ماذا يجعل طلب النصيحة من الآخرين أكثر جاذبية من التقييم؟
هل انتهيت للتو من إعداد الملفات التي المفترض أن تقدمها في أحد الاجتماعات المهمة، أو كتبت خطاباً من المقرر أن تلقيه أمام زملائك ومديريك في إحدى الفعاليات الهامة، حسناً ربما تعتقد أنك في حاجة إلى رأي شخص آخر يساعدك على وضع يدك على مواطن الضعف، ويسلط لك الضوء على العيوب والأخطاء والمشاكل التي تعاني منها، ما يساعدك على معالجتها، والتخلص من المشاكل والعيوب الموجودة في النسخة الأولى، ومعرفة ما هي الأمور التي يمكن تحسينها.
من الطبيعي في هذه الحالة أن تقدم ما لديك من معلومات لأحد زملائك في العمل، أو لشخص آخر تثق فيه وتطلب منه أن يقيمك، هذا طبيعي حسب الحكمة التقليدية للتعامل مع هذه الأمور، إلا أن الأبحاث تشير إلى عكس ذلك. حسب الأبحاث والدراسات فإن التعليقات المتعلقة بالتقييم غالباً ما يكون لها تأثير محدود على أدائنا، خاصة أنها في كثير من الأحيان تكون غامضة، ولا تساعدنا على معرفة ما يمكن تحسينه ولا نعرف كيف نحسنه.
أظهرت أبحاث أُجريت مؤخراً أن هناك نهجا أفضل كثيراً بإمكانك الاعتماد عليه، ويتمثل في طلب النصيحة عوضاً عن التقييم.
ما الفرق بين طلب التقييم والنصيحة؟
أجريت العديد من الدراسات المعنية بهذا الأمر، وحاول الباحثون معرفة الفرق بين طلب التقييم والنصيحة. في إحدى الدراسات، طلب الباحثون من 200 شخص يتقدمون للحصول على وظيفة تعليمية أن يقدموا خطاب توصية يكتبه أحد زملائهم، على أن يطلب جزء منهم الخطاب بصيغة النصيحة، وأن يسأل الجزء الآخر بصيغة التقييم.
ووجد البحث أن هؤلاء الذين طلبوا الحصول على خطاب توصية بصيغة التقييم، كانت خطاباتهم مليئة بالتعليقات الغامضة، على عكس الآخرين الذين طلبوا الحصول على نصائح، فكانت خطاباتهم مليئة بالمعلومات القيّمة والأمور المفيدة.
في دراسة أخرى، طلب الباحثون من 194 موظفا بدوام كامل في الولايات المتحدة وصف أداء أحد الزملاء في مهمة عمل حديثة، تعددت هذه المهام ما بين وضع الملصقات على العناصر إلى إنشاء ووضع استراتيجيات تسويق جديدة، ثم طلبوا من الموظفين أن يعطوا زملاءهم نصائح وملاحظات حول العمل الذي وصفوه للتو.
وأثبتت الدراسة أن هؤلاء الذين أعطوا النصائح والملاحظات لزملائهم كانوا أكثر موضوعية وأقل نقداً، كما أنهم أعطوهم ملاحظات قابلة للتنفيذ.
ووجدت دراسة أخرى أن النصائح والملاحظات التي يحصل عليها الطلاب من زملائهم ومعلميهم تساعدهم على تطوير مهاراتهم بشكل ملحوظ، كما أنها مكنتهم من معرفة نقاط القوة والضعف، الخاصة بهم، على عكس التقييم والذي غالباً ما يكون مواد جامدة ولا يساعد على التحرك والمُضي قدماً.
وجد الباحثون أنه عندما يُطالب الأشخاص بتقديم الملاحظات فإنهم يتحولون فجأة إلى قضاة ويركزون أكثر على الحكم على الآخرين، ولا يحاولون مساعدتهم من خلال تقديم الملاحظات.
في المقابل عندما يُطلب منك تقديم النصائح، فإنك سوف تركز على مساعدة الآخرين على التحسين من أنفسهم، ومعالجة نقاط الضعف، وتعزيز نقاط القوة.
حصلت على تقييم سلبي ظالم وغير مستحق.. كيف تجعله يخدم مصلحتك؟
متى يكون طلب التقييم مفيداً؟
مع ذلك فإنه ليس من الضروري أن نعتبر أن طلب التقييم دائماً استراتيجية أسوأ من طلب النصائح. في بعض الأحيان يكون التقييم أكثر فائدة، خاصة بالنسبة لهؤلاء المبتدئين الذين يعملون في مجالات نقدية ومحددة وأقل تحفيزاً بشكل جزئي، ولا يشعرون بأن لديهم المهارات الأساسية والأمور التي تتطلب التحسين، لذلك يصبح التقييم أفضل طريقة لمساعدة المبتدئين، أفضل كثيراً من طلب النصيحة.
ضع في اعتبارك أن المنظمات والمؤسسات التي تعمل بها مليئة بفرص التعلم، وبإمكانك استفادة الكثير من زملائك في العمل، ورغم تعامل البعض مع التقييم على أنه استراتيجية غير فعالة لتعزيز النمو والتعلم، إلا أنه قد يكون مفيداً في كثير من الأحيان.