أساليب القيادة (2): لماذا يجب أن تستخدم أسلوب الأمر في الأزمات فقط؟
تختلف وتتنوع أساليب القيادة، لكن يظل لبعضها أفضلية على البقية في تصور الكثير من الأفراد، نظرًا لأنّ القيادة تتمثل في العمل مع الأفراد وبالقرب منهم للتأثير فيهم لا مجرد توزيع الأوامر عليهم فقط، في الواقع يبدو هذا الأمر منطقيا، لكن بالرغم من ذلك يُفضل العديد من الأشخاص استخدام أسلوب الأمر بشكل دائم، لكننا في سلسلة أساليب القيادة سنتحدث عن السبب في كون استخدام أسلوب الأمر يصلح في الأزمات فقط، لكنّه لا يمكن الاعتماد عليه دائمًا.
أسلوب الأمر: افعل ذلك لأنني أقوله
يتمثل الهدف الرئيس من أسلوب الأمر في تصور دانيال جولمان في تحقيق الامتثال اللحظي للأوامر، حيث يعتمد القائد الذي يستخدم هذا الأسلوب على إعطاء التوجيهات للناس من خلال إخبارهم بما يجب عليهم فعله، ولا يهتم بالحصول على مساهمة من أي فرد.
يركّز دائمًا على أخطاء الموظفين في العمل ورصدها بمجرد حدوثها، حتى يستغل هذا الأمر في التأكيد على ضرورة الامتثال لأوامره، مع الاعتماد على التحفيز السلبي من عواقب فهم أوامره بشكل خاطئ، والمشكلة في هذا النوع أنّ بعض القادة يرى الأساليب الأخرى على أنّها غير مناسبة لا تحقق أي نتائج، وبالتالي يكون من الصعب عليه التنويع في استخدام أي منها في عمله.
متى يكون الأسلوب فعّالًا؟
على الرغم من صعوبة تقبل هذا الأسلوب، لكنّه يكون فعّالًا داخل العمل في بعض المواقف، من بينها وجود الأزمات التي تتطلب توجيها واضحا، خصوصًا عندما يكون لدى القائد معلومات أكثر من البقية، ولا وقت لديه لشرح الأسباب من وراء طلبه لهم.
يمكن أن يكون فعّالًا أيضًا عندما يكون الموقف لا يحتمل أي اختلافات في الأداء، كأنّ يتعلّق الأمر بقضية صحية أو متعلقة بالأمن، فلا يجب أن يكون هناك أي خطأ في التنفيذ. وكذلك يمكن استخدامه في بعض الأحيان مع الأفراد أصحاب الأداء الضعيف، عندما يجد القائد أنّ كل شيء آخر يمكن استخدامه قد فشل كليًا.
بالطبع يتطلب هذا إدراك القائد لمعرفة متى يجب عليه التوقف عن استخدام هذا الأسلوب، مثلًا بمجرد انتهاء الأزمة، لأن كثرة استخدامه داخل العمل تجعله غير فعّال حتى مع المواقف الضرورية، بسبب قناعة الموظفين بأنّه ليس أسلوبًا لحظيًا، بل هو شيء ثابت باستمرار.
متى لا يكون الأسلوب فعّالًا؟
لا يحب أحد أن يحصل على توجيهات طوال الوقت، وبالتالي فإنّ استخدام هذا الأسلوب على المدى المتوسط أو البعيد يؤدي إلى فقد أي قيمة محتملة منه، لأنّ الأفراد لا يحصلون على أي اهتمام فلا ينظر القائم لهم بشكل أنّهم يحتاجون إلى تطوير ولا يستمع إليهم، فيكون الخيار الأفضل لهم في هذه الحالة هو التمرد على القائد أو مغادرة العمل.
كما أنّه لا يكون فعّالًا في المواقف المعقدة، فالشخص الذي يحصل على أمر في موقف بسيط وينفذه، سيكون بالإمكان تحقيق النجاح المطلوب من الموقف، لكن عندما يكون هناك تفاصيل متنوعة، فإنّ الأمر ربما يؤدي إلى نجاح جزء معين من الموقف، لكن إجمالًا ستحدث العديد من المشاكل. بجانب أنّ الموظفين أصحاب الكفاءة العالية لا يتقبلون هذا الأسلوب أبدًا، لأنّهم يشعرون فيه بإلغاء كامل لوجودهم.
كيف يمكن التحكم في هذا الأسلوب داخل العمل؟
حتى مع الرغبة الدائمة في الاهتمام بالموظفين، فإنّ بعض المواقف بالفعل تتطلب تدخلًا سريعًا لإنقاذ الوضع، فيكون فيها الأولوية للنتائج، لكن يمكن الاهتمام بتوضيح هذا الأمر مسبقًا، أي الشرح المسبق للموظفين بأهمية استخدام هذا الأسلوب في بعض المواقف، فإدراكهم لهذا الأمر قد يجعلهم يتقبلونه حتى لو وجدوا صعوبة في ذلك، لكن بالطبع عندما يكون هذا الأسلوب هو الثابت دائمًا، فإنّ النتائج لا تكون جيدة أبدًا، لذا إن كنت تستخدم هذا الأسلوب، فيمكنك العمل على التحكم به من خلال الخطوات التالية:
1- فكّر في الأسلوب الذي ترغب أن تُقاد به: إذا كنت تعمل داخل الشركة تحت قيادة شخص آخر، هل ترى أنّ أسلوب الأمر يناسبك؟ غالبًا ستجد أن الأمر يضغطك كثيرًا، ويمكنك أن تسأل الموظفين حتى تفهم أكثر شعورهم المترتب عن هذا الأسلوب، ثم بعد ذلك فكّر في كيفية التحول إلى أسلوب مختلف.
2- تعلّم سؤال الآخرين عن رأيهم: حتى لو كنت تنوي فعل شيء معين بأسلوبك، بدلًا من توجيه الأمر المباشر للآخرين، يمكنك أن تتعلّم سؤالهم عن رأيهم فيما تريد فعله، مع وضع هذه الآراء في الاعتبار وتطوير رأيك النهائي طبقًا لهذا الأمر. سيجعلك هذا تتعلم تضمين ما يقولونه بدلًا من الأمر المباشر لهم.
3- اسأل نفسك لماذا تهتم بالسيطرة على كل شيء: في الحقيقة هذا السؤال مهم جدًا، ويمكنك أن تلحقه بسؤال آخر وهو: ما الذي تحتاج إليه حتى يمكنك أن تثق في الآخرين؟ الوصول إلى إجابة هذا السؤال سيجعلك قادرًا على فهم دوافعك والتعامل معها والتحكم فيها تدريجيًا.
استخدام أسلوب السيطرة يبدو مناسبًا لمواقف محددة، لكن تذكّر في النهاية أن جوهر القيادة هو الأشخاص، لذا تعلّم متى وكيف تستخدم هذا الأسلوب في مواقفه المناسبة، وأن تستخدم بقية أساليب القيادة، وهي التي سنتحدث عنها في باقي السلسلة.
تابع أيضا:
أساليب القيادة (1): متى يصبح أسلوب ضبط الوتيرة مناسبًا لشركتك؟
المصادر: