ أو فِطر، فقد درست بعض الأبحاث عينات من القهوة تعرَّضت لسموم فِطرية، وربطت بين التعرُّض لهذه السموم الفِطرية التي قد تتواجد في بعض حبوب البُنّ، وبين الإرهاق المزمن الذي يجعل البقاء يقظًا أمر شاق.
جديرٌ بالذكر أنَّ البُنّ عندما لا يُخزَّن بطريقة سليمة، قد تنشأ بها سموم فِطرية، لكن أوردت دراساتٌ أخرى، حسب موقع "healthline"، أنَّ هذه السموم الفطرية مهما بلغت مستوياتها، فهي غير كافية لإلحاق ضررٍ بالإنسان.
اقرأ أيضًا: هل القهوة تسرع الشيخوخة؟.. 6 عادات خاطئة لشُربها عليك معرفتها
8- الجينات
وجد بعض الباحثين أنّ للجينات تأثيرًا في استجابة المرء للكافيين، فقد تتسبَّب بعض الجينات في جعلك أكثر حساسيةً تجاه التأثيرات السلبية للكافيين، كاضطراب النوم والقلق.
وقد يُؤثِّر تناول الكافيين سلبًا على النوم، ما يزيد النعاس والإرهاق خلال اليوم، لكنّ حقيقة أن تكون الجينات هي السبب الرئيس تحتاج إلى مزيدٍ من البحث.
كيف تستفيد من القهوة إلى أقصى حد ممكن؟
يحتاج تفادي النعاس بعد شرب القهوة إلى مزيدٍ من التدابير، أو بالأحرى هيكلة ليومك ونومك، وتجنُّب لبعض العادات التي قد تكون هي السبب الحقيقي وراء غلبة النعاس عليك رغم شرب القهوة، وأرجو أن تُساعدك النقاط الآتية في الاستفادة من القهوة حقًا:
1- نَم جيدًا
تُعزِّز القهوة اليقظة والانتباه، ومع ذلك ليس بمقدورها منعك عن النوم إلى الأبد؛ لذا فإن شعرت بالتعب أو النعاس رغم شرب القهوة، فهذا دليل على حاجتك إلى النوم؛ لذا يُنصَح بالنوم عددًا مناسبًا من الساعات؛ للاستفادة من القهوة.
2- ابتكر استراتيجية لشرب القهوة
يبدأ الخطأ من صعوبة النوم ليلًا بسبب شرب القهوة، فتجد نفسك مُتعبًا في اليوم التالي رغم تجدُّد احتسائك للقهوة.
بيَّنت الدراسات، حسب موقع "sleepfoundation"، أنَّ شرب القهوة قبل النوم بـ 6 ساعات قد يقطعك عن النوم؛ لذا يُفضَّل قصر احتساء القهوة على الصباح.
أيضًا، تُوصِي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعدم استهلاك أكثر من 400 مغم من الكافيين في اليوم الواحد، وهو ما يُعادِل 4 أكواب من القهوة.
تختلف حساسية كل إنسانٍ تجاه الكافيين؛ لذا إن وجدت أثره السلبي طاغيًا، فقلِّل من قدر القهوة الذي تشربه.
3- تجنَّب السكر
القهوة المُحلَّاة أو المُضاف إليها سكر، قد تُسبِّب شعورًا بالتعب لاحقًا، إثر هبوط سكر الدم كما سبق توضيحه؛ لذا يُنصَح بتقليل السكر المُضاف إلى القهوة.
اقرأ أيضًا: فوائد القهوة التركية للجسم وأضرارها
4- اشرب الماء
القهوة مُدرَّة للبول، وقد تُعرِّضك للجفاف، الذي يُفضِي إلى التعب والإرهاق؛ لذا احرص على شرب كميات مناسبة من الماء توازيًا مع احتساء القهوة؛ لتعويض السوائل المفقودة من الجسم، خاصةً إذا لم تكن مِمَّن يعتادون شرب القهوة بانتظام.
5- انتقِ مصدر قهوتك
كُلَّما أمكنك اختيار نوع قهوة ذي جودةٍ عالية، كان ذلك أفضل بكل تأكيد؛ تجنُّبًا للتعرُّض للسموم الفِطرية الضارة.