كيف تطور أسلوبك في القيادة داخل شركتك؟
"القائد الجيّد يقود الناس من درجة أعلى منهم داخل العمل. القائد العظيم يقود الناس من داخلهم". هي واحدة من المقولات للكاتب أرنولد التي تقدم وصفًا حقيقيًا لما ينبغي أن يكون عليه القائد العظيم، ويتمثل ذلك في المحاولات المستمرة للعمل عن قرب مع الفريق للوصول دائمًا لأفضل النتائج.
لهذا يسعى كل فرد لاستخدام أسلوب قيادة فعّال يناسبه ويناسب الفريق، ويُصاحب هذا اعتقاد أنّ هناك أسلوبا للقيادة أفضل من غيره، لكن الواقع أن كل موقف يحتاج إلى أسلوبه الخاص، لهذا توجد العديد من أنماط القيادة التي يمكن استخدامها في المواقف المختلفة.
يعتمد كذلك اختيار الأسلوب المناسب على قدرة الشخص، وبالتالي من المهم فهم الخطوات الممكن اتّباعها، والتي تساهم في تطوير أسلوب القيادة داخل الشركة، وتجمع ما بين الصفات الشخصية للقائد، وبين الموقف الحالي واحتياجاته.
الخطوة الأولى: افهم نفسك جيدًا
من أهم الخطوات التي ستساعدك في اختيار الأسلوب المناسب لك، هي فهمك لنفسك جيدًا، ما هي نقاط القوة والضعف الخاصة بك، وكذلك ما هو الأسلوب الذي تستخدمه في العمل حاليًا أكثر من غيره، يمكنك عمل ذلك من خلال الاستعانة بواحدة من الطريقتين الآتيتين:
1- الحصول على تقييم من أشخاص تثق بهم
سواءً فريق عملك الذي تديره في الوقت الحالي، أو أشخاص يعملون معك في نفس المستوى الإداري أو حتى مديرك الشخصي. يمكن الاستعانة أيضًا بأشخاص سبق لك العمل معهم في الماضي. في النهاية الهدف هو معرفة آرائهم وتقييماتهم لك دون أي انحيازات إيجابية أو سلبية. يمكنك توجيه بعض الأسئلة إليهم لتساعدك في فهم ذاتك أكثر.
2- البحث عن موجّه لك في العمل
وجود شخص موجّه أو مراقب يساعدك دائمًا في العمل والتطور للأفضل، كما أنّ الموجّه هو شخص أكثر خبرة منك، وبالتالي عندما تشاركه بما تفعل، سيقدم لك النصائح اللازمة والتي ستساعدك على فهم المزيد عن شخصيتك وكيف يمكن تطوير أسلوبك في القيادة.
عند الانتهاء من هذه الخطوة ستكون قد جمعت بعض الآراء المفيدة عن شخصك، ورؤية من أكثر من منظور للأسلوب الذي اعتدت على إظهاره من وجهات نظر مختلفة، وكذلك ستعرف ما الذي ينقصك للتحسن والعمل على تطوير قدرتك في القيادة داخل العمل.
الخطوة الثانية: افهم الأساليب المختلفة للقيادة
من الأشياء المهمة في تطوير أسلوب القيادة داخل الشركة، هي إدراك أنّ هناك العديد من الأساليب المختلفة للقيادة، وأنّ لكل أسلوب مجموعة من الملامح والصفات، والتي تعتمد على طبيعة القائد أو على الموقف الذي يمر به الفريق ويدفعه لاستخدام أسلوب معين دونًا عن غيره. من أهم أنماط القيادة المعروفة:
1- النمط الأوتوقراطي
العبارة التي تصف هذا النمط هي القائد الذي يخبر العاملين معه "افعل كما أقول"، لأنّه يرى بكونه الأكثر فهمًا للوضع الحالي من الموجودين معه، ويناسب في بعض الأحيان الحاجة إلى اتّخاذ قرارات حاسمة، مع التأكد من عدم إدراك البقية للوضع جيدًا، أو وجود نقص في خبراتهم سيمنعهم من التفكير في قرارات سليمة.
لكن بالطبع لا يُناسب هذا النمط الأشخاص الذين يفضلون دائمًا المشاركة مع قائدهم، وقد يخلق مشكلة بينهم نتيجة شعورهم بعدم الثقة في أشخاصهم، وأنّ القائد يتعامل معهم من منطلق لا يحترم مواهبهم.
2- نمط ضبط الوتيرة
العبارة التي يمكن بها وصف هذا النوع من أساليب القيادة هي "افعل كما أفعل"، وهو على الرغم من إشراكه للعاملين معه في العمل، فإنّه يلزمهم بأسلوب معين في تنفيذ المطلوب منهم، ولا يمنحهم الكثير من الوقت للتفكير في كيفية تنفيذه بالشكل المناسب.
يساعد هذا الأسلوب في الإنجاز وتحقيق نتائج إيجابية، لا سيّما مع القائد الخبير الذي يملك الفهم والمعرفة في القرارات المطلوبة، لكنّه من ناحية أخرى يؤثر على أعضاء الفريق، فهم يشعرون بأنّهم ملزمون بالعمل بصورة واحدة طوال الوقت، وبالتالي يحبط أفكارهم وتصوراتهم الشخصية عن العمل.
3- نمط البصيرة
يعتمد القائد في هذا النوع من أساليب القيادة على استخدام الرؤية لإلهام العاملين معه وتحفيزهم لمتابعته في العمل. فهو يرسم لهم الصورة العامة ويحرص على مشاركتهم في التنفيذ طوال الوقت. يساعد هذا النوع في إبقاء الجميع على معرفة باتّجاه الشركة، وما الذي سيحدث عند وصولهم إلى النهاية.
في هذا النمط يبدأ القائد في الاهتمام أكثر بآراء الجميع ومشاركتهم، فهو لا يصدر الأوامر المباشرة، لكنّه يسمح للفريق بالمشاركة والاختيار حول الطريقة المناسبة لتحقيق الأهداف، ولكنّه في النهاية يعتمد على التنفيذ بما يتوافق مع الرؤية التي يتّبعها في العمل.
4- النمط الديموقراطي
يهتم القادة الديموقراطيون دائمًا بسؤال الفريق عن آرائهم، فهم يحرصون على مشاركتهم بالمعلومات، ومن ثم يجمعون آراءهم قبل اتّخاذ القرار النهائي. يساهم هذا النوع في تحقيق مشاركة الأفراد، ويساعدهم على النمو والتطور مع الوقت، لأنّهم يفعلون الأشياء التي يتفقون عليها في العمل، فهو يترك لهم المساحة لذلك، وبالتالي يمكنهم تحمل كامل المسئولية عن القرار.
5- نمط المدرّب
يهتم القادة في هذا النوع إلى اتّباع نهج تدريبي أكثر للأفراد، ومساعدتهم على التطور وإطلاق العنان لإمكانياتهم الحالية، فهو يعتمد على تقديم النصح والتوجيه، ومساعدتهم للاستفادة من قدراتهم في تنفيذ العمل، حتى لو تطلب الأمر الكثير من الوقت من أجل تدريبهم وتجهيزهم لذلك.
6- نمط الانتماء
يمكن وصف القادة في هذا النوع من أساليب القيادة بعبارة "الفريق في المقام الأول"، وغالبًا يكون الشخص قريبًا من فريقه بصورة كبيرة، فهو يهتم دائمًا بالاحتياجات العاطفية لأعضاء فريقه، ويحاول تدعيمهم دائمًا وتكوين علاقات جيدة معهم.
يساهم هذا النوع في حل المشاكل والنزاعات التي يمكنها أن تحدث بين أعضاء الفريق، وكذلك في أوقات التوتر سيكون هناك ثقة كبيرة في القائد، لكنّه من ناحية أخرى يمكن أن يؤثر على جودة العمل، نتيجة تركيز المدير فقط على مشاعر الأفراد، حتى لو أتى ذلك على حساب أهداف الشركة.
7- نمط عدم التدخل
يتلخص هذا الأسلوب في القيادة في مبدأ "دع الفريق يعمل"، فهو هنا يحتوي على أقل قدر من الإشراف على الفريق، بل يترك لهم جميع الصلاحيات للعمل كيفما يريدون، وهو يناسب الحالة التي يثق فيها القائد في إمكانيات فريقه بالقدر الذي يسمح لهم فيه بإنجاز العمل.
من المشاكل في هذا النوع من الأساليب أنّه يؤدي إلى كون القائد لا يشارك مع فريقه، وبالتالي يبدو وكأنّه في معزل عنهم وعن أدائهم، وقد يحدث بعد عن أهداف المنظمة بسبب غياب التوجيه. لذا يتطلب هذا النمط مراقبة ومتابعة للأداء مع تقديم ملحوظات للجميع بشكل منظم، بحيث يمكنهم البقاء على المسار الصحيح.
الخطوة الثالثة: لا تدع الخبرات والمواقف السابقة تحكمك
قد يكون لديك تاريخ من بعض المواقف السلبية أو الخبرات السيئة في الإدارة، وهي التي تجعلك تكره تغيير أسلوبك في القيادة أو إحداث تنوّع في الأساليب. لكن من المهم ألّا تدع هذه الخبرات هي المتحكم في قرارك، لأنّها أصبحت من الماضي، والأهم هو أن تكون قد تعلّمت منها ما يفيدك.
العمل في مجال القيادة لا تنتهي صعوباته أبدًا، بل تستمر طوال الوقت، وبالتالي فإنّ وجود صعوبات أو مشاكل هو في الأساس جزء لا يتجزأ من العمل، لذا فقبول الأثر السلبي لبعض المحاولات، والعمل على تطويرها هو ما سيساعدك في تطوير ذاتك في أي عمل.
الخطوة الرابعة: مشاركة الفريق برؤيتك العامة
يملك كل قائد مجموعة من الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها في العمل طبقًا للمطلوب منه، وبالتالي من المهم الحرص على نقل رؤيتك وأهدافك لجميع العاملين معك. لا تجعلهم مجرد أشخاص ينفذون تعليماتك ويتحركون دون فهم حقيقي للمطلوب منهم.
إتمام هذه الخطوة سيزيد من تقبلهم لاختلاف أساليبك في القيادة، فيجعلهم يتفهمون سبب استخدام النمط الأوتوقراطي في موقف يتطلب تدخلًا عاجلًا، أو نمط التدريب حيث هناك فرصة للتعلّم للجميع.
الخطوة الخامسة: الممارسة المستمرة والتواصل مع فريقك
أنت تعمل مع الفريق جنبًا إلى جنب، وبالتالي يجمعك معهم تواصل مستمر يوميًا داخل العمل، لذا من المهم الحرص على التواصل الجيد معهم بغض النظر عن أي مشاكل تمر بها في حياتك الشخصية، لأنّ هذا يخلق بينك وبينهم حاجزًا في المعاملة، ويؤثر على جودة أسلوب القيادة الذي تستخدمه حاليًا.
وتذكّر ألا تحكم على أنّ هذا هو الأسلوب المناسب لاستخدامه في العمل بشكل نظري فقط، بل اجعل الأمر معتمدًا على الممارسة المستمرة، ومن خلال المواقف المختلفة سيكون بإمكانك تحديد مدى فاعلية كل أسلوب، وهل يناسب الوضع الحالي حقًا أو لا، لأنّ القيادة ليست وجهات نظر، بل إنّها تعتمد بصورة رئيسة على التجربة والملاحظة الدائمة.
المصادر: