احتساء فنجان قهوة في الصباح لا غنى عنه للكثيرين؛ لإمداد الجسم بطاقةٍ كافيةٍ لأداء المهام اليومية، إذ إن الكافيين مُحفِّز للجهاز العصبي، ومُعزِّز للانتباه، ومُحسِّن للذاكرة، ومُحرِّك لطاقة الجسم على كل الأصعدة.
ويوم تلو الآخر، يعتاد الجسم على جرعة الكافيين، بل قد لا يستغني عنها، ومِنْ ثَمَّ فالانقطاع المفاجئ عنه قد تصحبه بعض الأعراض، مثل الصداع، الإرهاق، وصعوبة التركيز، وربَّما تستمر هذه الأعراض عِدَّة أيام؛ لذا إِنْ كُنتَ مِمَّن اعتاد شرب القهوة يوميًّا، فاحترس من ظهور هذه الأعراض، عبر التدرُّج في منع القهوة.
كم يستمر تأثير الكافيين في الجسم؟
تبدأ التغيُّرات الجسدية، والذهنية في غضون 15 دقيقة من تناول القهوة، ويصل الكافيين إلى قمة مستوياته في الدم بعد ساعةٍ، أو ساعتين، ويبقى في هذا المستوى بضع ساعاتٍ وفقًا لموقع «كليفلاند كلينيك».
قد يستغرق الجسم نحو 10 ساعات؛ للتخلُّص من كل الكافيين الموجود بالدم، كما لا يبقى إلَّا نصف المُتناوَل منه في الدم بعد مرور 6 ساعات.
الحد الأقصى من الكافيين اليومي
وافق الخبراء والمختصون على أنَّ تناول 600 مغم من الكافيين يوميًا، هو الحد الأقصى الذي لا يجب تجاوزه «600 مغم تُعادِل 4 - 7 أقداح من القهوة».
لا يُسبِّب الحصول على 400 مغم «4 أقداح» من الكافيين يوميًّا آثارًا جانبية لمعظم الناس، لكن قد يكون البعض حساسًا للكافيين، ومِنْ ثَمَّ يكونون أكثر عُرضةً للآثار الجانبية.
تأثير الكافيين على الجسم
يختلف تأثير الكافيين على كل فردٍ؛ نتيجة اختلاف حجم الجسم، والحساسية تجاهه، وغير ذلك من العوامل.
المعدة جسر الكافيين للوصول إلى الدم، ومن هنا يبدأ تحفيز الجهاز العصبي المركزي، ما يُعزِّز اليقظة والانتباه، ويُساعِد على التركيز أثناء أداء المهام اليومية، إضافة إلى التأثيرات الآتية:
- زيادة إفراز حمض المعدة، ما قد يُسبِّب حرقة المعدة.
- زيادة التبوُّل، إذ يتعامل الكبد مع الكمية الزائدة من الكافيين، بما يُسهِّل خروجه مع البول.
- ارتفاع ضغط الدم لوقتٍ قصير، وزيادة نشاط القلب.
انسحاب الكافيين
يُطلَق انسحاب الكافيين على المُتناوِل للكافيين يوميًّا بانتظام، ثُمَّ انقطع، أو توقَّف عن تناوله فجأة، ما يُؤدِّي إلى ظهور بعض الأعراض في غضون 12 - 24 ساعة، منذ آخر جرعة حصل عليها.
اقرأ أيضًا: أضرار الكافيين على القولون ومتى يجب التوقف عن تناوله؟
أعراض انسحاب الكافيين
1- الصداع
الصداع أحد أكثر أعراض انسحاب الكافيين شيوعًا، إذ الكافيين مُضيِّق للأوعية الدموية الدماغية، ما يُبطِئ تدفُّق الدم.
أشارت دراسة ذكرها موقع «هيلث لاين» إلى أنَّ تناول 250 مغم من الكافيين، أدَّى إلى تقليل مُعدَّل تدفُّق الدم إلى المخ بنسبة 27%.
لذلك فإنَّ الانقطاع المفاجئ عن تناول الكافيين يُؤدِّي إلى عكس الآلية، ما يعني اتساع الأوعية الدموية التي كانت ضيقة سابقًا، وزيادة تدفُّق الدم إلى المخ، ويتسبَّب هذا التغيُّر المفاجئ في سرعة التدفُّق إلى الصداع، والذي يختلف في شدته من شخصٍ إلى آخر.
يختفي الصداع ما إن يتأقلم المخ مع التغيُّر في سريان الدم إليه، لكن لا يُقرُّ كل الباحثين هذه النظرية، وما زالت تحتاج إلى أبحاثٍ إضافية.
لا يلغي ذلك الصداع «الناجم عن سحب الكافيين» استخدام الكافيين في علاج الصداع النصفي.
2- الإرهاق
عادةً تُشرَب القهوة؛ للتغلُّب على الإرهاق والتعب، وتعزيز طاقة الجسم، إذ يزيد الكافيين النشاط، ويُقلِّل الإرهاق عبر منع عمل مستقبلات الأدينوسين.
يُؤدِّي سحب الكافيين المُفاجئ إلى العكس، الشعور بالإرهاق، والتعب.
كما بيَّنت دراسة أنَّ الأشخاص المُستهلكين للكافيين بشكلٍ يومي، كانت أعراض الانسحاب لديهم أكثر مقارنةً بمَن يحصلون على الكافيين عِدَّة مراتٍ فقط أسبوعيًّا.
3- القلق
قد يكون القلق، أو الضيق من النتائج الطبيعية لشرب القهوة، خصوصًا لمن خلايا جسدهم حساسة تجاه الكافيين، ولكنَّ الأمر ذاته قد يحدث أيضًا عند الانقطاع المفاجئ عن القهوة.
4- صعوبة التركيز
يحتسي معظم الناس فنجان القهوة؛ للحصول على تركيزٍ مناسبٍ من أجل أداء المهام اليومية، إذ يزيد الكافيين مستويات «الأدرينالين»، ونشاط «النورأدرينالين»، ما يُحفِّز المخ، ويُساعِد على التركيز.
الانقطاع المفاجئ عن القهوة، أو الكافيين يجعل الجسم يُواجِه صعوبةً في التركيز دون شرب القهوة كما اعتاد سابقًا، ومِنْ ثَمَّ فصعوبة التركيز أحد أعراض انسحاب الكافيين.
5- الاكتئاب
قدرة الكافيين على منع عمل مستقبلات «الأدينوسين» مُؤثِّرة بدرجةٍ بالغة في تحسين المزاج، بجانب تحسين الانتباه.
حيث بيَّنت دراسة صغيرة أنَّ تناول القهوة يُحسِّن المزاج في غضون 30 دقيقة.
كما ربطت دراسات أخرى بين احتساء القهوة، وقلة فرص الإصابة بالاكتئاب؛ لذا فعند الانقطاع المفاجئ عن تناول القهوة، قد ينعكس الأمر، ويُصاب الرجل بالاكتئاب.
اقرأ أيضًا: القهوة أو الشاي أو الشوكولاتة..ما أفضل طريقة للحصول على الكافيين؟
6- العصبية والانفعال
يُحفِّز الكافيين إطلاق بعض الهرمونات، والنواقل العصبية المختلفة، ومِنْ ثَمَّ فمنع تناوله فجأة بعد التعوُّد عليه، قد يُصِيب المرء بالعصبية، إذ غالبًا ما تُشرَب القهوة؛ لتحسين المزاج.
7- الإمساك
فنجان قهوة صباحي مُحفِّز لحركة الأمعاء؛ لذا فعدم شرب القهوة بعد تناولها بانتظام، يتسبَّب في الإمساك كأحد أعراض انسحاب الكافيين.
للتغلُّب على هذا الإمساك، يُنصَح بشرب كميات مناسبة من الماء مع تناول خضراوات ورقية، وأطعمة غنية بالألياف.
8- الأرق
قد يصعب تصديق ذلك، لكن الأرق إحدى علامات انسحاب الكافيين، فالانقطاع المفاجئ عن الكافيين قد يُسبِّب اضطراب النوم كما هو الحال عند الإفراط في تناول الكافيين.
وقد يستغرق الرجل أسبوعًا، أو أسبوعين إلى أن تعود دورة النوم الطبيعية.
إلى متى تستمر هذه الأعراض؟
تبدأ أعراض انسحاب الكافيين في الظهور بعد 12 - 24 ساعة من آخر رشفة قهوة، وتُصبِح أكثر سوءًا في غضون 20 - 51 ساعة، كما قد تستمر 2 - 9 أيام.
أشارت دراسة إلى أنَّ الصداع الناجم عن انسحاب الكافيين، قد يستمر حتى 21 يومًا.
أيضًا كُلَّما زادت جرعة الكافيين المُتناوَلة بانتظام، زادت أعراض الانسحاب شِدَّة، كما أنَّ الجسم ليس بحاجةٍ إلى الحصول على القهوة لأوقاتٍ طويلة؛ كي تبدأ أعراض الانسحاب في الظهور، وإنَّما قد تظهر بعد شرب القهوة 3 أيام متتالية، ثُمَّ التوقُّف عنها، وذلك وفق إحدى الدراسات، لكن كانت الأعراض أكثر سوءًا لدى الأشخاص المُتناوِلين للكافيين لمُدَّة 7 - 14 يومًا على التوالي.
طرق الوقاية من أعراض الانسحاب
إذا أردت التوقُّف عن شرب القهوة، أو عن الحصول على الكافيين، لا بُدَّ من إجراء ذلك بطريقةٍ آمنة، من خلال اتِّباع النصائح الآتية:
1- التدرج
ينبغي التدرُّج في التوقُّف عن شُرب القهوة، وليس الامتناع عنها فجأة بعد اعتياد، إذ يُساهِم التقليل من تناول الكافيين اليومي تدريجيًّا في منع ظهور أعراض الانسحاب.
أوصت مؤسسة «الصداع النصفي» الأمريكية بتقليل مُعدَّل استهلاك الكافيين بنسبة 25% أسبوعيًا؛ لتجنُّب أعراض الانسحاب.
اقرأ أيضًا: هل القهوة تسرع الشيخوخة؟.. 6 عادات خاطئة لشربها عليك معرفتها
2- الترطيب
لا تترك نفسك عُرضةً للجفاف، إذ إن شرب كمياتٍ مناسبة من الماء باستمرار ضروري عند الانقطاع عن الكافيين؛ لأنَّ الجفاف يزيد أعراض الانسحاب سوءًا، مثل الصداع، والإرهاق.
3- قسط كاف من النوم
يُفضَّل النوم ما يكفي من الساعات؛ للتغلُّب على التعب والإرهاق، وذلك يتراوح بين 7 - 9 ساعات.
4- استبدل الكافيين
يُمكِن تعزيز الطاقة بوسائل أخرى غير الكافيين، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، أو الأطعمة المليئة بالعناصر الغذائية، للتغلُّب على أعراض الانسحاب المصاحبة للتوقف عن تناول الكافيين.