كيف تحصل على التشخيص الصحيح لمرضك من جوجل؟
إذا سعلتَ أو أُصبتَ بصداعٍ، هرولتَ إلى جوجل؛ بحثًا عن السبب، وربَّما خُضتَ متاهةً، وتقلَّبت بين أعقد الأمراض، وأخفِّها، ولم تصل إلى تشخيصٍ صحيح، أو لرُبَّما توهَّمت تشخيصًا بعينه دون أن تكون مُتأكِّدًا منه، وهذا طبيعي، فجوجل ليس بطبيب، فهل يُمكِن أن يساعد بكنز المعلومات المتوفر لديه في تحسُّن دقة التشخيص أم أن ذلك بعيد المنال؟
دراسة: البحث عن الأعراض في جوجل يساعد على التشخيص
نُشرت دراسةٌ في شبكة JAMA المفتوحة «JAMA Network Open»، مُقرّة بتشخيص نصف المشاركين فيها لحالتهم بشكلٍ صحيح من خلال البحث عن الأعراض في جوجل، وقد وجد الباحثون المُشرِفون على الدراسة النتائج التالية قبل وبعد البحث عن الأعراض:
- تحسُّن دقة التشخيص نسبيًا (كانت 49.8% قبل البحث، ثُمّ صارت 54.0% بعد البحث).
- لم يُغيِّر كثير من المرضى (85.1%) تشخيصهم بعد البحث عن الأعراض.
- من بين 14.9% مِمَّن تغيَّر تشخيصهم، 10% تحوَّل تشخيصهم إلى تشخيصٍ صحيح بدلًا من خاطئ، بينما 5.4% منهم صار تشخيصهم خاطئًا بعد أن كان صحيحًا قبل البحث.
- 75% من المشاركين كانت لديهم القدرة على معرفة شدة الأعراض، ومتى يجب عليهم زيارة الطبيب، سواء قبل البحث عن الأعراض أم بعده.
ولم يخرج الأفراد المشاركون في هذه الدراسة عن الأصناف التالية:
- الصحة العامة سيئة (خاصةً المُصابِين بأكثر من مرضَين مُزمنَين).
- النساء.
- البالغين 40 عامًا أو أكثر.
ورغم أنَّ نصف المشاركين فقط شُخّصوا التشخيص الصحيح، فإنَّ الدقة التي ارتفعت بدرجةٍ طفيفة في التشخيص بعد البحث عبر الإنترنت لها أسباب، مثل تطوُّر مُحرِّكات البحث، بما يُوجِّه المرء للعثور على أعلى جودة ممكنة للمعلومات الطبية.
لكن هذه الدراسة غير كافية، بل تحتاج إلى مزيدٍ من الأبحاث؛ للبناء عليها فيما يتعلَّق بدقة التشخيص بعد البحث عن الأعراض.
كيف تبحث عن الأعراض في جوجل؟
الأمر ليس مُجرّد إدراج كلمات، ثُمّ الضغط على أي رابطٍ أمامك، ففرص الخطأ في المعلومات أو البحث كثيرة، ومِنْ ثَمّ لا تتخلّ عن النصائح الآتية إن رغبت في البحث عن الأعراض في جوجل:
1- كُن حذرًا من مصادرك
الخطوة الأولى والأهم هي الاعتناء بمصدر المعلومة التي تبحث عنها، فثمّة مواقع طبية مُخصَّصة؛ إذ إنّ جوجل يربط كلمات البحث عن الأعراض بالمواقع الأكثر زيارةً، وذلك لا يعني دومًا أنّها الأكثر مصداقية.
ولا تعني مطابقة الأعراض لما وجدته على أي موقعٍ أنَّك تُعانِي المرض نفسه؛ إذ كثيرٌ من الأعراض تتشارك بين كثيرٍ من الأمراض.
2- لا تتوقَّف عند رابطٍ واحد
لا تُلقِ نظرةً فقط على أول رابطٍ يظهر لك ثُمّ تمضي، بل ينبغي الاطِّلاع على أكثر من موقعٍ؛ لتجميع أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات حول الأعراض التي تبحث عنها، فذلك يخلق نظرةً متوازنة ولا شك.
