رائد الأعمال هاشم الزين لـ «الرجل»: مشروعنا بلا منافسين في المملكة… إيراداتنا 10 ملايين ريال سنويًا
ميوله للتصميم منذ الصغر، وشغفه بالابتكار رجحا اختياره للهندسة، يقول رائد الأعمال هاشم الزين في حواره مع مجلة الرجل "كنت أمتلك قوة في التصميم وشغفًا في هذا التوجه، لذلك آثرت دراسة الهندسة في الولايات المتحدة الأمريكية".
ويضيف: "وتمكنت في السنة النهائية من البكالوريوس أن أعمل محاضرًا في مادة التصميم ثنائي وثلاثي الأبعاد، كنت أعمل في اليوم 8-9 ساعات، وأكمل دراساتي العليا خلال الفترة المسائية".
بعد أن أنهى دراسته العليا، عاد إلى الوطن في صيف 2011، دون خطة مرسومة، مضيفًا "في تلك الفترة أصبحت جزءًا من جامعة الملك عبد الله في برنامج التنمية الاقتصادية في الربط ما بين الصناعة داخل المملكة والأبحاث في الجامعة، بهدف أن تيسر لي فهم السوق المحلي، وتوفر لي مصدر دخل ثابتًا".
البداية فكرة
يوضح هاشم الزين أن فكرة "إنشاء شركة هندسة عكسية" تعود لشريكه، وقد ولدت من احتياج واقعي، ويضيف "كان من بين نتائج حرب الخليج عام 1991، أن بعض الشركات المصنعة لقطع الغيار لشركة الكهرباء التي كان يعمل فيها شريكي (م. أيمن النوري) رفعت أسعارها إلى الضعف، ما سبب عبئًا كبيرًا عليها".
ويضيف "لجأت الشركة إلى الهندسة العكسية في سنة 1996، ووفرت ما يقارب 120 مليون ريال في السنة الواحدة، ما أدى إلى أن يعيد المصنعون الأساسيون النظر في الأسعار ويعملوا على تخفيضها". ويتابع "أخبرني شريكي بالفكرة خلال وجوده في الولايات المتحدة، وحين عدنا إلى الوطن طرح علي فكرة إنشاء الشركة لسد احتياجات السوق المماثلة، وبحكم خبرتي بالتقنيات الصناعية والهندسية، مع مهاراته الإدارية والتصميم الهندسي، ورغبتي في العمل الخاص، انطلق المشروع".
مفهوم الهندسة العكسية
ولكن ما هو مفهوم الهندسة العكسية؟ وكيف يعمل؟ يبين الدكتور هاشم الزين أن مفهوم الهندسة العكسية هو البدء في منتج متقادم ومبهم الأبعاد والتفاصيل لإعادة استخدامه عن طريق تقنيات متطورة ومسح عن طريق الليزر، ومن ثم عمله كنموذج رقمي ثلاثي الأبعاد يمكن تعديل ما يراد تعديله بصورة رقمية بهدف تطوير الأداء، ومن ثم الخروج بالرسومات الهندسية للمصانع المحلية.
ويضيف "عادة ما تكون هذه القطع من قطع الغيار القديمة، أو الخارجة من خدماتها وفيها معضلة أو علة بسبب تقادمها في المحطات أو المصافي في السعودية، فكان الأفضل إصلاحها بدلاً من شراء قطع جديدة".
وأكد أن تقنية الهندسة العكسية تخدم كثيرًا من القطاعات، منها: الصناعية، والطبية، وتوثيق المعالم الأثرية، وغيرها، وكل ما يمكن تجسيده إلى مجسم ثلاثي الأبعاد، مشيرًا إلى أنهم بصدد البدء في مشروع تصنيع الأطراف الصناعية التي تعتمد على المسح الضوئي، والتقنيات الرقمية، والتقنيات ثلاثية الأبعاد سواء البلاستيكية، أو المعدنية، إضافة إلى استلامهم تكليفات من هيئة الآثار لإعادة هيكلة آثار قديمة والوقوف على كيفية معالجتها.
الحاجة إلى المال
يكشف الزين أن البداية كانت بما مقداره 250 ألف ريال، لافتًا إلى أنه في تلك الحقبة (2012) لم يكن في السعودية ما يسمى دعم مشاريع، أو احتضان، أو ريادة أعمال، فكان العمل الحر في مجال التقنية من الصعوبة بمكان، حيث كان يعتمد مئة بالمئة على رائد الأعمال تمويليًا.
وعن مصدر التمويل يوضح "حصلت على قرض شخصي بقيمة 650 ألف ريال، وجرى استخراج السجل التجاري، فيما ذهب باقي المبلغ لشراء المعدات، وآلات مسح ضوئي لعملية التدوين الرقمي: الأبعاد الداخلية والخارجية لقطع الغيار لتمكين تحويلها من أصول ثابتة إلى بيانات رقمية غنية بالتفاصيل الهندسية، بهدف توطين صناعتها في المملكة باستخدام تقنية الهندسة العكسية".
مؤكدًا أن البدء بالعمل الحقيقي احتاج إلى أموال إضافية، ما اضطره وشريكه إلى قروض شخصية بلغت 6 ملايين ريال.
عكس التيار
ولكن كيف ولدت فكرة شركة الهندسة العكسية، وأي احتياجات تلبيها؟ يشرح الزين أن مفهوم الهندسة العكسية حديث العهد داخل السعودية، خصوصًا أنه مبني على المعلومات الرقمية، فقد واجه الدكتور هاشم الزين كثيرًا من الصعوبات لبناء شركته، وانطلاق أعماله، ويضيف "في بناء المشروع كنت أمشي عكس التيار، وأدخل مفهومًا جديدًا، وكان يواجه مقاومة لشيء لا يوجد له مقارنة، حيث إنه لا يوجد منافسون في السوق، ومن ثم افتقدنا عنصر المقارنة خصوصًا في القطاع الصناعي".
وينوه بأن أكبر عائق كان بيع الفكرة للناس. موجهًا إلى أنه لم يبدأ في حصاد جهوده إلا في عام 2018 امتدادًا إلى 2021 على الرغم من أنها سنة تعد الأسوأ لكثير من القطاعات الأخرى، بسبب الجائحة والحجر، إضافة إلى التذبذبات الاقتصادية، وتوقف الواردات الصناعية من بعض الدول، وكان الحل الوحيد هو الاستعانة بالشركات المحلية، ما أتاح المجال لشركة دار التقنية من أخذ مكانها والاستعانة بها.
وأضاف: "توفير كل البيانات الرقمية لدينا مكننا من زيادة استغلال الشركات المحلية لأصولها الثابتة، وتمكين استخدام الموارد والكوادر المحلية، فقد ساعدت الكارثة كثيرًا من الوزارات على رؤية ما يوجد من مشاريع حقيقية داخل الدولة والاستعانة بها، إضافة إلى دخول شركة سابك شريكًا معنا حيث جرى شراء 30% بقيمة مالية تقدر بـ 4 ملايين ريال، ما أعطى الشركة مصداقية لدى الوزارات، والقطاعات المختلفة".
يمتلك الدكتور هاشم حاليًا ثمانية أجهزة ماسحة ضوئية، وهي متقدمة ومتطورة بما يكفي لمساعدة القطاعات الصحية، والصناعية والتاريخية للاستعانة بها.
نمو وعقود بالجملة
انطلاق الأعمال جعل هاشم الزين يبرم عددًا من العقود، يكشف لمجلة الرجل: "لدينا عقد حاليًا مع وزارة الصناعة تحت مسمى "المخزون الرقمي"، وهو يعتمد على فكرة التعزيز الرقمي للمخازن الموجودة على أرض الواقع لقطع الغيار، بحيث أقلص تكدسها في المستودعات وأضعها بصورة رقمية تقلل من تلف القطع، بحيث يجري التصنيع عند الحاجة، وهي فكرة مقتبسة من شركة تويوتا".
إضافة إلى ستة مشاريع أخرى، منها مشروع بعقد مدته خمس سنوات مع شركة الكهرباء بقيمة 10 ملايين ريال، ومشروع مع شركة المياه الوطنية، ومشروع مع جامعة الملك سعود، ومشروع مع شركة سار للسكك الحديدية، وحاليًا في طور المناقشة مع مؤسسة التحلية، بالإضافة إلى بعض القطاعات في المجال البحري".
وهذه المشاريع تساعد شركة دار التقنية على الاستدامة والنمو، حيث إن أصعب التحديات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو النمو قبل الجاهزية للنمو بحسب وجهة نظر الدكتور هاشم الزين.
مقومات النجاح:
يحتاج أي مشروع ريادي إلى أربعة مقومات كي ينجح، بحسب رأي الزين، وهي: معرفة لا بد أن تقتنى؛ خبرة لا بد أن تكتسب؛ مهارات فنية لا بد أن تطور؛ علاقات لا بد أن تزدهر. حيث إن هذه المقومات هي أساسيات الوصول إلى الهدف.
لافتًا إلى أن حجم المشاريع يحتسب بعدد الموظفين والإيرادات، ليكشف أن مشروعهم بدأ "بثلاثة موظفين بما فيهم أنا، وحاليًا يعمل معنا 16 موظفًا وموظفة، ويبلغ حجم إيرادات الشركة من 7.5 مليون ريال إلى 10 ملايين ريال سنويًا".
يلزمنا تواصل
وحول رؤية المملكة 2030 يقول هاشم الزين "قد يخفى على البعض أن جميع مقومات تحقيق رؤية المملكة 2030، وممكناتها متوفرة اليوم على أرض الواقع، وكل ما يلزمنا هو زيادة كفاءة تواصل الأطراف بعضها مع بعض، بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص عن طريق ربط معايير الأداء بين الأطراف المختلفة لضمان التكاتف المستدام".
ويضيف: "لتمكين تحقيق رؤية المملكة عن طريق استغلال الكوادر البشرية الموجودة من شباب البلد، وزيادة كفاءة استغلال الأصول الثابتة المتوفرة حاليًا، وتقنين الفرص الاستثمارية الواعدة في مجال التقنية، ولا بد من تكاتف جميع الأطراف فيما يخدم مصالح المملكة".
ويكمل "دورنا كشركة سعودية متخصصة في مجال التقنية هو تسخير الهندسة العكسية لتمكين تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة عن طريق تجهيز قاعدة بيانات رقمية غنية بالتفاصيل الهندسية التي تعد حجر الأساس لإدراج التحول الرقمي الصناعي في المملكة".
اقرأ أيضًا: رائد الأعمال علي الزهراني لـ «الرجل»: حققت أرباحًا مضاعفة بسبب كورونا
وأوضح أنه من المهم للوصول إلى الابتكار خوض أربع مراحل لخصها في النقاط التالية: أولاً عمل مطابقة لفهم أين وصل الآخرون؛ ثانيًا: الدخول في عملية التحسين؛ ثالثًا: التطوير؛ أخيرًا: الابتكار لتمكين التطوير والتغيير لنصبح دولة رائدة صناعيًا.