باولو كويلو يكتب: ويصير المستقبل ماضيًا
من الآن وصاعدًا ولمئات السنين، سيمد الكون يد المساعدة إلى محاربي الضوء وسيعطي ظهره للمتعصبين. فإن طاقة الأرض في أمس الحاجة إلى التجديد، والأفكار الجديدة في بحث دائم عن مساحة حرة للتعبير عن نفسها، أما أرواحنا وأجسادنا فترنو إلى الدخول في تحديات جديدة لتحفيزها. والمستقبل صار حاضرًا والأحلام- باستثناء المغرض منها - لديها الفرصة لإثبات حضورها ورؤية النور.
الحق سيبقى والباطل سيزهق ولهذا يترَفع محاربو الضوء عن أي انتقادات توجه إليهم من الكثيرين الذين يعبرون عن رأيهم في أفعال المحاربين وسلوكياتهم لأنهم وحدهم يدركون أن رسالتهم على الأرض لا تحتمل إهدار الوقت وتبرير الأفعال.
يتفادي المحاربون دومًا انتقاد سلوك الأخرين لأنهم لا يحتاجون إلى إثبات خطأ الآخر لترسيخ يقينهم بمسارهم الخاص. بل على النقيض تمامًا، من يتصيد أخطاء الآخرين، فهو يفتقر إلى الإيمان في خطواته.
محاربة الظلم
يقول عالم الأحياء البريطاني توماس هنري هكسلي:" نتائج أفعالنا هي فزاعات للجبناء وأشعة نور للحكماء. العالم مثل لوحة الشطرنج تكون فيه عاداتنا في الحياة اليومية هي قطع اللعبة؛ وقوانين الطبيعة هي قواعدها".
بالرغم من أن محاربي الضوء منشغلون بمهمتهم الأساسية، فإنهم لا يتغافلون عن الظلم. فيؤمنون أن كل الأشياء تلتقي في نهاية الأمر في مسار واحد وأن كل فعل فردي يؤثر على البشرية بأكملها ويرون أن لو وقع شخص فريسة للظلم، فسيستخدمون أسلحتهم لوضع الأشياء في نصابها وتصحيح الأوضاع.
ومع أنهم يحاربون القمع والظلم، فإنهم لا يحاكمون الظالم أبدًا لأنهم يؤمنون أننا جميعًا سنحاسب عن أفعالنا أمام الله ولذلك فإنهم يتنحون جانبًا بمجرد تحقيق مهمتهم ورفع الظلم.
تجنب التشاؤم
من أجل تجديد طاقة الأرض، يجب أن ندرك أن التشاؤم أمرٌ مُعدٍ، وأن الهزيمة معدية، وكذلك اليأس. إن هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بالحكمة الكافية لاستشعار الهالات (وهي ترددات الطاقة التي تحيط أي كائن حي)، يلاحظون أن القلق والجزع والإحباط يستنزف جزءاً من الطاقة الحيوية للجسم قبل أن يصيبه المرض العضوي. فكل ما نبذله اليوم سيعود إلينا بشكل أو بآخر كالدورة التي نراها في الطبيعة حولنا.
تصالح مع فكرة ارتكاب الأخطاء أحيانًا
قال الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه ذات مرة : "لا تستحق كل الأمور البحث والمحاسبة لأن جزءاً من الطبيعة البشرية اقتراف الأخطاء من آنٍ إلى آخر".
ولكننا نلتقي بأشخاص في حياتنا يصرون على أن يكونوا على صواب بشأن أدق التفاصيل، ولا نستثني أنفسنا من هذا التصرف في كثير من الأحيان: نحن لا نعطي فرصة لأنفسنا لارتكاب أي خطأ، وتكون نتيجة هذا المنظور هو الخوف من المضي قدمًا لأن كل خطوة ستحتاج إلى قرار جديد وهذا القرار غير معلوم نتائجه.
الخوف من اقتراف الأخطاء هو بمثابة الباب المغلق الذي يتركنا عالقين ومحبوسين داخل قدراتنا المتوسطة: فلو نجحنا في التخلص من هذا الخوف، ستكون هذه خطوة هامة للاقتراب من حريتنا.
كن شجاعًا قبل أي شيء
كي تكون مستعدًا لمواجهة هذا المستوى الراقي من الإنسانية، وأن تعطي مساحة حرة لاستقبال الأفكار الجديدة وبالتالي تجديد طاقة الأرض، فيجب عليك أن تتحلى بالشجاعة: شجاعة مواجهة الهوى والتعصب، شجاعة نشر العدالة، شجاعة الإدراك أن جميع الأمور تؤثر حتمًا على تاريخ العالم، شجاعة اقتحام المجهول، حتى لو كلفك الأمر اقتراف الأخطاء أحيانًا.
قد خلقنا الله ومنحنا الوجود في هذا العالم، والآن، يحاوطنا بعنايته ويطالبنا بتنفيذ مشيئته من خلال القيام بدورنا في هذه الحياة.