كيف يمكنك التعامل مع التقييم السلبي في العمل؟
عندما تكون في عملك، وتحصل على تقييم سلبي، فلا بد أنّ هذا يزعجك كثيرًا. من ناحية أنت تخشى التأثير السلبي لهذا التقييم على وظيفتك، ومن ناحية أخرى يمكن له أن يؤثر على حالتك النفسية سلبًا. بالتالي لا بد من التعامل مع الأمر بحذر.
قبل أي شيء: انتظر وحلّل التقييم
عندما تقرأ التقييم مباشرةً، فعلى الأغلب ستكون في حالة من التأثر، التي تمنعك من التفكير بمنطقية. إذا اتّخذت أي رد فعل، قد يزيد هذا من سوء موقفك، وربما يكون هذا الرد شيء تندم عليه لاحقًا. لذا، أول شيء تفعله بعد الانتهاء من التقييم، هو ألّا تفعل أي شيء. احصل على بعض الوقت للهدوء، ثم التحرك بعد ذلك.
بعد فترة من الوقت، عد إلى التقييم مرة أخرى واقرأه جيدًا. في هذه الحالة لا تأخذ الأمور على محمل شخصي، ولا تنحاز لذاتك. يبدو هذا الأمر صعبًا بالطبع، لكن في النهاية الهدف أكبر من ذلك. حاول فهم الأسباب التي أدّت إلى هذا التقييم، ثم في النهاية قرر ماذا ستفعل.
سجّل أسبابك
عندما تنتهي من قراءة التقييم جيدًا، قم بتسجيل النقاط التي تشعر بأنّك ظُلمت فيها. بالطبع لا يعني وجود ظلم أنّ هذا في جميع النقاط في التقييم، فربما تكون هناك نقاط تتفق مع مديرك بها. فالتقييم في أساسه هو وسيلة للتعلم والتطور. عندما تنتهي من التسجيل، من المهم دعم كل ذلك بأدلة وأمثلة حقيقية، إذ هذا وحده ما سوف يساعدك في تأكيد وتوضيح وجهة نظرك، ويجعل النقاش بينك وبين مديرك أكثر فاعلية.
ماذا لو كنت ترى التقييم صادق؟ إذًا عليك بدء التفكير في خطة لمعالجة هذه المشكلات الموجودة لديك، فلا تترك الأمر بدون علاج. سيؤدي ذلك إلى رؤية مديرك لك على أنّك تقبل التعلم والتطور، وبالتالي تحول التقييم السلبي إلى نقطة في صالحك. قم كذلك بتوضيح الأسباب التي تسببت في هذا التقييم السلبي من وجهة نظرك، والأهم ما هي مقترحاتك للتغيير.
حدّد موعد للاجتماع مع مديرك
الآن أنت لديك مجموعة من الأسباب التي ترغب في مناقشتها مع مديرك. يجب عليك عدم الاندفاع إلى مكتبه مرة واحدة للنقاش حول ذلك، ولا يفضل الاكتفاء بإجراء مكالمة هاتفية. في هذه الحالة، عليك تحديد موعد للاجتماع مع مديرك، وجعله لقاء وجهًا لوجه لمزيد من التفاعل في الاجتماع.
احرص على أن يكون موعد الاجتماع بعيدًا عن ضغط الشغل المعتاد، أو التأكد من أنّ مديرك ليس مشغولاً في هذا الوقت. سيجعله هذا يمنحك تركيزه الكامل أثناء الاجتماع، وسيكون لديه الوقت لمناقشة جميع الجزئيات الواردة في التقييم.
قبل الحديث: استمع وافهم
عند بدء الاجتماع، تأكد من مراقبة أسلوبك جيدًا. من الأفضل ألّا تبدأ في الحديث، لكن امنح الفرصة لمديرك لتوضيح التقييم. ركّز على الاستماع، وطرح الأسئلة التي لديك، حتى يكون بإمكانك فهم وجهة النظر التي لديه جيدًا، ربما يكون هناك سوء فهم لديك، أو شيء غائب عنك.
أثناء الاستماع للمدير، حاول التفكير في الأمر من زاويته، حتى يمكنك استيعاب ما يقوله جيدًا. إذ يختلف الأمر بالطبع عند محاولتك لتغيير وجهة نظرك، ورؤية الأمور من حيث يراها الطرف الآخر. في النهاية سيكون بإمكانك تكوين آراء صائبة، وتوضح لك من أين تبدأ الحديث بالضبط.
الآن اعرض ما لديك
في النهاية الغرض الرئيس من الاجتماع هو الوصول إلى هذه النقطة، والرد على التقييم السلبي في الأجزاء التي لا تتفق معها، أو عرض خطة تحسين الأداء إذا كان هذا التقييم صحيحًا. لذا، بعد الاستماع للمدير، يمكنك البدء في عرض ما تريد قوله.
إذا كنت لا تتفق مع التقييم، يمكنك البدء بالأشياء التي تراها صحيحة في التقييم، إذ بالتأكيد هناك بعض النقاط التي ربما تحتاج إلى تطوير، فلا يوجد من يحقق 100% في التقييم دائمًا، واعرض خطتك لتحسين هذه النقاط، ثم انتقل إلى الأجزاء السلبية.
تحدث عن النقاط التي تراها غير دقيقة في التقييم، مع تضمين الأدلة أو الأمثلة التي تشرح ذلك، وتدعم رأيك. على سبيل المثال، إذا قال التقييم أنّك لا تلتزم بالمواعيد النهائية للمهام، يمكنك تقديم أدلتك على أنّك التزمت بمواعيد المهام، وأن هذا الأمر لم يحدث. قد تكون الأدلة مثلًا تاريخ رفع المهام على الموقع، أو تاريخ إرسال رسائل البريد الإلكتروني.
من المهم في أثناء الاجتماع أن يكون لديك الاستعداد لتغيير رأيك، فمن المحتمل أنّ الخطأ لديك فعلًا، وأنّ هناك نقاطا غائبة عن إدراكك. إذا صممت على عدم الاعتراف بها، سيزيد هذا من سوء الموقف، وسيعطل مسيرتك نحو التعلم والتطور، لذا ابدأ في مناقشة طرق تحسين هذه النقاط.
إذا كنت تتفق مع التقييم من البداية، يمكنك التركيز على طرح مقترحاتك لتحسين أدائك، والاستماع لما لديه ليقوله لك لمساعدتك. قبل ذلك، اعترف بفهمك للأسباب وقناعتك بها، واشكره على هذا التقييم مع وعد بالتحسن، والتركيز على التطوير فيما هو قادم.
من أهم الأشياء أثناء الاجتماع ألّا تفقد أعصابك مهما كانت درجة الغضب التي تصل إليها، مع تجنب اختلاق الأعذار أو التبريرات التي لا فائدة منها، أو إلقاء اللوم على زملائك. ركّز دائمًا على ما أتيت للاجتماع من أجله، وهو إمّا شرح أسبابك وإما مناقشة خطط التحسين، فلا تبتعد عن هذا لأي سبب.
المتابعة بعد الاجتماع
بعد الانتهاء من الاجتماع، أرسل بريد إلكتروني إلى رئيسك، يحتوي على جميع النقاط التي تمت مناقشتها خلاله، وما هي الأشياء التي اتفقتما عليها، مثل خطة التحسين المتبعة خلال الفترة القادمة، وكيف ستعمل على تنفيذها، ولا تنسى شكره على الاجتماع والنصائح التي شاركك بها.
تأكد من متابعة الخطة مع مديرك من وقت لآخر، وأنّك تسير في الطريق السليم، وبالفعل تتخذ إجراءات تصحيحية لما ورد في التقييم. سيحفّزك هذا للإنجاز، وسيعكس لمديرك كذلك مقدار رغبتك في الإصلاح والوصول إلى أفضل أداء.
متى تترك الأمر بدون تدخل؟
نحن لسنا في عالم مثالي، وفي بعض الأحيان لا يكون التدخل هو الخيار المناسب. إذا كنت ترى أنّك لم تخطئ ولا تستحق هذا التقييم، وفي الوقت ذاته لا يوجد سبيل الآن لمناقشة الأمر مع مديرك، سواءً لعدم تقبله للنقاش، أو لأنّ الوقت ذاته لا يسمح. يمكنك التفكير في أثر هذا التقييم عليك، وما الذي سيحدث إذا لم تتدخل؟
إذا كانت الإجابة أنّه لا يوجد ضرر كبير متوقع، وفي الوقت ذاته أنت تحب عملك، ويمكنك تجاوز الأمر والتركيز على ما هو قادم، فافعل ذلك. يمكنك مناقشة التقييم مع زملائك، أو مدربك المهني إذا كنت تملك واحدًا. سيساعدك ذلك في تقبل الأمر، ورؤية الأمور من الزاوية الأخرى، ومعرفة كيف يمكنك تطوير أدائك فيما هو قادم.
أحيانًا يكون هذا هو السلوك المثالي، لأنّك تعرف أنّ تدخلك لن يعني شيئًا بسبب تقصيرك في العمل. بالتالي لا تريد مناقشة مديرك، لكن ترغب في أن تثبت له استحقاقك للأفضل. لذا، ركّز على تحسين أدائك، حتى تحصل على درجة عالية في تقييم الأداء التالي.
من المهم التأكد من أنّ هناك سببا يمنعك حقًا من مناقشة مديرك، لا فقط شعورك أنّك لا ترغب في المقاومة أو فعل شيء، فهذا سلوك سيئ. في الوقت ذاته، تذكّر أنّك لا تخوض قتالًا، بل هي مناقشة للأمور، بهدف واضح ومحدد.
يؤثر التقييم السلبي عليك، ويجعلك في حالة من الغضب أو الحزن. لكن الأهم هو آلية تعاملك مع الأمر، وكيفية علاج الموقف الحالي، إذ عليك التفكير في المستقبل. أيًا يكن سلوكك، اجعله يساعدك في الحصول على تقييم أعلى المرة القادمة، فهذا الإثبات المثالي لاستحقاقك الأفضل في العمل.
المصادر: