مدخل إلى علم الإدارة (4): كيف تراقب عملك وتقيّم فاعليته؟
"إذا لم يكن بإمكانك قياس ما تفعله، فلن تكون قادرًا على إدارته"، هي إحدى المقولات المشهورة عن أهمية قياس نتائج الأداء للكاتب الأمريكي المتخصص في علم الاقتصاد باركر، ولهذا الأمر فإن المراقبة أو التقييم هي إحدى المهام الرئيسة الأربع لعلم الإدارة.
ما هو تعريف التقييم في الإدارة؟
يمكن تعريف التقييم في علم الإدارة على أنّه دورة عمل مستمرة بشكل ثابت في الشركة، وهدفها مقارنة الأداء لمعايير مسبقة موجودة بالفعل، أي إنّها تساعدك على معرفة إن كان الأداء يتماشى مع المعايير المحددة أم هناك الحاجة إلى تصحيح في مسار العمل.
من المهم إدراك الهدف الرئيس من عملية التقييم على أنّها إصلاح للأخطاء الحادثة، لهذا تلتحق معها عملية أخرى وهي التقويم، أي اتّخاذ الإجراءات التصحيحية عند الحاجة إلى ذلك، فالتقييم ليس غاية في ذاته، بل دائمًا تهدف هذه الوظيفة الإدارية لجعل الأشياء تحدث كما كان مخططًا لها الحدوث بالفعل.
تتكون عملية الرقابة في شقيها التقييم والتقويم من ثلاث خطوات ثابتة، تبدأ من قياس الأداء الموجود حاليًا، ومن ثم مقارنته مع المعايير المحددة، ثم بعد ذلك اتّخاذ الإجراءات التصحيحية، ولا بد من حدوث هذه الخطوات بهذا الترتيب، فبدون قياس للأداء سيكون أي إجراء هو تصور شخصي لا كما هو الواقع بالفعل.
قياس الأداء: ما الذي يجب فعله في الشركة؟
يحتاج أي فرد أثناء العمل إلى فهم طبيعة المطلوب منه بالضبط، وبالتالي لا بد من وضع نظام للأداء داخل العمل، يعرّف كل فرد بالمطلوب منه تحديدًا، وما هي معايير قياس الأداء التي تتبعها الشركة، فإدراك هذه النقاط يجعل الشخص يفهم السبب وبالتالي تزداد فاعلية ما يقدمه.
لذا يجب توضيح بالضبط المهام المطلوبة من كل فرد داخل الشركة، وما هي الكيفية لتنفيذها في العمل، والتصور الأمثل عن كل مهمة في عملية التقييم، فإذا تم استخدام نظام النطاق من خمس درجات، فيتم تعريف كل نقطة على النطاق، بحيث يدرك كل شخص ما سيحصل عليه طبقًا لأدائه.
المقارنة مع المعايير: ما هي الأهداف التي نسعى إليها؟
من المهم إدراك أنّ التقييم كمهمة إدارية يشمل جميع الجوانب التي تعمل بها الشركة لا فقط أداء الأفراد كما هو الحال في التقييم كجزء من إدارة الموارد البشرية، لذلك ضع معايير مناسبة مع عملك، بحيث يكون القياس محتويًا على كل ما تحتاج إليه الشركة بالفعل لتقييم أدائها كليًّا، من المعايير التي يمكنك وضعها في الشركة:
موقف الربحية: طبقًا للخطة التي وضعتها للشركة، هل تصل إلى الربحية التي تبحث عنها أم هناك نقص معين؟
الوضع في السوق: هل نجحت الشركة في تحقيق الوضع الذي تريده في السوق؟ هل تملك الحصة السوقية المستهدفة التي تساعدها على النمو؟
الإنتاجية: كيف هو أداء الأفراد في العمل ومقدار الإنتاج الذي يقدمه كل منهم؟ وكيف تستخدم موارد الشركة حاليًا؟ هل هناك أي مشكلة أو نقص يحتاج إلى تعويضه؟
الأفراد: كيف هو السلوك الذي يصدر عن العاملين معك ولا يحدث لهم أي تطور في الشركة؟
يمكنك إضافة المعايير التي تناسب وضع شركتك، لكن من المهم احتواؤها على كل ما يدخل في نطاق عمل الشركة ويتضمن أوضاعها المالية وكذلك ما يتعلق بالعاملين معك، فالاهتمام بالأفراد يترتب عليه تعظيم النتائج، لأنّ الأفراد هم المصدر الرئيس لقوة الشركة.
الإجراءات التصحيحية: كيف نغيّر الوضع الحالي؟
بعد الانتهاء من مقارنة الأداء بالمعايير المتفق عليها في بداية دورة التقييم، هنا يأتي دور التقويم واتّخاذ الإجراءات التصحيحية من أجل الوصول إلى المستوى المطلوب بالفعل، وفي هذه النقطة يمكنك التعامل مثل الطبيب، حيث لا يبدأ في الإجراء لكنّه في البداية يلاحظ الأعراض ويدرك أسباب المشكلة في البداية قبل وصف العلاج.
لذا، من المهم الاطلاع على التقارير التي تصلك من مديري الأقسام، مع الاشتراك بنفسك في ملاحظة الأداء من وقت لآخر، وإذا تطلب الأمر مناقشة العاملين معك في الأسباب وفهم ما حدث، فمثلًا قد لا تكون هناك مشكلة في أداء الأفراد، لكن يكون الخلل بسبب وجود خطأ في التخطيط للأهداف ووضع مستهدفات غير منطقية.
بعد الانتهاء من ملاحظة جميع الأعراض، يمكنك البدء في كتابة العلاج المناسب للمشكلة، واتّخاذ الإجراءات السليمة، سواءً تعديل في أدوار الأفراد أو توفير التدريبات التي تناسبهم للوصول إلى المستوى المطلوب، تغيير في الخطط والمستهدفات لتتوافق مع الوضع الحالي والإمكانيات، تعديل العمليات في الشركة وإضافة أو حذف في المهام، وذلك للوصول إلى المستوى المطلوب بالفعل.
كيف تضمن فاعلية عملية التقييم والتقويم في الشركة؟
تتقاطع مهمة الرقابة مع مهام الإدارة الثلاثة الأخرى وتؤثر على نجاحها، وبالتالي لا بد دائمًا من التأكد من القيام بها دوريًا في فترات محددة ومتفق عليها مع الجميع، بحيث يمكنك ضمان فاعليتها، وسرعة اتّخاذ أي قرار مطلوب في الشركة، كما توجد بعض الخطوات التي لا بد من القيام بها في عملية التقييم كالتالي:
1- التأكد من وضع المستهدفات: مهمة التخطيط في الإدارة هي وضع المستهدفات، ومهمة الرقابة هي التأكد من وجود هذه المستهدفات، فهي ما يُقاس الأداء بناءً عليه، فمن غير وجود المستهدفات، لن يمكنك الحكم بشكل صحيح على فاعلية الأداء واتّخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة.
2- توضيح أهمية التقييم للشركة: يجب إدراك أنّ عملية التقييم في الشركة يراها الكثير بصورة خاطئة، فهي بالنسبة لهم وسيلة للحكم على أدائهم وعقابهم، في حين تهدف العملية في الأساس لمعرفة سير العمل، وفي حالة وجود أي انحراف عن المسار الأساسي يتم إصلاحه، وبالتالي من الضروري شرح الأمر بصورته الصحيحة للجميع.
3- الاتفاق على آليات التقييم: من الأشياء التي تضمن فاعلية التقييم هي وجود آليات واضحة ومحددة يفهمها الجميع بالشكل الصحيح، ويتفقون على الالتزام بها جميعًا، فلا يفاجأ أحدهم فيما بعد بأي شيء يخص التقييم، كما أنّ هذه الآليات هي ما تضمن قياس كل شيء يحدث داخل الشركة.
4- شمولية التقييم: من المهم دائمًا الالتزام بالشمولية في عملية التقييم، أي قياس الأداء في كل جوانب العمل التي تحدث داخل الشركة، فهذا ما يضمن التدخل في العنصر المناسب، بدلًا من تضييع المجهود ومحاولة إصلاح شيء لا ينتج عنه أي مشكلة من الأساس، وفي الوقت ذاته يظل السبب الرئيس للمشكلة قائمًا ويؤثر سلبًا على العمل.
5- اتّخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب: ليس النجاح دائمًا في الفعل، ولكن في الكثير من الأحيان يعتمد النجاح على توقيت اتّخاذ القرار السليم، وهذا يعتمد على رؤيتك وقدرتك على الإدارة، ومن ثم انتقاء التوقيت الأفضل للقيام بأي إجراء تصحيحي يمكنه المساهمة في تعديل وضع الشركة للأفضل.
تعتبر مهمة الرقابة هي المهمة الأخيرة من ضمن المهام الرئيسة للإدارة، التي يمكن من خلالها التأكد من سير العمل على ما يرام، وفي النهاية فإنّه لا أهمية لوظيفة على الأخرى، بل دائمًا يجب عليك التركيز على تنفيذ جميع هذه المهام معًا في الوقت ذاته.
تابع أيضا:
مدخل إلى علم الإدارة (1): كيف تخطط لوضع حجر أساس جيد للشركة؟
مدخل إلى علم الإدارة (2): كيف تنظّم مواردك لتنفّذ خطتك بنجاح؟
مدخل إلى علم الإدارة (3): كيف تؤثر في العاملين معك بالقيادة؟
المصادر: