سكوت هاريسون.. من الترف والمرح إلى إنقاذ حياة ملايين الأشخاص حول العالم
يجدر تنبيهك أنّك ستبكي إذا قرّرت مشاهدة أي خطاب لرجل الأعمال سكوت هاريسون، سيكون هناك لحظة ما تبكي فيها. بالتأكيد ستختلف هذه اللحظة من شخص إلى آخر، ولكننا نؤكّد لك أنك ستذرف الكثير من الدموع.
ربما لا يعرف كثيرون قصة رايتشل بيكويز، الفتاة الصغيرة التي تخلَّت عن كافة هدايا عيد ميلادها لجمع 300 دولار من أجل الحصول على مياه نظيفة في إثيوبيا، ولكنها تعجز عن فعل ذلك، وبعد مرور شهر واحد تموت إثر تعرضها لحادث سيارة، وتمكّنت بعض التجمعات الخيرية التي حملت اسمها من جمع حوالي 1.2 مليون دولار، عرض سكون هاريسون مقطع فيديو لوالدة رايتشل التي يتم الترحيب بها بالغناء ويقابلها القرويون الإثيوبيون السعداء، الذين أنقذتهم رايتشل، ثم يبدأ العمال بالحفر وتخرج المياه النظيفة ليراها الجميع.
يُدير سكوت هاريسون مؤسسة (charity: water) الخيرية، هي منظمة غير ربحية تقدم الأموال للجمعيات الخيرية المحلية التي تحفر الآبار وتثبت أنظمة تنقية المياه في دول العالم النامي. يتمثل عمل هاريسون في سرد القصص التي تجذب الناس وتؤثر عليهم لجمع المال من أجل مساعدة المواطنين الذين يعانون من نقص المياه النظيفة أو انعدامها.
قصة نجاح ماثيو بولتون.. الرجل الذي وقف وراء ظهور العملات المعدنية الحديثة
يقوم بعمله ببراعة شديدة، سكوت هاريسون، المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة (charity: water)، منظمة غير ربحية تهدف إلى جمع التبرعات من أجل إمداد مواطني الدول النامية بالمياه النظيفة والآمنة والصالحة للاستخدام الآدمي. في غضون سبع سنوات وبمساعدة أكثر من 400 ألف شخص حول العالم، جمعت مؤسسة حوالي 100 مليون دولار وموّلت أكثر من 8000 مشروع للمياه في 20 دولة، وفي حال اكتمالها فإنها ستمد أكثر من ثلاثة ملايين شخص بمياه شرب نظيفة وآمنة.
يعتبر هاريسون نموذجا يُحتذى به بين رواد الأعمال في كيفية إقناع الناس بما يقوله وحملهم على تنفيذ ما يريد.
قال براين هاليجان، الرئيس التنفيذي لشركة HubSpot، إن هاريسون قد أعاد مفهوم التسويق، واستطاع من خلال طريقته وأسلوبه جمع أكثر من 60 ألف دولار لمؤسسته خلال فعالية واحدة فقط.
كيف تمكن سكوت هاريسون من فعل ذلك؟ إليك مجموعة من الأمور التي يقوم بها لإقناع الجمهور المستهدف بالقيام بما يريد..
اجعل الأمور شخصية
في كل مرة يتحدث فيها سكوت هاريسون عن المشاريع الخاصة بالمياه، يتطرق إلى حياته وهو طفل صغير، كيف نشأ في كنف أسرة مُحبة ولكنه ضل الطريق بعد انتقاله إلى نيويورك حيث تعرف على الخمر والمخدرات، وعمل في تنظيم الحفلات الليلية، ولكن الأمور تغيرت بعد ذلك وبات مسؤولاً عن المنظمة الخيرية. وبرغم أسفه الشديد وشعوره بالندم على تلك السنوات التي أضاعها، قال هاريسون إن العمل في تنظيم الحفلات علمه الكثير، وعلى رأس هذه الأمور كيفية جعل الناس يتحمسون للسماع إلى القصص.
كُن مرئيًّا
وربما يكون أحد المفاتيح الأخرى الذي ساعد هاريسون على تحقيق كل هذا النجاح هو معرفته كيفية سرد القصص بطريقة مرئية، وهو شيء تعلمه بعدما ترك العمل في الحفلات الليلة وقضائه عامًا في التطوع على متن سفينة مستشفى متجهة إلى ليبيريا حيث التقط صورًا للمرضى قبل وبعد عمليات جراحية خطيرة في الوجه.
عندما عاد هاريسون إلى نيويورك أقام معرضًا للصور وجمع قدرا جيدا من المال قدمها لمؤسسة Mercy Ships، المؤسسة الخيرية التي أدارت السفينة. والآن عندما يكون سكوت هاريسون على منصة المسرح يتحدث أو يخبر الناس بشيء ما، فإنه يعرض العديد من الصور ومقاطع الفيديو والتي تساعده في توضيح جوانب مختلفة من القصة، ويمكنه من التأثير على المستمعين من أجل المشاركة وتقديم التبرعات.
أقنع الناس بالموافقة وقول نعم
يؤكد هاريسون أن التبرعات الصغيرة لها تأثير كبير. أسس سكوت هاريسون منظمة (charity: water) عام 2007 في عيد ميلاده الحادي والثلاثين، وفي عامه التالي أي مع إكماله لعامه الـ32 طلب من الناس عدم المجيء للاحتفال به والبقاء في منازلهم والتبرع بمبلغ صغير يعادل 32 دولارا وجمع حوالي 59 ألف دولار. يقول خبراء التسويق إن ما قام به هاريسون خدعة تسويقية رائعة، فهو لا يطلب منهم مبالغ كبيرة أو يؤكد أهمية التبرع بالمال من أجل المساعدة في المشاريع، ولكنه يدعوهم إلى تقديم مبالغ بسيطة وصغيرة، ويشرح لهم كيف يمكن أن تساعد هذه المساهمة في مساعدة عدد كبير من الأشخاص.
اعرف جمهورك
جمع المال من أجل مشاريع المياه كان الجزء السهل. لم يكن هاريسون قادرًا على جمع كميات كافية من المال لتغطية تكاليف المشاريع لفترة مُعينة من الوقت. في إحدى المرات تأخر عن سداد المال حوالي خمسة أسابيع، حتى تبرع مايكل بيرش، المؤسس المشارك لشبكة بيبو، بمليون دولار لتمويل المشاريع، وقتها أدرك هاريسون أن الجهات المانحة الخاص تميل إلى فكرة التبرع بالمال من أجل تمويل مشاريع خيرية.
قال هاريسون: "الناس منفتحون على الكثير من العروض القيّمة، ولكنهم فقط يريدون معرفة أين تذهب أموالهم". قال جون فيشي، المؤسس المشارك لبوبكاب والذي تبرع بـ3 ملايين دولار للجمعية الخيرية، إن مشاريع المياه بدت كأنها استثمار كبير ومهم. شعر فيشي أنه أنفق المال لتوظيف أشخاص أذكياء قادرين على إنشاء اشياء جديدة، وتوصيلها إلى عدد كبير من الأشخاص.