ريد هاستينغز.. الرجل الذي يقف وراء نجاح نتفليكس الساحق
تعدّ نتفليكس واحدة من أهم منصات الترفيه في العالم، وزاد نجاحها وكثرت أرباحها، بعد تفشي وباء "كورونا"، واضطرار أعداد غفيرة من الموظفين في أغلب بقاع الأرض، إلى البقاء في منازلهم، والعمل عن بُعد، التزامًا بإجراءات التباعد.
كان ريد هاستينغز، المدير التنفيذي لنتفليكس، وراء هذا النجاح الساحق للشركة، التي بدأت في السابق بخدمة تأجير ديفيدي عبر البريد الإلكتروني، وأصبحت إحدى أهم الشركات المُنتجة للمسلسلات والأفلام التي حصلت على جوائز عالمية مرموقة، وأعادت تعريف مشاهدة ومتابعة المسلسلات والأفلام منذ عام 2015.
في السطور الآتية نتعرف إلى ريد هاستينغز، الرجل الذي وقف وراء نجاح نتفليكس الساحق..
ولد ريد في بوسطن، ماساتشوستس في 8 أكتوبر عام 1960، كان والده محاميًا، عمل فيما بعد في إدارة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون. درس ريد في كلية بودوين، وحصل على البكالوريوس في الرياضيات. وبعد انتهاء دراسته الجامعية عمل مُعلماً للرياضيات لعامين في مملكة سوازيلاند، وهي مملكة إفريقية داخلية تحيط بها جنوب إفريقيا من الشمال والجنوب والغرب، وموزمبيق من الشرق. وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، حصل على الماجستير في الذكاء الاصطناعي من جامعة ستانفورد.
من أين جاءت فكرة نتفليكس؟
كانت أمسية شتوية باردة، وقرر ريد وزوجته، الاستمتاع بليلة هادئة في المنزل، لذلك قررا استئجار فيلم فيديو ومشاهدته، واستمتعا كثيرًا بفيلم Apollo 13، لكنهما نسيا شريط الفيلم داخل جهاز الفيديو، وبعد بضعة أسابيع، نسي فيها ريد إعادة شريط الفيلم، تلقى مكالمة من محل استئجار الشرائط، وطالبه الموظف بإعادة الشريط فضلاً عن 40 دولاراً مقابل التأخير. شعر ريد بالغضب والإحراج الشديدين، وأعاده بالفعل. ولكنه لم يتطرق إلى هذا الموضوع مع زوجته.
في وقت لاحق من هذا اليوم، ذهب إلى صالة ألعاب رياضية، وهناك فكر في السبب وراء دفع 40 دولارًا رسوم تأخير. وتساءل لما لا يستطيع الحصول على عضوية لتأجير الأفلام، مثل عضويته في صالة الألعاب الرياضية؟ لا يهم مقدار استخدامها أو عدم استخدامها، ولكن الفكرة كلها تتعلق بدفع مبلغ ثابت كل شهر، مع الاستمتاع بالحرية الكاملة في التحكم بتجربة المشاهدة الخاصة بك. ومع مرور الوقت تشكلت فكرة تأسيس شبكة ترفيهية في ذهنه.
بحلول عام 2005، كان لدى نتفليكس 4.5 مليون مشترك وحساب، وخلال هذا الوقت بقى هاستينغز وزوجته باتي وأطفالهما، في منزل خارج العاصمة الإيطالية روما، وكان يذهب إلى وادي السيليكون أسبوعين من كل شهر.
واصلت نتفليكس نموها، بعد ازدهار الإنترنت. وبحلول عام 2010 كان لديها 16 مليون مشترك بالفعل. وفي عام 2013 اتخذ هاستينغز قرارًا جريئًا، وعرض أول مسلسل تليفزيوني أصلي من إنتاج نتفليكس، وهو "هاوس أوف كاردز" (House of Cards)، الذي حقق نجاحًا قياسيًا لدى الجمهور والنقاد. ترشح لتسع جوائز إيمي، وفاز بثلاث منها. ومع نهاية ذلك العام تضاعفت قيمة أسهم نتفليكس ثلاث مرات.
رائد أعمال مُثابر وصبور
لم تكن نتفليكس أول مشروع لريد هاستينغز؛ فقد أسس مشاريع عدّة من قبل، منها شركة أطلق عليها اسم "بيور سوفتوير"، التي أنتجت وباعت برامج لحل المشكلات، وباع شركته في عام 1997 مقابل 750 مليون دولار، وهو المبلغ الذي اعتمد عليه خلال الأربع سنوات المتتالية، التي تكبدت فيها نتفليكس خسائر فادحة، ولم تحقق أي أرباح حتى عام 2002.
مع ذلك كانت الخبرة التي اكتسبها ريد أكثر أهمية من المال، فقد تعلم كيفية تأسيس الشركات، مع التحلي بالمرونة الشديدة. وكانت هذه الخبرة السبب الرئيس في اختيار اسم نتفليكس لشبكة الترفيه الخاصة به، لاسيما أنه توقع ازدهار الإنترنت، وتأكد أن المشاهدين سيقدمون على الشبكة، عوضًا عن استئجار أقراص "دي في دي".
يؤكد ريد هاستينغز أن تكون رائد أعمال، فذلك يتطلّب الصبر والمثابرة، وليس الربح السريع. يقول: إن كل شيء صعب ويستغرق وقتاً طويلاً.
استراتيجية هاستنيغز في القيادة
بالنسبة لريد هاستينغز فإن استراتيجية القيادة والإدارة اعتمدت على الجمع بين الذكاء العاطفي والمعاملة بالمثل، فضلاً عن مجموعة من القدرات القيادية الأخرى. اتبع المدير التنفيذي لنتفليكس نهجًا خاصًا فيما يتعلق بالسفر، والإجازات، والتعويضات، التي نستعرض بعض سماتها الرئيسة:
الوقت الشخصي
تمنح نتفليكس الموظفين الحرية الكاملة للحصول على أكبر قدر من الراحة والعثور على السلام النفسي، خاصة أن الموظفين والمديرين يعملون معًا جنبًا إلى جنب.
سياسة السفر
سمحت نتفليكس للموظفين بالسفر والانتقال، ماداموا يعملون وفق مبدأ "إعلاء مصلحة نتفليكس، وإنفاق المال الخاص بالشبكة، كما لو كان مالهم الخاص".
التقييمات الرسمية
قررت نتفليكس إلغاء نظام التقييم، لكن بشرط إجراء المديرين والموظفين محادثات جادة ومباشرة في الأداء، والتعامل مع هذه المحادثات، على أنها جزء أساسي من التفاعلات اليومية التي يجرونها بينهم.
التعويضات
لا تعطي نتفليكس مكافآت للموظفين، ولكنها تمنحهم راتبًا مجزيًا، وبإمكانهم الحصول على تعويضات في شكل أسهم، لكن بالنسبة لأولئك الذين يحصلون على أسهم، فتخفّض رواتبهم.