كيف توظّف الشركات الاقتصاد التشاركي لتعظيم مواردها؟
تخرج هاتفك لطلب خدمة أوبر، تنتظر السائق ليصل وتبدأ الرحلة. مرحبًا بك في عالم الاقتصاد التشاركي. يمكن تعريف الاقتصاد التشاركي ببساطة على أنّه نظام اقتصادي، يعتمد على المشاركة في الأصول، سواءٌ كانت بشرية أم مادية، في جميع المراحل والعمليات الخاصة بالشركات. لماذا إذن ظهر الاقتصاد التشاركي؟ وكيف تستفيد الشركات من هذا النظام؟
لماذا نشأ الاقتصاد التشاركي؟
بالطبع يمكن إرجاع نشأة الاقتصاد التشاركي إلى الثورة الرقمية بجميع أجزائها، إذ ساهمت الثورة في زيادة الاعتماد على الأدوات الرقمية، ومن ثم أصبح بالإمكان الاعتماد على التكنولوجيا كوسيلة يمكن للأشخاص من خلالها تبادل المنفعة والفائدة.
لكن في الحقيقة فالثورة الرقمية هي أداة لتسريع الأمر، أمّا الأسباب الحقيقية فيمكن تقسيمها إلى جزأين: الشركات والأفراد.
1. الشركات: فائدة أكبر، موارد أقل
كم سيارة تملك شركة أوبر؟ الإجابة صفر. الشركة التي تعمل في العديد من الدول حول العالم، وتملك الآلاف من السائقين، لكن برغم كل ذلك لا تعود ملكية هذه السيارات إلى الشركة. يساعد ذلك أوبر من عدة نواحٍ:
- موارد أقل: لا تضطر الشركة إلى دفع مبالغ عديدة لشراء السيارات التي تستخدم في الشركة، إذ في هذه الحالة سيتطلب الأمر رأس مال كبير جدًّا، إلى جانب أمور مثل الصيانة، وهي تكلفة لا يمكن للشركة تحملها إذا أرادت المنافسة حول العالم.
- فائدة أكبر: لتحقق شركة مثل أوبر توسعها، فهي تعتمد على استقطاب الأشخاص من الدول المختلفة للعمل من خلال التطبيق. بالتالي، يمكن للشركة حرفيًّا جذب الأشخاص من أي مكان في العالم، طالما تسمح لها الدولة بممارسة أعمالها هناك. بالطبع تتكلف الشركة تسويقيًّا لجذب هؤلاء الأشخاص، لكنّها لا تدفع رواتب لهم، إذ يحصلون على أرباحهم من الرحلات التي يكملونها فقط.
2. الأفراد: دخل أكبر، التزام أقل
من ناحية الأفراد، يعد العمل مع شركة أوبر من الأمور التي تساعدهم على تحقيق دخل أكبر، فهذا الأمر يكون مفيدًا في أوقات الأزمات، إذ يبحث الأشخاص عن وظائف إضافية لزيادة الدخل. من ثم، كل ما يحتاج إليه هو استغلال سيارته الشخصية والتقديم كسائق مع الشركة.
من ناحية أخرى، لا يحتاج الفرد إلى الالتزام بمواعيد عمل محددة، وهو التحدي الذي يواجه الأفراد عند الرغبة في زيادة الدخل، إذ دائمًا ما يكون لكل وظيفة دوام، سواءٌ كلي أم جزئي. أمّا في حالة أوبر، فيمكن للشخص العمل مع التطبيق في الوقت الذي يريده فعلاً، مجرد دخوله على التطبيق وانتظار الرحلات، وإذا لا يرغب في العمل يغلق التطبيق.
ما هي عيوب الاقتصاد التشاركي؟
بالطبع تعد الأسباب من نشأة الاقتصاد التشاركي هي المميزات التي تدفع الشركات للاعتماد عليه، لكن في الوقت ذاته توجد بعض العيوب من استخدام هذا النموذج. من عيوب الاقتصاد التشاركي:
1. القوانين المنظمة لهذا النموذج
فيما يتعلق بقوانين الاقتصاد التشاركي، يختلف الأمر من دولة لأخرى. إذ في بعض الدول توجد قيود على طريقة عمله، وفي دول أخرى لا توجد قوانين منظمة له من الأساس. لذا، يعد هذا تحديًا للشركات التي ترغب في الاعتماد عليه، إذ يجعل ذلك هناك صعوبة في تنظيم العمل، واحتمالية التأثّر قانونيًّا.
