سنوات الصراع والمجد| الثمانينيات وبداية جني الحصاد الاقتصادي (6)
استعدادًا للاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ 90، وضمن حملة «لمتنا سعودية»، التي أطلقتها مجلتا «الرجل وسيدتي»، نستكمل معًا سلسلة المقالات الاقتصادية، التي تُلقي ومضات سريعة على تاريخ الاقتصاد السعودي، خلال الحقب التاريخية الممتدة منذ سنوات التأسيس الأولى وحتى الوقت الحاضر.
يمكن النظر لعقد الثمانينيات من القرن الماضي داخل حدود أراضي «المملكة العربية السعودية» على أنها سنوات جني حصاد نتائج الرخاء الاقتصادي، جراء تدفق العائدات النفطية الضخمة خلال فترة السبعينيات بعد الطفرة العظيمة التي شهدتها الأسعار العالمية للنفط إبان حرب 1973، وبداية عصر السيطرة السعودية على مقدراتها النفطية.
تقع «المملكة العربية السعودية» على قمة أكبر الدول التي تمتلك احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وقادرة على إنتاج النفط بتكلفة قليلة جدًا، لذلك كسبت السعودية 225 مليار دولار من النفط خلال السبعينيات، أي أكثر من 60 ألف دولار للفرد، وفي عام 1980 بمفرده بلغ دخل النفط السعودي 95 مليار دولار أخرى.
للنفط الكلمة الأولى والأخيرة
كان النفط السعودي، بالطبع، السبب الأساسي لتدخل «المملكة العربية السعودية» الدولي غير المسبوق في ملفات السياسة الخارجية والأمن آنذاك، ففي فترة وجيزة من سبعينيات القرن الماضي، انجرفت السعودية إلى مجموعة من القضايا الدولية، ومنها: (التنافس بين القوى العظمى، وتصاعد أسعار النفط، والحروب والمفاوضات العربية الإسرائيلية، والخلافات بين بعض الدول العربية، وعدم الاستقرار المالي العالمي، وعواقب الثورة الإيرانية، ومساعدة عشرات الدول في العالم الثالث، وكذلك فعل المصرفيين ورجال الأعمال، فضلًا عن توافد العمالة الأجنبية إلى الرياض بأعداد قياسية).
كانت إحدى نتائج هذه الطفرة هي برنامج الإنفاق الهائل الذي أدى من نواحٍ عديدة إلى ثورة اجتماعية واقتصادية في «المملكة العربية السعودية». بالمقابل لم تكن سنوات الثمانينات سنوات سعادة في مجملها، نتيجة اندلاع عدة مشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية، فقد تأثر عهد الملك «خالد» بالتهديدات والأحداث الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة، وأرهقت قدرة النظام السياسي السعودي، وقدرة السعوديين على التعامل معها، بداية من تبعات حادث اقتحام الحرم، وسياسات «الصحوة الإسلامية»، وتوتر العلاقات مع إيران، ثم قيام أحداث الحرب في أفغانستان، وأخيرًا خفض الطلب على النفط عالميًا.
-
وفيما يلي سرد لأهم وأبرز الأحداث المؤثرة في تاريخ السعودية الاقتصادي خلال حقبة الثمانينات من القرن الماضي:
وفاة الملك «خالد»
بدأت حقبة الثمانينات من قصة المملكة الممتدة منذ سنوات التأسيس الأولى، برحيل الملك «خالد بن عبد العزيز آل سعود» رابع ملوك المملكة العربية السعودية، والذي ظل ملكًا على «المملكة العربية السعودية» طيلة سبع سنوات (امتدت من عام ١٩٧٥ إلى عام ١٩٨٢)، مع تسلمه الحكم -عقب اغتيال الملك «فيصل بن عبد العزيز آل سعود»- حقق انفتاحا مذهلا في عدد كبير من المجالات الاقتصادية والتعليم والزراعة والصناعة والتعليم، وزاد دخل المملكة من عائدات النفط السعودي، مما أدى إلى تدفق الأموال بشكل ضخم يسمح بتنفيذ الخطة الخمسية التي وضعت بعهد سابقه. وبرحيله تولى مقاليد المملكة من بعده أخوه الملك «فهد بن عبدالعزيز» الابن التاسع للملك المؤسس «عبدالعزيز آل سعود».
خفض إنتاج النفط السعودي
قبل ثلاثة عقود، من قصة المملكة في هذه الفترة الزمنية الهامة من تاريخها وتاريخ الخليج العربي، أدى الارتفاع الحاد في الأسعار الناجم عن الحظر النفطي العربي لعام 1973 وثورة إيران عام 1979 إلى استنفاد الطلب العالمي على النفط، ثم هبوط أسعار النفط الخام من 35 دولارًا إلى أقل من 10 دولارات.
في ذلك الوقت، ومع غرق الأسواق العالمية بالنفط، كان لدى «المملكة العربية السعودية» ثلث إجمالي احتياطيات النفط المعروفة في العالم، ولكن انخفاض الطلب وارتفاع الإنتاج خارج أوبك سويًا أدى لتقليص عائداتها النفطية من 120 مليار دولار في عام 1980 إلى أقل من 25 مليار دولار في عام 1985.
فقد شرعت «المملكة العربية السعودية» في استراتيجية الدفاع عن أسعار النفط، فلجأت لتخفيض إنتاجها من أكثر من 10 ملايين برميل يوميًا خلال 1980-81، إلى أقل من 2.5 مليون برميل يوميًا في 1985-1986، وتنامى العجز في الميزانية، واضطرت الحكومة لسحب أصولها الأجنبية، واستجابة للضغوط المالية، تخلت السعودية عن دور «المنتِج المرجِّح» داخل منظمة أوبك في صيف عام 1985، ووافقت على تحديد حصة إنتاجها من النفط.
الرياض تضم مجلس التعاون الخليجي
مع بداية الحرب العراقية الإيرانية، وبعد حوالي سنتين من قيام الثورة الإسلامية في إيران، وتحديدًا في 25 مايو 1981، تم الاعلان عن إنشاء «مجلس التعاون الخليجي» في العاصمة السعودية الرياض؛ بهدف دعم التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء لتحقيق الوحدة فيما بينهم، لتأتي دول مجلس التعاون الخليجي (مجتمعة) في صدارة المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج واحتياطي النفط والمرتبة الثانية في احتياطي الغاز.
«سابك» تبدأ إنتاجها الفعلي
في عام 1976 تم إنشاء وزارة الصناعة والكهرباء ليبدأ عصر الصناعة في «المملكة العربية السعودية»، حيث تأسست الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» في نفس العام، لكن باكورة إنتاجها الصناعي الفعلي كان عام 1983، من خلال شركاتها التابعة: (حديد والبيروني والرازي). وتبعتها بعد ذلك شركة «غاز» في عام 1984، ومن ثم بدأت ست شركات إنتاجها دفعة واحدة في نفس العام 1985، وهي شركات: (صدف، ينبت، بتروكيميا، كيميا، شرق، ابن سينا).
-
أبرز الأحداث الرئيسة خلال ثمانينات القرن الماضي في تاريخ المملكة:
1980 - السعودية تستولي على أرامكو بالكامل من الولايات المتحدة.
1981 - المملكة العربية السعودية عضو مؤسس في مجلس التعاون الخليجي.
1982 - وفاة الملك «خالد بن عبد العزيز» بنوبة قلبية وخلفه شقيقه ولي العهد الأمير «فهد».
1983 - بدأت الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» باكورة إنتاجها الصناعي، من خلال شركاتها التابعة: (حديد والبيروني والرازي).
1985 - بلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية لمجمعات شركة سابك الصناعية (6,3) مليون طن متري.
1986 - الملك فهد يضيف لقب «خادم الحرمين الشريفين» إلى اسمه.
1987 - السعودية تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع مصر التي قطعت منذ عام 1979.
1990 - السعودية تدين غزو العراق للكويت وتطالب الولايات المتحدة بالتدخل.