اقرأ أيضًا:أعراض نقص الصوديوم.. ماذا يحدث لجسمك عند انخفاضه؟ وما العلاج؟
3- الطب مُعقّد
يستغرق الأطباء عقودًا من أعمارهم؛ كي يبلغوا مرحلة متقدمة من المهارة الطبية، إضافةً إلى التدريب والتعلُّم، وغيرها، وهذا غير مُتوفِّر طبعًا فيما تبحث عنه في جوجل، فمن الصعب العثور على التشخيص المناسب في بضع دقائق من البحث فقط، لكنّها قد تُعطِيك مؤشرات بالطبع، ومع ذلك فهي ليست بديلًا عن زيارة الطبيب.
4- لا تبنِ قرارًا نهائيًّا اعتمادًا على جوجل فقط
لا تسقط في هذا الفخ؛ أي المواقع التي تُشجِّعك على شراء منتجٍ ما كي تشعر بتحسُّن، وهذا يتضمَّن أنواع الشاي السحرية التي تقضي على جرثومة المعدة مثلًا! أو التي تُفقِدك الوزن سريعًا!
إن كُنتَ قلقًا بشأن أعراضك، واستمرَّت فترةً أطول من المُعتاد، فلا تتردَّد في استشارة طبيبك، حتى لو عثرت على علاجٍ بديلٍ على الإنترنت، ويُمكِنك استشارة الطبيب ومناقشته بشأن ذلك العلاج البديل.
هل البحث عن الأعراض يُصِيب بالقلق؟
مِمَّا يعيب البحث عن المرض أو الأعراض في جوجل، أنَّه يزيد فرص الإصابة بالقلق لدى بعض الناس، وهذا طبيعي، فلو كُنتَ تبحث عن أسباب الصداع مثلًا، وقرأت أنَّ ورم المخ أحد هذه الأسباب، لوَجِلْتَ، والحقيقة أنَّ الصداع الذي تُعانِيه الآن قد يكون سببه إجهاد العين، أو قلة النوم، أو أي سببٍ آخر.
لذا من الأفضل دومًا استشارة الطبيب بشأن ما تعانيه، وليكن البحث عاملاً مساعدًا لك على تثقيف نفسك، والعناية بصحتك، لا أن يكون بديلًا عن استشارة الطبيب، فهذا هو الأصل.
متى تستدعي الأعراض عناية عاجلة؟
لا تحتاج بعض الأعراض إلى الإفراط في البحث عنها عبر الإنترنت، وإنَّما في سرعة تلقِّي العناية الطبية اللازمة، مثل:
- ألم الصدر.
- صعوبة التنفُّس.
- تغيُّرات الرؤية أو السمع.
- ضعف العضلات، أو الشلل.
- الألم الشديد.
وكذلك أي عرضٍ قد يطرأ بعد حادثٍ ما، مثل:
- ألم أو تورُّم لا يزول.
- وجود كتلٍ جديدة، أو تغيُّرات الجلد.
- أي نزيفٍ غير اعتيادي.
هل يُنصَح بالبحث عن الأعراض في جوجل؟
لا ينبغي اتخاذ قرارٍ طبي اعتمادًا على مُجرَّد البحث في جوجل، أو بناءً على شيءٍ قرأته على الإنترنت، خاصةً إذا لم تكن مُختصًا فيما تبحث عنه، فحتى لو كُنتَ تقرأ مصادر موثوقة، أو وجدت ما تبحث عنه مُنطبِقًا عليك، فلا يعني هذا أنَّ ذلك التشخيص هو الصائب بنسبة 100% إلَّا في بعض الحالات، ومِنْ ثَمَّ فلا غنى لك عن المشورة الطبية الموثوقة.
بالتأكيد يساعد البحث عن المرض في جوجل في إعطاء المرء معلومات أكثر عمقًا حول المشكلة التي أصابته، وما ينبغي فعله حيالها، كما تُعزِّز الوعي الصحي العام، بما يرفع جودة التعامل مع المرض.