2. المنافسة
تسعى العديد من الشركات لاستخدام الاقتصاد التشاركي، ومن ثم تحاول جذب الأفراد ذاتهم للعمل معها. لذا، تضطر الشركات إلى تقديم مميزات لهؤلاء الأفراد لإقناعهم باستخدام المنتج الخاص بهم، وبالنسبة للأفراد فلا مانع لديهم من استخدام جميع هذه المنتجات في الوقت ذاته.
على سبيل المثال، قد تجد شخصًا يستخدم عدة تطبيقات في الوقت ذاته للتوصيل، مثلاً: أوبر، إن درايفر، ديدي، وغيرها من الخدمات حسب ما يعمل في بلده. من ثم، تتأثر فرص كل شركة في هذه الحالة في الاستحواذ على السوق.
3. مشكلات الأمان
ما زالت هناك مشكلات متعددة فيما يتعلق بعامل الأمان في الاقتصاد التشاركي، لأنّه في النهاية هؤلاء الأشخاص ليسوا موظفين لدى الشركة، ولا يمكنها السيطرة عليهم بصورة كاملة. بالطبع تحاول الشركات التعامل مع الأمر، وأخذ الضمانات الكافية، لكن لا تزال هناك تخوفات لدى المستخدمين.
4. الحاجة إلى التكنولوجيا
يتزامن استخدام الاقتصاد التشاركي مع الحاجة إلى التكنولوجيا. لذا، يتطلب الأمر قدرة على استخدام التكنولوجيا من الأفراد، ومن ثم لا يمكن للشركات ممارسة أعمالها إلّا في المواقع التي يجيد الأفراد بها استخدام التكنولوجيا.
كيف تستخدم الاقتصاد التشاركي داخل شركتك؟
ليس ضروريًّا أن يكون نظام الاقتصاد التشاركي ملائماً لشركتك، لكن من الضروري التفكير في إمكانية توظيف هذا النظام في عملك، إذا وُجدت فرصة لذلك. لذا، يمكنك فعل ذلك من خلال الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: تحليل الوظائف داخل شركتك وإعادة تصميمها
كما ذكرنا، يعتمد الاقتصاد التشاركي على مشاركة الموارد، بالتالي فالخطوة الأولى هي تحليل الوظائف داخل شركتك، وتحديد أيها يمكن تنفيذه بالاعتماد على نموذج الاقتصاد التشاركي. في هذه الخطوة يمكنك بالأساس إعادة تصميم الوظائف وفقًا لنموذج الاقتصاد التشاركي.
على سبيل المثال، بدلاً من شراء عقارات لتأجيرها، اعتمدت شركة Airbnb على نموذج الاقتصاد التشاركي، من خلال الربط بين أصحاب العقارات وبين الباحثين عن مكان لتأجيره. وتلعب المنصة دور الوسيط بين الطرفين.
كيف تحول Airbnb من موقع لواحد من الشركات الأعلى في "سيليكون فالي"؟
الخطوة الثانية: تحديد المميزات المقدمة إلى الأفراد
بعد تصميم الوظائف بما يتوافق مع الاقتصاد التشاركي، لا بد من التفكير في المميزات التي ستقدمها إلى الأفراد، للاقتناع بمشاركة مواردهم معك. تذكّر دائمًا أنّ الأفراد هم جوهر الاقتصاد التشاركي، سواءٌ باشخاصهم أو بالموارد التي يمتلكونها، ومن ثم لا بد من الحفاظ عليهم.
من ناحية سيجعلهم ذلك راغبين في الاستمرار معك، فتقدر على التعامل مع المنافسة. من ناحية أخرى ستقدر على التوسع في أماكن عديدة حول العالم، إذ ستستفيد من تجربة الأفراد الحاليين معك، لجذب المزيد من الأفراد في الدول الأخرى التي تنوي العمل بها.
عند تحديد المميزات، لا تنسَ وضع البيئة في الحسبان، وكذلك دراسة الثقافات الخاصة بالأماكن التي تنوي التوسع بها، حتى تتأكد من جذب الأشخاص المناسبين لشركتك.
الخطوة الثالثة: بناء نظام قوي لاستخدام الاقتصاد التشاركي
يعد الجزء الأخير والأكثر أهمية في الاقتصاد التشاركي، هو بناء نظام قوي لاستخدامه، سواءٌ تمثل ذلك في موقع إلكتروني أم تطبيق على الهاتف المحمول أم الاثنين معًا. لا يقتصر الأمر فقط على اختيار نوع التطبيق، لكن أيضًا ضرورة بنائه ليستخدمه الأفراد بسهولة ويسر.
ختامًا، يعد الاقتصاد التشاركي فرصة جيدة لكلٍّ من الشركات والأفراد، لكن يعتمد الأمر على كيفية استخدامه بالطريقة الصحيحة، التي تساعد على تعظيم الفائدة للطرفين معًا.
المصادر: