مهارات المستقبل (7): الحكم واتّخاذ القرار لضمان فاعلية أفعالك
لا يخلو العمل اليومي من التفكير في الحاجة إلى اتّخاذ القرارات بشأن العديد من التفاصيل، سواءً في حل المشكلات أو عند الرغبة في تنفيذ فكرة معينة، وبالتالي تزيد فاعلية الشخص بقدرته على المشاركة في عملية اتّخاذ القرار، واتّباعه لمسار منطقي في الوصول إلى القرار السليم.
لذا، كان لا بد لمهارات المستقبل أن تشمل مهارة اتّخاذ القرار كواحدة ضمن المهارات التي لا غنى عنها لسوق العمل، وترتبط مع جميع المهارات الأخرى بشكل مستمر، فحل المشكلات يتطلب قرار، وإدارة الأفراد تتطلب قرارات.
خطوات عملية اتّخاذ القرار
أسهل طريقة لإتقان أي شيء هو أن تفعل ذلك في إطار منهجية واضحة ومحددة الخطوات، بحيث يمكنك تعلّمها وممارستها حتى تصل إلى درجة الإتقان، ينطبق الأمر على عملية اتّخاذ القرار، والتي تشتمل على 7 خطوات رئيسية:
1- تحديد القرار: ما الشيء الذي تبحث عن حل له؟ أو ما هو السؤال الذي تريد الإجابة عليه؟ يجب عليك تحديد نطاق القرار المطلوب اتّخاذه جيدًا، لأنّ الخطأ في هذه الخطوة سيؤثر على بقية الخطوات حتى لو نفذتها بشكل صحيح، لأنّ الأساس سيكون غير سليم.
2- جمع المعلومات ذات الصلة: بمجرد أن حددت القرار الذي ترغب في اتّخاذه، يمكنك البدء في جمع المعلومات ذات الصلة بهذا القرار، سواءً كنت ستعتمد على مصادر داخلية في العمل، أو حتى مصادر خارجية مثل الأبحاث والدراسات.
3- تحديد البدائل: بعد الانتهاء من جمع المعلومات، يمكنك أن تبدأ في تحديد جميع الحلول أو الإجابات التي تناسب قرارك، وغالبًا يكون هناك أكثر من خيار مناسب في تطبيقه، ويشمل خطوات مختلفة عن بقية الخيارات، لذا عليك جمع كل هذه البدائل دون أي تقييم.
4- الموازنة بين الأدلة: بعد الانتهاء من تحديد جميع البدائل، يمكنك إجراء عملية مقارنة بين الخيارات، وبحث كل خيار بالأدلة التي تدعمه في الواقع، مثلًا لو أنّك تختار بين حلين لمشكلة، يمكنك معرفة هل تم تنفيذ أحدهما مسبقًا، وكيف كانت النتائج بالضبط، بحيث يمكنك التعرّف على جميع التفاصيل في الحل، سواءً الإيجابيات أو السلبيات.
5- الاختيار بين البدائل: الآن يمكنك الاختيار بين البدائل، وهنا يجب أن تضع معايير للاختيار، منها إمكانياتك الحالية التي تتحكم في قدراتك، فلا تختار بديل ممتاز لكنّك لن تكون قادرًا على توفير الموارد المطلوبة لإنجاحه، فالأهم هو التوافق بين ما ترغب به وبين ما تملكه حقًا.
6- أخذ خطوة: بمجرد الانتهاء من اختيار البديل، يمكنك تحويل قرارك إلى خطة بخطوات واضحة المعالم، يمكن منها معرفة ما الذي يجب فعله من البداية حتى النهاية حتى يصبح القرار واقعًا ملموسًا منفّذ في الحقيقة لا مجرد تصور على الورق.
7- الحكم على القرار: بعد الانتهاء من جميع الخطوات، قيّم الحل جيدًا وحاول رؤيته بعين ناقدة ترصد جميع العقبات المتوقعة وغير المتوقعة، بحيث يمكنك في هذه الخطوة التأكد من إجابة السؤال الذي طرحته في الخطوة الأولى بالفعل.
كيف يمكنك معالجة صعوبات اتّخاذ القرار؟
غالبًا تكون هناك العديد من الصعوبات في عملية اتّخاذ أي قرار داخل العمل، والتعامل معها يعتبر جزءًا من إتقانك للمهارة، في الواقع يمكنك بمجرد تحديد هذه الصعوبات أن تضع يدك على الخطوة الأولى نحو الحل.
1- نقص المعلومات: من المهم إدراك أهمية المعلومات في اتّخاذ القرار، فلا يمكنك بناء قرارك على الافتراضات أو الآراء الشخصية، وبالتالي يؤدي نقص المعلومات إلى حدوث مشكلة كبيرة، لأنّه يسبب خلل في القدرة على تقييم الأمور جيدًا.
2- المعلومات الكثيرة: من الناحية الأخرى قد يكون هناك العديد من المعلومات التي تجدها أثناء التفكير في القرار المناسب، لدرجة تجعلك تشعر بوجود خلل نوعًا ما بسبب كثرة المعلومات المتوفرة، والتي تسبب الحيرة.
كيف يمكن التغلّب على مشكلة المعلومات؟: عليك أن تمنح نفسك الوقت المناسب للوصول إلى المعلومات المطلوبة، فلا تتعجل طالما وجدت أنّك ما زلت لم تصل إلى المطلوب، كما يجب عليك تحديد إطار للبحث عن المعلومات، فلا تقبل أي معلومة إلّا بوجود سبب عن قابلية الاستفادة منها، مع توضيح هذا الأمر للأفراد المعنيين باتّخاذ القرار، واستبعاد المعلومات التي لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا مع قرارك.
3- كثرة الأشخاص: يؤدي كثرة الأشخاص في اتّخاذ القرار إلى تصعيب الأمور، مع احتمالية وجود العديد من الآراء في هذه الحالة، وصعوبة الجمع بينهم جميعًا بسبب الوقت، وبالتالي فالأنسب هو الحرص على تضمين الأشخاص المعنيين فقط بالقرار، أو اتّخاذ القرار بشكل فردي في حالة صعوبة الاختيار من بينهم.
4- المشاعر: يتطلب اتّخاذ القرار إجراء تغييرات في العمل، وقد يؤدي وجود المشاعر في بعض الأحيان إلى التأثير على القرار المناسب، بسبب تفضيل بقاء الأمور كما هي لتجنب الأثر السلبي للتغيير. بالطبع وجود المشاعر مطلوب، فغيابها قد يؤدي إلى فشل كذلك في اتّخاذ القرار، لكن يجب الموازنة وفهم الأسباب وراء القرارات، والحكم عليها بصورة منطقية لضمان فاعليتها حتى لا تسمح للمشاعر بالسيطرة على القرار.
لا تخلو عملية اتّخاذ القرارات من الصعوبات، لذلك فهي تستلزم حكمًا صائبًا طوال الوقت، حتى يكون بالإمكان الوصول إلى القرار المناسب، وفي النهاية إدراك أهمية هذه المهارة سيفتح لك الباب نحو ضمان فاعلية أفعالك داخل العمل.
لقراءة بقية السلسلة:
مهارات المستقبل (1): لماذا حل المشكلات المعقدة هي المهارة الأكثر طلبًا في سوق العمل؟
مهارات المستقبل (2): التفكير النقدي طريقك لبناء الحقائق
مهارات المستقبل (3): التفكير الإبداعي والبحث داخل الصندوق قبل خارجه!
مهارات المستقبل (4): لماذا تحتاج إلى إدارة الأفراد للنجاح في بيئة العمل؟
مهارات المستقبل (5): لماذا التنسيق مع الآخرين يجعلك شخصًا ناجحًا في عملك؟
مهارات المستقبل (6): الذكاء العاطفي طريقك لفهم ذاتك والآخرين
المصادر: