تعرف إلى قوانين طباعة النقود وكيفية تحديد سعرها
تمثل النقود وسيلة التبادل التجاري للسلع والخدمات بين الدول، وقد طبعت العملات، لتسهيل التعامل بها، مقارنةً بالتعامل مع الذهب والفضة الذي جرت العادة على التعامل به قديماً، ولعل أحد أكثر الأسئلة الفضولية التي تخطر في بالنا، عندما نفكر بالنظام المالي في الدولة، أنه مادامت الدولة هي صاحبة السلطة، ولديها مطابع الأموال، فما الذي يمنعها من طباعة مبالغ كبيرة من عملتها، وتوزيعها على الشعب، ليصبح الجميع أغنياء، وينعدم الفقر؟
والجواب ببساطة، أن كل الدول تطبع بالفعل، ما تشاء من عملتها، وتقوم بذلك كثيراً، لاستبدال العملة المتداولة، لإبقائها في حالة شكلية جيدة، وأحياناً أخرى كثيرة، لمجرد زيادة الكمية المتوافرة من عملتها في البلاد، لكن اقتصادياً، يجب أن يتناسب ضخّ العملات النقدية في السوق من الدولة، مع حجم الاقتصاد، وحجم الإنتاج المحل،ي وهو ما يعني أن كل وحدة نقدية مطبوعة، لا بدّ أن يقابلها رصيد من احتياطي النقد الأجنبي أو رصيد ذهبيّ، أو سلع وخدمات حقيقية ينتجها المجتمع، حتى تكون النقود المتداولة في السوق ذات قيمة حقيقية، وليست مجرد أوراق مطبوعة.
بيد أنه إذا تم ضخّ عملات نقدية أكبر من حجم الاقتصاد (السلع والخدمات واحتياطي النقد الاجنبي)، تقلّ القيمة الشرائية للعملة، وترتفع الأسعار، ويرتفع معها التضخّم، وتصل الدول إلى حالة من عدم الاستقرار الذي يجرّها إلى الانهيار الاقتصادي، وتنهار معه البنية الاجتماعية وباقي القطاعات.
هذه هي النتيجة الأساسية. ولكن توجد آثار سلبية أخرى فيى الاقتصاد كله، قد تؤدي إلى انهيار العملة تماماً، ومن ثم انهيار الاقتصاد كله، وذلك إن فقد الناس ثقتهم بالعملة، عندما تحدث موجة من التشاؤم تؤدي إلى أن يتخلّص الناس مما لديهم من هذه العملة، وشراء عملات أجنبية، ما يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمتها، ويؤدي في النهاية إلى انهيار قيمتها، ومن ثمّ الانهيار الاقتصادي.
ولكن على الجانب الآخر، فإن طباعة المزيد من النقود، قد تكون إحدى أدوات السياسة الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد، والحثّ على زيادة الإنتاج. وتستخدم هذه الأداة فقط، عندما يكون الاقتصاد في حالة نموّ، وليس في حالة ركود. حيث تكون النقود دماء جديدة تضخّ في شرايين الاقتصاد القومي، ما يؤدي إلى انتعاشه. حيث في هذه الحالة، تؤدي طباعة المزيد من النقود إلى خفض الأسعار، ومن ثم إقبال أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في هذا البلد، لرخص أسعاره، فيزيد الإنتاج تبعاً لذلك. وبزيادة الإنتاج يزيد المعروض من السلع والخدمات، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى.
وتشكل طباعة النقود من البنك المركزي عملية فنية معقدة اقتصادياً، وفي حال طباعة نقود دون أن يكون لها غطاء، سيؤدي ذلك إلى نتيجة أساسية واحدة، هي: ارتفاع الأسعار، حيث يزيد المعروض النقدي دون أن يقابله زيادة موازية في السلع والخدمات. ونتيجة لذلك يفقد الناس الثقة بالعملة المحلية، فتحدث موجة من التشاؤم تؤدي إلى أن يتخلّص الناس مما لديهم من هذه العملة، وشراء عملات أجنبية أو أصول عينية، مثل العقارات والذهب، ما يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمتها، وايؤدي في النهاية إلى انهيار قيمتها ومن ثم الانهيار الاقتصادي.