مدخل إلى علم الإدارة (3): كيف تؤثر في العاملين معك بالقيادة؟
"جوهر القيادة العظيم هو التأثير لا السلطة".. واحد من الاقتباسات التي تصف ما ينبغي أن تكون عليه القيادة الصحيحة في العمل. فالقائد ليس فقط الشخص الذي يملك قدراً من السلطة، لكنّه في الوقت ذاته الشخص الذي يملك القدرة على التأثير في العاملين معه وقيادتهم لتحقيق أفضل النتائج؛ لهذا السبب تعد القيادة ضمن المهام الأربع الرئيسة للإدارة، فبينما تهدف المهام الأخرى بشكل رئيس لتحقيق الفاعلية المطلوبة من حيث النتائج، تأتي القيادة كمهمة تؤكد أنّ الأفراد هم جوهر النتائج الحقيقية، والاهتمام بهم هو ما يؤدي إلى تعظيم كفاءة الشركات.
كيف تُرى القيادة بشكل خاطئ؟
يتعرض مفهوم القيادة دائماً إلى الكثير من التصورات الخاطئة، فنجد الكثير من الأفكار الشائعة أن المدير هو الشخص الشرير والقائد هو الشخص الطيب، في حين الفارق بين الاثنين في أنّ الإدارة هي سلطة ودور وظيفي، بينما يمكن اعتبار القيادة على أنّها مهارة، فيمكن للمديرين استخدامها داخل العمل للتأثير في العاملين معهم لتكتمل مهام الإدارة.
يرى البعض القيادة كذلك على أنّها موهبة يولد الأشخاص بها، وهو أمر خاطئ، فالجزم أنّ القادة يولدون لا يُصنعون هو شيء لا يمكن إثباته، بل بالعكس تثبت التجربة أنّه يمكن دائماً تعلّم أي شيء وهذا يشتمل كذلك على مهمة القيادة، فقط يحتاج الشخص إلى اتّباع الخطوات المناسبة التي يمكنها مساعدته في تحقيق هذا الأمر.
من الأشياء الأخرى الخاطئة حول القيادة تتمثل في الصورة الذهنية عن القائد الذي يخطب في أتباعه ويستخدم عبارات قوية، فحتى إذا كان هذا أحد أشكال القادة التي تتواجد في الواقع، لكنّها على مستوى العمل ليست ضرورية لأن تكون هكذا، فالمهم هو امتلاك الشخص القدرة على التأثير في الآخرين، لا استخدام الكلمات فقط.
إدراك وتصحيح هذه الرؤى حول القيادة يمكنك من فهم طبيعة مهمة القيادة أكثر، وكيف يمكنك العمل على اكتسابها ومن ثم توظيفها في الشركة مع الموظفين، حتى يمكنك تنفيذ المطلوب في هذا الجزء من حيث التأثير في الآخرين وتحفيزهم للعمل.
مدخل إلى علم الإدارة (1): كيف تخطط لوضع حجر أساس جيد للشركة؟
التأثير طريقك لزيادة فاعلية أداء العاملين معك
عدم الادعاء: لا يمكنك الادّعاء مع العاملين معك قائلاً: أنا قائد جيد. هذا لأنّه في العمل هناك العديد من الأشياء لا يُصدق عليها بقولها، بل يحتاج الناس دائماً إلى رؤية الإثبات عليها، حتى يصدقوا وجودها بأنفسهم، ويدفعهم هذا إلى قدومهم لك قائلين: أنت قائد جيد. وهذا الأمر يحدث فقط بعد نجاحك في التأثير بهم.
تحلّ بالمصداقية: القائد ذو المصداقية هو الذي يمارس ما يدعو الناس له، فتأتي أفعاله متسقة مع أقواله، كما يلتزم بالوعود التي يقطعها للجميع، وبالتالي يزيد هذا من ثقتهم به. لذا، الخطوة الأولى للتأثير في الأفراد هي من خلال التحلي بالمصداقية، لأنّها تجعل الناس يؤمنون بصدق رؤيتك ودعوتك داخل العمل، وحتى لو لم تفعل أي شيء آخر فهم يلتزمون بسبب هذا الأمر.
اسعَ لتحقيق الرؤية مع فريقك: لا تجعل الأشخاص يعملون دون فهم للهدف من المطلوب منهم، بل حاول دائماً مشاركة الرؤية معهم والتأكد من استيعابهم للأهداف مما يحدث في الشركة، فقناعة الأشخاص بالرؤية تزيد من إمكانية التأثير بهم.
افهم العاملين معك جيداً: حتى يمكنك معرفة طبيعة ونوع كل شخصية تعمل معك، فأنت في حاجة إلى فهمهم جيداً، سواءً من خلال الحديث معهم والاستماع لما يقولونه، أم من خلال قراءة تقارير الأداء الخاصة بهم، أم ملاحظتهم أثناء تنفيذ المهام الخاصة بهم، أم بأي طريقة أخرى تمكنك من الفهم.
عزّز من تواصلك في العمل: لا تجعل الأمر يقتصر على تقارير الأداء التي يقدمونها لك، بل احرص على أن تكون بقربهم، تمنحهم ثقتك في أدائهم وقدرتهم على الإنتاج امتداح الأفعال التي يقومون بها، مع الحرص على تقديم الدعم الذي يحتاجون إليه دائماً في مختلف المواقف، بحيث يفهمون من خلال هذا أنّك تهتم بهم لأشخاصهم لا لصالح العمل فقط.
كن الموجّه الشخصي لهم: يمكنك أن تزيد من أثرك على الأشخاص بأن تصبح بمثابة الموجه الشخصي لهم في الخطوات التي يقومون بها، فإذا احتاج أحدهم إلى نصيحة في أمر معين أو رغب في تعلّم مسألة جديدة، فإنّك تقدم له العون في هذا الأمر وتعرّفه على الخطوات الصحيحة لفعل ذلك.
استخدام أسلوب التحفيز في العمل وطرقه المختلفة
من الأشياء المهمة التي تساهم في تحقيق مهمة القيادة هي استخدام أسلوب التحفيز داخل العمل، ووجود هذا التحفيز بمختلف الأشكال، يحتاج الأمر إلى دراسة بعض نظريات التحفيز، والتي من أشهرها هي نظرية هرم ماسلو للتحفيز.
يؤكد ماسلو في هرمه وجود 5 مستويات من الاحتياجات لدى الأشخاص، تبدأ بالاحتياجات الفسيولوجية كالطعام والشراب ومروراً بحاجات الأمان والحاجات الاجتماعية والانتماء كالأصدقاء والعائلة والاحتياج للتقدير، وختاماً بتحقيق الذات.
توجد العديد من النظريات الأخرى التي توضح الدوافع والاحتياجات الخاصة بالأفراد، لكن في النهاية تتفق جميعها على مبادئ متقاربة في التحفيز، وبالنسبة لك فالأهم ليس فقط في معرفة النظريات، ولكن كذلك في دراسة الطرق الأمثل لتطبيقها داخل العمل. لهذا حتى يمكنك التأكد من استخدام طرق مختلفة في التحفيز، يمكنك تقسيمه إلى جزأين رئيسين: التحفيز المالي، التحفيز المعنوي.
مدخل إلى علم الإدارة (2): كيف تنظّم مواردك لتنفّذ خطتك بنجاح؟
التحفيز المالي: بالطبع يعد أحد الأسباب الرئيسة وراء سعي الجميع للعمل هي الحصول على المقابل المادي الذي يمكنهم من العيش كما يرغبون، لذا يعتبر التحفيز المالي من أهم أشكال التحفيز، بدءاً من حصولهم على الراتب المناسب لهم في الأساس، ويمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة مثل وضع نظام للمكافآت والعمولات والحوافز والعلاوات وكذلك الترقيات التي يحصل عليها الأفراد وما يترتب عليها من زيادة في الراتب.
التحفيز المعنوي: على الناحية الأخرى فإنّ التحفيز غير المالي/المعنوي يمثل جزءاً قوياً يمكن استخدامه داخل العمل، وذلك لأنّه بجانب الحصول على الراتب، فإن التطور والتحسن في المستوى يعتبر دافعاً قوياً لجميع الموظفين للعمل في شركة معينة دوناً عن غيرها.
يشمل هذا الأمر أشكالاً مختلفة من التحفيز بدءاً من التقدير والدعم والتفهم للموظف داخل بيئة العمل، بحيث يشعر بقدرته على العطاء داخل العمل، ويشمل بعض أساليب التطوير والتمكين التي تتيح له الفرصة للتطور.
من أشهر هذه الأساليب في العمل: التناوب الوظيفي والذي يسمح له بالانتقال بين الوظائف المختلفة لتعزيز الخبرة وتنوع القدرات، التوسع الوظيفي والذي يشمل توسيع نطاق الوظيفة التي يقوم بتأديتها والمسؤوليات الخاصة بها بالشكل الذي يسمح له بالتعلّم والتجربة ويساعده في الترقي لمناصب أعلى مستقبلاً، الإثراء الوظيفي يعتمد على التوسع الوظيفي لكنّه يضم كذلك منح الشخص بعض الصلاحيات والسلطة لاتّخاذ القرار.
يُساعد استخدام هذه الأساليب على زيادة فرص الشخص للتعلّم وتحفيزه، ولكنّها تحتاج إلى متابعة دائمة منك للتأكد من سير الأمور بالشكل الصحيح، وتوجيه الشخص بما يحقق له الفائدة القصوى.
أياً تكن الطرق التي ستتبعها للتأثير في العاملين معك أو لتحفيزهم، أنّ جوهر القيادة هي في قدرتك على خلق التأثير الحقيقي داخلهم لا فقط في كون ذلك جزءاً من المهام التي تؤديها، وأنّ مهمة القيادة داخل الإدارة تمنحك الفرصة لتصبح مديراً ناجحاً وكذلك لتصنع أثراً حقيقياً في نفوس الأشخاص الذين يعملون معك، وأنّ الاهتمام بالنتائج يجب أن يتوافق مع الأفراد على الدوام.
المصادر: