رجل الأعمال البحريني صقر شاهين: ضبط الأعصاب والخطط المرنة سرّ حلّ الأزمات
رأي 22 فبراير 2014
المنامة – رجاء مرهون
وضع رجل الأعمال صقر شاهين بصمته في عالم المقاولات، عبر مجموعة شركات شاهين التي أضحت واحدة من أبرز المؤسسات الناشطة في أعمال التشطيب والتركيب والصيانة لمشاريع البناء في مملكة البحرين، وتسابق الزمن لتعزز مكانتها في السوق المحلي والإقليمي.
شغل عضوية مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين عن دورتين وحتى الآن. لعب الكثير من الأدوار بهدف تطوير عالم الأعمال والتجارة، ودعم الاقتصاد البحريني بتنفيذ أفكار جديدة تخدم الأهداف الاستراتيجية لمملكة البحرين.
رفع شاهين الذي يشغل منصب نائب الأمين المالي للغرفة راية التغيير والتجديد، وكانت وسيلته لدخول الغرفة، مركزاً جهوده في إعلاء صوت رجال الأعمال الشباب، الذين بادروا بتجديد الثقة به وإعادة انتخابه لدوره ثانية.
ويتحدث شاهين عمّا تشهده الغرفة من انتخابات ساخنة لاختيار مجلس إدارتها، قائلاً: هنالك قانون جديد يحكم الانتخابات ويوجب تمثيل الشركات المساهمة كأعضاء في الغرفة، فيما كانت المشاركة اختيارية في السابق. آمل بأن تشهد المشاركة في هذه الدورة فعالية أكثر، وأن تفرز تغييراً حقيقياً.
يؤكد شاهين في حواره مع "الرجل" أن مجموعته مقبلة إلى المزيد من التوسع والنموّ والانتشار، مشيراً إلى أن طموحه يشمل التوسّع في المملكة العربية السعودية التي تملك المجموعة على أراضيها حالياً شركة ومصنعاً لإنتاج المواد الخاصة بتشكيل الحديد والرخام. وفيما يلي نص اللقاء:
- بداية، هل لك أن تحدثنا عن صقر شاهين، من هو؟
أنا رجل أعمال بحريني.. متزوج وأب لخمسة أبناء. رئيس مجلس إدارة مجموعة "شركات شاهين" الناشطة في قطاع العقارات. وأشغل عضوية مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين عن دورتين وحتى الآن. فضلاً عن ذلك، ألعب العديد من الأدوار بهدف تطوير عالم الأعمال والتجارة، ودعم الاقتصاد البحريني عبر تنفيذ أفكار جديدة تخدم الأهداف الاستراتيجية لمملكة البحرين.
- حدثنا بتفصيل أكبر عن بداياتك المهنية؟
سافرت بوقتٍ مبكر جداً إلى خارج البحرين لاستكمال دراستي، وحصلت على شهادة الماجستير وأنا في الخامسة والعشرين من العمر، ومن ثم عدت إلى البحرين لأبدأ حياتي المهنية موظفاً في وزارة التنمية والصناعة في أبريل 1986، واستمرّ عملي بداخل أروقة الوزارة لمدة عشر سنوات، وحصلت في هذه الفترة على فرصة التلمذة على يد أستاذي الكبير يوسف الشيرواي الذي أكسبني خبرة ودروساً كبيرة في العمل بالمجال الصناعي، ومن ثم قررت تقديم استقالتي والالتحاق بإحدى الشركات الخاصة العاملة في قطاع تجارة النفط، ولكنني لم أبقَ فيها طويلاً، إذ لم أجد فيها ما يناسب توقعاتي، وقررت أن أنضمّ إلى العمل مع والدي مؤسّس "شاهين غروب".
- هل تابعت مراحل تأسيس المجموعة؟
نعم، والدي كان حريصاً على إدخالنا في أجواء العمل منذ صغرنا، وعندما كنت في المرحلة الإعدادية، لم أكن أُشرف على العمال فقط، بل حرصت على العمل معهم ومشاركتهم أداء مختلف المهام، وعرفت التفاصيل الحرفية للأعمال التي تنجهزها المجموعة. لقد حرص والدي أيضاً على إشراكنا في اجتماعاته وقرراته، وهذا أضاف إلى تجربتنا العملية وخبرتنا الكثير.
- تديرون اليوم مجموعة "شركات شاهين"، هل لك أن تحدثنا عن شركتكم والمؤسسات التي تديرونها عبرها؟
إن مجموعة "شاهين" تعود ملكيتها للوالد، إلا أنني أديرها بالتعاون مع إخوتي منذ عام 2004، إذ كنت أدير بعض الشركات بنفسي، فيما يباشر إخوتي البعض الآخر. أما اليوم فأنا المدير العام للمجموعة، وتسلّمت زمام الأمور بشكل كامل، وتتضمن المجموعة خمس شركات".
مجموعتنا لها أنشطة متنوعة ومتعددة في مجال المقاولات. ونحن من أولى الشركات المتخصّصة في تصميم وتركيب وصيانة أجهزة وأنظمة التكييف، كما أن لنا باعاً طويلاً في أعمال الجبس والتصميم وأنجزنا العديد من الأعمال في القصور والمشاريع الكبرى، ونملك مصنعاً متخصّصاً في هذا المجال.
لدينا شركة تصميم وتركيب وصيانة أجهزة مكافحة الحريق والأمن الخاصة بالمنازل والمحلات والشركات أيضاً. ونحن اليوم نقدم كل الأعمال المرتبطة بتشطيب وتجهيز المباني والمنشآت، وقد قمنا بتنفيذ بعض المشاريع بشكل منفرد. ولدينا قرابة 500 موظف وعامل. ونأمل بتوظيف المزيد مع ما ستشهده المجموعة من توسعة داخل المملكة وخارجها.
- هل لك أن تحدثنا عن بداياتكم ؟
إن أصول مجموعتنا تعود إلى أكثر من 60 عاماً، عبر "أوال كو غروب" التي أسست مع الراحل محمد علي مطر، وكانت إحدى الشركات الرائدة في البلد في ذلك الوقت، إلا أننا اتفقنا مع شركائنا على تقسيم الشركة عام 2004، وقمت بإمساك زمام أمور المجموعة منذ ذلك الحين. وخطتي كانت تقضي بتغيير هوية الشركة والدخول في مجالات جديدة، وتنفيذ خطة مستحدثة وضعت بالتوافق مع الوالد والإخوة. وشهدت المؤسسة نجاحات كبرى وتضاعفت في حجمها أربع مرات في غضون ثلاث سنوات فقط.
- ما أبرز الصعوبات التي واجهتكم ؟
إن الأزمة المالية العالمية أثرت من دون شك، وظهرت آثارها في قطاع الإنشاءات والمقاولات في البحرين عام 2010، عبر توقف بعض المشاريع، وتأخر بعض رجال الأعمال في سداد التزاماتهم، وتقليص حجم العمالة في بعض المؤسسات. غير أننا كمجموعة تمكنّا من الصمود وتجاوزنا هذه المرحلة.
إن الأزمة الاجتماعية والاضطرابات التي شهدتها البحرين في 2011، ألقت بظلالها السلبية أيضاً، وعاش القطاع التجاري البحريني سنتين عجفاوين "2011- 2012"، إلا أن الوضع الاقتصادي عاد ليتحسّن من جديد.
إن الخسارة الكبرى لمجموعتنا كانت بوفاة والدي رحمه الله في ديسمبر 2012، وقد عاشت المؤسسة فترة صعبة، واضطررنا إلى ترتيب العديد من المسائل والأمور.
- هل لك أن تحدثنا عن إدارتكم للمجموعة في ظل هذه الأزمات المتلاحقة؟
إن العواصف كانت تهبّ على القطاع التجاري من كل ناحية، وكان مطلوباً ضبط الأعصاب والتفكير العقلاني ووضع خطط مرنة؛ لقد عمدنا إلى تخفيض حجم العمالة ليتناسب مع حجم السوق. ورغم كل ما حصل، فإنني أرى أن الأزمات تقوّي ولا تضعف، فالمؤسسة التي تتمكّن من الصمود في هذه الظروف، ستخرج أقوى وأكثر تحصيناً وبمقدرة عالية على المنافسة.
- ما الذي حققته مجموعتكم من توسّع وانتشار على مستوى الإقليم؟ وهل من مشاريع مستقبلية جديدة؟
نعم، عينُنا خلال الفترة المقبلة ستكون على المزيد من التوسّع في أعمالنا بالمملكة العربية السعودية. لدينا هنالك الآن شركة ومصنع لإنتاج المواد الخاصة بتشكيل الحديد والرخام أيضاً. ومصنع آخر بالشراكة مع مجموعة "ناس". وأودّ أن أشير إلى أن والدي قد عمل لفترة في السعودية التي جذبت الكثير من البحرينيين للعمل فيها بتلك الفترة.
ما الاشكاليات التي تعترضكم كتجار بحرينيين للاستثمار في الخليج ؟
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، أستطيع القول بعدم وجود أي مشاكل. عندما أردنا إجراء بعض المعاملات، وتوجّهنا إلى القسم الخاص بالأجانب، حوّلّنا الموظفون إلى القسم الخاص بالمواطنين، وهذا ما حصل فعلاً في جميع المعاملات المتعلقة بوزارة التجارة والمناطق الصناعة، إذ تمّت معاملتنا كالسعوديين تماماً وذلك تفعيلاً للاتفاقيات الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة مفتوحة أمام الخليجيين والأجانب أيضاً، فيما تشترط قطر بعض العناصر الإضافية على البحرينيين لمزاولة الأعمال التجارية، وعيننا على دولة قطر بعد الشقيقة السعودية.
- لكم تقدير كبير في المجتمع التجاري البحريني، كيف تروي لنا علاقتك بغرفة تجارة وصناعة البحرين؟
قررت المشاركة في انتخابات الغرفة عام 2004، وحققت الفوز في أول محاولة لي لدخول مجلس بيت التجار، كما فزت بالدورة الحالية أيضاً التي ستنتهي في فبراير 2014.
إن الغرض من دخول الغرفة هو تطوير العمل بداخلها، وخدمة القطاع التجاري البحريني وتسهيل كثير من الإجراءات، غير أن تجربتي أضافت الكثير لي على المستوى الشخصي أيضاً. هنالك كثير من الأسماء الكبيرة في عالم الأعمال والتجارة بالمملكة، لم أكن أعرفها على النحو الجيد، ودخولي بيت التجار أتاح لي فرصة التواصل المباشر مع هؤلاء. وأنا اليوم أفخر مثلاً بمعرفة شخص كجواد الحوّاج وصداقته.
لقد أسهمنا في الدفع بمسيرة الغرفة طبعاً، لقد دخلت مجلس إدارة الغرفة عندما كانت في مبناها القديم في المنامة، ونحن من أشرف على عملية بناء المقرّ الجديد في منطقة السنابس والتجهيزات العملية والإدارية للانتقال إليه. إن الإدارة كانت بحاجة لتطوير أيضاً، ووضعنا برنامجاً خاصاً لهذا الغرض.
لقد دخلت الغرفة عبر كتلة انتخابية مكونة من سبعة تجار، وأنا كنت رئيسها، وجاءت الكتلة شبابية في تشكيلتها سعياً منّا إلى ضخّ دماء جديدة بمجلس الإدارة الذي تتعاقب عليه الوجوه ذاتها. إلا أنني الشخص الوحيد الذي فاز بمقعد من هذه القائمة الانتخابية. ودخل مجلس الإدارة عن تلك الدورة خمسة وجوه جديدة أيضاً.
إن الدورة كانت جميلة جداً، وشهدت عملاً وحماساً كبيرين، تزامناً مع الطفرة في العمل والنشاط الاقتصادي، ولم تكن مشاكل التجار وأصحاب الأعمال تتعدّى امكانية الحصول على المزيد من تراخيص عمل لجلب أجانب، إذ كانت البنوك بوضع ممتاز وتمنح تسهيلات مالية كبيرة للتجار، ولا يوجد أي إشكاليات في هذا الصدد.
غير أن الموضوع انقلب رأساً على عقب في الدورة الثانية مع الأزمة المالية، والمشاكل الداخلية، وعجز البعض عن سداد مستحقاته، بالإضافة إلى مشاكل الغرفة ذاتها. أن يعيش المرء حالتين متناقضتين تماماً هي تجربة فريدة في حد ذاتها.
- ما الذي حققتموه في الغرفة إلى غاية الآن؟ وإلى ماذا تسعون ؟
لقد ترأست لجنة الشباب في الغرفة، وهدفت إلى دعم روّاد الأعمال من الشباب وتشجيعهم.. أتساءل دائماً لماذا يسعى الشباب الذي يملك أفكاراً لمشاريع متميزة وراء وظيفة ثابتة؟ أمامنا مشاريع ناجحة تدرّ الملايين انطلقت بأفكار بسيطة. لقد شجعنا هذا التوجه بالتعاون مع بنك التنمية و"اليونيدو"، عبر ما يملكان من برامج قائمة أصلاً.
- تعيش الغرفة هذه الأيام مخاضاً طويلاً لإفراز تشكيلة جيدة لمجلس الإدارة، عبر انتخابات من المفترض أن تُجرى خلال الشهر الجاري، كيف تقرأون هذا الحراك ؟ وبماذا تختلف هذه الدورة الانتخابية عن غيرها؟
إن كل دورة جديدة تشهد انتخابات ساخنة، ولم يكن التنافس بين المترشحين لدخول إدارة بيت التجّار يوماً مسألة سهلة أو عملية هادئة. هنالك قانون جديد يحكم الانتخابات ويوجب تمثيل الشركات المساهمة كأعضاء في الغرفة، فيما كانت المشاركة اختيارية في السابق.
انتخابات هذه الدورة ستكون بأعداد أكبر، والمشاركة ستتميّز بفعالية أكثر، وأتمنّى أن تفرز تغييراً حقيقياً. وآمل بأن تسفر النتائج عن ظهور وجوه شبابية أعمارهم لا تتجاوز الـ 45 عاماً وأن يشكلوا نصف المجلس.
- جرى اختياركم نائباً لرئيس هيئة تنظيم سوق العمل ممثلاً عن الغرفة.. هنالك حالة شدّ وجذب كبيرة بين التجار والهيئة، هل لأصحاب الأعمال مطالبهم من الهيئة؟ وكذلك هو الحال بالنسبة لـ "سوق العمل" التي لديها مطالبها.. كيف تصف الأوضاع اليوم؟
إن موضوع هيئة تنظيم سوق العمل شكل في البداية تحدياً كبيراً. وهنالك العديد من الصعوبات التي واجهناها كقطاع تجاري. أما اليوم فالوضع مختلف، وأستطيع أن أقول بكل ثقة إن غالبية المشاكل قد زالت، ولم يبق غير مسألة الرسوم الشهرية التي تفرض على استقدام العامل الأجنبي، فأصحاب الأعمال لا يزالون يتحسّسون من هذه المسألة. وأنا أتفق معهم، وأراها غير مجدية ولا تحقق الأهداف المرجوّة منها. إن الرسوم فرضت بهدف رفع كلفة العامل الأجنبي وجعل البحريني أكثر جاذبيةً، وهذا لم يتحقق.
أما بالنسبة للإجراءات الأخرى، فالقطاع الخاص مرتاح إلى درجة كبيرة. هنالك درجة عالية من التنظيم وأدّى إنشاء الهيئة إلى وجود ممثلين عن وزارة الصحة وإدارة الجوازات في مكان واحد، ما سهّل على المتعاملين إنجاز معاملاتهم واستخراج الرخص وحلّ الإشكاليات التي تعترضهم. وتمّ وضع إطار زمني لإنجاز المعاملات واتخاذ القرار بالقبول أو الرفض، كما يمكن اليوم متابعة سير طلب عبر الإنترنت. لا تزال هنالك بعض المشاكل العالقة، إلا أن حدة التوتر قد خفت وبدرجة كبيرة.
إن الهيئة تتمتع بدرجة عالية من المرونة اليوم، فيما يتعلق باحتساب نسب البحرنة، إذ كانت تعتمد على الحضور العددي سابقاً، ما يدفع البعض إلى التلاعب واستخدام ما يعرف بـ"العمالة الوهمية" عبر تسجيل ربات منازل كموظفات وعاملات في مصانع.
والنسب التي كانت تفرض غير واقعية بتاتاً، خصوصاً في قطاع المقاولات الذي لا يرغب البحرينيون في العمل أو الحضور فيه بالمرة. وقد تغيّرت النسب اليوم لتتناسب مع الواقع البحريني، وهنالك مرونة كبيرة في هذه المسألة تحديداً.
- بعيداً عن مجموعة "شركات شاهين" وأدواركم لخدمة القطاع التجاري، هل لكم أي أنشطة أخرى؟
نعم، هنالك مشروع وطني لاستزراع السمك، وأنا المسؤول عنه ورئيس مجلس إدارة شركة "أسماك" الذي تتوزع ملكيتها بين 34 مساهماً، بالإضافة إلى شركة "ممتلكات" القابضة وبنك البحرين للتنمية. لقد جاءتنا الفكرة خلال زيارة إلى الفلبين قمنا بها قبل ثلاث سنوات، ورؤيتنا لهذا المشروع تتوافق مع رؤية القيادة والأهداف الاستراتيجية العليا لمملكة البحرين، بالحرص على توفير الأمن الغذائي، وتتداخل جهات عدة في تنفيذه، كالغرفة ووزارة التجارة والصناعة وبنك التنمية ووزارة البلديات.
إن الأمن الغذائي يشمل مجالات عدة: الأرز، المواشي الدواجن، وغيرها، وأنا أبديت رغبة في أنا أتناول جانب الأسماك، وقررت أن أؤسّس شركة "أسماك"، ودخل فيها 34 مساهماً معظمهم شركات ناشطة في مجال الأغنية أصلاً. وشهد عام 2013 دخول "ممتلكات القابضة" وبنك التنمية كشركاء، ما وسّع الشركة وأعطاها إمكانيات أكبر، بدأنا المرحلة التنفيذية وشرعنا في تركيب الأقفاص، وسيتناول البحرينيون أول ثمار المشرع في يونيو المقبل. أنا أراه مشروعاً وطنياً استراتيجياً كبيراً، يهدف إلى دعم الأمن الغذائي في المملكة، وتوفير فرص عمل للشباب البحريني، وضمان وجود الأسماك بأسعار معقولة.