5 علامات تدل على الاحتراق الوظيفي وكيف تتعامل معه
هل سبق لك أن شعرت بعدم القدرة على أداء وظيفتك في العمل؟ بالنسبة للبعض هذا شعور يتكرر من حين لآخر، لكن في الواقع لا يُمكن تجاهله باستمرار، إذ قد يكون إشارة لحدوث الاحتراق الوظيفي، لا مجرد فقط إرهاق مؤقت بسبب العمل، ولا بُدَّ من التفكير جيدًا في هذا الأمر وكيفية التعامل معه. إذن كيف يمكنك التغلب على الاحتراق الوظيفي؟
ما هو الاحتراق الوظيفي؟
يمكن تعريف الاحتراق الوظيفي بكونه نوعاً من الإجهاد المرتبط ببيئة العمل، يشمل شعوراً بالإرهاق الجسدي والعقلي، مع الشعور بانعدام الإنجاز تقريباً. قد تكون هناك العوامل المؤثرة التي تؤدي إلى حدوث الاحتراق الوظيفي، سواء أكان بسبب العمل أم خارجه. لكن في البداية هناك بعض المؤشرات والعلامات التي تساعدك على إدراك وجود الاحتراق الوظيفي.
علامات الاحتراق الوظيفي
1- عدم الحماس للعمل
إحدى العلامات التي تدل على الاحتراق الوظيفي تتمثل في شعورك بعدم الحماس نحو عملك مرة أخرى، برغم أنّه من المحتمل كونك تتمتع بها قبل ذلك، لكن لا يمكنك الوصول إلى الشعور ذاته في العمل هذه الأيام. قد تشعر أنّ هذا الأمر يمتد ليشمل جوانب أخرى في حياتك لا فقط العمل، فتفقد الحماس لكل الأشياء.
2- التوقف عن بذل المزيد
تحدث هذه العلامة كنتيجة للعلامة الماضية، إذ يترتب على عدم الحماس، أن تبدأ في الشعور بعدم الاهتمام بالعمل كعلامة على الاحتراق الوظيفي، وقد تتوقف عن بذل المزيد من المجهودات، وتكتفي فقط بتنفيذ الحد الأدنى من العمل، الذي يساعدك على التواجد في عملك دون خسائر، لكن بالطبع سيرى الجميع اختلافاً في مستوى الأداء الخاص بك.
3- تعاني من مشكلات في الأداء
كنتيجة متوقعة بالطبع، سيؤدي عدم اهتمامك وتقليل مجهودك، إلى مشكلات على مستوى الأداء المعتادة. إذ ستبدأ في الشعور أنّك غير قادر على تنفيذ المهام التقليدية المطلوبة منك، وأنّها لا تخرج سوى بجودة ضعيفة، أو قد تتجاهل بعض المهام دون عمد.
4- الإرهاق الشديد
من أهم علامات الاحتراق الوظيفي هي الشعور بالإرهاق الشديد، حتى إذا كنت لا تبذل الكثير من المجهود في الحقيقة. لا يقتصر الأمر على الإرهاق الجسدي فقط، لكنه يشمل كذلك الإرهاق العقلي والعاطفي، فتجد أنّك تعاني فقط لمجرد الخروج من منزلك يوميًا من أجل الذهاب إلى عملك.
5- مشكلات صحية
كنتيجة للإرهاق والشعور بحالة الاحتراق الوظيفي، قد تعاني من بعض المشكلات الصحية، مثل الأرق وعدم القدرة على النوم بسهولة، أو الصداع المستمر، أو غيرها من العلامات كالألم في الصدر أو ضيق في التنفس.
أسباب الاحتراق الوظيفي
يحدث الاحتراق الوظيفي نتيجة لبعض الأسباب، ويجب ألا تتجاهل هذه الأسباب، إذ طريق العلاج يبدأ من معرفتها والتفكير في الطريقة المناسبة للتعامل معها. من أشهر الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الاحتراق الوظيفي:
1- الشعور بالقدرة على عدم التحكم:
إذا كنت تشعر بعدم القدرة على التحكم في تفاصيل عملك والأمور التي تؤثر عليه، مثل الجدول الزمني المزدحم بالمهام والمسؤوليات، أو شعورك بأنّك لا تملك الموارد الكافية لتنفيذ عملك، فقد يؤدي ذلك بالطبع إلى الاحتراق الوظيفي بسبب هذا الشعور، فإذا لم تشعر أنّك تسيطر على حياتك، سيترتب على ذلك ظهور العلامات.
2- عدم فهم المطلوب منك في العمل:
يحدث هذا الأمر كثيراً عندما تنتقل إلى عمل جديد، أو أن تعمل مع مدير لا يمكنك التفاهم معه بسهولة، وبالتالي تجد نفسك غير قادرٍ على الشعور بالراحة في عملك، ولا تملك الحماس اللازم لتنفيذ المهام المطلوبة منك.
3- بيئة العمل غير الصحية:
تؤثر بيئة العمل في قدرتنا على النجاح في أعمالنا، فإذا كنت تعمل في بيئة غير صحية يتواجد بها زملاء عمل مؤذون، أو مدير متحكم، قد تشعر أنّ هذا يسبب لك الكثير من ضغوط العمل التي لا تقدر على مواجهتها، التي تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي مع الوقت.
4- تفاصيل الوظيفة ذاتها:
إذا كنت تعمل في وظيفة روتينية في أدائها، ولا يوجد بها أي قدر من الإبداع، أو في المقابل تعمل في وظيفة غير مرتبة وواضحة المعالم، فإنّك في الحالتين ستجد نفسك مضطرًا إلى بذل المجهود المضاعف لتقدر على تنفيذ المطلوب منك، وهو ما سيجعلك تشعر بالإرهاق والاحتراق الوظيفي.
5- عدم القدرة على الموازنة بين العمل والحياة:
تعد هذه من أكبر مشكلات العاملين هذه الأيام، إذ يشعر الكثير بعدم القدرة على إحداث توازن بين العمل والحياة الشخصية، نتيجة لوجود العديد من المهام المطلوبة منه، أو عدم قدرته على تنظيم وإدارة الوقت، فيجد نفسه لا يقضي مع أصدقائه وعائلته الوقت الكافي، وأنّ عمله يسيطر على الجانب الأكبر من الحياة.
بالطبع لا يحدث الاحتراق الوظيفي في يوم وليلة، لكن تجاهل العلامات هو ما يؤدي إلى مضاعفة حجم المشكلة، ويترتب عليه المشاعر السيئة التي تشعر بها في النهاية. لذا، من المهم الانتباه إلى الاحتراق الوظيفي وآثاره مقدماً، من أجل أخذ رد الفعل المناسب للموقف الحالي.
يمكنك فعل ذلك من خلال طرح الأسئلة التالية على نفسك دوريًّا، لتتأكد من متابعتك لكل شيء باستمرار قبل وصولك إلى الاحتراق الوظيفي.
1- هل تشعر بمشكلة في النوم؟ وهل تعاني من الصداع أو أي آلام أخرى؟
2- هل تشعر بعدم الرضا عن وظيفتك الحالية أو إنجازاتك داخل العمل؟
3- هل تشعر أنّ الذهاب إلى العمل هو أمر مرهق بالنسبة لك فلا تقدر على البدء بسهولة؟
4- هل تشعر أنّ بيئة العمل صحية بالنسبة لك؟ أم تواجه مشكلات مع زملائك أو مديرك؟
5- هل تواجه مشكلة في التركيز في أثناء العمل؟ وهل تشعر أنّك لا تملك الطاقة الكافية للإنتاج؟
6- هل تغيّر سلوكك في التعامل مع زملائك في العمل فأصبحت تنفعل سريعًا مثلًا أو أي تغير سلبي آخر؟
طرق تساعدك على التعامل مع الاحتراق الوظيفي
إذا كنت تشعر بوجود علامات الاحتراق الوظيفي عليك في الوقت الحالي، فقد حان الوقت المناسب لاتّخاذ خطوات مختلفة للتعامل مع المشكلة، فأنت لا تريد تركها حتى تتفاقم وتسبب لك ضررًا على المستوى الصحي. لذا، إليك 7 طرق تساعدك على التعامل مع الاحتراق الوظيفي.
1- أخذ إجازة
في الحقيقة هذه الطريقة الأبسط التي يمكن أن تتسبب في فاعلية كبيرة لعلاج الاحتراق الوظيفي، إذ كثيرًا من المشكلات تكون نتيجة لتراكم الضغوطات، وبالتالي من خلال أخذ إجازة، والتوقف عن متابعة أمور العمل لفترة من الوقت، يسهل عليك ذلك العودة مرة أخرى إلى ممارسة مهامك، لكن دون وجود مشكلة حقيقية هذه المرة.
اذهب إلى مديرك وتحدث معه في هذا الشأن؛ طالبًا الحصول على إجازة طويلة نوعًا ما، فالهدف ليس فقط الاستراحة لمدة يومين أو ثلاثة، بل قضاء وقت بعيدًا عن العمل. شارك مديرك بالأسباب التي تملكها لطلبك ببساطة وهدوء، واحرص على توضيح الأمور جيدًا، وكيف تشعر بحالة الاحتراق الوظيفي في الوقت الحالي، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الإجازة عليك بالإيجاب عند عودتك مرة أخرى لمتابعة العمل.
حاول الحصول على إجازة لفترة 15 يومًا مثلًا، أو فترة جيدة بالنسبة لك. في خلال هذه الفترة لا تحاول التواصل مع أي شخص في أمور العمل، وتوقف عن متابعة البريد الإلكتروني الخاص بك، أو التطبيقات المستخدمة في العمل الداخلي بينكم كفريق، واحصل على الراحة المثالية. عند عودتك مرة أخرى، ستجد نفسك قادرًا على التخلص من الاحتراق الوظيفي والتركيز في عملك.
2- التغيير في نمط حياتك
من الأمور التي تساعدك على التعامل مع الاحتراق الوظيفي، هي الحرص على تغيير نمط حياتك، إذ ربما تكون المشكلة الأكبر بسبب هذا لا بسبب تفاصيل العمل ذاته. مثلًا لا تنام لعدد ساعات كافية خلال اليوم، وتكتشف أنّك لا تقدر على التركيز، فتظن أنّ الأمر بسبب الوظيفة، لكنّه في الواقع بسبب النوم.
لذا، يمكنك التفكير في تغيير نمط حياتك للأفضل، مثلًا: تناول طعاما صحيا، واحرص على شرب المياه باستمرار، والنوم لمدة كافية خلال اليوم. كذلك يمكنك التفكير في ممارسة أنشطة ترفيهية مختلفة، إلى جانب ممارسة الرياضة. سيساعدك كل ذلك على تحسين أسلوب حياتك، وهو ما قد يلعب دوراً هاماً في التخلص من الاحتراق الوظيفي.
3- طلب تعديل على المسؤوليات في العمل
إذا كانت مشكلة الاحتراق الوظيفي تحدث بسبب عدم فهمك لطبيعة الدور المطلوب منك بالضبط، فبإمكانك التفكير في مناقشة الأمر مع مديرك المباشر، والحديث عن المسؤوليات المطلوبة منك في العمل. في خلال هذا الاجتماع ناقش جميع التفاصيل التي تهتم بها، وافهم بالضبط المسؤوليات الواقعة عليك.
في خلال ذلك إذا كان هناك أي نقطة غير مفهومة، فاستمر في مناقشتها حتى تكون مُدرِكًا لجميع الأبعاد الخاصة بالمسؤوليات الوظيفية المطلوبة منك. إذا كنت تشعر أنّ هذه المسؤوليات تتخطى قدرتك على الإنجاز، وأنّك تقوم بأدوار ليست ضمن مهام وظيفتك، فمن المهم مناقشة الأمر وطلب تعديل هذه المسؤوليات، حتى تتأكد من تنفيذك للمهام المتفقة مع طبيعة دورك فقط.
4- التفكير بشأن تغيير مكان العمل لفترة من الوقت
في بعض الأحيان يكون حل مشكلة الاحتراق الوظيفي هو تغيير مكان العمل لفترة من الوقت. مثلًا إذا كنت تعمل من المكتب، فبإمكانك تغيير موضع العمل في المقر، أو حتى طلب الحصول على أيام للعمل من المنزل، ثم العودة إلى العمل من المقر مرة أخرى.
إذا كنت أصلًا تعمل عامل حر من المنزل، في هذه الحالة فأنت بحاجة أيضًا إلى تغيير مكان العمل، مثلًا ابحث عن مقهى من حولك، يتواجد به شبكة إنترنت جيدة، وقرر العمل من هناك. يترتب على تغيير مكان العمل تنشيط الذهن وتحفيزه نحو الإنجاز من جديد.
5- طلب المساعدة من شخص متخصص
في الكثير من الأحيان تكون مشكلة الاحتراق الوظيفي ناتجة عن نقص الخبرة في التعامل مع المواقف المختلفة. إذ قد تعاني في تنظيم وقتك، أو محاولة الوصول إلى التوازن بين العمل والحياة، نتيجة لعدم قدرتك على التعامل مع تفاصيل الوظيفة بالطريقة التي تمكنك من العمل بذكاء لا بجهد فقط.
لذا، من المهم أن تفكر في الحصول على مساعدة من شخص متخصص، ليقدم لك النصائح المناسبة التي تساعدك على التخلص من الاحتراق الوظيفي وكذلك تسهّل عليك العمل. إذ سيخبرك هذا الشخص بالخطوات العملية، والأدوات التي يمكنك استخدامها لتساعدك على تنفيذ بعض المهام فتتمكن من توفير الوقت. كما أنّه سيخبرك بنصيحته حول العمل وكيفية تنظيم وقتك بالطريقة الصحيحة.
6- محاولة إضافة جانب من الترفيه أو التحدي إلى عملك
كثيرًا ما يحدث الاحتراق الوظيفي نتيجة العمل في وظيفة مملة، أو حتى لاعتياد العمل عليها، وتكون النتيجة النهائية هي عدم وجود شيء جديد لتقدمه. لذا، من المهم أن تفكر في محاولة إضافة بعض من الترفيه أو التحدي إلى عملك.
مثلًا هل يمكنك وضع نقاط توقف مهمة تسعى إلى إدراكها، وعند فعل ذلك تبدأ في الاحتفال؟ قد يكون ذلك خيارًا جيدًا للتحفيز الذاتي نحو النجاح. حلل وظيفتك جيدًا، وفكر بشأن الإضافات المحتملة التي يمكن تضمينها لتحقيق الترفيه والتحدي، ثم ابدأ في ممارسة عملك وفقًا لهذا التطور الجديد.
7- الاستقالة
من المتوقع ألّا تنجح بعض محاولاتك للتخلص من مشكلة الاحتراق الوظيفي، وتظل غير قادرٍ على معالجة الوضع الحالي بالطريقة الجيدة. في هذه الحالة، فأنت ستضطر إلى اللجوء للخيار الأخير؛ الاستقالة من هذا العمل والبدء في البحث عن عمل آخر.
من المهم في هذه الأثناء أن تبدأ في التفكير بمصادر الدخل الأخرى التي يمكنك الوصول إليها، حتى لا تجد نفسك تعاني من مشكلة مادية، وأن تبدأ في تنظيم أمور حياتك المالية بطريقة جديدة، حتى تقدر على مواجهة الفترة التي لن تكون لديك فيها فرصة عمل.
من المهم ألّا تستسلم لشعور الاحتراق الوظيفي وتجعله يمنعك عن التفكير في الخطوات التالية للمستقبل. يمكنك البحث عن عمل حر، مع استغلال فترة الاستقالة في تطوير الذات وتعلم أشياء جديدة، مع البدء مباشرةً في البحث عن وظيفة جديدة للعمل بها، من خلال مواقع التوظيف المختلفة الموجودة في الوقت الحالي.
ختامًا، يعتمد اختيار الطريقة المناسبة للتعامل مع الاحتراق الوظيفي، على السبب الرئيس لحدوث المشكلة، لكن أيًّا يكن، فأنت بحاجة إلى التأكد فعلًا من كون هذا الأمر هو الذي يسبب لك المشكلة فعلًا، حتى تقدر على اتخاذ الإجراء المناسب، فتقدر على معالجة مشكلة الاحتراق الوظيفي، وتعود إلى تحقيق النجاحات في حياتك، والأهم هو الشعور بالتوازن والاستقرار.
المصادر: